المجموع : 5
مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ
مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ / وَمَنزِلُ وَحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ
لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ مِن مِنىً / وَبِالرُكنِ وَالتَعريفِ وَالجَمَراتِ
دِيارُ عَلِيٍّ وَالحُسَينِ وَجَعفَرٍ / وَحَمزَةَ وَالسُجّادِ ذي الثَفِناتِ
دِيارٌ عَفاها جَورُ كُلِّ مُنابِذٍ / وَلَم تَعفُ لِلأَيّامِ وَالسَنَواتِ
قِفا نَسأَلِ الدارَ الَّتي خَفَّ أَهلُها / مَتى عَهدُها بِالصَومِ وَالصَلَواتِ
وَأَينَ الأُلى شَطَّت بِهِم غَربَةُ النَوى / أَفانينَ في الآفاقِ مُفتَرِقاتِ
هُمُ أَهلُ ميراثِ النَبِيِّ إِذا اِعتَزَوا / وَهُم خَيرُ قاداتٍ وَخَيرُ حُماةِ
وَما الناسُ إِلّا حاسِدٌ وَمُكَذِّبٌ / وَمُضطَغِنٌ ذو إِحنَةٍ وَتِراتِ
إِذا ذَكَروا قَتلى بِبَدرٍ وَخَيبَرٍ / وَيَومِ حُنَينٍ أَسبَلوا العَبَراتِ
وَكَيفَ يُحِبّونَ النَبِيَّ وَأَهلَهُ / وَقَد تَرَكوا أَحشاءَهُم وَغراتِ
لَقَد لايَنوهُ في المَقالِ وَأَضمَروا / قُلوباً عَلى الأَحقادِ مُنطَوِياتِ
قُبورٌ بِكوفانٍ وَأُخرى بِطَيبَةٍ / وَأُخرى بِفَخٍّ نالَها صَلَواتي
وَقَبرٌ بِأَرضِ الجَوزَجانِ مَحَلُّهُ / وَقَبرٌ بِباخَمرا لَدى العَرِماتِ
وَقَبرٌ بِبَغدادٍ لِنَفسٍ زَكِيَّةٍ / تَضَمَّنَها الرَحمَنُ في الغُرُفاتِ
وَقَبرٌ بِطوسٍ يا لَها مِن مُصيبَةٍ / تُرَدَّدُ بَينِ الصَدرِ وَالحَجَباتِ
فَأَمّا المُمَضّاتُ الَّتي لَستُ بالِغاً / مَبالِغَها مِنّي بِكُنهِ صِفاتِ
إِلى الحَشرِ حَتّى يَبعَثَ اللَهُ قائِماً / يُفَرِّجُ مِنها الهَمَّ وَالكَرَباتِ
نُفوسٌ لَدى النَهرَينِ مِن أَرضِ كَربَلا / مُعَرَّسُهُم مِنها بِشَطٍّ فُراتِ
أَخافُ بِأَن أَزدارَهُم وَيَشوقُني / مُعَرَّسُهُم بِالجِزعِ مِن نَخَلاتِ
تَقَسَّمَهُم رَيبِ الزَمانِ فَما تَرى / لَهُم عَقوَةً مَغشِيَّةَ الحُجُراتِ
سِوى أَنَّ مِنهُم بِالمَدينَةِ عُصبَةً / مَدى الدَهرِ أَنضاءً مِنَ الأَزَماتِ
قَليلَةُ زُوّارٍ سِوى بَعضِ زُوَّرٍ / مِنَ الضَبعِ وَالعِقبانِ وَالرَخَماتِ
لَهُم كُلَّ حينٍ نَومَةٌ بِمَضاجِعٍ / لَهُم في نَواحي الأَرضِ مُختَلِفاتِ
وَقَد كانَ مِنهُم بِالحِجازِ وَأَهلِها / مَغاويرُ نَحّارونَ في السَنَواتِ
