حَياءَكَ من غُصْنٍ بدَمْعيَ ثابتِ
حَياءَكَ من غُصْنٍ بدَمْعيَ ثابتِ / إذ أنتَ لم تَجعَلْ لِقاءكَ قائتي
أفي العَدْلِ أن تُغرَى لطاعةِ كاشح / بهَجْرٍ فتىً للعيشِ دُونَك ماقِت
كفى حَزَناً أنّا نزيلا مَحَلّةٍ / بلا ضاربٍ ميعادَ وصْلٍ وواقت
بَعيدٌ على قُرْبِ المَكان التقاؤنا / فنحن كَتفْليجِ الثُّغورِ الشتائت
سَلِ النجمَ عنّي في رَفيع سمائه / أشاهَدَ مِثْلي من جليس مُبايت
أُساهِرُه حتّى تَكِلَّ لِحاظُه / ويَنسَلَّ في الصبْحِ انسلالَ المُفالِت
حسَرْتُ إلى العُذّالِ عن يدِ ناكتٍ / على الأرضِ من حُزْنٍ وعن فَمِ ساكت
وسِرْبُ ظباءٍ بالعيون شَواخصٍ / إلينا وللأجيادِ غيرِ لوافت
خلَصْنَ غداةَ البَيْنِ من شَبَكِ الهوى / وألقَيْنَ أطرافَ الحبالِ البتائت
فللّهِ عَيْنا مَن رأى مِن مُحبِّهم / أطَلَّ دماً يومَ الرَّحيلِ المُباغت
أأسماءُ ما بي من غَيورٍ مُحاربٍ / كما بِيَ من خوفي لواشٍ مُخافت
وما يَنظِمُ الشعْرَ البديعَ من الورى / على ما دَرَوا من حُسْنِه المُتَفاوِت
سوى شاعرٍ من بَحْرِ عينَيَّ غارف / له الطبعُ أو مِن صَخْرِ قَلبك ناحت
أخا الأزْدِ ما في الخَطْبِ عنكَ تَفرّدٌ / وقد عَزَّنا قِدْماً أعَزُّ المَنابِت
أما نحن من أملاكِ عَمْرِو بنِ عامرٍ / بنو مَعشَرٍ بيضِ الوجودِ مَصالت
فروعٌ سَمتْ من جِذْمِ نَبْت بنِ مالكٍ / سُمُوّاً على حُدْثِ الأُصولِ نوابت
فأحياؤهم يُفْنُون طاغيةَ العِدا / وأمواتُهم يُحيون وُلْدَ المَقالت
ألم تر أنّ الدّينَ إن لم تَثُرْ له / غدا في الورى يَقْضِي حُشاشَةَ مائت
فيا عَطفةَ الأنصارِ عَوْداً كبَدْأةٍ / بأيدٍ لأعناقِ البُغاة رَوافت
وَرَمياً دِيارَ المارِقينَ منَ العِدا / بخَيْلٍ كعقْبانِ الشُّرَيْفِ الخَوافت
تَخُبُّ ببيضٍ مُغْمدي البِيضِ في الطُّلى / فمِن صالِفٍ ضَرْباً بهنّ ولائت
وكُلُّ كَمِيٍّ دِرْعُهُ الدّهرَ سَيْفُه / كَذيِ لِبْدةٍ من دُونِ شِبْليْهِ ناهت
لقد طَلَّ وَجْهُ الأرضِ ذا غَممٍ بهم / فهل من فتىً يا صاحِ بالسّيفِ سابت
له عَقْدُ رَأيٍ بعدَه عَقْدُ رايةٍ / لِذَبِّ فَراشٍ في الهوى مُتَهافت
كريمٌ كسا القَتْلَى لبَسْط أكُفّها / ثيابَ دمٍ منهم على الجِلْدِ قارت
يَظُنُّ الجبانُ العَجْزَ خُلْداً وإنّما / مَنالُ المَحايي من خلال المَماوتِ
وليس يَخوضُ العيشَ خُضْراً ظلِالهُ / سوى حائمٍ حولَ المنّيةِ حائت
