المجموع : 3
بروضة حسنٍ والعذار سياجها
بروضة حسنٍ والعذار سياجها / أغثْ مهجةً أضحى لديكَ احْتياجها
ودارِكْ فتًى أشفت على الموتِ نفسه / ولو شاءَ ذاك الحسنُ هانَ علاجها
فكم ليلةٍ قد صح فيك مزاجها / بكأس ثنايا منكَ كان مزاجها
أحاشيك أن تقضى حشاشة مدنفٍ / ولم تقضَ من عود التواصل حاجِها
وإني إلى حسن التجلد ساكنٌ / فما بال عذَّالي يزيد انْزعاجها
أراقب من همَّ التفرق فرجةً / وما الدَّهر إلاَّ غمَّةٌ وانفراجها
نديميَ هذا الغيثُ فامْزج بقطره / لنا قهوةً قد كادَ يذكو زجاجها
وأنتجْ به درّ الحباب فهكذا / قطار الحيا درَّ البحار نتاجها
وزَاوِجْ ثنايا بالحبابِ فإنَّما / يزينُ اللآلي في النظامِ ازْدِواجها
وأطفئْ بهذا الكاسِ همِّي فإنَّني / أرى السرج تطفا وهي تطفي سراجها
لئن زانَ هذا العقدُ جِيداً للذَّةٍ / لقد زانَ فرقاً للفضائلِ تاجها
رئيسٌ إذا أجريت في المِدَحِ اسمهُ / رأيت المالي كيفَ يجرِي ابْتهاجها
فما رفعت إلاَّ عليهِ بيوتها / ولا نصبتْ إلاَّ إليه فجاجها
بأقلامهِ تُحمى البلادُ وتحتوى / فيا حبَّذا من تاجها ورتاجها
كأنَّا ظُبا أقلامهِ في طروسهِ / أسنةُ جيشٍ والمداد عجاجها
لها من عيونِ اللفظ كلّ بديعةٍ / يبشر أفكار الرُّواة اختلاجها
يروقك في سحرِ البيان وإنَّما / يَرُوعَك من مثلِ الضَّلالِ مجاجها
بهِ انْتظمت خير العقود وثقفت / فهوم البرايا زيغها واعْوجاجها
ثوى بحرها في ساحلِ الشامِ وانْبرت / لآلِ نماها عذبها لا أجاجها
يكفُّ كريم الأصل من طرفِي علًى / يصوب نداها أو يصول هياجها
أخو شيمٍ قد سلمت لفخارِها / مفاخر قومٍ كانَ حمَّا حجاجها
كأنَّ دروجَ الخطّ منه لحسنها / خصورُ ملاحٍ يستبين انْدماجها
كأنَّ صِلات البرِّ عند نوالهِ / صَلاةٌ يوفي نقصها وخدَاجها
فأحسنُ من صوبِ السحاب هباتهِ / وأحسنُ من تلكَ الهبات رواجها
لئن قصَّرت أفكارنا عن مديحهِ / لقد طالَ في ليلِ السطورِ ادِّلاجها
لئن كانَ أخلى فجّ مصرَ لقد سرى / فقالت لمرآه العزيز العجاج ها
أمولايَ لي شوقٌ مورِّق مقلة / ضعيف على بحث السهاد احْتجاجها
فللسهدِ ما طافت عليهِ جفونها / وللدَّمعِ ما دارت عليهِ فجاجها
بعثت مدى الأيَّام تحتِي سيادة / لبيتك قد جلَّت وجلَّ نتاجها
فلا سؤددٌ إلاَّ إليكَ معاده / ولا مدحةٌ إلاَّ إليكَ معاجها
حلفت بليلِ الشعر منه إذا سجى
حلفت بليلِ الشعر منه إذا سجى / وضوء الضحى من وجهه متبلِّجا
ومن أدمعِي بالمرسلاتِ من الأسى / ومن أضلعي بالموريات من الشجى
لقد ألجم العذَّالَ وجه معذِّبي / وقد لاحَ في جنحِ الظلامِ فأسرجا
وفرج غمِّي ذات يوم بِزَوْرةٍ / فقلت لعينيَّ انظرا وتفرَّجا
ظلاماً وبدراً فوق غصنٍ على نقا / دجى وتجلَّى وانْثنى وترَجْرَجا
وخدًّا كفاني صبوَةً شمُّ وردهُ / فكيف وقد زاد العذار بنفسجا
صحيفة حسنٍ قابلتها ملاحة / ألم ترهُ سطراً عليها مخرَّجا
بروحيَ في أفق المحاسنِ كوكبٌ / على مثلهِ قد طابَ لي سهرُ الدُّجى