تَنكَّبُ لَأواءُ السِنينَ جِوارَهُم / فَلا تَصطَليهِم جَمرَةُ الجَمَراتِ
حِمىً لَم تُطِرهُ المُبدِياتُ وَأَوجُهٌ / تَضيءُ مِنَ الايسارِ في الظُلُماتِ
إِذا أَورَدوا خَيلاً تَسَعَّرُ بِالقَنا / مَساعِرُ جَمرِ المَوتِ وَالغَمَراتِ
وَإِن فَخَروا يَوماً أَتَوا بِمُحَمَّدٍ / وَجِبريلَ وَالفُرقانِ ذي السوراتِ
أولَئِكَ لا مِن شَيخُ هِندٍ وَتِربِها / سُمَيةَ مِن نَوكى وَمِن قَذِراتِ
مَلامَكَ في أَهلِ النَبِيِّ فَإِنَّهُم / أَحِبّايَ ما عاشوا وَأَهلُ ثِقاتي
تَخَيَّرتُهُم رُشداً لِأَمري فَإِنَّهُم / عَلى كُلِّ حالٍ خيرَةُ الخيراتِ
نَبَذتُ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ جاهِداً / وَسَلَّمتُ نَفسي طائِعاً لَولاتي
فَيا رَبِّ زِدني مِن يَقيني بَصيرَةً / وَزِد حُبَّهُم يا رَبِّ في حَسَناتي
بِنَفسي أَنتُم مِن كُهولٍ وَفِتيَةٍ / لِفَكِّ عُناةٍ أَو لِحَملِ دِياتِ
وَلِلخَيلِ لَمّا قَيَّدَ المَوتُ خَطوَها / فَأَطلَقتُم مِنهُنَّ بِالذَرِباتِ
أُحِبُّ قَصِيَّ الرِحمِ مِن أَجلِ حُبِّكُم / وَأَهجُرُ فيكُم أُسرَتي وَبَناتي
وَأَكتُمُ حُبّيكُم مَخافَةَ كاشِحٍ / عَنيدٍ لِأَهلِ الحَقِّ غَيرِ مَواتِ
لَقَد حَفَّت الأَيّامُ حَولي بِشَرِّها / وَإِنّي لَأَرجو الأَمنَ بَعدَ وَفاتي
أَلَم تَرَ أَنّي مُذ ثَلاثونَ حِجَّةً / أَروحُ وَأَغدو دائِمَ الحَسَراتِ
أَرى فَيئَهُم في غَيرِهِم مُتَقَسَّما / وَأَيديهُم مِن فَيئِهِم صَفِراتِ
فَآلُ رَسولِ اللَهِ نُحفٌ جُسومُهُم / وَآلُ زِيادٍ غُلَّظَ القَصَراتِ
بَناتُ زِيادٍ في القُصورِ مَصونَةٌ / وَآلُ رَسولِ اللَهِ في الفَلَواتِ
إِذا وُتِروا مَدّوا إِلى واتِريهِمُ / أَكُفّاً عَنِ الأَوتارِ مُنقَبِضاتِ
فَلَولا الَّذي أَرجوهُ في اليَومِ أَو غَدٍ / تَقَطَّعَ قَلبي إِثرَهُم حَسَراتِ
خُروجُ إِمامٍ لا مَحالَةَ خارِجٌ / يَقومُ عَلى اِسمِ اللَهِ وَالبَرَكاتِ
يُمَيِّزُ فينا كُلَّ حَقٍّ وَباطِلٍ / وَيُجزي عَلى النَعماءِ وَالنَقَماتِ
سَأَقصُرُ نَفسي جاهِداً عَن جِدالِهِم / كَفاني ما أَلقى مِنَ العَبَراتِ
فَيا نَفسُ طيبي ثُمَّ يا نَفسُ أَبشِري / فَغَيرُ بَعيدٍ كُلُّ ما هُوَ آتِ
وَلا تَجزَعي مِن مُدَّةِ الجَورِ إِنَّني / كَأَنّي بِها قَد آذَنَت بِبَتاتِ
