أَهاجَ لَكَ التَبرِيحَ إِيماضُ بارِقِ
أَهاجَ لَكَ التَبرِيحَ إِيماضُ بارِقِ / عَلى الجَوِّ مِنهُ ساطِعٌ يَتَوَهَّجُ
يَلُوحُ يَمانِيّاً كَأَنَّ صَرِيمَهُ / سَنا النارِ أَذكاها سَيالٌ وَعَرفَجُ
بَدا مَوهِناً وَاللَيلُ بِالنُورِ أَسفَعٌ / فَضَوّاهُ حَتّى اللَيلُ أَنبَطُ أَخرُجُ
خَبا تارَةً ثُمَّ استَطارَ كَأَنَّهُ / شَواظٌ مِنَ النارِ الَّتي تَتَأَجَّجُ
فَأَلمَحتُهُ صَحبِي وَقَد مَدَّ ضَوءَهُ / كَما امتَدَّ مِن تِبرٍ شَرِيطٌ مُدرَّجُ
أَرِقتُ لَهُ حَتّى بَدا الصُبحُ طالِعاً / عَلَيهِ مِنَ الظَلماءِ ثَوبٌ مُفَرَّجُ
فَيا بَرقُ مالِي مُغرَماً بِكَ كُلَّما / رَأَيتُكَ مِن نَحوِ الحِمى تَتَبَوَّجُ
وَذاكِرَ خَودٍ فِيكَ مِنها مَشابِهٌ / سِوارٌ وَخَلخالٌ وَطَوقٌ وَدُملُجُ
فَإِنَّكَ يا بَرقَ السَماوَةِ مُونِقٌ / بَهِيٌّ وَدَعدٌ مِنكَ أَبهى وَأَبهَجُ
تَبَرَّجتَ تَيّاهاً بِحُسنِكَ في الدُجى / وَتِلكَ حَصانُ الجَيبِ لا تَتَبَرَّجُ
وَثَغركَ بَسامٌ وَلَكِنَّ ثَغرَها / خِلافَكَ مَعسُولُ الثَنايا مُفَلَّجُ
وَأَنتَ نَحيفُ الجِسمِ مالَكَ تابِعٌ / بَطِيٌّ وَلا خَصرٌ إِذا قُمتَ مُدمَجُ
لَها الفَضلُ إِلّا أَنَّني مِنكَ سالِمٌ / وَمِن أُمِّ عَمرٍو طائِشُ اللُبِّ مُزعَجُ
فَلا تَحسَبَنِّي هائِماً بِكَ إِنَّما / يَهِيمُ بِها يا بَرقُ قَلبِي وَيَلهَجُ
وَمِن أَجلِها أَحبَبتُ لَيلى لِأَنَّهُ / كَما فَرعُها وَحفُ الأَنابِيبِ أَدعَجُ
وَمِمّا شَجاني يَومَ بانَت لُبَينَةٌ / غُرابٌ بِبَينِ المالِكِيَّةِ يَشَحَجُ
وَبَطرَبُ في إِثرِ الحُمُولِ كَأَنَّهُ / عَدُوٌّ بِتَفرِيقِ الأَحِبَّةِ مُلهَجُ
رَمَتكَ عُقابُ الجَوِّ بِالحَينِ إِنَّما / نَعِيبُكَ داءٌ في الحَيازِيمِ مُولَجُ
أَمُنتَفِعٌ بِالبَينِ أَم أَنتَ شامِتٌ / إِذا زُمَّتِ الأَجمالُ أَو شُدَّ هَودَجٍ
فَما أَنتَ إِلّا بِئسَ ما اعتِيضَ مِنهُمُ / غَداةَ اِستَقَلُّوا وَالوَخِيدُ المُسَجَّجُ
وَبِالغَورِ نارٌ تَستَبِينُ كَأَنَّما / سَنا ضَوئِها مِن بَينِ جَنبَيَّ يَخلَجُ
نَظَرتُ إِلَيها نَظرَةً لَم يَكُن لَها / عَلى الحِلمِ بَعدَ الأَربَعينَ مُعَرَّجُ
وَقَد لامَني صَحبِي عَلى ما أَصابَني / مِنَ الوَجدِ إِلّا أَنَّ ذا الحُبِّ مُحرَجُ
خَلِيلَيَّ لا تَستَعتِباني فَإِنَّنِي / إِلى الحِلمِ لَو واتانِي الحِلمُ أَحوَجُ
وَيا رُبَّ غَبراءِ المَخارِمِ يَرتَعِي / بِها فَرقَدٌ وَالمَسُّ لِلمَتنِ عَوهَجُ
تَرى ثَمَرَ الخُطبانِ فِيها كَأَنَّهُ / عَلى صَفحَةِ البَيداءِ هامٌ مُدَحرَجُ
تُعادِيهِ خِيطانُ النَعامِ كَأَنَّها / إِلى مِيرَةٍ بُزلٌ تُشَدُّ وَتُحدَجُ
وَتَلقى بِها قُمصَ الأَفاعِي كَأَنَّها / حُبابُ الحُمَيّا أَزبَدَت حِينَ تُمزَجُ
يُخَلِّفُها الصِلُّ الَّذي مَلَّ لُبسَها / كَما خَلَّفَ الدِرعُ الكَمِيُّ المُدَجَّجُ
أَقُولُ لِصَحبِي وَالرِكابُ شَواحِبٌ / كَأَن رذاياها المَزادُ المُشَنَّجُ
وَقَد لاحَ لِلسّارِي هِلالٌ كَأَنَّهُ / مِنَ الفِضَّةِ البَيضاءَ مِيلٌ مُعَوَّجُ
