المجموع : 31
وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها
وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها / وَحَسبي بِهِ لَو كانَ يَنظُرُها حَسبي
يُشيرُ عَلى جِسمي بِفُرقَةِ قَلبِهِ / بَقيتَ كَذا هَل كانَ جِسمٌ بِلا قَلبِ
وَإِنّي عَلى الأَيّامِ فيها لَعاتِبٌ / وَحاشا لِذاكَ الوَجهِ مِن أَلَمِ العَتبِ
أَلا دارِسٌ إِلّا لَهُ مِنكَ ساكِبُ
أَلا دارِسٌ إِلّا لَهُ مِنكَ ساكِبُ / وَلا مانِعٌ إِلّا لَهُ مِنكَ طالِبُ
فَيا قَلبُ ما يَفنى عَلى ذاكَ مَطلَبٌ / وَيا عَينُ ما تَبقى عَلى ذا السَحائِبُ
وَلي فِكرَةٌ تَحتَ الدُجى في مُلِمَّةٍ / دَجَت فَتَوارَت في دُجاها الكَواكِبُ
وَإِنَّ جَناياتِ العِدا لَكَبيرَةٌ / وَأَكبَرُها ما قَد جَناهُ الحَبائِبُ
فَيا ساكِنَ القَلبِ الَّذي هُوَ طائِرٌ / وَيا حاضِرَ القَلبِ الَّذي هُوَ غائِبُ
تُكاثِرُني مَهما حَضَرتَ وَإِن تَغِب / عَلى مَقصِدي مِنكَ النَوى وَالنَوائِبُ
لِمَن فيكَ للُوّامِ لِلناسِ كُلِّهِم / لِأَعدايَ لِلواشينَ مِنهُم أُراقِبُ
وَكَم حاجِبٍ قَد خافَ عَيناً فَلَم يُشِر
وَكَم حاجِبٍ قَد خافَ عَيناً فَلَم يُشِر / وَعَينٍ عَلَيها دونَ عَبدِكَ حاجِبُ
أَضمَّكَ لَمّا بانَ غِربانُ بَينِهِ / فَتِلكَ النَواعي لِلفَسادِ النَواعِبُ
وَقَد ضامَني لا ضَمَّني فَسَأَلتُهُ / مَتى أَتَأَمَّلْ مِن مَسيرِكَ آيِبُ
وَإِنّي لِلأَخلاقِ مِنهُ لِشاكِرٌ / وَإِنّي عَلى الأَيّامِ مِنهُ لَعاتِبُ
لِكُلِّ حَبيبٍ يا حَبيبُ رَقيبُ
لِكُلِّ حَبيبٍ يا حَبيبُ رَقيبُ / وَمِن كُلِّ جِسمٍ لِلسَقامِ نَصيبُ
وَإِنّيَ في أَهلي وَداري لِما أَرى / عَلَيكَ مِنَ السُقمِ الغَريبِ غَريبُ
وَما كانَ يَدري ما الرَقيبُ فَذا الضَنى / رَقيبٌ عَلَيهِ وَالشِفاءُ حَبيبُ
وَإِن جَمُدَت فيهِ العُيونُ فَرُبَّما / تُلِحُّ عَلَيهِ في البُكاءِ قُلوبُ
فَلا اِنفَضَّ إِلّا بَعدَ برئِكَ عائِدٌ / وَلا غابَ إِلّا إِذ تَصِحُّ طَبيبُ
وَأَيُّ زَمانٍ لا يُسَبِّبُ طيبَهُ / يَلَذُّ عَلى إِنعامِهِ وَيَطيبُ
وَما عُدتُهُ بَل عُدتُ سُقمي بِقُربِهِ / وَمِمّا بِهِ ما لي عَلَيهِ رَقيبُ
أَغيبُ بِرَغمي ثُمَّ أُحضرُ عِندَهُ / فَأنظُرُ آثارَ الضَنى فَأَغيبُ
