أَشاقَكَ مِن عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ
أَشاقَكَ مِن عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ / فَقَلبُكَ مِنهُ لاعِجٌ يَتَوَهَّجُ
فَقَدتَ الَّتي بانَت فَبِتُّ مُعَذَّباً / وَتِلكَ اِحتَواها عَنكَ لِلبَينِ هَودَجُ
كَأَنَّ فُؤادي يَومَ قُمتُ مُوَدِّعاً / عُبَيلَةَ مِنّي هارِبٌ يَتَمَعَّجُ
خَليلَيَّ ما أَنساكُما بَل فِداكُما / أَبي وَأَبوها أَينَ أَينَ المُعَرَّجُ
أَلِمّا بِماءِ الدُحرُضَينِ فَكَلَّما / دِيارَ الَّتي في حُبِّها بِتُّ أَلهَجُ
دِيارٌ لِذاتِ الخِدرِ عَبلَةَ أَصبَحَت / بِها الأَربَعُ الهوجُ العَواصِفُ تُرهِجُ
أَلا هَل تُرى إِن شَطَّ عَنّي مَزارُها / وَأَزعَجُها عَن أَهلِها الآنَ مُزعِجُ
فَهَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ / هَمَلَّعَةٌ بَينَ القِفارِ تُهَملِجُ
تُريكَ إِذا وَلَّت سَناماً وَكاهِلاً / وَإِن أَقبَلَت صَدراً لَها يَتَرَجرَجُ
عُبَيلَةُ هَذا دُرُّ نَظمٍ نَظَمتُهُ / وَأَنتِ لَهُ سِلكٌ وَحُسنٌ وَمَبهَجُ
وَقَد سِرتُ يا بِنتَ الكِرامِ مُبادِراً / وَتَحتِيَ مَهرِيٌّ مِنَ الإِبلِ أَهوَجُ
بِأَرضٍ تَرَدّى الماءُ مِن هَضَباتِها / فَأَصبَحَ فيها نَبتُها يَتَوَهَّجُ
وَأَورَقَ فيها الآسُ وَالضالُ وَالغَضا / وَنَبقٌ وَنِسرينٌ وَوَردٌ وَعَوسَجُ
لَئِن أَضحَتِ الأَطلالُ مِنها خَوالِياً / كَأَن لَم يَكُن فيها مِنَ العَيشِ مُبهِجُ
فَيا طالَما مازَحتُ فيها عُبَيلَةً / وَمازَحَني فيها الغَزالُ المُغَنَّجُ
أَغَنُّ مَليحُ الدَلِّ أَحوَرُ أَكحَلٌ / أَزَجُّ نَقِيُّ الخَدِّ أَبلَجُ أَدعَجُ
لَهُ حاجِبٌ كَالنونِ فَوقَ جُفونِهِ / وَثَغرٌ كَزَهرِ الأُقحُوانِ مُفَلَّجُ
وَرِدفٌ لَهُ ثِقلٌ وَخَصرٌ مُهَفهَفٌ / وَخَدٌّ بِهِ وَردٌ وَساقٌ خَدَلَّجُ
وَبَطنٌ كَطَيِّ السابِرِيَّةِ لَيِّنٌ / أَقَبُّ لَطيفٌ ضامِرُ الكَشحِ مُدمَجُ
لَهَوتُ بِها وَاللَيلُ أَرخى سُدولَهُ / إِلى أَن بَدا ضَوءُ الصَباحِ المُبَلَّجُ
أُراعي نُجومَ اللَيلِ وَهيَ كَأَنَّها / قَواريرُ فيها زِئبَقٌ يَتَرَجرَجُ
وَتَحتِيَ مِنها ساعِدٌ فيهِ دُملُجُ / مُضيءٌ وَفَوقي آخَرٌ فيهِ دُملُجُ
وَإِخوانِ صِدقٍ صادِقينَ صَحِبتَهُم / عَلى غارَةٍ مِن مِثلِها الخَيلُ تُسرَجُ
تَطوفُ عَلَيهِم خَندَريسٌ مُدامَةٌ / تَرى حَبَباً مِن فَوقِها حينَ تُمزَجُ
أَلا إِنَّها نِعمَ الدَواءُ لِشارِبٍ / أَلا فَاِسقِنيها قَبلَ ما أَنتَ تَخرُجُ
فَنُضحي سُكارى وَالمُدامُ مُصَفَّفٌ / يُدارُ عَلَينا وَالطَعامُ المُطَبهَجُ
وَما راعَني يَومَ الطِعانِ زُهوقُهُ / إِلَيَّ بِمَن بِالزَعفَرانِ تَضَرَّجوا
فَأَقبَلَ مُنقَضّاً عَلَيَّ بِخَلقِهِ / يُقَرِّبُ أَحياناً وَحيناً يُهَملِجُ
فَلَمّا دَنا مِنّي قَطَعتُ وَتينَهُ / بِحَدِّ حُسامٍ صارِمٍ يَتَبَلَّجُ
كَأَنَّ دِماءَ الفُرسِ حينَ تَحَدَّرَت / خَلوقُ العَذارى أَو قُباءَ مُدَبَّجُ
فَوَيلٌ لِكِسرى إِن حَلَلتُ بِأَرضِهِ / وَوَيلٌ لِجَيشِ الفُرسِ حينَ أُعَجعِجُ
وَأَحمِلُ فيهِم حَملَةً عَنتَرِيَّةً / أَرُدُّ بِها الأَبطالَ في القَفرِ تَنبِجُ
وَأَصدِمُ كَبشَ القَومِ ثُمَّ أُذيقُهُ / مَرارَةَ كَأسِ المَوتِ صَبراً يُمَجَّجُ
وَآخُذُ ثَأرَ النَدبِ سَيِّدِ قَومِهِ / وَأُضرِمُها في الحَربِ ناراً تُؤَجَّجُ
وَإِنّي لَحَمّالٌ لِكُلِّ مُلِمَّةٍ / تَخِرُّ لَها شُمُّ الجِبالِ وَتُزعَجُ
وَإِنّي لَأَحمي الجارَ مِن كُلِّ ذِلَّةٍ / وَأَفرَحُ بِالضَيفِ المُقيمِ وَأَبهَجُ
وَأَحمي حِمى قَومي عَلى طولِ مُدَّتي / إِلى أَن يَرَوني في اللَفائِفِ أُدرَجُ
فَدونَكُمُ يا آلَ عَبسٍ قَصيدَةً / يَلوحُ لَها ضَوءٌ مِنَ الصُبحِ أَبلَجُ
أَلا إِنَّها خَيرُ القَصائِدِ كُلَّها / يُفَصَّلُ مِنها كُلُّ ثَوبٍ وَيُنسَجُ