أُخيّ طَريق العُمر داجٍ حجوَّجُ
أُخيّ طَريق العُمر داجٍ حجوَّجُ / وَنبت المُنى عِندَ العَواقب يحدجُ
فَما حاجة في الدَهر تعدل حاجة / وَلا همت إِلا عدت رغماً تُحَجحج
وَكَم يائس لَو يَدري ما طالَ يَأسه / وَلا باتَ صاد تحتَ رجليهِ حشرج
تَنام غضضت الطرف وَالدَهر ساهد / وَهَذي عُيون الدَهر زَرقاء تحمج
فَدَع سَبب الآمال واجذم رثيث ما / يحلّل منهُ ما تظل تحملج
وَأَثبت ففي حال الزَمان تَحوّل / وَحاول ففي سَير اللَيالي تَخَبْعُج
وَلا تنتظر وَضع الليالي حمولها / فَكَم مثقلات الحَمل تُدهَى فتخدج
أَرى الخَطب يَعدو حَيثُ يُقبل يافعاً / وَلَكن مَتى وَلّى مَع الوَقت يَهدج
أُخيّ أفق من غَيّ دُنياك وَاستبر / تَرى الناس فَوجاً بَعد فَوج تَفوّجوا
وَلا تَيأسن إِن أَعرض الحَظُّ مَرةً / فَحظُّ بَني الأَدهار طفل يدعلج
كذا زبرج المحيا متى ارتج أَمرها / تمرّ كَما مرّت مَع الهَوج زبرج
وَما تَبتَغي من حَبوة العُمر بَيننا / وَأَجزفُ ما تُولي نَوالٌ مزنج
عجبت لذي جَهل إِذا ما صفَت لَهُ / مياسيره يُغريه بذخ وَخنزج
وَمِن عَجب يذري بشهمٍ مقوّمٍ / مضلٌّ عتلٌّ لَيسَ يَدري معوّج
وَهَل يَستوي الضدّان هذا فَناؤه / رَحيب وَهَذا قالص الجاه حنضج
وَيَرفع رثَّ الحال علمٌ وَهَكذا / يُخفَّضُ بِالجَهل الطَغيمُ المخرفج
وَكَم من بَغيض ينكر القَلبَ ودُّه / تصانعه بالحَزم وَالعَين تحدج
فَخف سهلهم فَالسَهل صَعب مَتى عَدا / كَذا الصلّ يُردي وَهم جسم خبرنج
وَهب مستوى الأَعداء إِن سرّ خلقه / فَأَنكى السِهامِ الفاتِكاتِ المُحَدرج
وَأَدهى محبيك المُلَهْوَقُ نطقُه / وَأَعدى أَعاديك البليغ المدهمج
فَحاذر تَواخي من يحول وداده / كما حال عن لَون لآخر زغبج
وَكُن لِلوَرى رَوضاً ضوافٍ ظلالُه / مقيلاً وَناراً بِالشواظ توهج
فَيرضى كِرام القَوم مِنكَ تكرّم / وَيكفيك من ملغ الرِجال التزعلج
فَبالرَأي يَسمو من يباذخ قَومه / وَلو يَستوي في الحجم هين وَحفضج
وَكَم مِن كِرام كرّموا غَير ماجدٍ / تَردّى بهم ثم اِغتَدى يَتزمّج
وَمَهما تَوالى البدء فكر عواقباً / فَكَم مِن غَرير سُرَّ وَهوَ مسدّج
وَكَم مِن صحاب خالف الدَهر بَينَهُم / عَلى طُول ما والوا الوَفاء وَدردجوا
وَكُل قويّ العَزم رَبّ تخونه / قِواه وَمِن بَعد الشماس يَدربج
فخوِّل لتذليل الكرام لئامَها / فَمَن رامَ قنص الصَيد للكلب يحرج
فَيا رُبّ حاجات تَرى النَفس نيلها / وَمِن دُون ما تَهوى الصدور تحشرج
دفعتُ بها طرفاً تباريه خزرج / بعزم تحاماه مع الجاش خزرج
وَجبتُ به قاعاً من الدوّ صفصفاً / يؤانسني ثم الصَدى ثم زهزج
وَبتُّ كأن الليل جيشٌ عرمرم / إِذا ما اكفهرّ الجوّ وافى يدجدج
كَأَن السَما وَالزُهر سيارة بِها / بحار تهادَت بالسفين تموّج
كَأن الدراري في فَضا الأُفق جحفلٌ / كَأَن الثريا بين هاتيك هودج
