المجموع : 3
كَشَيْخٍ رأيناه تزوَّج آنِفاً
كَشَيْخٍ رأيناه تزوَّج آنِفاً / فأمسى وما داناه كسرى المتوَّجُ
علا قَرْنُهُ في الجوِّ حَتَّى كأنه / إلى النجم يرقى أو إلى الله يَعْرجُ
على أنه جَعْدُ البنان دُحَيْدحٌ / إذا ما مشى مستعجلاً قيل يَدْرُجُ
أظنُّ أبا حفص سيَحْسَبُ أنه / هو الرجل المعْنيُّ والحق أبلجُ
إذا مادحٌ أرَّقْتَ عينيهِ باطلاً
إذا مادحٌ أرَّقْتَ عينيهِ باطلاً / كواكَ بمكْواة الهِجاء فأنضجا
فإن قلت سَمْجٌ ما أتيتَ فصادقٌ / وبخسُك حقّي كان من قبلُ أسمجا
على أنه لا ذنب عند ذوي النُّهى / لناقِد أرضٍ عرَّفَ الناسَ بهرجا
رأى الناسَ يغترُّون منك بظاهرٍ / كذوبٍ فجلَّى منْ غرُورِك ما دَجَا
هجاكَ فلم يترك رجاء لمَنْ رجا / جداكَ ولا بقَّى هجاءً لمن هجا
وقد كان من يرجوك في سجن حيرةٍ / فأَوجَدَهم مِن ذلك السِّجْنِ مخرجا
ألا رُبَّ غِرٍّ باعك النومَ لَيْلَهُ / وراقبَ ضوء الفجر حتى تبلّجا
يدبِّجُ فيك الشعر ضَلّ ضلالهُ / فكافأتَ بالحرمانِ ما كانَ دَبَّجَا
ألا أيُّهذا الناس طال ضريرُكُم
ألا أيُّهذا الناس طال ضريرُكُم / بآل رسول الله فاخشوا أو ارْتجوا
أكُلَّ أَوانٍ للنبي محمدٍ / قتيلٌ زكيٌ بالدماء مُضرَّجُ
تبيعون فيه الدينَ شرَّ أئِمَّةٍ / فلله دينُ الله قد كاد يَمْرَجُ
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة / ولَلْملحِجُوكُم في الحبائل ألْحَجُ
بني المصطفى كم يأكل الناس شِلْوَكُم / لِبَلْواكُمُ عمّا قليل مُفَرَّجُ
أما فيهمُ راعٍ لحق نبيه / ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ
لقد عَمَهُوا ما أنزل الله فيكُمُ / كأنّ كتاب الله فيهم مُمَجْمَجُ
ألا خاب من أنساه منكم نصيبَهُ / متاعٌ من الدنيا قليلٌ وزِبرجُ
أبعدَ المكنَّى بالحسين شهيدكم / تُضيء مصابيحُ السماء فَتُسْرَجُ
شَوىً ما أصابت أسهمُ الدهر بعده / هوى من هوى أو مات بالرمل بَحرَجُ
لنا وعلينا لا عليه ولا له / تُسَحْسِحُ أسرابُ الدموع وتَنْشِجُ
وكيف نُبكِّي فائزاً عند ربه / له في جنان الخلد عيشٌ مُخَرْفجُ
وقد نال في الدنيا سناءً وصِيتةً / وقام مقاماً لم يَقُمْهُ مُزَلَّجُ
فإن لا يكن حيّاً لدينا فإنه / لدى اللَه حيٌّ في الجنان مزوَّجُ
وكنَّا نرجِّيه لكشف عَماية / بأمثاله أمثالُها تتبلَّجُ
فساهَمَنَا ذو العرش في ابن نَبيِّه / ففاز به والله أعلى وأفلجُ
مضى ومضى الفُرَّاط من أهل بيته / يؤُمُّ بهم وِرْدَ المنية منهجُ
فأصبحتُ لا هم أبْسَؤُوني بذكره / كما قال قبلي في البُسُوء مُؤَرِّجُ
ولا هو نسَّاني أسايَ عليهمُ / بلى هاجه والشجوُ للشجو أَهْيجُ
أبيتُ إذا نام الخَليُّ كأنما / تَبطَّنَ أجفاني سَيَالٌ وعَوْسَجُ
أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفةً / يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ
أحين تَراءتك العيونُ جِلاءها / وإقذاءَها أضحتْ مَرَاثيك تُنسَجُ
بنفسي وإن فات الفداءُ بك الردى / محاسنُك اللائي تُمَحُّ فَتُنهَجُ
لمن تَسْتجِدُّ الأرضُ بعدك زينةً / فتصبحَ في أثوابها تتبرَّجُ
سلامٌ وريحانٌ ورَوحٌ ورحمةٌ / عليك وممدودٌ من الظلِّ سَجْسَجُ
ولا برح القاعُ الذي أنت جارُهُ / يَرِفُّ عليه الأقحوان المُفلَّجُ
ويا أسفي ألّا تَرُدَّ تحيةً / سوى أَرَجٍ من طيب رَمْسك يَأرجُ
ألا إنما ناح الحمائمُ بعدما / ثَوَيْتَ وكانت قبل ذلك تَهْزَجُ
أذمُّ إليك العينَ إن دموعها / تَداعَى بنار الحزن حين تَوهّجُ