فَإِن قَرَّبَ الرَحمَنُ مِن تِلكَ مُدَّتي / وَأَخَّرَ مِن عُمري لِيَومِ وَفاتي
شَفَيتُ وَلَم أَترُك لِنَفسِيَ غُصَّةً / وَرَوَّيتُ مِنهُم مُنصُلي وَقَناتي
عَسى اللَهُ أَن يَأوي لِذا الخَلقِ إِنَّهُ / إِلى كُلِّ قَومٍ دائِمُ اللَحَظاتِ
أُحاوِلُ نَقلَ الشَمسِ مِن مُستَقَرِّها / وَإِسماعَ أَحجارٍ مِنَ الصَلِداتِ
فَمِن عارِفٍ لَم يَنتَفِع وَمُعانِدٍ / يَميلُ مَعَ الأَهواءِ وَالشَهَواتِ
قُصارايَ مِنهُم أَن أَأوبَ بِغُصَّةٍ / تَرَدَّدُ بَينَ الصَدرِ واللَهواتِ
إِذا قُلتُ عُرفاً أَنكَروهُ بِمُنكَرٍ / وَغَطّوا عَلى التَحقيقِ بِالشُبُهاتِ
كَأَنَّكَ بِالأَضلاعِ قَد ضاقَ رُحبُها / لِما ضُمِّنَت مِن شِدَّةِ الزَفَراتِ
وَنُبِّئتُ كَلباً مِن كِلابٍ يَسُبُّني
وَنُبِّئتُ كَلباً مِن كِلابٍ يَسُبُّني / وَمَرُّ كِلابٍ يَقطَعُ الصَلَواتِ
فَإِن أَنا لَم أُعلَم كِلاباً بِأَنَّها / كِلابٌ وَأَنّي باسِلُ النَقِماتِ
فَكانَ إِذَن مِن قَيسِ عَيلانَ والِدي / وَكانَت إِذَن أُمّي مِنَ الحَبِطاتِ
تَجاوَبنَ بِالإِرنانِ وَالزَفَراتِ
تَجاوَبنَ بِالإِرنانِ وَالزَفَراتِ / نَوائِحُ عُجمُ اللَفظِ وَالنَطِقاتِ
يُخَبِّرنَ بِالأَنفاسِ عَن سِرِّ أَنفُسٍ / أَسارى هَوىً ماضٍ وَآخَرَ آتِ
فَأَسعَدنَ أَو أَسعَفنَ حَتّى تَقَوَّضَت / صُفوفُ الدُجى بِالفَجرِ مُنهَزِماتِ
عَلى العَرَصاتِ الخالِياتِ مِنَ المَها / سَلامُ شَبَحٍ حَسبٍّ عَلى العَرَصاتِ
فَعَهدي بِها خُضرَ المَعاهِدِ مَألَفاً / مِنَ العَطِراتِ البيضِ وَالخَفِراتِ
لَيالِيَ يُعدينَ الوِصالَ عَلى القِلى / وَيُعدي تَدانينا عَلى الغَرَباتِ
وَإِذ هُنَّ يَلحَظنَ العُيونَ سَوافِراً / وَيَستُرنَ بِالأَيدي عَلى الوَجَناتِ
وَإِذ كُلَّ يَومٍ لي بِلَحظِيَ نَشوَةٌ / يَبيتُ لَها قَلبي عَلى نَشَواتي
فَكَم حَسَراتٍ هاجَها بِمُحَسِّرٍ / وَقوفِيَ يَومَ الجَمعِ مِن عَرَفاتِ
أَلَم تَرَ لِلأَيّامِ ماجَرَّ جَورُها / عَلى الناسِ مِن نَقصٍ وَطولِ شَتاتِ
وَمِن دُوَلِ المُستَهتِرينَ وَمَن غَدا / بِهِم طالِباً لِلنورِ في الظُلُماتِ
فَكَيفَ وَمِن أَنّى يُطالِبُ زُلفَةً / إِلى اللَهِ بَعدَ الصَومِ وَالصَلَواتِ
سِوى حُبِّ أَبناءِ النَبِيِّ وَرَهطِهِ / وَبُغضِ بَني الزَرقاءِ وَالعَبَلاتِ
