خليليَّ مِنْ قَيْسِ بنِ عَيْلاَنَ خَلِّيَا
خليليَّ مِنْ قَيْسِ بنِ عَيْلاَنَ خَلِّيَا / رِكابي تُعَرِّجْ نَحْوَ مُنْعَرَجَاتِها
بِعَيْشِكُمَا ذاتِ اليمينِ فإنَّني / أَرَاحٌ لِشَمِّ الرَّوْحِ مِنْ عَقَدَاتِها
أَمَا إنَّها الأَعْلامُ مِنْ هَضَبَاتِها / فكيف تَكُفُّ العَيْنُ عَنْ عَبَرَاتِها
ذَرَانِي وإذْرَاءُ الدُّمُوْعِ لَعَلَّهُ / يُسَكّنُ ما قد هاجَ مِنْ ذُكُرَاتِها
فَقَدْ عَبِقَتْ رِيْحُ النُّعَامَى كأنَّما / سَلامُ سُلَيْمَى رَاحَ في نَفَحَاتِها
وتَيْمَاءُ للقَلْبِ المُتَيَّمِ مَنْزِلٌ / فَعُوْجَا بتسليمٍ على سَلَمَاتِها
وإنْ تُسْعِدَا مَنْ أَسْلَمَ الصَّبْرُ قَلْبَهُ / يُعَرِّسْ بدوحِ البَانِ مِنْ عَرَصَاتِها
فَبَانَتُها الغَيْنَاءُ مَأْلَفُ بَانَةٍ / جَنَيْتُ الغَرَامَ البَرْحَ مِنْ ثَمَرَاتِها
ورَوْضَتُها الغَنَّاءُ مَسْرَحُ رَوْضَةٍ / تَبَخْتَرُ في المَوْشِيِّ مِنْ حَبَرَاتِها
هنالك خُوْطٌ في مَنَابِتِ عَزَّةٍ / تَخَالُ القَنَا الخَطِّيَّ بَعْضَ نَبَاتِها
مَشَاعِرُ تَهْيَامٍ وكعبةُ فِتْنَةٍ / فؤاديَ مِنْ حُجَّاجِها ودُعَاتِها
فكم صافَحَتْنِي في مِنَاهَا يَدُ المُنَى / وكم هَبَّ عَرْفُ اللَّهْوِ مِنْ عَرَفَاتِها
عَهِدْتُ بها أَصْنامَ حُسْنٍ عَهِدْنَنِي / هَوىً عَبْدَ عُزَّاهَا وعَبْدَ مَنَاتِها
أُهِلُّ بأشواقِي إليها وأَتَّقِي / شَرَائِعَها في الحُبِّ حَقَّ تُقَاتِها
غَرَامٌ كإقدامِ ابنِ مَعْنٍ ومَغْرَمٌ / كإنْعَامِهِ والأرضُ في أَزَمَاتِها
فَتَى البَأْسِ والجُوْدِ اللَّذيْنِ تَبَارَيَا / إلى غايةٍ حَازَا له قَصَبَاتِها
تَدِيْنُ يَدَاهُ دِيْنَ كَعْبٍ وحاتِمٍ / فَحَتْمٌ عليها الدَّهْرُ وَصْلُ صِلاَتِها
يُجَاهِدُ في ذَاتِ النَّدَى بَيْتُ مالِها / ولا جَيْشَ إلاَّ مِنْ أَكُفِّ عُفَاتِها
إذا البِدَرُ انثالتْ عليهمْ تَخَالُها / بأَيْدِي مَوَالِيْهَا رؤوسَ عُدَاتِها
وكَمْ قدْ رَأَتْ رَأْيَ الخوارِجِ فِرْقَةٌ / فَكُنْتَ عَلِيَّاً في حُرُوبِ شُرَاتِها
بِعَزْمِ أَبِيٍّ لا يُرَدُّ مَضَاؤُه / وهل تُمْلَكُ الأفْلاكُ عَنْ حَرَكَاتِها
هو الجاعِلُ الهَيْجَا حَشاً وسِنَانَهُ / هَوىً فَهْوَ لا يَعْدُو قُلُوبَ كُمَاتِها
وكم خَطَبَتْنِي مِصْرُ في نَيْلِ نِيْلِها / ورامَتْ بنا بَغْدادُ وِرْدَ فُراتِها
ولم أَرْضَ أَرْضاً غيرَ مبدإ نَشْأتي / ولو لُحْتُ شَمْساً في سماءِ وُلاتِهَا
ولِي أَمَلٌ إنْ يُسْعِدِ السَّعْدُ نِلْتُهُ / ويُفْهَمُ سِرُّ النَّفْسِ في رَمَزَاتِها
وأَسْنَى المُنى ما نِيْلَ في مَيْعَةِ الصِّبَا / وهل تَحْسُنُ الأشياءُ بعد فَواتِها