وعِبثين من هَمٍّ حَملْتُ وهِمّةٍ / كَذي ضاغطٍ يَطْوي الفلاةَ وناكت
وما زادَني في النّاس إلا مَهابةً / تَخَرُّصُ قولٍ من حسودٍ مُباهت
وما نقَم الحُسّادُ إلا فضائلاً / تَكشّفَ منهم عن كُبودٍ فَتائت
ومهما يكنْ بي من عُيوبٍ تَعُدُّها / فلست برامي نظرة خلف فائت
ولا لصديق يوم نُعمى بحاسد / ولا بعدو يوم بؤس بشامت
فللّهِ إخوانٌ تَقطّعُ مُهجَتي / إذا ذُكرتْ منهم كِرامُ النّحائت
سقَى عَهْدَهم غَيثٌ تقول إذا بدا / يُجَلِّل وَجْهَ الأفق وُرْقُ الفَواخت
مُعِلّمَةُ الأمطارِ عَيْني على الثّرى / إذا ما سَما إن لم يكنْ كَفَّ ثابت
أخو الجُودِ ما عَذْلُ العَذولِ لطبعهِ / بلاوٍ ولا نُصْحُ النّصيحِ بِلافت
يَكِلُّ السّحابُ الَجونُ عن نَيْلِ شَأوِه / بإرسالِ مَنْثورٍ على الأرضِ هافت
فما قَطْرُه الجاري سوى عَرَقٍ له / تُحَدّرِهُ عن وَجْهِه كفُّ سالت
سَجِيّةُ قاضٍ بالسّماحِ نَهارَهُ / حُقوقَ بني الدّنيا وباللّيل قانت
فَبيْنَ صَلاةٍ لا يزالُ يُقيمُها / وبينَ صِلاتٍ منه قَسْمُ المَواقت
إذا زانَ نَعْت الأمجِدينَ فَمَجْدُه / يَجِلُّ غداةَ الفَخْرِ عن نَعْتِ ناعت
إذا النَّجْمُ سامَتْناهُ نحن فمِثْلُنا / له النّجمُ يَسَتْقري مقامَ المُسامت
له قَلَمٌ إن هَزَّه في كتابةٍ / أبَرَّ على سَيْفِ الكمِيِّ المُصالت
مَدى الدّهرِ يَجْري كاتباً غيرَ غالطٍ / بواحدةٍ أو حاسباً غير غالت
لمنع الذي يحويه ليس بآلت / ومن مال مسترعيه ليس بآلت
إليك كمالَ الدّينِ جاءتْ بركْبِها / ركائبُ ألوتْ بالفيافي الأمارت
إلى ذُخرِ أحرارٍ تَؤمُّ عِراصَه / إذا طَرقَتْ إحدى الخُطوبِ البَواغت
فلا حَلّتِ الأحداتُ منك بساحَةٍ / ولا رَمتِ الأعداءَ إلا بساحِت
ولا زلْتَ رَغْدَ العيش في ظِلِّ نعمةٍ / ومَحْسودِ مُلْكٍ للُمعادين كابت
ودونَكَها بِكْراً إليك زفَفْتُها / ولم يكُ شَيءٌ عن هواكَ بلائتي
إلى عالِمٍ ما مِنْ بليغٍ مُبادِرٍ / يُباريهِ فَضْلاً أو فقيةٍ مُباكت
مُحَيّرِ أبصارِ الورى وهْو صامِتٌ / وفاتِنِ أسماعِ الورى غيرَ صامت
أثابِتُ أنت الدَّهرَ كاسمِكَ في العُلا / فَحُييّتَ من باقٍ على العَهْدِ ثابت
فتىً مَجدُه حيث الثّوابِتُ رِفعةً / وما سَيْرُه في الجُودِ سَيْرَ الثّوابت
فلاتك هذي حَظُّها حَظَّ أُختها / فتُرمَى لها عَينُ الوِدادِ بِواكت
وإن يكُ فَرْضُ الوَقْتِ فات فجائِزٌ / متى ذَكَرَ النّاسي قَضاءُ الفَوائت