وَهِندٍ وَما أَدَّت سُمَيَّةُ وَاِبنُها / أولو الكُفرِ في الإِسلامِ وَالفَجَراتِ
هُمُ نَقَضوا عَهدَ الكِتابِ وَفَرضَهُ / وَمُحكَمَهُ بِالزورِ وَالشُبُهاتِ
وَلَم تَكُ إِلّا مِحنَةٌ كَشَفَتهُمُ / بِدَعوى ضَلالٍ مِن هَنٍ وَهَناتِ
تُراثٌ بِلا قُربى وَمِلكٌ بِلا هُدىً / وَحُكمٌ بِلا شورى بِغَيرِ هُداةِ
رَزايا أَرَتنا خُضرَةَ الأُفقِ حُمرَةً / وَرَدَّت أُجاجاً طَعمَ كُلِّ فُراتِ
وَما سَهَّلَت تِلكَ المَذاهِبَ فيهِمُ / عَلى الناسِ إِلّا بَيعَةُ الفَلَتاتِ
وَما نالَ أَصحابُ السَقيفَةِ إِمرَةً / بِدَعوى تُراثٍ بَل بِأَمرِ تِراتِ
وَلَو قَلَّدوا الموصى إِلَيهِ زِمامَها / لَزُمَّت بِمَأمونٍ مِنَ العَثَراتِ
أَخا خاتِمَ الرُسلِ المُصَفّى مِنَ القَذى / وَمُفتَرِسَ الأَبطالِ في الغَمَراتِ
فَإِن جَحَدوا كانَ الغَديرُ شَهيدَهُ / وَبَدرٌ وَأُحدٌ شامِخَ الهَضَباتِ
وَأَيٌّ مِن القُرآنِ تُتلى بِفَضلِهِ / وَإيثارُهُ بِالقوتِ في اللَزباتِ
وَغُرُّ خِلالٍ أَدرَكَتهُ بِسَبقِها / مَناقِبُ كانَت فيهِ مُؤتَنِفاتِ
مَناقِبُ لَم تُدرَك بِكَيدٍ وَلَم تُنَل / بِشَيءٍ سِوى حَدِّ القَنا الذَرباتِ
نَجِيٌّ لِجِبريلَ الأَمينِ وَأَنتُمُ / عُكوفٌ عَلى العُزّي مَعاً وَمَناةِ
بَكَيتُ لِرَسمِ الدارِ مِن عَرَفاتِ / وَأَذرَيتُ دَمَعَ العَينِ في الوَجَناتِ
وَفَكَّ عُرى صَبري وَهاجَت صَبابَتي / رُسومُ دِيارٍ قَد عَفَت وَعِراتِ
مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ / وَمَنزِلُ وَحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ
لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ مِن مِنىً / وَبِالرُكنِ وَالتَعريفِ وَالجَمَراتِ
دِيارُ عَلِيٍّ وَالحُسَينِ وَجَعفَرٍ / وَحَمزَةَ وَالسُجّادِ ذي الثَفِناتِ
دِيارٌ لِعَبدِ اللَهِ وَالفَضلِ صِنوِهِ / نَجِيِّ رَسولِ اللَهِ في الخَلَواتِ
وَسِبطَي رَسولِ اللَهِ وَاِبَني وَصِيَّهِ / وَوارِثِ عِلمِ اللَهِ وَالحَسَناتِ
مَنازِلُ وَحيُ اللَهِ يَنزِلُ بَينَها / عَلى أَحمَدَ المَذكورِ في السوراتِ
مَنازِلُ قَومٍ يُهتَدى بِهُداهُمُ / فَتُؤمَنُ مِنهُم زَلَّةُ العَثَراتِ
مَنازِلُ كانَت لِلصَلاةِ وَلِلتُقى / وَلِلصَومِ وَالتَطهيرِ وَالحَسَناتِ
مَنازِلُ لا تَيمٌ يَحُلُّ بِرَبعِها / وَلا اِبنُ صُهاكٍ هاتِكُ الحُرُماتِ