مُحِبُّكَ مَجنِيٌّ عَلَيهِ بِحُبِّهِ
مُحِبُّكَ مَجنِيٌّ عَلَيهِ بِحُبِّهِ / وَلَو ماتَ حُبّاً فيكَ ما كَرِهَ الحُبّا
عَلَيهِ مِنَ الواشينَ فيكَ نَواظِرٌ / تُحَدِّقُ حَتّى تَخلَعَ الجَفنَ وَالهُدبا
وَماذا عَلَيهِم أَن يَعودَ مَريضَهُ / وَهَل هُوَ إِلّا الجِسمُ عادَ بِهِ القَلبا
وَرِجلُ الفَتى في السَعى تَتبَعُ قَلبَهُ / فَلِم عَظَّمَ الحُسّادُ أَن زُرتُهُ الخَطبا
وَحاشا لِذاكَ الحُسنِ أَن يَلبِسَ الضَنى / وَحاشا لِذاكَ النورِ أَن يَرِدَ الغَربا
أَرى كُلَّ عُضوٍ مِنكَ كَالقَلبِ في غَضىً / وَكَالجَفنِ في إِرسالِهِ لُؤلُؤاً رَطبا
فَلا تَخشَ مِن حُمّى وَلا رُحَضائِها / تُحَبِّبُ إِن زارَت مَضاجِعَهُ غِبّا
ولَو أَنَّني عانَقتُهُ ثُمَّ أَقبَلَت / لَما سَلَكَت سَهلاً إِلَيهِ وَلا صَعبا
وَلَو أَنصَفَت بَدرَ السَماءِ سَماؤُهُ / لَقَد بَعَثَت عُوّادَهُ الأَنجُمَ الشُهبا
وَتَقدِرُ أَلّا يَخرُجَ اللَفظُ مِن فَمي
وَتَقدِرُ أَلّا يَخرُجَ اللَفظُ مِن فَمي / وَتَعجِزُ عَن أَن تُخرِجَ الحُبَّ مِن قَلبي
وَلِم تُنكِرُ الشَكوى وَأَمرُ مَريضها / إِلَيكَ فَلا تَبخَل وَحاشاكَ بِالطِبِّ
جَرى الدَمُ دَمعاً في حُروبِ بَني الهَوى / وَيَكفي الدَمُ الجاري دَليلاً عَلى الحُبِّ
وَقَد أَغرَقَ الدُنيا بَدَمعِ جُفونِهِ
وَقَد أَغرَقَ الدُنيا بَدَمعِ جُفونِهِ / وَلَم يَتَّفِق في ذاكَ أَن يَغرَقَ الحُبُّ
إِذا كانَ رَجعُ القُربِ مِن بَعدِهِ النَوى / فَلا تَلحَني إِن قُلتُ لا يَرجِعُ القُربُ
سَرَت فَكَأَنَّ اللَيلَ قَبَّلَ خَدِّها
سَرَت فَكَأَنَّ اللَيلَ قَبَّلَ خَدِّها / فَأَبقى به قِطعاً وَأَسبَلَ عَقرَبا
فَما اِستَغرَبَت في مَوطِنِ الحُبِّ غُربَتي / فَهَذا الدُجى في صُبحِها قَد تَغَرَّبا
ظَفِرتُ عَلى رُغمِ اللَيالي بِكَوكَبٍ
ظَفِرتُ عَلى رُغمِ اللَيالي بِكَوكَبٍ / يُقِرُّ لَهُ بَدرُ السَما وَالكَواكِبُ
وَوُسِّدَ خَدّي عَقرَباً فَوقَ خَدِّها / بِما بِتُّ دَهراً في فِراشي عَقارِبُ
وَخُضرَتُها قَد جاوَرَت خُضرَةَ اللَمى / وَلِلعَينِ فيها وَالقُلوبِ مَذاهِبُ
وَقَد كانَتِ الدُنيا الَّتي لَم تَكُن بِها / إِذا اِخضَرَّ مِنها جانِبٌ جَفَّ جانِبُ