وأحمدُها لو كفكفتْ من غُروبها / عليك وخَلَّتْ لاعجَ الحزن يلْعَجُ
وليس البكا أن تسفح العينُ إنما / أحرُّ البكاءينِ البكاءُ الموَلَّجُ
أتُمتِعُني عيني عليك بدمعة / وأنت لأذيال الرَّوامس مُدْرَجُ
فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه / لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ
عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها / فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ
ألا أيها المستبشرون بيومه / أظلت عليكم غُمَّةٌ لا تفرَّجُ
أكلُّكُمُ أمسى اطمأن مِهادُه / بأنّ رسول الله في القبر مُزْعَجُ
فلا تشمتوا وليخسإ المرءُ منكُمُ / بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ
فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُمُ / غداةَ التقى الجمعان والخيلُ تَمْعَجُ
لأَعطى يد العاني أو ارمدَّ هارِباً / كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ
ولكنه ما زال يغشى بنحره / شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوجُ
وحاشا له من تِلْكُمُ غيرَ أنه / أبَى خطَّةَ الأمر التي هي أسمجُ
وأين به عن ذاك لا أين إنه / إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ
كأني به كالليث يحمي عرينَه / وأشبالَه لا يزدهيه المُهَجْهِجُ
يَكرُّ على أعدائه كرَّ ثائرٍ / ويطعنهم سُلْكَى ولا يتخلَّجُ
كدأْب عَليٍّ في المواطن قبله / أبي حسنٍ والغصن من حيث يخرجُ
كأني أراه والرماح تَنوشُهُ / شوارعَ كالأشطان تُدْلَى وتُخْلَجُ
كأني أراه إذ هوى عن جواده / وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّجُ
فحُبَّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى / وحُبَّ به روحاً إلى الله تعرجُ
أأرديتُم يحيى ولم يُطْو أيْطَلٌ / طِراداً ولم يُدبْر من الخيل مَنْسِجُ
تأتَّتْ لكم فيه مُنَى السوء هَيْنَةً / وذاك لكم بالغيِّ أغرى وألهجُ
تُمَدُّون في طغيانكم وضلالكم / ويُسْتدرَج المغرور منكم فُيُدْرَجُ
أَجِنُّوا بني العباس من شَنآنكم / وأوْكُوا على ما في العِيابِ وأشْرِجوا
وخلُّوا ولاةَ السوء منكم وغيَّهم / فأحْرِ بهمْ أن يغرقوا حيث لجَّجوا
نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ / إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا
على حين لا عُذْرى لمُعتذريكُمُ / ولا لكُمُ من حُجة الله مخرجُ
فلا تُلْقِحُوا الآن الضغائن بينكم / وبينهُم إنَّ اللواقح تُنْتجُ
غُرِرتم إذا صدَّقْتُمُ أن حالة / تدوم لكم والدهر لونان أخْرَجُ
لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً / سيسمو لكم والصبحُ في الليل مُولَجُ
بمَجرٍ تضيق الأرضُ من زفَراته / له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ وهَزْمَجُ
إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُهُ / بوارقَ لا يَسْطِيعُهُنَّ المُحمِّجُ
تُوامضه شمسُ الضحى فكأنما / يُرَى البحرُ في أعراضه يتموَّجُ
له وَقْدةٌ بين السماء وبَيْنَهُ / تُلِمُّ بها الطيرُ العَوافي فتُهرَجُ
إذا كُرَّ في أعراضه الطرفُ أعرضت / حِراجٌ تحارُ العينُ فيها فتحْرَجُ
يؤيده ركنان ثَبْتان رَجْلُهُ / وخيلٌ كأَرسال الجراد وأَوْثَجُ
عليها رجال كالليوث بسالةً / بأمثالها يُثْنَى الأبيُّ فَيُعْنَجُ
تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة / تُنَفِّسه عن خيلهم حين تُرْهجُ
فلو حصبتْهم بالفضاء سحابةٌ / لَظلَّ عليهم حصبُها يتدحرجُ
