المجموع : 5
سأبكي على ابني مدتي وحياتي
سأبكي على ابني مدتي وحياتي / ويبكيه عني الشعر بعد مماتي
وأقطع أيامي عليه بلوعة / تعبر عن مكنونها عبراتي
وكل أسى دون الذي يستحقه / وليس وفاء العهد غير وفاتي
وربتما لم أبط عنه فإنني / رأيت قريباً كل ما هو آت
أتبلي المنايا مهجة ابن ذخرته / لدهري ويبلوني بخمس بنات
وكنت أرجي أن يكون محمداً / ذخيرة آمالي وكنز حياتي
فافقرني صرف الردى بذخيرتي / وبت رجائي واستباح نباتي
رحلت أبا الأضياف عني بأنسهم / فأقوت لأنسي منهم عرصاتي
فهل علمت عادات جودك أنني / عفت جنباتي من نزول عفاتي
وما عشت إلا ست عشرة حجة / سقى عهدهن الله من سنوات
وقد كنت تغري الناس بالبر والتقى / كريم الصبا ناء عن الصبوات
محمد لا تبعد فإن حشاشتي / تكدر صافيها بقرع صفاتي
ترحلت عن صدري وحجري إلى البلى / فعرس ركب الهم في حجراتي
غدت لك أعواد المناياي مطية / وليس لها حاد سوى زفراتي
أعندك أن النوم نافراً أعيناً / لها سنة لم تكتحل بسنات
وأنك لم توحش سواي من الورى / ولا وسمت بالثكل غير سماتي
وأن سرور النفس جانب جانبي / وأقسم لا يبدو على قسماتي
وأن محلاً بنت عنه تفرقت / جماعة عواد له وأساة
لقيت الردى مستبشراً غير أنه / لقاء رمى شملي بسهم شتات
رزقت ثبات الجأش لطفاً ورحمة / وطشت فلم أملك عليك ثباتي
وخاطبتني والنفس في سكراتها / خطاب امرء صاح من السكرات
بنفسي ثاو في القرافة سار عن / محل عفاة نحو دار رفات
فقير إلى الرحمن دون عبادة / غني عن الإحسان والحسنات
هجرت جميل الصبر فيه لأنني / وجدت جميل الصبر غير موات
وكنت به دون البرية واثقاً / إذا خان إخواني وقل ثقاتي
وبيتني فيه الحمام ولم أكن / على حذر من طارقات بياتي
وعهدي به يرنو إلي وطرفه / حسير وقلبي دائم الحسرات
ووا رحمتا بل حسرتا لنواظر / سرت بيننا مخذولة النظرات
ومازلت أرجوه إلى أن رأيته / على الرغم مني ساكن الحركات
فقبلت وجهاً كان لي منه قبلة / أصلي إليها من جميع جهاتي
وآليت لا أسلوه حتى أزوره / وإن قريباً كل ما هو آت
أرى ابنيْ عليٍّ ركب الله فيهما
أرى ابنيْ عليٍّ ركب الله فيهما / سجايا نفوس بينهن شتات
فهذا له في المكرمات تسرع / وهذا له في النائبات ثبات
وأحمد ينبوع المحامد والندى / إذا نضب الإحسان والحسنات
وللحسن الفضل الذي هو كاسمه / وما كل أسماء الرجال سمات
قفا فلعل الفيض من عبراته
قفا فلعل الفيض من عبراته / يبرد حر الوجد من زفراته
وميلا إلى سفح المقطم واربعا / على روضة في السفح من هضباته
ففي الروضة البيضاء قبر بربوة / يلوح سمو القدر فوق سماته
وإن أنتما لم تعرفاه فإنه / يفوح نسيم المسك من جنباته
وقولا له يا قبر بلغ سلامنا / سلمت إلى سر الندى وسراته
وقولا له يا قبر بلغ دعاءنا / إلى سمع مسرور بصوت دعاته
وأعلمه أنا كل يوم نزوره / على سابقات هن بعض هباته
وأن مواطي خلينا حول قبره / تكاد تعفيها دموع عفاته
وأن الأسى لو لم يكن في قلوبنا / عرفنا الأسى من صاهلات كماته
ألم ترها تصغي إلينا إذا جرى / حديث قراه أو حديث قراته
مؤدبة الأعطاف من طول ما رأت / وما سمعت من حلمه وأناته
تباركت مفقوداً مضى لسبيله / ونحن مدى الأيام في بركاته
نزاعي به قوماً ونرعى لأجله / فوجد رعاياه كوجد رعاته
سيبكيك عصر كنت خير ثقاته / وأيام ملك كنت أكفي كفايته
وثغر إذا أعيا على الملك سده / شددت عراه من جميع جهاته
وتبكيك بالدمع الشتيت مواطن / ضمنت بها للملك جميع شتاته
وذو لجب لما سريت تقوده / هفت عذبات النصر في عذباته
ومستوضح نهج الصبوات كفيته / برائك غربي سيفه وقناته
ومعتقد فيك الحفاظ حفظته / من الموت لما جف ريق لهاثه
ومعترك في المشتركين شهدته / فكنت برغم الشرك حامي حماته
وآخر في الإسلام فزت بحمده / وأحرزت أجري صبره وثباته
تلفت في ضيق المجال فلم يجد / سواك وفي العهد عند التفاته
وذي عثرة لو لم تقلها ولم تقل / لعاً لم يقله الدهر من عثراته
هجرت إلى حاجاته سنة الكرى / وقد خاط جفنيه بسناته