دِيارٌ عَفاها جَورُ كُلِّ مُنابِذٍ / وَلَم تَعفُ لِلأَيّامِ وَالسَنَواتِ
فَيا وارِثي عِلمِ النَبِيِّ وَآلِهِ / عَلَيكُم سَلامٌ دائِمُ النَفَحاتِ
قِفا نَسأَلِ الدارَ الَّتي خَفَّ أَهلُها / مَتى عَهدُها بِالصَومِ وَالصَلَواتِ
وَأَينَ الأُلى شَطَّت بِهِم غَربَةُ النَوى / أَفانينَ في الآفاقِ مُفتَرِقاتِ
هُمُ أَهلُ ميراثِ النَبِيِّ إِذا اِعتَزَوا / وَهُم خَيرُ قاداتٍ وَخَيرُ حُماةِ
إِذا لَم نُناجِ اللَهَ في صَلَواتِنا / بِأَسمائِهِم لَم يَقبَل الصَلَواتِ
مَطاعيمُ في الاِقتارِ في كُلِّ مَشهَدِ / لَقَد شُرِّفوا بِالفَضلِ وَالبَرَكاتِ
وَما الناسُ إِلّا حاسِدٌ وَمُكَذِّبٌ / وَمُضطَغِنٌ ذو إِحنَةٍ وَتِراتِ
إِذا ذَكَروا قَتلى بِبَدرٍ وَخَيبَرٍ / وَيَومَ حُنَينٍ أَسبَلوا العَبَراتِ
وَكَيفَ يُحِبّونَ النَبِيَّ وَرَهطَهُ / وَهُم تَرَكوا أَحشائَهُم وَغِراتِ
لَقَد لا يَنوهُ في المَقالِ وَأَضمَروا / قُلوباً عَلى الأَحقادِ مُنطَوِياتِ
فَإِن لَم تَكُن إِلّا بِقُربى مُحَمَّدٍ / فَهاشِمُ أَولى مِن هَنٍ وَهَناتِ
سَقى اللَهُ قَبراً بِالمَدينَةِ غَيثَهَ / فَقَد حَلَّ فيهِ الأَمنُ بِالبَرَكاتِ
نَبِيُّ الهُدى صَلّى عَلَيهِ مَليكُهُ / وَبَلَّغَ عَنّا روحَهُ التُحَفاتِ
وَصَلّى عَلَيهِ اللَهُ ماذَرَّ شارِقٌ / وَلاحَت نُجومُ اللَيلِ مُبتَدِراتِ
أَفاطِمُ لَو خِلتِ الحُسَينَ مَجَدَّلاً / وَقَد ماتَ عَطشاناً بِشَطِّ فُراتِ
إِذَن لَلَطَمتِ الخَدَّ فاطِمُ عِندَهُ / وَأَجرَيتِ دَمعَ العَينِ في الوَجَناتِ
أَفاطِمُ قومي يا اِبنَةَ الخَيرِ وَاِندُبي / نُجومَ سَمَواتٍ بِأَرضِ فَلاةِ
قُبورٌ بِكوفانٍ وَأُخرى بِطيبَةٍ / وَأُخرى بِفَخٍّ نالَها صَلَواتي
وَأُخرى بِأَرضِ الجوزَجانِ مَحَلُّها / وَقَبرٌ بِباخَمرا لَدى القُرُباتِ
وَقَبرٌ بِبَغدادٍ لِنَفسٍ زَكِيَّةٍ / تَضَمَّنَها الرَحمَنُ في الغُرُفاتِ
فَأَمّا المُمِضّاتُ الَّتي لَستُ بالِغاً / مَبالِغَها مِنّي بِكُنهِ صِفاتِ
قُبورٌ بِجَنبِ النَهرِ مِن أَرضِ كَربَلا / مُعَرَّسُهُم مِنها بِشَطِّ فُراتِ
تُوُفّوا عِطاشاً بِالعَراءِ فَلَيتَني / تُوُفّيتُ فيهِم قَبلَ حينِ وَفاتي
إِلى اللَهِ أَشكو لَوعَةً عِندَ ذِكرِهِم / سَقَتني بِكَأسِ الثُكلِ وَالفَظَعاتِ