أَلا عَرِّجُوا بالعِيسِ نَحوَ ابنِ صالِحٍ / وَمِيلُوا عَلى حُرٍّ فَمالُوا وَعَرَّجُوا
إِلى مَلِكٍ سَمحِ اليَمِينَينِ لِلنَدى / إِلَيهِ وَلِلمَعرُوفِ قَصدٌ وَمَنهَجُ
صَفا صَفوَ ماءِ المُزنِ لَم يَختَلِط بِهِ / قَذى الأَرضِ وَالتُربُ الخَبِيثُ المُمَزَّجُ
أَكُونُ مِراراً ذا هُمُومٍ كَثِيرَةٍ / وَأَنظُرُ في وَجهِ المُعِزِّ فَتُفرَجُ
فَتىً ناجِزُ المِيعادِ لا خُلفَ عِندَهُ / وَلا دُونَهُ بابٌ مِنَ الرِزقِ مُرتَجُ
إِذا زارَهُ الزُوّارُ وافَت فُرُوشُهُ / تُجَرُّ وَباراها قِراهُ المُرَوَّجُ
تَعادى بِها غُرُّ الوَلائِدِ في الدُجى / حِجالاً عَلَيهِنَّ اللِباسُ المُدَبَّجُ
تَراهُنَّ قُعساً تَحتَ سُودٍ مَواثِلٍ / يَبُوخُ عَلَيهِنَّ السَدِيفُ المُلَهوَجُ
تَعَجَّلَ لِلطُراقِ ما كانَ حاضِراً / نَضِيجاً وَلِلغُيّابِ آخَرُ يُنضَجُ
وَلَيلٍ خَبَطناهُ بِعِيسٍ تَطَوَّحَت / إِلَيهِ كَما طاحَ النَعامُ المُهَجَّجُ
إِلى أَن رَأَينا الشُهبَ في الغَربِ جُنَّحاً / وَلِلصُبحِ وَجهٌ مِثلُ وَجهِكَ أَبلَجُ
فَلَمّا أَنَخنا في ذَراكَ رِكابَنا / كَفَيتَ الفَتى المُحتاجَ ما يَتَحَوَّجُ
فَبُوُرِكتَ مِن غَيثٍ يَسِحُّ إِذا غَدا / يَشِحُّ بِنُعماهُ الجَهامُ المُزَبرَجُ
وَما وَلَدَت مِن عامِرٍ عامِرِيَّةٌ / أَشَدَّ جَناناً مِنكَ وَالخَيلُ تُسرَجُ
خِفافاً إِلى حَملِ العَوالي كَأَنَّها / إِذا ما ثَنَيناها النَخِيلُ المُهَيَّجُ
وَلا في بَني حَوّاءَ مِثلُكَ مُقدِماً / عَلى الهَولِ لا يَنبُو وَلا يَتَلجلَجُ
وَمَن مِثلُ فَخرِ المُلكِ يَملِكُ حِلمَهُ / وَيَزدادُ رَحباً صَدرُهُ حِينَ يُحرَجُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحَمدِ يُنشَرُ لِلفَتى / وَلا مِثلَهُ عَن فاعِلِ السُوءِ يَدرُجُ
وَفِي الفازَةِ البَيضاءِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مُولَعٌ بِالخَيرِ مُذ كانَ مُلهَجُ
مِنَ الصالِحيِّينَ الَّذينَ تَطَوَّلُوا / فَطالُوا وَجَلَّوا كُلَّ بُؤسٍ وَفَرَّجُوا
أَحاسِدَهُم نَهنَهتَ عَن طَلَبِ العُلى / وَجَدُّوا فَنالُوها وَنِمتُ وَأَدلَجُوا
إِلَيكَ فَقَد رامَ الَّذي رُمتَ مَعشَرٌ / تَرَقَّوا عَلى آثارِهِم فَتَزَلَّجُوا
أَبا صالِحٍ أَنتَ الَّذي سَيبُ كَفِّهِ / يَسِحُّ كَما سَحَّ الغَمامُ المُثَجَّجُ
لِيثبِتَ أَركانَ العَشِيرَةِ بَعدَما / تَهَدَّمَ مِنها المُشَمخِرُ المُبَرَّجُ
وَنُبتَ مَناباً عَن أَخِيكَ تَهُزُّهُ / كَشُكرِكَ في أَكفانِهِ وَهوَ مُدرَجُ
وَإِنَّكَ لِلأَقصَينَ ذُخرٌ وَعُدَّةٌ / فَكَيفَ لِذِي لَحمٍ بلَحمِكَ يُمزَجُ
عَلِيٌّ وَمَحمُودٌ سَواءٌ وَصالِحٌ / كَطِرفٍ لَهُ هادٍ وَعُرفٌ وَمَنسِجُ
فَزِدهُم جَميلاً مِن جَميلَكَ إِنَّهُم / إِذا ما عَرا خَطبٌ وَلَجَّجتَ لَجَّجُوا
وَقَد شاعَ في الآفاقِ ما أَنتَ فاعِلٌ / وَأَثنَت عَلى نُعماكَ قَيسٌ وَمَذحِجُ
فَلا ذاقَتِ الدُنيا فِراقَكَ إِنَّنِي / أَرى ساحَةَ الدُنيا بِوَجهِكَ تبهِجُ