نهانيَ عنه الهمُّ قبلَ عواذِلي / وأخرجني عنه وما كنتُ مُخرَجا
وأزعجني شيبٌ بفودَيّ طالعٌ / وما كان وقعُ الشيب لي عنهُ مزعجا
فيالك مقطوف العذار هجرته / فما عرَّجت عيني له حينَ عرَّجا
دنت دارُه منِّي وشطَّ مزَارُهُ / فهل أبصرتْ عيناكَ ثغراً مفلَّجا
كأنِّيَ لم أنعمْ بدينارِ خدِّه / مشوقاً على نقدِ العدى أو مبهرجا
ولم أصبُ من لهوٍ بنقطة خاله / إلى كرةٍ من حولها الصدغ صولجا
ولم أحجب العذَّال منه بحاجبٍ / رَأَوا عنده حقّ الملاحة أبلجا
ولم أترشف بعد فيه مدامةً / على يده دفَّاعةً حجّةَ الحجى
ولم أعط كأساً بالنضار وخدّه / لمعطيه بالدرِّ النظيم متوّجا
ولم أتلقَّ النهدَ في الصدر جالساً / وأسرى به حالي الشكيم مهملجا
إلى الرَّوض فيَّاحاً من الزَّهرِ باسماً / على الزُّهر رفاقاً لدى الطلّ سجسجا
أحبر في مدح الإمام محمدٍ / من اللفظ أبهى الروضتين وأبهجا
وما هو ممن لا أنقح مدحه / فآتي إليه بالمديح مرَوَّجا
أخاف له نقداً فأبطئ في الثنا / كجمع أبي جاد الحروف من الهجا
ألم ترَ أني قد لجأت لظلهِ / ودافعت حرا من أذى الدهر موهجا
أخلّدُ تاريخ العلى بصفاته / وأروي حديث الفضل عنه مُخرَّجا
وأصرف آمالي التي قد تقسَّمت / إلى مرتجى ما باب نعماه مرتجا
كريمٌ إذا ما قدَّم الظنّ نحوه / مقدمةً من منطق المدح أنتجا
ولا عيبَ فيه غير إسراع جوده / فليس يُمني بالمواعد محوجا
وأفراط كتم للندى وهو ظاهرٌ / وهل مانعٌ للرَّوض أن يتأرّجا
وقَّى الدِّين والدُّنيا ليهلك ملحدٌ / لديهِ وينجو راشدٌ مع من نجا
فتاوى على سمتِ الهدى وفتوَّة / تَجانسَ معنًى لفظها وتدَبجا
وبرّ رعى قصدَ العفاةِ فغاثها / وبأسٌ كوى قلبَ العدوِّ فأنضجا
وعلمٌ أقامته المباحث ناصِراً / فقل عَلمٌ ردَّ الأسودَ وهجَّجا
هو البحر يروى حولَ شطَّيه واردٌ / ويغرق من قدْ لجَّ فيه ولججا
له قلمٌ يحمِي الحمى برقاعه / ويكتب بالنعمى وبالعلمِ مزوِجا
إذا قالَ لم يترك لذي القول موضعاً / وإن صالَ لم يترك لذي الصوْل موْلجا
فكم من بليغٍ في الورى متفصحٍ / وعَى لفظةً من كتبه فتلجلجا
وكم من كميّ صار كالدّجّ حيرة / فلا غرْوَ إن قالوا لكميّ المدَججا
وكم منهجٍ في القولِ أرشدنِي له / وكم أملٍ أنشاه لي حين أنهجا
وكم كسوةٍ لي في دمشقَ أفادها / وقد كانَ ظهري من أذى البردِ أعوجا
وكم أنطقتْ نعماه منِّي مدائِحاً / سرى ذكرها غرباً وشرقاً فأدلجا
وروّى نباتياً من القولِ طالما / سقاهُ أبوهُ الغيث نوا مثججا
أبا الخير خذها من ثنائِي كرائِماً / أبت عن سوى أكفائها أن تزَوّجا
أوانس أبكارٍ يحقُّ لحسنِها / على ساكنِ الأمصارِ أن يتبرَّجا
تهبُّ للقياها الكرامُ من الحيا / ويجرِي بذكراها المطيّ على الوجا
لها إن تقمْ في دارَةِ الأفقِ منزلٌ / وإن تسرِ حلت من ثرياه هوْدَجا
عجبت لأنكادِ الزمان وإن طمتْ
عجبت لأنكادِ الزمان وإن طمتْ / ولا عجبٌ في فكرة تتولج
أجاوِر من أهوى ولا وصلَ بيننا / كأني ومن أهواهُ ثغرٌ مفلج