أَخافُ بِأَن أَزدارَهُم فَتَشوقَني / مَصارِعُهُم بِالجَزعِ فَالنَخَلاتِ
تَقَسَّمَهُم رَيبُ الزَمانِ فَما تَرى / لَهُم عَقوَةً مَغشِيَّةَ الحُجُراتِ
خَلا أَنَّ مِنهُم بِالمَدينَةِ عُصبَةً / مَدى الدَهرِ أَنضاءً مِنَ الأَزَماتِ
قَليلَةَ زُوّارٍ سِوى بَعضِ زُوَّرٍ / مِنَ الضَبعِ وَالعِقبانِ وَالرَخَماتِ
لَهُم كُلَّ يَومٍ نَومَةٌ بِمَضاجِعٍ / لَهُم في نَواحي الأَرضِ مُختَلِفاتِ
تَنكَبُّ لِأَواءُ السِنينَ جِوارَهُم / فَلا تَصطَليهِم جَمرَةُ الجَمَراتِ
وَقَد كانَ مِنهُم بِالحِجازِ وَأَهلِها / مَغاويرُ نَحّارونَ في السَنَواتِ
حِمَىً لَم تَزُرهُ المُذنِباتُ وَأَوجُهٌ / تُضيءُ لَدى الأَستارِ في الظُلُماتِ
إِذا وَرَدوا خَيلاً تَسَعَّرُ بِالقَنا / مَساعِرُ جَمرِ المَوتِ وَالغَمَراتِ
وَإِن فَخَروا يَوماً أَتَوا بِمُحَمَّدٍ / وَجِبريلَ وَالفُرقانِ ذي السُوَراتِ
وَعَدّوا عَلِيّاً ذا المَناقِبِ وَالعُلا / وَفاطِمَةَ الزَهراءِ خَيرَ بَناتِ
وَحَمزَةَ وَالعَبّاسَ ذا الهَديِ وَالتُقى / وَجَعفَراً الطَيّارَ في الحَجَباتِ
أولَئِكَ لا أَبناءُ هِندٍ وَتِربِها / سُمَيَّةَ مِن نَوكى وَمِن قَذِراتِ
سَتُسأَلُ تَيمٌ عَنهُمُ وَعَدِيُّها / وَبَيعَتُهُم مِن أَفجَرِ الفَجَراتِ
هُمُ مَنَعوا الآباءَ عَن أَخذِ حَقِّهِم / وَهُم تَرَكوا الأَبناءَ رَهنَ شَتاتِ
وَهُم عَدَلوها عَن وَصِيِّ مُحَمَّدٍ / فَبَيعَتُهُم جاءَت عَلى الغَدَراتِ
وَلِيُّهُمُ صِنوُ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / أَبو الحَسَنِ الفُراجُ لِلغَمَراتِ
مَلامَكَ في آلِ النَبِيِّ فَإِنَّهُم / أَحِبّايَ ما عاشوا وَأَهلُ ثِقاتي
تَخَيَّرتُهُم رُشداً لِأَمري فَإِنَّهُم / عَلى كُلِّ حالٍ خيرَةُ الخيراتِ
نَبَذتُ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ جاهِداً / وَسَلَّمتُ نَفسي طائِعاً لِوُلاتي
فَيا رَبِّ زِدني مِن يَقيني بَصيرَةً / وَزِد حُبَّهُم يا رَبِّ في حَسَناتي
سَأَبكيهِم ما حَجَّ لِلَّهِ راكِبٌ / وَما ناحَ قُمرِيٌّ عَلى الشَجَراتِ
وَإِنّي لَمَولاهُم وَقالٍ عَدُوَّهُم / وَإِنّي لَمَحزونٌ طَوالَ حَياتي
بِنَفسِيَ أَنتُم مِن كُهولٍ وَفِتيَةٍ / لِفَكِّ عُناةٍ أَو لِحَملِ دِياتِ
وَلِلخَيلِ لَما قَيَّدَ المَوتُ خَطوَها / فَأَطلَقتُمُ مِنهُنَّ بِالذَرِباتِ
