القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : القاضي الفاضِل الكل
المجموع : 31
وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها
وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها / وَحَسبي بِهِ لَو كانَ يَنظُرُها حَسبي
يُشيرُ عَلى جِسمي بِفُرقَةِ قَلبِهِ / بَقيتَ كَذا هَل كانَ جِسمٌ بِلا قَلبِ
وَإِنّي عَلى الأَيّامِ فيها لَعاتِبٌ / وَحاشا لِذاكَ الوَجهِ مِن أَلَمِ العَتبِ
أَلا دارِسٌ إِلّا لَهُ مِنكَ ساكِبُ
أَلا دارِسٌ إِلّا لَهُ مِنكَ ساكِبُ / وَلا مانِعٌ إِلّا لَهُ مِنكَ طالِبُ
فَيا قَلبُ ما يَفنى عَلى ذاكَ مَطلَبٌ / وَيا عَينُ ما تَبقى عَلى ذا السَحائِبُ
وَلي فِكرَةٌ تَحتَ الدُجى في مُلِمَّةٍ / دَجَت فَتَوارَت في دُجاها الكَواكِبُ
وَإِنَّ جَناياتِ العِدا لَكَبيرَةٌ / وَأَكبَرُها ما قَد جَناهُ الحَبائِبُ
فَيا ساكِنَ القَلبِ الَّذي هُوَ طائِرٌ / وَيا حاضِرَ القَلبِ الَّذي هُوَ غائِبُ
تُكاثِرُني مَهما حَضَرتَ وَإِن تَغِب / عَلى مَقصِدي مِنكَ النَوى وَالنَوائِبُ
لِمَن فيكَ للُوّامِ لِلناسِ كُلِّهِم / لِأَعدايَ لِلواشينَ مِنهُم أُراقِبُ
وَكَم حاجِبٍ قَد خافَ عَيناً فَلَم يُشِر
وَكَم حاجِبٍ قَد خافَ عَيناً فَلَم يُشِر / وَعَينٍ عَلَيها دونَ عَبدِكَ حاجِبُ
أَضمَّكَ لَمّا بانَ غِربانُ بَينِهِ / فَتِلكَ النَواعي لِلفَسادِ النَواعِبُ
وَقَد ضامَني لا ضَمَّني فَسَأَلتُهُ / مَتى أَتَأَمَّلْ مِن مَسيرِكَ آيِبُ
وَإِنّي لِلأَخلاقِ مِنهُ لِشاكِرٌ / وَإِنّي عَلى الأَيّامِ مِنهُ لَعاتِبُ
لِكُلِّ حَبيبٍ يا حَبيبُ رَقيبُ
لِكُلِّ حَبيبٍ يا حَبيبُ رَقيبُ / وَمِن كُلِّ جِسمٍ لِلسَقامِ نَصيبُ
وَإِنّيَ في أَهلي وَداري لِما أَرى / عَلَيكَ مِنَ السُقمِ الغَريبِ غَريبُ
وَما كانَ يَدري ما الرَقيبُ فَذا الضَنى / رَقيبٌ عَلَيهِ وَالشِفاءُ حَبيبُ
وَإِن جَمُدَت فيهِ العُيونُ فَرُبَّما / تُلِحُّ عَلَيهِ في البُكاءِ قُلوبُ
فَلا اِنفَضَّ إِلّا بَعدَ برئِكَ عائِدٌ / وَلا غابَ إِلّا إِذ تَصِحُّ طَبيبُ
وَأَيُّ زَمانٍ لا يُسَبِّبُ طيبَهُ / يَلَذُّ عَلى إِنعامِهِ وَيَطيبُ
وَما عُدتُهُ بَل عُدتُ سُقمي بِقُربِهِ / وَمِمّا بِهِ ما لي عَلَيهِ رَقيبُ
أَغيبُ بِرَغمي ثُمَّ أُحضرُ عِندَهُ / فَأنظُرُ آثارَ الضَنى فَأَغيبُ
