تُحاولُ إنكاراً وَدمعُكَ مُوضِحُ
تُحاولُ إنكاراً وَدمعُكَ مُوضِحُ / أشاقَتكَ من ليلى ديارٌ ومسرحُ
لكلِّ فتى في الخَطبِ شكوى ودمعةٌ / ولكنَّ ما يجري مِنَ العينِ أفضَح
صَدَقتَ وحقّ الحبّ والوطنِ الذي / يَسحُّ عَليهِ الدّمعُ والدَّمُ يُسفَح
تؤرِّقني الذّكرى القديمةُ في النّوى / وعِندي إِلى العَلياءِ شوقٌ ومَطمَح
فبينَ الهوى والمجدِ نفسي مُقيمَةٌ / وإني لأُمسي في الهمومِ وأُصبح
خُلِقتُ لأشقى بالهواجسِ والمُنى / فلا كانَ لي قلبٌ من المهرِ أجمَح
تلذُّ لهُ الآلامُ فهو أليفُها / فأثمنُ ما يُعطيكَ وهوَ مجرَّح
تجمَّعَ فيهِ الذكرُ والحسنُ والهوَى / ألستَ تراهُ بالعواطف يَطفَح
كثيرونَ أصحابي قليلٌ وفاؤهم / ومن كانَ بذَّالاً لهم ليسَ يَنجَح
يُحمِّلُني خلِّي الذي فوقَ طاقتي / وأخسرُ في كلِّ الأمورِ ويربَح
أراني ضعيفاً في الصداقةِ والهوى / إذا ضنَّ أحبابي أجودُ وأسمَح
وإن بعدوا عنّي دَنوتُ مُصافحاً / وإن أذنبوا عمداً فأعفو وأصفَح
فما أنا إِلا البحرُ يقذفُ جيفةً / ويكنزُ دراً والحسودُ يُقَبِّح
أهيمُ بلبنانيّةٍ قرويَّةٍ / منازِلُها حيثُ الأزاهرُ تنفح
وأذكرُ ماضي حبِّنا وشبابنا / هنالِكَ في لبنانَ والعيشُ أفسح
فواللهِ لن أنسى حديثَ غَرامِنا / عشيّةَ فاحَ الياسمينُ المفتّح
رَنَت بجفونٍ مثل أكمامِ زَهرِها / عَليها جُفُوني في الجوى تتقرَّح
ومالت إِلى حيثُ السكينةُ والدُّجى / تقولُ ضياءُ البَدرِ أمرَكَ يفضَح
هُنالكَ أحيَتني بتَقبيلِ كفِّها / وكادت بلثمِ الثّغرِ والخدِّ تَسمَح
فيا حبّذا من ذلكَ الثَّغرِ بَسمَةٌ / أرَتني سماءً رحبةً تتفتَّح
ويا حبّذا من ذلكَ الشعرِ نفحةٌ / بها فرحُ القلبِ الذي ليسَ يَفرح
ويا حبّذا ليلٌ بللنا حِجابَه / بدمعِ التّشاكي والكواكبُ تجنح
جبيناً على خدِّ وعيناً على فمٍ / وكفّاً على كفٍّ تضمُّ وتمسح
لقد زالَ ذياكَ النَّعيمُ ولم أزَل / أرى الحسنَ يَفنى والحبيبةَ تَنزَح