بَدَت لي بِها دُنيايَ خَضراءَ كُلُّها / فَلا مَنظَرٌ إِلّا وَفيهِ مَآرِبُ
عَلى كُلِّ خَيرٍ مانِعٌ وَبِحُسنِهِ
عَلى كُلِّ خَيرٍ مانِعٌ وَبِحُسنِهِ / يَرِقُّ وَيَجفو رِقبَةً لِلمَراقِبِ
فَيَمنَعُ وَردَ الروضِ شَوكٌ مُلاصِقٌ / وَمِن دونِ رَوضِ الخَدِّ شَوكُ العَقارِبِ
إِذا قُطِّعَت بَعضُ القُلوبِ تَقَطَّعَت
إِذا قُطِّعَت بَعضُ القُلوبِ تَقَطَّعَت / عَلائِقُ سِرِّ الحُبِّ وَاِنفَضَحَ الحُبُّ
وَحَمَّلتُهُ في قَلبِهِ ما تَقَطَّعَت / عَلائِقُهُ عَنهُ وَقَد قُطِّعَ القَلبُ
أَأُونِسُهُ بِشراً فَفي النَفسِ هَيبَةٌ / وَأُلقي لَهُ سَمعاً فَعِندَ الهَوى عَتبُ
وَيَستَعذِبُ النُوّامُ طولَ مَنامِهِم / وَسُهدُ الهَوى لَو يَعلَمونَ هُوَ العَذبُ
فَنادِهِمِ بِالشِعبِ مِن سِنَةِ الكَرى / أَلا أَيُّها النُوّامُ وَيحَكُمُ هُبُّوا
لِحُبِّيَ فيهِ أَيُّ جَمرٍ عَلى قَلبِ
لِحُبِّيَ فيهِ أَيُّ جَمرٍ عَلى قَلبِ / فَما لي طَريقٌ لِلمَلامَةِ وَالعَتبِ
وَثَمَّ غَليلٌ لَيسَ يُطفِئُ نارَهُ / سِوى خاتَمِ الثَغرِ المُمَلّا مِنَ العَذبِ
وَفي القَلبِ كَربٌ لا أَسُرُّ عَذولَهُ / بِقَولي إِذا ما ضِقتُ بِالكَربِ وا كَربي
إِذا كانَ لا يَكفيهِ شَيءٌ سِوى دَمي / فَيَكفي دُموعُ العَينِ مِنّي دَمَ القَلبِ
وَإِن كانَ لا بُدٌّ مِنَ الحَشدِ لِلعِدا / فَحَسبِيَ بِالعُذّالِ وَالرُقَبا حَسبي
وَهَيهاتَ فيما سَوَّلَتهُ طَماعَتي / سَمِعتُ بِخَصمٍ قَطُّ عَذَّبَ بِالعَذبِ
يُخَفِّفُ وَطئاً حينَ أَمشي وَراءَهُ
يُخَفِّفُ وَطئاً حينَ أَمشي وَراءَهُ / فَيَبخَلُ عَن عَيني بِمَسِّ تُرابِ
أَبى العَتبَ وَهوَ النارُ بَينَ جَوانِحي / وَأَبخَلُ خَلقٍ باخِلٌ بِعَذابِ
أبى الغَمضَ وَالتمَهيدَ جَفنايَ وَالجَنبُ
أبى الغَمضَ وَالتمَهيدَ جَفنايَ وَالجَنبُ / وَخاضَ لَظىً وَالمَاءَ عَينايَ وَالقَلبُ
فَقَلبي قَلبٌ لا يَخِفُّ لَهُ حَشاً / وَعَينِيَ عَينٌ لا يَجِفُّ لَها غَربُ
يُعَلِّلُني بِالشَمسِ في الشَرقِ صاحِبي / وَشَمسي أَنا الشَمسُ الَّتي حازَها الغَربُ
وَبَيني وَبَينَ الأُنسِ بَعدَكَ وَالمُنى / ودَهرِي وعُذّالي وَطيبِ الكرى حَربُ
وَلي غَيَّةٌ فيكُم تَضِلُّ وَلا تعي / وَلي لَوعَةٌ فيكُم تَخُبُّ وَلا تَخبو