مُحِبُّكَ مَجنِيٌّ عَلَيهِ بِحُبِّهِ
مُحِبُّكَ مَجنِيٌّ عَلَيهِ بِحُبِّهِ / وَلَو ماتَ حُبّاً فيكَ ما كَرِهَ الحُبّا
عَلَيهِ مِنَ الواشينَ فيكَ نَواظِرٌ / تُحَدِّقُ حَتّى تَخلَعَ الجَفنَ وَالهُدبا
وَماذا عَلَيهِم أَن يَعودَ مَريضَهُ / وَهَل هُوَ إِلّا الجِسمُ عادَ بِهِ القَلبا
وَرِجلُ الفَتى في السَعى تَتبَعُ قَلبَهُ / فَلِم عَظَّمَ الحُسّادُ أَن زُرتُهُ الخَطبا
وَحاشا لِذاكَ الحُسنِ أَن يَلبِسَ الضَنى / وَحاشا لِذاكَ النورِ أَن يَرِدَ الغَربا
أَرى كُلَّ عُضوٍ مِنكَ كَالقَلبِ في غَضىً / وَكَالجَفنِ في إِرسالِهِ لُؤلُؤاً رَطبا
فَلا تَخشَ مِن حُمّى وَلا رُحَضائِها / تُحَبِّبُ إِن زارَت مَضاجِعَهُ غِبّا
ولَو أَنَّني عانَقتُهُ ثُمَّ أَقبَلَت / لَما سَلَكَت سَهلاً إِلَيهِ وَلا صَعبا
وَلَو أَنصَفَت بَدرَ السَماءِ سَماؤُهُ / لَقَد بَعَثَت عُوّادَهُ الأَنجُمَ الشُهبا
وَتَقدِرُ أَلّا يَخرُجَ اللَفظُ مِن فَمي
وَتَقدِرُ أَلّا يَخرُجَ اللَفظُ مِن فَمي / وَتَعجِزُ عَن أَن تُخرِجَ الحُبَّ مِن قَلبي
وَلِم تُنكِرُ الشَكوى وَأَمرُ مَريضها / إِلَيكَ فَلا تَبخَل وَحاشاكَ بِالطِبِّ
جَرى الدَمُ دَمعاً في حُروبِ بَني الهَوى / وَيَكفي الدَمُ الجاري دَليلاً عَلى الحُبِّ
وَقَد أَغرَقَ الدُنيا بَدَمعِ جُفونِهِ
وَقَد أَغرَقَ الدُنيا بَدَمعِ جُفونِهِ / وَلَم يَتَّفِق في ذاكَ أَن يَغرَقَ الحُبُّ
إِذا كانَ رَجعُ القُربِ مِن بَعدِهِ النَوى / فَلا تَلحَني إِن قُلتُ لا يَرجِعُ القُربُ
سَرَت فَكَأَنَّ اللَيلَ قَبَّلَ خَدِّها
سَرَت فَكَأَنَّ اللَيلَ قَبَّلَ خَدِّها / فَأَبقى به قِطعاً وَأَسبَلَ عَقرَبا
فَما اِستَغرَبَت في مَوطِنِ الحُبِّ غُربَتي / فَهَذا الدُجى في صُبحِها قَد تَغَرَّبا
ظَفِرتُ عَلى رُغمِ اللَيالي بِكَوكَبٍ
ظَفِرتُ عَلى رُغمِ اللَيالي بِكَوكَبٍ / يُقِرُّ لَهُ بَدرُ السَما وَالكَواكِبُ
وَوُسِّدَ خَدّي عَقرَباً فَوقَ خَدِّها / بِما بِتُّ دَهراً في فِراشي عَقارِبُ
وَخُضرَتُها قَد جاوَرَت خُضرَةَ اللَمى / وَلِلعَينِ فيها وَالقُلوبِ مَذاهِبُ
وَقَد كانَتِ الدُنيا الَّتي لَم تَكُن بِها / إِذا اِخضَرَّ مِنها جانِبٌ جَفَّ جانِبُ
بَدَت لي بِها دُنيايَ خَضراءَ كُلُّها / فَلا مَنظَرٌ إِلّا وَفيهِ مَآرِبُ
عَلى كُلِّ خَيرٍ مانِعٌ وَبِحُسنِهِ
