المجموع : 12
لساني لِمَن أَهوى هَوَ الطيب يُنفَحُ
لساني لِمَن أَهوى هَوَ الطيب يُنفَحُ / وَلَكن عَلى الأَعدا هوَ النار تَلفحُ
وَإِني لمدّاح الكرام وَإِنني / لهاجي لئامٍ حَيث أَهجو وَأَمدَح
فَإِن أَحسَنوا عِندي أَكن فَوق ما رجوا / وَإِن هم أَساؤا بالإِساءة أَرجح
وَمَن يَبتَغي مني الوَسيلة نالَها / وَمَن يَتجر عِندي الصنيعة يَربح
وَمَن شاءَ تذليلي فَإِني معزز / وَمَن رامَ تَنكيلي فَإِني أَكبح
أَنا السَيف أَما لَونه فَهوَ شائقٌ / يَسرّ وأما حدّه فهوَ مذبح
وَإِني بِحَمد اللَه عَبدُ أَحبتي / وَمالكُ أَعدائي أُعيذ وَأَمنح
جرت عاديات الدَهر تَكبو وَتضبحُ
جرت عاديات الدَهر تَكبو وَتضبحُ / وَطال مَدى الأَيام يَنأى وَتفسحُ
وَجرّدني كَالسَيف فارقَ غمدَه / زَمانٌ أَبيُّ الحَظ يَعدو فيكفح
فَما لي أُوَلّيه مِن الحَزمِ جانِباً / وَأَرجع للأولى وَللعزم أَكبح
وَمازلت تشتدُّ الدَواعي وَتَعتدي / وَأَعفو عَلى حُكم اللَيالي وَأَصفح
وَما حالُ ذي وجدٍ مَتى رام كتمَه / تبدّت شؤونُ العَين تُبدي وتفصح
إِذا أَملٌ وَالى تولّى بيأسه / وَإِن أَحسَنت يَوماً ففي الغَد تقبح
فَيا لائمي في ذميَ الدَهرَ خلِّني / وَشَأني وَقل لي ما به الدَهر يُمدَح
فَحتامَ تلقائي الليالي عوابساً / وَكَم ذا مع الأَيام يكدى وَيكدح
وَفيم العَنا لا العُمر يَفنى فَتنقضي / حَياةٌ وَلا المَحيا بِخَير فَنَفرح
فَيا خسرَ مَن هذي الحَياة حياتُه / إِذا كانَت العُقبى عَنىً لا يُزحزَح
خَليلٌ صَفيٌّ ظلَّ قَلبي بحبه
خَليلٌ صَفيٌّ ظلَّ قَلبي بحبه / كليماً فَيا لَيتَ العَذولَ ذَبيحُ
إِذا أَرسل الطَيفَ المزاولَ حَسرةً / إِلى القَلب أَشكو هَجره وَأَنوح
وَإِن رامَ حَزمي كَتمَ ما بي مِنَ الجَوى / تَقول دُموع العَين نَحنُ نَبوح
فَيا رَب كَم ذا بَعدُ حُبٌّ وَلَوعةٌ / وَحَتّامَ نَغدو في الهَوى وَنَروح
أَروّح رُوحي بالنسيم إِذا سَرى
أَروّح رُوحي بالنسيم إِذا سَرى / وَمثلُ فؤادي بالنسيمِ يُروّحُ
فَأُضحي عَلى جمرِ الغَضا لاهبَ الحَشا / وَأُمسي عَلى بحرٍ من الفكر يَسبح
وَأَشتاق عَودَ الأُنس وَالدَهرُ مانعٌ / وَأَكتمُ وَجدي وَالدُموعُ تُصرّح
فَيا لَيت شعري يجمعُ اللَه بيننا / فَيفرحَ محزونٌ وَيشفي مبرَّح
إِلى كَم فؤادٌ بالتفرّق ذا جرْحِ
إِلى كَم فؤادٌ بالتفرّق ذا جرْحِ / وَعيني وَجفني ذا سهادٍ وَذا قَرْحِ
وَكَم ذا يحملني الهَوى فَوق طاقَتي / وَيسعدُ لاحٍ بالملامة وَالقَدح