مَشى العَذلُ في سَمعي مُكِبّاً لِوَجهِهِ / فَأَينَ الهَوى مِمَّن يُكِبُّ وَمَن يَكبو
كِلانا لَهُ سُكرٌ وَصَحوٌ بِسُكرِهِ / فَلَيسَ لَهُ لُبٌّ وَلَيسَ لَنا لُبُّ
بِنَفسي الَّذي في فيهِ أَشرٌ وَخَمرَةٌ / بِها أَنا سَكرانٌ وَما تَمَّ لي شُربُ
أَراها كَرُؤيا الظامِئينَ سَحابَةً / يَرونَ لَدَيها الرِّيَّ لَو قُضِيَ السَكبُ
وَماذا عَلَيهِ لَو قَضى عَهدَهُ الهَوى / فإلا وإلا قد قَضى وَعدَهُ الحبُّ
لِسُنَّةِ ذاكَ الوَجهِ دَمعِيَ شيعَةٌ / تُعَفِّرُ خَدَّيها كَما يُعلَمُ التُربُ
سَواءٌ عَليَّ القُربُ وَالبُعدُ فيهِما / قَريبٌ وَلا بُعدٌ بَعيدٌ وَلا قُربُ
لَهُ الهَجرُ مِنها إِن تَناءَت وَإِن دَنَت / وَتَصديقُ واشيها فَلا يَفرَحُ الصَبُّ
لِهَذا الهَوى بابٌ وَسَهلٌ دُخولُهُ / كَما كانَ لَكِنَّ الخُروجَ هُوَالصَعبُ
وَفي العَيشِ مَعنىً لَيسَ يَدريهِ جاهِلٌ / أَلا أَيُّها النُوّامُ وَيَحَكُمُ هُبّوا
وَإِن كانَ قَد قامَ المُنادى عَنِ النِدا / فَأَصبى إِلَيهِ كُلَّ مَن كانَ لا يَصبو
بِجودٍ سَحابيٍّ لِذي السُحبِ بَعدَهُ / عَلى وَجهِها في أُفْقِها الجَرُّ وَالسَحبُ
يَجيءُ إِلى الراجي بِغَيرِ وَسيلَةٍ / فَلا يَشغَلُ الناسَ التَوَسُّلُ وَالكَسبُ
هُوَ الشُهبُ نوراً يَومَ يَختَرِقُ المُنى / سَريعاً فَإِن أَنصَفتَهُ فَهوَ السُحبُ
فَيَعرِفُ دُنيا عِندَهُ ما لَها أَذىً / وَيَصحَبُ دَهراً عِندَهُ ما لَهُ ذَنبُ
فَدامَت لَمَولانا القُلوبُ رَعِيَّةً / فَلَيسَ يَليها في وِلايَتِهِ الكَربُ
وَلا تَعدَمُ الدُنيا يَداً ناصِرِيَّةً / يَموتُ وَيَحيا تَحتَها الخِصبُ وَالجَدبُ
فَفي قَلبِهِ لِلناسِ ودٌّ وَرَحمَةٌ / وَفي قَلبِهِم مِنهُ المَهابَةُ وَالحُبُّ
يَجودُ بِلا حَدٍّ وَيَجري بِلا مَدىً / فَيَعيا بِهِ مِنّا المُعَقِّبُ وَالعَقبُ
فَيَسمَحُ هَذا الفَضلُ ما سَمَحَ الحَيا / وَيَنبُتُ مِنهُ الرَسمُ ما نَبَتَ الهُضبُ
وَما أَحصَتِ الكُتْبُ الكِبارُ صِغارَها / وَلَو حَوَتِ الكُتْبُ الَّذي حَوَتِ الكُتْبُ
فِعالٌ إِذا ما رُمتَ إِحصاءَ مَجدِها / فَحَسبُكَ قَولي لا يُحيطُ بِهِ الحَسبُ
رَعى لي رَعاهُ اللَهُ أَكرَمَ صُحبَةٍ / وَأَخطَأتُ بَدرُ التَمِّ لَيسَ لَهُ صَحبُ
