المجموع : 9
فلو علم الأقوامٌ يوماً سَريرتي
فلو علم الأقوامٌ يوماً سَريرتي / وبان لهم فَضْلي وكُنْهَ حقيقتي
لما سلكوا بالهجرِ يوماً طريقتي / سيَنْدم بُعداً من يريد قَطيعتي
ويذكر قولي والزمانَ طويلا /
إِلَى كم أُدارِي الدهرَ ثُمَّ إِلَى متى
إِلَى كم أُدارِي الدهرَ ثُمَّ إِلَى متى / وباعثُ صبرِي لا يزال مُشتَّتا
أُكلِّف نفسي عزةً وتَثَبُّتاً / تجنبتُ ظهرَ الشرِّ حَتَّى إذَا أتى
وحلَّ بدارِي قلت للشر مَرْحبا /
إذَا لَمْ أجد كَنْفاً منيعاً يُظِلُّني / وَلَمْ أرَ فِي الدنيا كريماً يُجِلُّني
ولا ملجأً عن دار قومٍ تُذِلُّنِي / سأركبُ ظهرَ الشرِّ حَتَّى يَملّني
إذَا لَمْ أجد عن مركبِ الشرِّ مركبا /
فواللهِ لا أَدري بأيةِ حيلةٍ / سأحتال فِي تقبيلِ ثغرِ خليلة
تحيرتَ حَتَّى فِي أقلِّ قليلة / أمنديلُنا قُل لي بأي وسيلة
توسلتَ حَتَّى قَبَّلتْك ثغورُها /
فهل يُنْهِموني أن أُبيحَ هواهمُ / وأكشفَ سري فِي الهوى لسواهمُ
دعوني دعوني كي أُقبِّل فاهمُ / فإني من القوم الَّذِين إذَا همُ
قد استُودِعوا الأسرارَ كانوا قبورَها /
أودُّ لِقاكم من حُنُوٍّ وشَفْقَةِ
أودُّ لِقاكم من حُنُوٍّ وشَفْقَةِ / فأنتم أخِلائي ويا خيرَ رفقةِ
فها أنا أدعو من فؤادي بحُرقة / وأسألكم من غير حملِ مَشَقَّة
زيارتَنا إن الوصال مُعظَّمُ /
فها هيَ نفسي بَيْنَكم تَحْملونَها / عَلَى أيِّ حكمٍ فِي الهوى تتركونها
لديكم حياتي أينما تَنْبذونها / وهبتُكم روحي عسى تَقْبلونها
ففي الوصلِ خُلدٌ والصدود جهنمُ /
لِحاظُك تُصمِي القلبَ إن هي راشتِ
لِحاظُك تُصمِي القلبَ إن هي راشتِ / نصبتِ شِراكَ الحبِّ صِدْتِ حُشاشتي
فكيف خلاصي والهوى منك صائدُ /
قَفَوْتُ أبي حياً وبعدَ مماتِهِ
قَفَوْتُ أبي حياً وبعدَ مماتِهِ / وَلَمْ أَقْترِفْ عيشاً يَشين بذاتِهِ
عن المرءِ لا تسأل وسَلْ عن صفاته / أنا ابنُ الَّذِي لَمْ يُخزِني فِي حياته
ولم أُخزِه لما تَغيَّب فِي الرَّجَمْ /
حميتُ ذِمار العهدِ فِي كل جِيرةٍ
حميتُ ذِمار العهدِ فِي كل جِيرةٍ / وجاريتهم بالحِلْم فِي كل سيرةٍ
فزادوا نفوراً لي وإني بجيرة / إِلَى الله أشكو مَا أرى من عَشيرة
إِذَا مَا دنونا زاد حالهمُ بُعدا /
إِذَا ازدحم الأقوامُ كنا أَشدَّها / نُمارس حر الحادثاتِ وبَرْدَها
حِلفنا أكاليلَ المعالي وجِيدَها / ولو علمتْ هذي العشائر رُشْدَها
إِذن جعلتْنا دونَ أعدائِها سَدا /
تحملتُ من هذي العشائرِ شَرَّها / ودافعتُ عنها الخصمَ إِذ رام ضَرَّها
ولو أقبلتْ طوعاً إلينا لَسَرَّها / ولكن أراها أصلح الله أمرَها
وأَخْلَفَها بالرشد قَدْ عدمتْ رشدا /
فهل ظن قلبي قَدْ سَلوتُ عن الهوى
فهل ظن قلبي قَدْ سَلوتُ عن الهوى / وها أنا من فَرْطِ الغرامِ لقد شِبْتُ
فهل كَانَ مني مَا يشين مودتي / وهل ظن معشوقي بأنيَ قَدْ تُبت
سأكتم أمري فِي الفؤادِ سَيرية
سأكتم أمري فِي الفؤادِ سَيرية / وإِن تك عيني لَيْسَ منه قَريرةً
جعلتُ إِباءَ النفسِ للنفسِ سِيرة / وإِني إِذَا مَا الدهرُ جرَّ جَريرة
لَتأنفُ نفسي أن أُكلمَه عَتبا /
خُلقتُ كريمَ النفسِ للمجد أبتنِي / وعن خطة العَلْياءِ مَا أنا أَنثني
نشأتُ وشأني للمحامد أقتني / وَقَدْ علم القوم الكِرام بأنني
غلامٌ عَلَى حبِّ المكارِم قَدْ شَبّا /
وإني لذو هَمٍّ إِذَا مَا أَتيتَهُ / تجدْه كَوَمْضِ البرقِ مَهْمَا اجْتَلَيته
وإني أخو صدقٍ إِذَا مَا اصطفيْتَه / وإني أخو عزمٍ إِذَا مَا امتضيتَه
نَبا كل عَضْبٍ عنه أَوْ أنكر الضَّرْبا /
صفوتُ من الأكدارِ لا أحمل الأذى / ولا أنطِق العوراء خوفاً من البَذَا
أكفُّ يميني إِن غَثِثتُ من الغِذا / وإِني أعافُ الماءَ فِي صَفْوه القَذَى
وإِن كَانَ فِي أحواضه بارداً عذبا /
فلا أشتكي دهري إباءً ورفعةً / وإِن سامَني دهري عِناداً ومَنْعة
فلا زال هَذَا الدهرُ للناسِ عِبْرة / ولكنّ لي فِي موقفِ الشوق عَبْرة
تُساقط من أجفانِيَ اللؤلؤَ الرَّطْبا /
ولا أنا من تَهمِي لخلٍّ عيونُهُ / ولا مُقتفِي الأظعانِ يَعْلو حَنينُهُ
ولكنني صَبٌّ ترقَّت شئونه / إِذَا ضربتْ أوتارَ قلبي شُجونه
بدت نغماتٌ ترفض الدمعَ مُنصَّبا /
رُوَيْدَك لا تلهو بكأسٍ وخمرةٍ
رُوَيْدَك لا تلهو بكأسٍ وخمرةٍ / فإِنك من قومٍ كرامٍ وأُسرةٍ
فَبادِرْ إِلَى العَليا بكل طِمِرَّةٍ / فلا يكشفُ الغَمّاءَ إِلاَّ ابنُ حُرَّةٍ
يرى غَمراتِ الموت ثُمَّ يَزورُها /