عَلى كُلِّ خَيرٍ مانِعٌ وَبِحُسنِهِ / يَرِقُّ وَيَجفو رِقبَةً لِلمَراقِبِ
فَيَمنَعُ وَردَ الروضِ شَوكٌ مُلاصِقٌ / وَمِن دونِ رَوضِ الخَدِّ شَوكُ العَقارِبِ
إِذا قُطِّعَت بَعضُ القُلوبِ تَقَطَّعَت
إِذا قُطِّعَت بَعضُ القُلوبِ تَقَطَّعَت / عَلائِقُ سِرِّ الحُبِّ وَاِنفَضَحَ الحُبُّ
وَحَمَّلتُهُ في قَلبِهِ ما تَقَطَّعَت / عَلائِقُهُ عَنهُ وَقَد قُطِّعَ القَلبُ
أَأُونِسُهُ بِشراً فَفي النَفسِ هَيبَةٌ / وَأُلقي لَهُ سَمعاً فَعِندَ الهَوى عَتبُ
وَيَستَعذِبُ النُوّامُ طولَ مَنامِهِم / وَسُهدُ الهَوى لَو يَعلَمونَ هُوَ العَذبُ
فَنادِهِمِ بِالشِعبِ مِن سِنَةِ الكَرى / أَلا أَيُّها النُوّامُ وَيحَكُمُ هُبُّوا
لِحُبِّيَ فيهِ أَيُّ جَمرٍ عَلى قَلبِ
لِحُبِّيَ فيهِ أَيُّ جَمرٍ عَلى قَلبِ / فَما لي طَريقٌ لِلمَلامَةِ وَالعَتبِ
وَثَمَّ غَليلٌ لَيسَ يُطفِئُ نارَهُ / سِوى خاتَمِ الثَغرِ المُمَلّا مِنَ العَذبِ
وَفي القَلبِ كَربٌ لا أَسُرُّ عَذولَهُ / بِقَولي إِذا ما ضِقتُ بِالكَربِ وا كَربي
إِذا كانَ لا يَكفيهِ شَيءٌ سِوى دَمي / فَيَكفي دُموعُ العَينِ مِنّي دَمَ القَلبِ
وَإِن كانَ لا بُدٌّ مِنَ الحَشدِ لِلعِدا / فَحَسبِيَ بِالعُذّالِ وَالرُقَبا حَسبي
وَهَيهاتَ فيما سَوَّلَتهُ طَماعَتي / سَمِعتُ بِخَصمٍ قَطُّ عَذَّبَ بِالعَذبِ
يُخَفِّفُ وَطئاً حينَ أَمشي وَراءَهُ
يُخَفِّفُ وَطئاً حينَ أَمشي وَراءَهُ / فَيَبخَلُ عَن عَيني بِمَسِّ تُرابِ
أَبى العَتبَ وَهوَ النارُ بَينَ جَوانِحي / وَأَبخَلُ خَلقٍ باخِلٌ بِعَذابِ
أبى الغَمضَ وَالتمَهيدَ جَفنايَ وَالجَنبُ
أبى الغَمضَ وَالتمَهيدَ جَفنايَ وَالجَنبُ / وَخاضَ لَظىً وَالمَاءَ عَينايَ وَالقَلبُ
فَقَلبي قَلبٌ لا يَخِفُّ لَهُ حَشاً / وَعَينِيَ عَينٌ لا يَجِفُّ لَها غَربُ
يُعَلِّلُني بِالشَمسِ في الشَرقِ صاحِبي / وَشَمسي أَنا الشَمسُ الَّتي حازَها الغَربُ
وَبَيني وَبَينَ الأُنسِ بَعدَكَ وَالمُنى / ودَهرِي وعُذّالي وَطيبِ الكرى حَربُ
وَلي غَيَّةٌ فيكُم تَضِلُّ وَلا تعي / وَلي لَوعَةٌ فيكُم تَخُبُّ وَلا تَخبو
مَشى العَذلُ في سَمعي مُكِبّاً لِوَجهِهِ / فَأَينَ الهَوى مِمَّن يُكِبُّ وَمَن يَكبو
كِلانا لَهُ سُكرٌ وَصَحوٌ بِسُكرِهِ / فَلَيسَ لَهُ لُبٌّ وَلَيسَ لَنا لُبُّ
بِنَفسي الَّذي في فيهِ أَشرٌ وَخَمرَةٌ / بِها أَنا سَكرانٌ وَما تَمَّ لي شُربُ