وَبَدَّلَني مِن حالَةٍ ذُبتُ رَحمَةً / بِها حالَةً قَد هَزَّ مِعطَفَها العُجبُ
وَأَحضَرَني مِن مَجلِسِ الأُنسِ حَضرَةً / لِعَيشي بِها خَفضٌ وَقَدري بِها نَصبُ
فَتَنظُرُ عَيني مُلكَ كِسرى وَدَستَه / وَتَسمَعُ أُذني ثَمَّ ما قالَتِ العُربُ
فَراقَنِيَ الخَلقُ الجَميلُ وَزادَني اِخ / تِصاصاً إِلى أَن راقَني الخُلُقُ العَذبُ
وَكانَ لِيَ الدَهرُ الغَشومُ مُحارِباً / وَقَد وَضَعَت أَوزارَها عِندَكَ الحَربُ
ضَرائِبُ فَضلٍ قَد سَعِدتُ بِقُربِها / فَما فاتَ عَيني مِن ضُروبِ العُلا ضَربُ
فَيا هَمُّ حَربٌ ثمَّ لا صُلحَ بَعدَها / وَيادَهرُ صُلحٌ ما لَنا بَعدَهُ عَتبُ
إِلَيكَ رَكِبتُ الفُلكَ تَجري عَقارِباً / عَلى صِلِّ أَمواجٍ لِأَطرافِها الوَثبُ
وَما هِجرَةٌ إِلّا إِلى البَحرِ طَهرُها / فَلا تَذكُرَنَّ الشُهبَ بَعدُ فَما الشُهبُ
تُصَرِّفُ أَنتَ الصُهبَ في البَرِّ راكِباً / وَلَكِنَّ في هَذا تُصَرِّفُكَ الصُهبُ
وَإِن قيلَ إِنَّ البَحرَ لِلرَكبِ راحَةٌ / فَقُل لي بِكَم في غَيرِهِ يَتعَبُ الرَكبُ
عَلى القَلبِ يَجري الحُكمُ في كُلِّ حالَةٍ / وَلَم يَستَرِح جِسمٌ إِذا تَعِبَ القَلبُ
وَلِلُّجِّ بيضٌ وَهيَ في شاطِئٍ قَناً / تثيرُ بِها في الأَنفُسِ الطَعنُ وَالضَربُ
كَأَنّا حُروفٌ وَالمَراكِبُ أَشطُرٌ / وَريحُ الصَبا تَطوي وَأَمواجُها الكُتبُ
سَرَيتُ إِلى مَن لا يُنَكِّبُ دارَهُ / سُرىً تَتَهادى رَكبَهُ الهوجُ وَالنُكبُ
فَيا رَوضُ لا تَخدَع بِنَضرَتِكَ المُنى / فَما ظُلُّكَ الماذي وَلا عَيشُكَ العُشبُ
وَيا بَحرُ كَم هَذي القَعاقِعُ كُلُّها / فَما دَرُّكَ البادي وَلا ماؤُكَ العَذبُ
وَأَنتَ وَلا وَاللَهِ أَنَّكَ حامِلٌ / بِخاطِرِكَ الجَوّالِ مِن جودِهِ الرُعبُ
وَلَم تَحمِلِ العِبءَ الَّذي هُوَ حامِلٌ / فَكَم وَإِلى كَم ذا التَغَطمُطُ وَالعَبُّ
وَما ثَمَّ مِمّا أَرجَفونا وَأَرجَفوا / بِهِ غَيرُ أَمواجٍ تَطيشُ وَتَستَبُّ
فَيا ريحُ ما في ريحِهِ أَريَحِيَّةٌ / بِها تُنقَذُ الغَرقى وَلا يَغرَقُ الرَكبُ
لَنا أَربَعٌ لَم تَأتِ فيهِ بِأَربَعٍ / يُخَلِّصُها لَفظٌ وَيُخلِصُها قَلبُ
رَجاءٌ وَلا بَأسٌ وَنَصرٌ وَلا هَوىً / وَنُصحٌ وَلا غِشٌّ وَوَصفٌ وَلا كِذبُ
