ألم تَرَ مُذْ عامينِ أملاكَ عصرِنا
ألم تَرَ مُذْ عامينِ أملاكَ عصرِنا / يصيحُ بهِمْ للموتِ والقتلِ صائحُ
فنوحُ بنُ منصورٍ طوَتْهُ يدُ الرَّدى / على حسراتٍ ضُمِّنَتْها الجوانِحْ
ويا بؤسَ منصورٍ وفي يومِ سرخسٍ / تمزَّقَ عنهُ مُلْكُهُ وهْوَ طامِحُ
وفُرِّقَ عنهُ الشَّمْلُ بالسَّمْلِ فاغْتَدى / أسيراً ضريراً تعتَريهِ الجوائِحُ
وصاحبُ مصرٍ قد مضى لسبيلهِ / ووالي الجبالِ غَيَّبَتْهُ الصفائِحُ
وصاحبُ جُرْجانِيَّةٍ في ندامةٍ / ترصَّدَهُ طَرْفٌ من الحَيْنِ طامِحُ
تساقَوْا كؤوسَ الراحِ ثم تشَارَبُوا / كؤوسَ المنايا والدماءُ سوافِحُ
وخوارِزْمُ شاهٍ شاهَ وجهُ نعيمِهِ / وعنَّ لهُ يومٌ من النَّحْسِ كالِحُ
مكانَ علا في الأرض يخبِطُها أبو / عليٍّ إلى أن طوَّحَتْهُ الطوائِحُ
فعارضَهُ نابٌ من الشرِّ أعصلٌ / وعَنَّ له طيرٌ من الشؤمِ بارِحُ
وصاحبُ بُسْتٍ ذلكَ الضيغمُ الذي / براثِنُهُ للمشرقَيْنِ مفاتِحُ
أناخَ بهِ من صدمةِ الدهرِ كلكلٌ / فلم يُغْنِ عنهُ والمقدَّرُ سانِحُ
خيولٌ كأمثالِ السيولِ سوابحٌ / فيولٌ كأمثالِ الجبالِ سوارِحُ
جيوشٌ إذا أربَتْ على عددِ الحَصى / تَغُصُّ بها قيعانُها والصَّحاصِحُ
ودارتْ به على صمصامِ دولةِ بُويَهٍ / دوائرُ سوءٍ قبلهنَّ فوادِحُ
وقد جازَ والي الجَوْزَجانِ قناطرَ ال / حياةِ فوافَتْهُ المنايا الطوامِحُ
وفائقٌ المحبوبُ قد جُبَّ عمرُهُ / فأمسى ولم يَنْدُبْهُ في الأرضِ نائِحُ
مضَوْا في مدى عامينِ واخْتَطَفَتْهُمُ / عقابُ إذا طارتْ تَخِرُّ الجوارِحُ
وكانَ بنو سامانَ أطوادَ عِزَّةٍ / فأضحتْ بصرفِ الدَّهْرِ وهيَ أباطِحُ
أما لكَ فيهمْ عِبْرَةٌ مستفادَةٌ / بلى إنَّ نهجَ الاعتبارِ لَوَاضِحُ
تَسَلَّ عنِ الدُّنيا ولا تَخْطِبنَّها / ولا تَنْكَحنْ قتَّالةً من تناكِحُ
فليسَ يفي مَرْجُوُّها بمَخُوفِها / ومكروهُها إمَّا تَدَبَّرْتَ راجِحُ
لقد قالَ فيها الواصفونَ فأكثرُوا / وعندي لها وصفٌ لعَمْرُكَ صالِحُ
سلافٌ قصاراها زعافٌ ومركبٌ / شهيٌّ إذا اسْتَلْذَذْتَهُ فهو جامِحُ
وشخصٌ جميلٌ يعجبُ الناسَ حسنُهُ / ولكنْ له أسرارُ سوءٍ قَبَائِحُ