وهل يعدم التأييد فكر وخاطر / يبيت وخوف لله في خطواته
فتى كان لا يرضى بفضل صلاته / إذا لم يشيعها بفضل صلاته
تبيت الخطايا وهي عنه بحجرة / ويتلى كتاب الله في حجراته
أبا حسن يهنيك أنك لم تمت / وصدرك مطوي على حسراته
ولكن بلغت المنتهى مترقياً / ذرى شرف أعليت من شرفاته
وحلقت في جو من المجد والعلى / أسفت بغاث الطير دون بزاته
واطلعت من آفاق مجدك كوكباً / فأشرق نور منك في قسماته
أضاءت وجوه المكرمات بيوسف / وضاعت مساوي الدهر في حسناته
ولو لم تكن شمساً كنعتك لم تغب / وخلفك بدر كامل في صفاته
ولو لم تجد يا شمس بالبدر لم نقم / بما فيك من وصف الكمال وذاته
وما أنت إلا دوحة طاب غصنها / فأطلع طيب الذكر من ثمراته
وغيث ملث فارق الأرض بعدما / حلى عاطلاً من جيدها بنباته
فدى لأبي الحجاج أفراس حلبة / عواطل من أوضاحه وشياته
هو الجذع المربي على كل قارح / سبوح وما يرضي بسبق لداته
وقور فما تنزو بوادر طيشه / عليك إذا ما خفت من نزواته
أخو صلة يوم الكريهة والندى / مواقعها في ماله وعداته
جزيت علياً عن جميل وداده / ومثلي وفى للخل بعد وفاته
وخلدت فيه ما يدوم وإن أمت / فإن لسان الدهر بعض رواته
ويا أسفي أني وقفت مرثياً / لمن صانني عن مدحه في حياته
أبا حسن فات الذي كان بيننا / فمن لي يرد الأمر بعد فواته
كأني حوت الماء نش غديره / فهل شربة من ملحه أو فراته
ولاشك إلا أن همة يوسف / ستنجز ما قد كان لي من عداته
كريم المحيا لا يزال ابتسامه / يخبر بالإكرام عن مكرماته
مهيب كأن النار من لفحاته / وهوب كأن الغيث من نفحاته
أأرجو بقاء أم صفاء حياة
أأرجو بقاء أم صفاء حياة / وقد بددت شملي النوى بشتات
وقد صدعت بالبين قلبي وأضرمت / لهيباً تقويها به زفراتي
أأسلو عن ابن عزتي بتغربي / سأبكي عليه مدتي وحياتي
وأذري دماً من مقلتي بعد أدمع / تضرجه في وجنتي عبراتي
وأقطع أيامي بهم وترحة / وأبقى حزيناًَ بعده لمماتي
أتبلى الليالي خير نجل ذخرته / وتبقي لي الأيام شر بناتي
رجوت بإسماعيل ذخراً لشدتي / وعوناً على دهري لما هو آت
فخيب ظني باغتصاب ذخيرتي / زماني وأرداني بسهم شتات
طفيل عظيم النفس يصبو إلى التقى / ولم يصب للأهواء والصبوات
ترحلت إسماعيل عنا فأوحشت / منازلنا مأهولة العرصات
لئن غبت عن عيني فإنك حاضر / بقلبي كنقش في أصم صفاة
وما عشت إلا سبعة من سني الورى / سقى عهدهن الله من سنوات
وعاجلني فيك الحمام فخطمت / صروف الليالي صعدتي وقناتي
خيالك في عيني كأنك لم تزل / تطوف وتسعى في ذرى حجراتي
جعلتك في قبر وقد كنت في الحشا / مقيماً فلم أملك عليك ثباتي
لئن كنت طفلاً إن حزنك خطبه / كبير شديد معظم الخطرات
وعهدي به لما دهاه حمامه / يجاهد كرباً وهو في غمرات
ومازال يرجو نفسه ويقول لي / أيا أبتي ادن لي وآت
فأدنو إليه وهو يرنو بطرفه / يخاطبني والنفس في سكرات
إلى أن رأيت الحال أفضى إلى الفنا / وأن بني ساكن الحركات
فقبلت عينيه وقبلت وجهه / وودعته توديع بتل بتات
فوا رحمتا بل حسرتا لفراقه / ويا أسفي لو أشتفي بأساة
ويأمرني بالصبر كل مغفل / ولم يدر أن الصبر غير موات
ولا صبر لي إلا التحرق والبكا / وتصعيد أنفاس من الزفرات
وأبكي لثاو بالقرافة مودع / بدار قرار في جوار حفاة
سأبكي عليه ما ترنم طائر / وما غرد القمري على شجرات
وآليت لا أسلوه حتى يضمني / وإياه لحد في محل رفات
سلام عليه كلما هبت الصبا / وأهدي إليه أفضل الصلوات
ونهج سعت فيه إليك طرائف
ونهج سعت فيه إليك طرائف / فبرزت إذ خافت وخابت سعاته
بذلت به الدر المصون لأروع / تصدق دعوى المادحين هباته
تجنبت مطروق الكلام وهذه / سلافة ما أنشأته وابتداته
ولم أر مثل الشعر يرجو بغاثه / مطاراً بجو قد حمته بزاته
توهم قوم أنه الوزن وحده / وقد غاب عنهم سره وسراته
فذلك لون الماء في العين واحد / وما يتساوى ملحه وفراته
متى رمت منه رقة وجزالة / فإن كلامي ماؤه وصفاته
وغير بهيم الخط شعر أقوله / وأوصافكم أوضاحه وشياته