وَلم تَدعِ الأَيام صَبراً يَصون ما / أُحاول من ستر لدى ضَغَنِ الكشح
فَيا نَظرةً كانت رَسيسَ منيتي / وَيا منيةً أَهدت إِلى فرحي تَرْحي
وَيا جَنةً رضوانُها خان عهدَه / فَقاسيتُ نارَ الصدّ إِذ منعت منحي
وَيا بَدرُ قَد طالَ السهادُ وَساءَني / وَيا غُصنُ قد أبكى زهور الربى صدحي
فلله من قلبٍ علمتَ غرامَه / وَلِلّه من عينٍ تُواصلُ بالسفح
وَلِلّهِ من حالٍ يدلُّ عَلى الضَنى / وَيَعجزُ فيهِ النطقُ أَن يَأتي بالشرح
كَفى من بِعادي ما شفى قلبَ حاسدي / فحسبُك ما أَلقى من الحزْنِ وَالنوح
وَعُدْ لي عَسى أَن يُسعدَ الدَهرُ باللقا / وَيُسفرَ ليلُ الهمّ عن صبحِ النجح
أَيا رَبُّ كَم ذا البينُ قَلبيَ يَجرحُ
أَيا رَبُّ كَم ذا البينُ قَلبيَ يَجرحُ / وَلَيلُ همومي لَيسَ يُجلَى فيصبحُ
أَعاشرُ أَقواماً عَلى أَنّ بُعدَهم / أَلذُّ من التقريب منهم وَأَصبحُ
أَقابلُهم وَالقَلبُ يَعرضُ عنهمُ / وَأَطلبُهم وَالنَفسُ تَأبى وَتجمحُ
إِذا ما بَكيتُ البينَ يضحكُ بعضُهم / وَآخرُ يَروي الدمعَ وَالدَمعُ يُسفَحُ
وَهَل يُرتجَى للمرء في الدَهر لذةٌ / وَذوقُ كؤوس المَوت تَحلو وَتملُحُ
فَلَيتَ مماتي كانَ يَوماً كرهتُهُ / لَقَد عشتُ أَرجو مِنهُ ما لَيسَ يمنح
لَقَد طالَ جورُ الدَهر وَهوَ مخادعٌ / فيُمناه تبكيني وَيُسراه تمسح
أَقول وَإِني أَعجمَ البينُ منطقي / وَأَنطق حالي فهوَ يُبدي فيفصح
أَأَنظر للدُنيا وَلا خلَّ أَرتجي / وَأَرتاحُ للأُخرى فَتنأى وَتَنزح
وَأبسمُ للبلوى وَتلكَ تبيدني / وَأَكتمُ ما أَلقاه وَالحَقُّ أَوضح
فَيا أُنسَ رُوحي إِن يَكُن مُدّ بيننا / حجابُ النَوى وَامتدّ للهمّ أَجنح
فَقد تَعظُمُ الأَهوالُ ثم تهينها / طوالُ اللَيالي وَالزَمانُ المبرّح
وَقَد تَنجلي الظَلماءُ عن مَشرق الضيا / وَقَد تغلق الأَبواب ثمة تفتح
وَقَد تحسنُ الدُنيا لعينيك غرّة / وَعِندَ التَناهي كلّما شاق يقبح
برغميَ أَني أَنظر العيدَ مقبلاً / وقد أدبرت عني المسراتُ تسنح
وهل مهجةٌ في التربِ تُضحي رَميمةً / يُهَنَّأ جسمٌ بعدَها أَو يُفرّح
فَيا ساكناً ما بين تربٍ وَجلمدٍ / مقيمٌ بدوٍّ موحشٍ لَيسَ يَبرح
يَعزُّ عَلى قَلبي اِنفرادُك بعدَما / قَضينا الصِّبا وَالصَدرُ بالجمع يشرح
عَلَيك سَلامُ اللَه ما هبت الصَّبا / وَما حنّ مشتاقٌ وَناح المنوّح
عَفا اللَه عن دَهري وَيا كم أَسامحُهْ
عَفا اللَه عن دَهري وَيا كم أَسامحُهْ / وَحتامَ يُبدي حربَه وَأَصالحُهْ
أَما في بنيه من يدوم وَدادُه / فَلم تبد بعد الاختبار فضائحه
