إذَن غبتَ عني عامداً دون عودةِ
إذَن غبتَ عني عامداً دون عودةِ / كأَنَّكَ قد أحببتَ تخفيفَ لوعتي
تركُتكَ في الشمس الحنون مُدفَّأً / برحمتها في رقدةٍ أي رقدة
وكلمتني لما تركتك آسفاً / إلى عملي في لهجة مُستحيةِ
بها من غناءِ الأمسِ ترخيمُ عاشقٍ / ومن ضَعفكَ البادي تراجيعُ حسرتي
فياليتني آثرتُ قربك يومها / فيا طالما آثرتَ قربى وصحبتي
ويا ليتني لم أخدع النفس واهماً / شفاءَ دوائي أو نجاحي بحيلتي
وساءلتُ عنكَ الأهلَ والجيرةَ التي / رأتنا أليفي نَشوةٍ ومحبةِ
فنادوا وراحوا يبحثون كأنهَّم / على مَهمهِ قد ضُلِّلوا أيَّ ضَلَّة
وعادوا إلى ياسي بيأسٍ مضاعَفٍ / وعادُوا الى وَجديِ بوجدٍ وحيرة
لكم مرّةٍ غنيتَ بالشكرِ والرِضىَ / وكم مرةٍ قَبلَّت عيني ووجنتي
ويا طالما راقبتَ عَودِي كأنَّنا / عشيقانِ لم يستمرئا أيَّ فرقُة
فؤادُكَ لم أعرفه إلا ملاحماً / وَفَنَّاً لسمعي ليلةً بعد ليلةِ
فمن بدَّل الصوَّت الجميلَ وَمن ترَى / أَجازَ لصفوي أن يسيلِ بعبرتي
هو الدهرُ من قد بَعثرَ الخلقَ مثلما / تُبعثرُ ماءَ البحرِ ضرباتُ صخرةِ
فقدُتكَ يا خلي الحبيبَ وهكذا / سأفقدُ يوماً في المحيطِ كَذَرةِ
لكي وبحسبي أن أناديك مرةً / فتأتي وها قد خبتُ في كلّ دعوة
ولو كنتَ لي طفلاً لما كان مد معي / أُحرَّ ولا ذكراى أدعى لحرقتي
عرُفتكَ في الخمسِ السنين بصحبتي / عفيفاً نزيهاً لم تُلوَّث بريبةِ
ويا ما أقلَّ الناس مثلك في الهدى / ولو أنهَّم كانوا لما اشتقتُ غُربتي
ولو كنتَ منطيقاً لما كنتَ مُفصحاً / بأبلغَ مما قد تركتَ بِمهجتي
حرامٌ سكوتي بعد صمتكَ ميتاً / فمن ذا يُوفِّى الدَّينَ قبلَ منيتي
حرام وقد ألهمتني كلَّ ضَحكةٍ / حُسدتُ عليها مثلَ إلهامِ دمعتي
إذا كان هذا الشعرُ نفسي فإنه / كذلك بعضٌ منك في طيِّ نفحتي
وان لم تُخلِّف للورَى أثراً يُرَى / وان لم تخلف لي عزاءَ وَصيَّةِ
فحسبُ الورىَ ساعاتُ أُنسٍ نظمتها / وحسبُ أليفٍ غاب دمعي ووحدتي