أَراها كَرُؤيا الظامِئينَ سَحابَةً / يَرونَ لَدَيها الرِّيَّ لَو قُضِيَ السَكبُ
وَماذا عَلَيهِ لَو قَضى عَهدَهُ الهَوى / فإلا وإلا قد قَضى وَعدَهُ الحبُّ
لِسُنَّةِ ذاكَ الوَجهِ دَمعِيَ شيعَةٌ / تُعَفِّرُ خَدَّيها كَما يُعلَمُ التُربُ
سَواءٌ عَليَّ القُربُ وَالبُعدُ فيهِما / قَريبٌ وَلا بُعدٌ بَعيدٌ وَلا قُربُ
لَهُ الهَجرُ مِنها إِن تَناءَت وَإِن دَنَت / وَتَصديقُ واشيها فَلا يَفرَحُ الصَبُّ
لِهَذا الهَوى بابٌ وَسَهلٌ دُخولُهُ / كَما كانَ لَكِنَّ الخُروجَ هُوَالصَعبُ
وَفي العَيشِ مَعنىً لَيسَ يَدريهِ جاهِلٌ / أَلا أَيُّها النُوّامُ وَيَحَكُمُ هُبّوا
وَإِن كانَ قَد قامَ المُنادى عَنِ النِدا / فَأَصبى إِلَيهِ كُلَّ مَن كانَ لا يَصبو
بِجودٍ سَحابيٍّ لِذي السُحبِ بَعدَهُ / عَلى وَجهِها في أُفْقِها الجَرُّ وَالسَحبُ
يَجيءُ إِلى الراجي بِغَيرِ وَسيلَةٍ / فَلا يَشغَلُ الناسَ التَوَسُّلُ وَالكَسبُ
هُوَ الشُهبُ نوراً يَومَ يَختَرِقُ المُنى / سَريعاً فَإِن أَنصَفتَهُ فَهوَ السُحبُ
فَيَعرِفُ دُنيا عِندَهُ ما لَها أَذىً / وَيَصحَبُ دَهراً عِندَهُ ما لَهُ ذَنبُ
فَدامَت لَمَولانا القُلوبُ رَعِيَّةً / فَلَيسَ يَليها في وِلايَتِهِ الكَربُ
وَلا تَعدَمُ الدُنيا يَداً ناصِرِيَّةً / يَموتُ وَيَحيا تَحتَها الخِصبُ وَالجَدبُ
فَفي قَلبِهِ لِلناسِ ودٌّ وَرَحمَةٌ / وَفي قَلبِهِم مِنهُ المَهابَةُ وَالحُبُّ
يَجودُ بِلا حَدٍّ وَيَجري بِلا مَدىً / فَيَعيا بِهِ مِنّا المُعَقِّبُ وَالعَقبُ
فَيَسمَحُ هَذا الفَضلُ ما سَمَحَ الحَيا / وَيَنبُتُ مِنهُ الرَسمُ ما نَبَتَ الهُضبُ
وَما أَحصَتِ الكُتْبُ الكِبارُ صِغارَها / وَلَو حَوَتِ الكُتْبُ الَّذي حَوَتِ الكُتْبُ
فِعالٌ إِذا ما رُمتَ إِحصاءَ مَجدِها / فَحَسبُكَ قَولي لا يُحيطُ بِهِ الحَسبُ
رَعى لي رَعاهُ اللَهُ أَكرَمَ صُحبَةٍ / وَأَخطَأتُ بَدرُ التَمِّ لَيسَ لَهُ صَحبُ
وَبَدَّلَني مِن حالَةٍ ذُبتُ رَحمَةً / بِها حالَةً قَد هَزَّ مِعطَفَها العُجبُ
وَأَحضَرَني مِن مَجلِسِ الأُنسِ حَضرَةً / لِعَيشي بِها خَفضٌ وَقَدري بِها نَصبُ
فَتَنظُرُ عَيني مُلكَ كِسرى وَدَستَه / وَتَسمَعُ أُذني ثَمَّ ما قالَتِ العُربُ
فَراقَنِيَ الخَلقُ الجَميلُ وَزادَني اِخ / تِصاصاً إِلى أَن راقَني الخُلُقُ العَذبُ