أَما في اللَيالي صاحبٌ لا تذمّه / عَواقبُها أَو ليس يهجوه مادحه
لَقد كانَ يدعوني إِلى طَبع أَهله / وَكدتُ عَلى حُكم لزمان أناصحه
كَأَنّ الليالي حرّمَت صدقَ واحدٍ / نُسَرّ بهِ إِلا تبدّت قَبائحه
لَقد ساءَنا حسنُ الوُجود وِشينُه / وَقد خاننا غادى الزَمان وَرائحه
وَلو أَنّ أَخلاقَ الفتى في جَبينِه / أَراحَ وَلكن أَضمرتها جَوانحه
وَعزَّ عَلى طَبع الأَنام جَميعهم / وَفاءُ صَديقٍ وَالجفا لا يكافحه
وَحسب الفَتى من جانب الدَهر كَونه / مفاسدُه مجهولةٌ وَمصالحه
خذوا الحَظ من يَوم الشَباب فَإِنه
خذوا الحَظ من يَوم الشَباب فَإِنه / كَلَيلِ وَصالٍ سَوف تَشقى بصبحهِ
وَلا تَأمنوا حُبّاً عَلى طَيّ لَوعةٍ / وَلَكن إِذا شئتم صِلوه بشرحه
فَإِنّي الهَوى جَرّبتُه وَاختبرتُه / وَكابدتُ منهُ تَرْحَه بعد فَرْحِهِ
فَلم أَر قطباً للوَفا غَير دالجٍ / تَدور رحى الأَهواء من حَول فضحه
لَقد ماتَ من يَرعى الصداقةَ والوَفا / وَلم يَبقَ إِلا دثُّه بَعد سحِّه
هويتُ حَبيباً وَالشَبابُ نَضيرُهُ / يجرّ عَلى الأَيام هيدبَ فرحه
وَناصحني لما تعففتُ ناصحٌ / خَبيرٌ بما الدُنيا مجدّ بنصحه
فَقابلتُه بِالصدّ مني لودّهِ / وَجازيتُه بِالقدحِ مني لكدحه
وَلكن علمت الرشدَ بعد اختباره / وَأَدركتُ معنى الجدّ من سوء مزحه
فَعدت أَرجّي عودَ ما مرّ علّني / أَصانعُ دَهري في بَواعثِ صلحه
وَأَبعدُ ما ترجوه عودٌ لِما مَضى / وَأَقتلُ سهمٍ طالَ عَهدي بجرحه
حباني بخديه وحيّا بثغرِه
حباني بخديه وحيّا بثغرِه / فأرشفني خمراً ونقَّل تفّاحا
فلما بدا ما بي وعربدتُ خاف أن / يلامُ بما أَولَى فقال استَقِ الراحا
دعو اللحظَ يقضي لي بسيفٍ وقدَّهُ
دعو اللحظَ يقضي لي بسيفٍ وقدَّهُ / برمحٍ وخلّوني طعيناً جريحا
وإن شئتمو سكري بغير محرَّمٍ / فمن ظلمه هاتوا المدامَ صبوحا
وردنا عيون الباك نشكو له الظَما
وردنا عيون الباك نشكو له الظَما / لطول السُّرى والحالُ تخفى وتوضحُ
فصفّى وروّى ماؤه وظلالُه / وزوّد لكن ساءنا وهو مصلحُ
وما ذاكَ من عارٍ عليه ولا بهِ / فكلُّ إناءٍ بالَّذي فيه يَنضحُ
وماءُ عيونِ الباكِ بالطبع عادةٌ / على فرحٍ يحلو وبالحزنِ يَملُحُ
يلوم رجالٌ تركيَ المدحَ والهجا
يلوم رجالٌ تركيَ المدحَ والهجا / ولي مانعٌ لو شئتُ عنه أَصرِّحُ
فإني اختبرت الناس والأمرُ ظاهرٌ / فلم أَرَ من أهجوه فيهم وأَمدحُ
لذاك تَرى أن البواعثَ أَغلقت / على القَول باباً ليس يُرجَى فيُفتَح