أَضاءَ دجاها صارم ضارم الظُبَى / وَأَملد مَأمون كعوب مزهلج
وَساعد طرفي وَالسباسب أَسهبت / مداها وَأَبواب الأَماني ترتج
وَسرتُ الفَضا وَالوَحش حَولي كَأنَّها / بَنات مَجوس الهند فيهنّ فنزج
كَأَن عجاج الهُوج غيم وَزأرها / رُعود وَعَيناهنّ بَرق يؤجج
فَسابق طرفي في فَضاه رِآلَه / وَباراه إِذ يَعدو إِلى البرّ عوهج
وَكَم ملحمٍ دامِ الجَوانب عِنده / ينكِّصُ مقدامٌ وَيدهى المفجفج
تردّدت الأَبصار فيهِ وَأَهطعت / رجالٌ فكرّوا القهقرى فتضوّجوا
كَأن رُؤوس القَوم تحت سنابك / مِن الجرد أَحداد علاهنّ مسهج
فَهَذا بنار الغَيظ يُنكَى منضّجاً / وَذاكَ بما جادَ التوامير يضرج
بكت أَعينٌ غَرقى ذوارفَ ثَكلاً / وَقَد ضحك العضبُ الصَقيل المبلج
لَقد خالفت بَين الوَرى حادثاتها / فَتحسنَّ طوراً ثَم تَغدو فَتسمج
أَقول وَحظي مِن زَماني تلوّن / وَحَسبي أن الدَهر داه وَغملج
وَصحبي كَما تَبغي المَعالي أَعزة / تردّد حسرى ثُم تُهدَى فَتنأج
وَقَد نجَّ جرح الصَدر غَيظاً وَشغشغت / بواطنه وَالطب أَمر نبهرج
تَرى وُكَنات المضرحيّ تباذخت / بآمالنا وَالنَفس بالنيل تلهج
أَقيموا بَني عمي صدورَ خيولكم / وَشدّوا عَلى أَيدكموا لا تلجلجوا
فَبين يَدي صافي الفرند مشعشع / وَتحتيَ كرّار من الخَيل صملج
وَفي الكَف مياد الكعوب مدملج / أَمين عَلى ما تَبتغي النَفس سلمج
وَإِني في كفي أعنة هَيكلي / متى رمت ردّ الكرّ وَالفرّ أَعنج
مَكارم قَوم ورّثوها فَلم نَجد / سِوى نَهجهم نَهجاً مَع الناس ننهج
وَلا غرو أَن يحذو الفَتى حذو قَومه / وَلا ضير أَن يَنموهن الدَوح عسلج
وَما العَزم إِلا أَن دجى ليل داهم / تَلظّى فَإما يَنجلي أَو يسرّج
وَما شأَننا إِلا اِعتِزازٌ وَهمة / وَإِن زانَ جلّ الفاخرين التبهرج
إِذا لَم نَرِد صاف تشهى لنا الظَما / وَنظلم أَو فالنار بالعود توهج
فَما الراح في راح المدير تشعشعت / كَأَن ضرام النار قَد شَب عرفج
وَما الغادة الهَيفاء فيها تدلل / يَروقك مِنها حُسنُها وَالتبرّج
وَما المَجلس العالي تداعَت لَهُ السَما / وَما الرَوضة الفَيحاء فيها تَأرّج
وَما الدَهر أَو أَبناؤه ذا مقلد / وَذاكَ يَرى العليا وَهذا متوّج
جَميع الَّذي فيها متى كانَ أَوبُهُ / إِلَيها فحرص المرء منها تطبج
فَجوزوا بنا حتّى إِذا حنّ ركبنا / وَلاحَت رُسوم الحَيّ حيوا فعرّجوا
وَعوجوا بِنا نحوَ الظبى في كناسها / لَدى مَوقف الداعي عَسى العيس تعسج
فَإِن أَبصرت عَيناك مَغنى بعالج / وَلم تذريا دَمعاً فَقلبُك صلهج
وَأَمّوا بنا داراً تناءَت وَمَعهدا / تَعالى فدون الشَمس في الأُفق أَبرُج
وَلا تدفعنكم صَولة الدَهر وادرَأوا / بوادرَها بَلْ وَالجموا العَزم وَاسرجوا
فَكَم لاعج صدري يعالج كتمه / وَتَأبى الغروب الذارفات فتنشج
وَكَم حاجة في النَفس لا النَطق كافل / فتُحكَى وَلا الأوراق تحوي فتدرج