وَفيكَ ثِمارٌ قَد أَتَينا بِمِثلِها / إِذا ذُكِرَت يَصغو إِلى قَطرِها التُربُ
فَحِلمٌ هُوَ التَقوى وَجودٌ هُوَ الغِنى / وَكَفٌّ هِيَ العُليا وَخُلقٌ هُوَ الرَحبُ
وَمَرأى هُوَ النُعمى وَرَأيٌ هُوَ الهُدى / وَطُرقٌ هِيَ المُثلى وَرَأسٌ هُوَ العَضبُ
وَأَفخَرُ ما في البَحرِ لُؤلُؤُ قَطرهِ / فَدونَكَ نَظمي وَهوَ لُؤلُؤُكَ الرَطبُ
مِنَ الأُوَلِ اللاتي إِذا اِستَأذَنَت لَها / مَطالِعُها الأولى تَطايَرَتِ الحُجبُ
وَسَهلُ كَلامٍ عِندَهُ يَسهُلُ المُنى / وَفَصلُ خِطابٍ عِندَهُ يَسهُلُ الخَطبُ
يَرِقُّ فَتَستَخفي إِلى نَسمِها الصَبا / إِذا حَمَلَت سِرّاً يَرِقُّ لَهُ الصَبُّ
أُجَرِّدُها سَيفاً عَلى الدَهرِ كُلَّما / تَكَرَّرَ إِنشادٌ لها كُرِّرَ الضَربُ
وَإِن قالَ فيكَ الناسُ قَبلِيَ أَنجُماً / فَهَذي لَما قَد دارَ في أُفقِكَ القُطبُ
وَقَد كَتَبَ الأَقوامُ شِعري وَبَيَّضوا / عَلى إِثرِهِ شَيئاً كَثيراً لِما تَحبو
خَرَجتُ فَلَم يَزجُر خُروجِيَ زاجِرٌ / وَما رَدَّ عَزمَ النَدبِ أَن رُدِّدَ النَدبُ
فَلا الرَملُ مَخشِيٌّ وَلا الزَجرُ يُتَّقى / فَمَن ثُعَلٌ لَمّا عَزَمتُ وَمَن لِهبُ
فَإِمّا قُبولٌ فَالتَصَدُّرُ فَي السَما / وَإِمّا صُدودٌ فَالمَنِيَّةُ وَالتُربُ
وَإِن ثَموداً تَدَّعى الماءَ كُلَّهُ / فَقُل لِقُدارٍ وَيلَهُ قَد رَغا السَقبُ
وَعِظهُم بأَنَّ الماءَ بِالعَدلِ قِسمَةٌ / فَلي شِربُ يَومٍ بَعدَهُم وَلَهُم شِربُ
وَرِثتَ المَعالي عَن أَبيكَ شَريعَةً
وَرِثتَ المَعالي عَن أَبيكَ شَريعَةً / وَقُمتَ بِها في فَترَةِ البُخلِ مَذهَبا
إِذا ما كَسَوتَ الوَفدَ لِلجودِ مَلبَساً / فَقَد لَبِسوهُ بِالبَشاشَةِ مُذهَبا
لَو اَنَّ زِياداً كانَ أَدرَكَ عَصرَهُ / لَكانَ يَرى أَيَّ الرِجالِ المُهَذَّبا
يُقَطِّعُ عُمرَ اللَيلِ عُمرُ سُجودِهِ / فَلِلَهِ مِحرابٌ حَوى مِنهُ مِحرَبا
وَفي فَقرِ عافيهِ إِلَيهِ وَسيلَةٌ / كَفى باعِثاً لِلسَيلِ أَن يَتَصَوَّبا
يَقولُ وَلَو أَنَّ اللَيالي خُصومُهُ
يَقولُ وَلَو أَنَّ اللَيالي خُصومُهُ / وَيَمضي وَلَو أَنَّ النُجومَ مَطالِبُهْ
مَحارِيبُهُ تُثني عَلى صَلَواتِهِ / وَلَكِن عَلى الأَعقابِ يَثني مُحارِبُه
