سَجَا لَيْلُ همِّي بالعِذار الَّذي سَجا
سَجَا لَيْلُ همِّي بالعِذار الَّذي سَجا / وعرَّج قَلْبي نَحْوهُ حِينَ عرَّجا
يقولون فَوْقَ الخدِّ منه بنفسجٌ / لَعَلَّهمُ لا يعرِفُون البَنَفْسَجا
تذَهَّبَ خدٌّ فيه خطٌّ مُنمنمٌ / فهل أَبصَرَت عيناكَ ثوباً مُمَزَّجا
ودينارُ وجهٍ للحبيب معلَّقٌ / فلو قُرِّب الدينارُ منه تَبَهْرَجا
فلا يعجَب الدينارُ من أَمر نَفْسه / فلو جُعِلَ الياقوت منه تَسبَّجَا
دعا القلبُ أَنْصَاراً على الهمِّ والأَسى / فصادَف أَوْساً من دُموعي وخَزْرَجا
وشبَّ لهيبُ القلبِ إِذ فاض مَدْمَعِي / فَنَوْرَزَ طرفي إِذ رأَى القلبَ مَهْرجا
بنفسِيَ من لا تعشق النفسُ غيرَه / ولو كانَ إِسْما كان في العين أَسْمَجا
على أَنَّ مَنْ أَهواه ما زالَ وجْهُه / من البدْرِ أَبُهى بل من الشَّمْس أَبْهَجَا
أَتاني فوافَانِي السرورُ وقد أَتى / إِليَّ ومرَّ الهمُّ عَنِّي حينَ جَا
وظِلْتُ أَضُمُّ الغُصنَ منه مُهفْهَفاً / وأَلْثُم منه الأُقحوانَ مفلَّجَا
وأَبصرت في خدَّيه روْضاً مُوَشَّعاً / وللهدبِ ظِلاًّ فوق خدَّيه سَجْسَجا
وقَبَّلتُ بين الحاجبين صبابَةً / وقد كان مقْروناً فأَصبح أَبْلَجا
وقلتُ اسْقِياني من يديه مُدامةً / تُناسيه في قَطْعها حُجَّة الحِجَا
ولا تَمزجَاها في الكُؤوس بِريقه / ولكنْ بمدح العادِل المْلكِ فامْزجا
مدائحُه تُسلي المُحِبُّ عن الهوى / ويَسْري بها ركبُ الظَّلامِ مَعَ الرَّجا
ودولَتُه أَيامُها سِحْريَّةٌ / فقد أَصبحت أَيّامُه الغُرُّ مَنْبِجَا
فَمادِحُها بِالحُسنِ والطِّيب ما افْتَرى ال / حَديثَ وراوِي فَضْلِها ما تَلَجْلَجَا
أَخو عَزْمةِ لا يَنْثَني عن مُرادِه / وقَدْ قيل قِدْماً كُلُّ مَنْ لجَّ لَجْلَجا
فلو رامَ بُرجاً في السماءِ لما عَصى / عليه وقِرْناً في السَّحاب لمَا نَجا
أَجارَ فلو أَعْطى النهارَ ذِمَامه / لما كان يَخْشَى بعده هَجْمة الدُّجى
كذا فليكن من رام أَن يَملكَ الورى / ومن شاءَ فيهم أَن يكون مُتَوَّجا
علا طرفُ سعدٍ ظلَّ بالعزم مُلْجَما / كما أَنَّه قد بَاتَ بالحزْمِ مُسْرَجَا
يَجُرُّ جيوشاً يركد النَّقْعُ بينها / فلم يلق من بين الأَسنَّةِ مَخْرَجا
وإن أَظلَمَت من نَقْعه جَنَباتُه / فكَمْ صُبحِ سيفٍ بَيْنَه قد تَبلَّجا
وما هُوَ جَيْشٌ مثلُ ما يزعُم العِدى / ولكنه بَحْرُ الحديدِ تموَّجا
وما ذَاك لمعٌ للدُّروع ولا الظُّبى / ولكنَّه جَمْرُ العزائِمِ أُجِّجَا
غدا سيفُ سيف الدين خدّاً مورَّدا / وإِن كان ثغراً بالفلول مفلَّجا
يكفُّ كما أَوْصاه عَنْ كُلِّ حاسرٍ / فما يَبْتَغي إِلا الكميَّ المدَجَّجا
فيعجِلُه بالضَّربِ عَنْ شُربِ رِيقه / لقد غصَّ مَنْ كان الحُسام له شَجا
هنيئاً لك الملْكُ الَّذِي أَنتَ رَبُّه / وغوثٌ لمن أَسْرى إِليكَ وأَدْلَجا
وكَمْ شاسعٍ لَمْ يلْق جودَك شَاسِعاً / وكم مرتج لم يلق بأبك مرتجا
ولم تر إلا شرعة الجود شرعة / ولم تر إِلاَّ مَنْهَج الجُودِ مَنْهَجَا
وَسِعْت الوَرى بذْلاً وعَدْلاً فصادفوا الرّ / جَاءَ عزيزاً منكَ والحقَّ أَبْلَجا
فعدلُك فيهم زادَ منهم على المُنَى / وبَذْلُك فيهم شَفَّ منهم على الرَّجا
فعلتَ من الأَفعالِ ما سار ذِكْرُه / فلم يَبْقَ قُطْرٌ منه إِلاَّ تَأَرَّجا
فمُلِّيت ملكاً عطرَّ الدَّهرَ ذكرُه / ووُسّع صدرٌ منه قد كان مُحْرَجاً
وهنئتَ عاماً أَنْتَ أَقْصى مراده / لقصْدِك أَسْرَى بل إِلى ظِلك الْتَجا
أَرى مَدْح مَوْلانا عَليَّ فريضةً / سأَشْدُو بها شَدْوَ الحَمامِ مهُرِّجا
رأَيتُ من الإِنْعامِ روضاً مدبَّجا / فلا عجَباً إِنْ جاءَ مَدْحي مُدبَّجا