أُحِبُّ قَصِيَّ الرِحمِ مِن أَجلِ حُبِّكُمُ / وَأَهجُرُ فيكُم أُسرَتي وَبَناتي
وَأَكتُمُ حُبّيكُم مَخافَةَ كاشِحٍ / عَنيدٍ لِأَهلِ الحَقِّ غَيرِ مُواتِ
فَيا عَينُ بَكّيهِم وَجودي بِعَبرَةٍ / فَقَد آنَ لِلتَسكابِ وَالهَمَلاتِ
لَقَد خِفتُ في الدُنيا وَأَيّامِ سَعيِها / وَإِنّي لَأَرجو الأَمنَ بَعدَ وَفاتي
أَلَم تَرَ أَنّي مِن ثَلاثينَ حِجَّةً / أَروحُ وَأَغدو دائِمَ الحَسَراتِ
أَرى فَيئَهُم في غَيرِهِم مُتَقَسَّماً / وَأَيدِيَهُم مِن فَيإِهِم صَفِراتِ
فَكَيفَ أُداوى مِن جَوىً لِيَ وَالجَوى / أُمَيَّةُ أَهلُ الفِسقِ وَالتَبِعاتِ
بَناتُ زِيادٍ في القُصورِ مَصونَةٌ / وَآلُ رَسولِ اللَهِ في الفَلَواتِ
سَأَبكيهِمُ ما ذَرَّ الأُفقِ شارِقٌ / وَنادي مُنادي الخَيرِ بِالصَلَواتِ
وَما طَلَعَت شَمسٌ وَحانَ غُروبُها / وَبِاللَيلِ أَبكيهِم وَبِالغَدَواتِ
دِيارُ رَسولِ اللَهِ أَصبَحنَ بَلقَعاً / وَآلُ زِيادٍ تَسكُنُ الحُجُراتِ
وَآلُ رَسولِ اللَهِ تَدمى نُحورُهُم / وَآلُ زِيادٍ رَبَّةُ الحَجَلاتِ
وَآلُ رَسولِ اللَهِ تُسبى حَريمُهُم / وَآلُ زِيادٍ آمِنوا السَرَباتِ
وَآلُ رَسولِ اللَهِ نُحفٌ جُسومُهُم / وَآلُ زِيادٍ غُلَّظُ القَصَراتِ
إِذا وُتِروا مَدّوا إِلى واتِريهِم / أَكُفاً عَنِ الأَوتارِ مُنقَبِضاتِ
فَلَولا اللَذو أَرجوهُ في اليَومِ أَو غَدٍ / تَقَطَّعَ قَلبي إِثرَهُم حَسَراتِ
خُروجُ إِمامٍ لا مَحالَةَ خارِجٌ / يَقومُ عَلى اِسمِ اللَهِ وَالبَرَكاتِ
يُمَيِّزُ فينا كُلَّ حَقٍّ وَباطِلٍ / وَيَجزي عَلى النَعماءِ وَالنَقَماتِ
فَيا نَفسُ طيبي ثُمَّ يا نَفسُ أَبشِري / فَغَيرُ بَعيدٍ كُلُّ ما هُوَ آتِ
وَلا تَجزَعي مِن مُدَّةِ الجَورِ إِنَّني / كَأَنّي بِها قَد آذَنَت بِشَتاتِ
فَإِن قَرَّبَ الرَحمَنُ مِن تِلكَ مُدَّتي / وَأَخَّرَ مِن عُمري لِيَومِ وَفاتي
شَفَيتُ وَلَم أَترُك لِنَفسي غُصَّةً / وَرَوَّيتُ مِنهُم مُنصُلي وَقَناتي
فَإِنّي مِنَ الرَحمَنِ أَرجو بِحُبِّهِم / حَياةً لَدى الفِردَوسِ غَيرَ بَتاتِ
عَسى اللَهُ أَن يَرتاحَ لِلخَلقِ إِنَّهُ / إِلى كُلِّ قَومٍ دائِمُ اللَحَظاتِ
فَإِن قُلتُ عُرفاً أَنكَروهُ بِمُنكَرٍ / وَغَطَّوا عَلى التَحقيقِ بِالشُبُهاتِ