كأَن الزِّجَاجَ اللَّهذمياتِ فيهمُ / فَتِيلٌ بأطراف الرُّدْينِيِّ مُسْرجُ
يودُّ الذي لاَقوْهُ أن سلاحه / هنالك خَلْخَالٌ عليه ودُمْلُجُ
فيدركُ ثأرَ الله أنصارُ دينه / ولله أوْسٌ آخرون وخزْرجُ
ويقضي إمام الحق فيكم قضاءَهُ / تماماً وما كلُّ الحوامل تُخْدَجُ
وتظعن خوفَ السَّبي بعد إقامة / ظَعائنُ لم يُضرب عليهنَّ هودجُ
وقد كان في يحيى مُذَمِّرُ خطّةٍ / وناتجها لو كان للأمر مَنْتَجُ
هنالكُمُ يشقَى تَبَيُّغُ جهلكم / إذا ظلت الأعناقُ بالسيف تُودَجُ
محضْتكُم نصحي وإنِّيَ بعدها / لأعنِقُ فيما ساءكم وأُهَمْلِجُ
مَهٍ لا تعادَوا غِرّةَ البغي بينكم / كما يتعادى شعلةَ النار عَرْفجُ
أفي الحقِّ أن يُمسوا خِماصاً وأنتُمُ / يكاد أخوكُم بِطنةً يتبعَّجُ
تَمَشُّون مختالين في حُجراتِكم / ثقالَ الخُطا أكفالُكم تترجرجُ
وليدُهُم بادي الطَّوى ووليدُكم / من الريف ريَّانُ العظام خَدَلَّجُ
تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم / ويَشْرع فيه أَرتبيلُ وَأَيْدُجُ
فقد ألجمتهم خِيفةُ القتل عنكُمُ / وبالقوم حاجٌ في الحيازم حُوَّجُ
بنفسي الأُلَى كظَّتهُم حسراتُكم / فقد عَلِزُوا قبل الممات وحَشرجوا
ولم تقنعوا حتى استثارت قُبُورَهم / كِلاَبُكُمُ منها بهيم ودَيْزجُ
وعيَّرتموهم بالسَّواد ولم يزل / من العَرَب الأمحاض أخضرُ أدعجُ
ولكنكم زرق يزين وجوهَكم / بني الرُّوم ألوانٌ من الرُّوم نُعَّجُ
لئن لم تكن بالهاشميين عاهةٌ / لما شَكْلُكُم تالله إلا المُعلْهجُ
بآيةِ ألا يبرحَ المرءُ منكُمُ / يُكَبُّ على حُرِّ الجبين فيُعفَجُ
يبيت إذا الصهباءُ رَوَّتْ مُشاشَه / يُساوِره علجٌ من الروم أعلجُ
فيطعنه في سَبَّة السوء طعنةً / يقوم لها من تحته يتفحَّجُ
لذاك بني العباس يصبر مثلُكُم / ويصبر للموت الكميُّ المدجَّجُ
فهل عاهةٌ إلا كهذي وإنكم / لأَكذبُ مسؤول عن الحق يَنهجُ
فلا تجلسوا وسط المجالس حُسَّراً / ولا تركبوا إلا ركائِبَ تُحْدَجُ
أبى الله إلا أن يَطيبوا وتخبثوا / وأن يسبقوا بالصالحات وتُفْلَجُوا
وإن كنتُمُ منهم وكان أبوكُمُ / أباهم فإن الصّفْو بالرَّنق يُمزَجُ
أروني امرءاً منهم يُزَنّ بأُبْنَةٍ / ولا تنطقوا البهتان فالحق أبلجُ
لعمري لقد أغرى القلوبَ ابنُ طاهر / ببغضائكم ما دامت الريحُ تَنْأَجُ
سعى لكُمُ مَسعاةَ سوء ذميمةً / سعى مثلَها مستكره الرِّجْلِ أعرجُ
فلن تعدموا ما حنَّت النيَّب فتنةً / تُحشُّ كما حُشَّ الحريقُ المؤجَّجُ
وقد بدأت لو تَزْجُرُونَ بَرِيْحَها / بوائجُها من كلِّ أوبٍ تبوَّجُ
بني مصعب ما للنبي وأهله / عدوُّ سواكم أفْصِحوا أو فلَجْلِجُوا
دماءُ بني عبَّاسكم وعَلِيِّهمْ / لكم كدماء الترك والروم تُهْرَجُ
يلي سفكَها العورانُ والعرجُ منكُم / وغوغاؤكم جهلاً بذلك تَبْهَجُ
وما بكُم أن تنصروا أولياءَكم / ولكنْ هَناتٌ في القلوب تَنجنَجُ
ولو أمْكَنَتكُمْ في الفريقينِ فرصةٌ / لقد بُيِّنَتْ أشياءُ تلوَى وتُحْنَجُ
إذن لاستقدتم منهما وِتْر فارسٍ / وإن وَلَّياكم فالوشائجُ أوشجُ
أبى أن تُحِبُّوهُم يدَ الدهرِ ذكرُكُم / لياليَ لا ينفكُّ منكم متوَّجُ
وإني على الإسلام منكم لَخائفٌ / بوائقَ شتّى بابُها الآن مُرتَجُ
وفي الحزم أن يستدرِك الناسُ أمركم / وحبلُهُمُ مستحكِمُ العقْدِ مدْمَجُ
نَظَارِ فإن الله طالبُ وتره / بني مصعبٍ لن يسبق اللهَ مُدْلِجُ
لعلَّ قلوباً قد أطلتم غليلها / ستظفر منكم بالشفاء فتُثلجُ