المجموع : 4
إذا البَدرُ زار الأفقَ وهُو بَهيجُ
إذا البَدرُ زار الأفقَ وهُو بَهيجُ / إِلى الشّعرِ أصبُو والشجُونُ تُهِيجُ
وقد أَهجرُ الشِعرَ اللّطيفَ مَلالةً / وعلماً بأنّ الصّنفَ ليسَ يَرُوج
ولكنّما الشوقُ القديمُ يهزُّني / فألقي القَوافي في البُحورِ تَموج
فما الشعرُ في صَدرى سِوى السّيلِ جارفاً / أو النارِ تذكو والشّعورُ أجيج
فقل للذي يَلقى المحاسنَ هادئاً / لحى اللهُ علجاً ما رأتهُ عُلوجُ
على اللّيلةِ القمراءِ طالَ تَسهُّدي / وحلَّ سُكوتٌ حيثُ كان ضَجيج
فبتُّ وقد هاجَت غَرامي سَكِينةٌ / ونشّطني تحتَ الغُصونِ أَريج
أرى البدرَ لي من جانِبِ السّهلِ طالعاً / وكم أطلَعتهُ لي ذُرىً وثلوج
كما أشرَقت من قَصرِها ذات عفّةٍ / على رَوضةٍ فيها الربيعُ نَسيج
فخلتُ فؤادي طائراً من صَبابَتي / ولَيسَ لما بينَ الضّلوعِ خروج
أَحَبَّ التي أحبَبتُها ولأجلِها / أطلَّ فضاءَت من سناهُ مروج
فأوشكَ أن يَهوي إلى الأرضِ قائلاً / إِلى الحبِّ في أعلى السّماءِ أحوج
أرى البحرَ قدَّامي يقذِّفُ أمواجا
أرى البحرَ قدَّامي يقذِّفُ أمواجا / وخَلفي أرى عقداً من النورِ وهّاجا
فما البحرُ إلا النفسُ تطربُ للعُلى / وما النورُ إِلا الفكرُ يطلبُ إفراجا
أحنُّ الى الحمراءَ صبّاً مؤرقّاً / فأخرجُ من قلبي القصائدَ إخراجا
كما حنّ مقصوصُ الجنّاحِ وقد رأى / طيوراً إِلى الأوكارِ ترجعُ أفواجا
ويُوحِشُني طَيفُ القنوطِ إذا سَرى / فيؤنسني طيفُ الجمالِ إذا ناجى
تعشَّقتُ ماءَ الرَّوضةِ المُترَجرِجا
تعشَّقتُ ماءَ الرَّوضةِ المُترَجرِجا / وكم شاقني نوحُ الغصونِ وكم شجا
لقد كادَ يَفنى القلبُ إلا بقيةٌ / تجمَّعَ فيها الحبُّ والمجدُ والرّجا
فما هي إلا كوكبٌ لاحَ ساطعاً / بهِ يأنَسُ السَّاري الذي ضَلَّ في الدُّجى
تُنيرُ ظلامَ الجَهلِ حولي ويهتدي / بها كلُّ أصحابِ الفضيلةِ والحجى
فؤادُكَ درٌّ والقلوبُ زجاجُ
فؤادُكَ درٌّ والقلوبُ زجاجُ / وليسَ لهذا عندَ تِلكَ رَواجُ
فلا تمزجنَّ الخلَّ بالخمرِ راغباً / بإصلاحهِ إنَّ الفسادَ مزاج
فعندَ علاجِ الناسِ تقضي بدائهم / فذلكَ داءٌ ما شفاهُ عِلاج
فحتَّامَ تَشقى بالسعادةِ طامعاً / ونفسُك في ليلِ الجحودِ سِراج
تعزّ فيوماً ما سيتضبُ زَيتُها / ويسكنُ فكرٌ في الثَّرى وهياج