تَقاصَرُ نَفسي دائِماً عَن جِدالِهِم / كَفاني ما أَلقي مِنَ العَبَراتِ
أُحاوِلُ نَقلَ الشُمِّ مِن مُستَقَرِّها / وَإِسماعَ أَحجارٍ مِنَ الصَلَداتِ
فَحَسبِيَ مِنهُم أَن أَموتَ بِغُصَّةٍ / تَرَدَّدُ بَينَ الصَدرِ وَاللَهَواتِ
فَمِن عارِفٍ لَم يَنتَفِع وَمُعانِدٍ / يَميلُ مَعَ الأَهواءِ وَالشَهَواتِ
كَأَنَّكَ بِالأَضلاعِ قَد ضاقَ رُحبُها / لِما ضُمِّنَت مِن شِدَّةِ الزَفَراتِ
أَأَسبَلتَ دَمعَ العَينِ بِالعَبَراتِ
أَأَسبَلتَ دَمعَ العَينِ بِالعَبَراتِ / وَبِتَّ تُقاسي شِدَّةَ الزَفَراتِ
وَتَبكي لِآثارٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ / فَقَد ضاقَ مِنكَ الصَدرُ بِالحَسَراتِ
أَلا فَاِبكِهِم حَقّاً وَأَجرِ عَلَيهِمُ / عُيوناً لِرَيبِ الدَهرِ مُنسَكِباتِ
وَلا تَنسَ في يَومِ الطُفوفِ مُصابَهُم / وَداهِيَةً مِن أَعظَمِ النَكَباتِ
سَقى اللَهُ أَجداثاً عَلى أَرضِ كَربَلا / مَرابِعَ أَمطارٍ مِنَ المُزُناتِ
وَصَلّي عَلى روحِ الحُسَينِ وَجِسمِهِ / طَريحاً لَدى النَهرَينِ بِالفَلَواتِ
قَتيلاً بِلا جُرمٍ يُنادي لِنُصرَهٍ / فَريداً وَحيداً أَينَ أَينَ حُماتي
أَأَنسى وَهَذا النَهرُ يَطفَحُ ظامِئاً / قَتيلاً وَمَظلوماً بِغَيرِ تِراتِ
وَقَد رَفَعوا رَأسَ الحُسَينِ عَلى القَنا / وَساقوا نِساهُ حُسَّراً وَلِهاتِ
فَقُل لِاِبنِ سَعدٍ عَذَّبَ اللَهُ روحَهُ / سَتَلقى عَذابَ النارِ وَاللَعَناتِ
سَأَقنُتُ طولَ الدَهرِ ما هَبَّتِ الصِبا / وَأَقنُتُ بِالآصالِ وَالغُدُواتِ
عَلى مَعشَرٍ ضَلّوا جَميعاً عَنِ الهُدى / وَأَلقَوا رَسولَ اللَهِ في الكَرَباتِ
أَلا ما لِعَيني بِالدُموعِ اِستَهَلَّتِ
أَلا ما لِعَيني بِالدُموعِ اِستَهَلَّتِ / وَلَو نَفِدَت ماءُ الشُؤونِ لَقَلَّتِ
عَلى مَن بَكَتهُ الأَرضُ وَاِستَرجَعَت لَهُ / رُؤوسُ الجِبالِ الشامِخاتِ وَذَلَّتِ
وَقَد أَعوَلَت تَبكي السَماءُ لِفَقدِهِ / وَأَنجُمُها لاحَت عَلَيهِ وَكَلَّتِ
فَنَحنُ عَلَيهِ اليَومَ أَجدَرُ بِالبُكا / لِمَرزِأَةٍ عَزَّت لَدَينا وَجَلَّتِ
رُزينا رَضِيَّ اللَهِ سِبطَ نَبِيِّنا / فَأَخلَفَتِ الدُنيا لَهُ وَتَوَلَّتِ
وَما خَيرُ دُنيا بَعدَ آلِ مُحَمَّدٍ / أَلا لا نُباليها إِذا ما اِضمَحَلَّتِ
تَجَلَّت مُصيباتُ الزَمانِ وَلا أَرى / مُصيبَتَنا بِالمُصطَفَينَ تَجَلَّتِ