جَنائِبُ في بَحرِ العَجاجِ سَفائِنٌ / فَإِن حُرِّكَت لِلرَكضِ فَهيَ جَنائِبُه
وَقَد خَفَقَت راياتُهُ فَكَأَنَّها / أَنامِلُ في عُمرِ العَدُوِّ تُحاسِبُه
يَمينُكَ أُختُ الغَيثِ إِن ضَلَّتِ السُحبُ
يَمينُكَ أُختُ الغَيثِ إِن ضَلَّتِ السُحبُ / وَوَجهُكَ تِربُ البَدرِ إِن أَظلَمَ الخَطبُ
وَمَن نالَ يَوماً بعضَ ما أَنتَ نائِلٌ / فَمِن عَجَبٍ أَلّا يَكونَ بِهِ عُجبُ
لَكَ اللَهُ حَمّالَ المَشَقَّةِ في العُلا / وَمِن عَجَبٍ أَن يَستَقِلَّ بِهِ قَلبُ
تَواضَعَ مَرفوعاً تَجاوَزَ قادِراً / فَفي قَدرِهِ بُعدٌ وَفي عَفوِهِ قُربُ
إِذا ما اِقتَنى الناسُ التَصانيفَ عِندَهُم / فَعِندَكَ ما فيها وَعِندَهُمُ الكُتبُ
وَإِنَّكَ مِن قَومِ أَنافوا عَلى المُنى / إِذا اِستُرشِحوا فاضوا أَو اِستُقدِحوا شَبّوا
وَإِن ساجَلوا أَوفَوا وَإِن وَعَدوا وَفَوا / أَو اِستُنهِضوا قاموا أَو اِستُصرِخوا هَبّوا
أَكُفُّهُمُ سُبطٌ وَأَعراضُهُم حِمىً / وَأَقوالُهُم فِعلٌ وَأَموالُهُم نَهبُ
وَلَفحُهُمُ حَتفٌ وَنَفحُهُمُ غِنىً / وَوَثبُهُمُ عَدوٌ وَخَطوُهُمُ وَثبُ
لَقَد أَصحَبَت فيكَ المَعاني وَأَصبَحَت / ذَلولاً وَمِن عاداتِها الغَشمُ وَالشَغبُ
يَفِيءُ عَلَيكَ الشُكرُ ما وَفَت اللُهى / وَتَهوي إِلَيكَ الطَيرُ ما اِنتَثَرَ الحَبُّ
فَإِن صَدَمَ الأَقوامَ فَالشامِخُ الذُرى / وَإِن هَزَّت الحاجاتُ فَالغُصُنُ الرَطبُ
لَقَد قَسَموا فَرضَ النَدى وَقَسَمتَهُ / فَمِنكَ لَنا عولٌ وَمِنهُم لَنا حَجبُ
وَما اِنقادَتِ الأَجسادُ قَسراً بِكَفِّهِ
وَما اِنقادَتِ الأَجسادُ قَسراً بِكَفِّهِ / وَلَكِنَّهُ يَقتادُها بِقُلوبِها
وَلِلَهِ وَجهٌ كُلُّ عَينٍ تَوَدُّهُ / وَتَسأَلُهُ إِحسانَهُ بِذُنوبِها
وَما بَعدَ مِصرٍ لِلغِنى مُتَطَلِّبٌ
وَما بَعدَ مِصرٍ لِلغِنى مُتَطَلِّبٌ / وَما بَعدَ هَذا المالِ مالٌ فَيُكتَسَب
وَلَو أَنَّهُ في البَأسِ يَمضي أَوِ النَدى / لَها وَلَكِن في المَغاني وَفي الطَرَب
وَما أَلسُنُ الراوينَ إِلّا صَوارِمُ
وَما أَلسُنُ الراوينَ إِلّا صَوارِمُ / كَما أَنَّ أَعراضَ اللِئامِ رِقابُ
فَلا تُنكِروا الأَنفاسَ وَهيَ دِماؤُهُم / وَلا تُنكِروا الأَقلامَ فَهيَ حِرابُ