وَكانَ لِيَ الدَهرُ الغَشومُ مُحارِباً / وَقَد وَضَعَت أَوزارَها عِندَكَ الحَربُ
ضَرائِبُ فَضلٍ قَد سَعِدتُ بِقُربِها / فَما فاتَ عَيني مِن ضُروبِ العُلا ضَربُ
فَيا هَمُّ حَربٌ ثمَّ لا صُلحَ بَعدَها / وَيادَهرُ صُلحٌ ما لَنا بَعدَهُ عَتبُ
إِلَيكَ رَكِبتُ الفُلكَ تَجري عَقارِباً / عَلى صِلِّ أَمواجٍ لِأَطرافِها الوَثبُ
وَما هِجرَةٌ إِلّا إِلى البَحرِ طَهرُها / فَلا تَذكُرَنَّ الشُهبَ بَعدُ فَما الشُهبُ
تُصَرِّفُ أَنتَ الصُهبَ في البَرِّ راكِباً / وَلَكِنَّ في هَذا تُصَرِّفُكَ الصُهبُ
وَإِن قيلَ إِنَّ البَحرَ لِلرَكبِ راحَةٌ / فَقُل لي بِكَم في غَيرِهِ يَتعَبُ الرَكبُ
عَلى القَلبِ يَجري الحُكمُ في كُلِّ حالَةٍ / وَلَم يَستَرِح جِسمٌ إِذا تَعِبَ القَلبُ
وَلِلُّجِّ بيضٌ وَهيَ في شاطِئٍ قَناً / تثيرُ بِها في الأَنفُسِ الطَعنُ وَالضَربُ
كَأَنّا حُروفٌ وَالمَراكِبُ أَشطُرٌ / وَريحُ الصَبا تَطوي وَأَمواجُها الكُتبُ
سَرَيتُ إِلى مَن لا يُنَكِّبُ دارَهُ / سُرىً تَتَهادى رَكبَهُ الهوجُ وَالنُكبُ
فَيا رَوضُ لا تَخدَع بِنَضرَتِكَ المُنى / فَما ظُلُّكَ الماذي وَلا عَيشُكَ العُشبُ
وَيا بَحرُ كَم هَذي القَعاقِعُ كُلُّها / فَما دَرُّكَ البادي وَلا ماؤُكَ العَذبُ
وَأَنتَ وَلا وَاللَهِ أَنَّكَ حامِلٌ / بِخاطِرِكَ الجَوّالِ مِن جودِهِ الرُعبُ
وَلَم تَحمِلِ العِبءَ الَّذي هُوَ حامِلٌ / فَكَم وَإِلى كَم ذا التَغَطمُطُ وَالعَبُّ
وَما ثَمَّ مِمّا أَرجَفونا وَأَرجَفوا / بِهِ غَيرُ أَمواجٍ تَطيشُ وَتَستَبُّ
فَيا ريحُ ما في ريحِهِ أَريَحِيَّةٌ / بِها تُنقَذُ الغَرقى وَلا يَغرَقُ الرَكبُ
لَنا أَربَعٌ لَم تَأتِ فيهِ بِأَربَعٍ / يُخَلِّصُها لَفظٌ وَيُخلِصُها قَلبُ
رَجاءٌ وَلا بَأسٌ وَنَصرٌ وَلا هَوىً / وَنُصحٌ وَلا غِشٌّ وَوَصفٌ وَلا كِذبُ
وَفيكَ ثِمارٌ قَد أَتَينا بِمِثلِها / إِذا ذُكِرَت يَصغو إِلى قَطرِها التُربُ
فَحِلمٌ هُوَ التَقوى وَجودٌ هُوَ الغِنى / وَكَفٌّ هِيَ العُليا وَخُلقٌ هُوَ الرَحبُ
وَمَرأى هُوَ النُعمى وَرَأيٌ هُوَ الهُدى / وَطُرقٌ هِيَ المُثلى وَرَأسٌ هُوَ العَضبُ
وَأَفخَرُ ما في البَحرِ لُؤلُؤُ قَطرهِ / فَدونَكَ نَظمي وَهوَ لُؤلُؤُكَ الرَطبُ
مِنَ الأُوَلِ اللاتي إِذا اِستَأذَنَت لَها / مَطالِعُها الأولى تَطايَرَتِ الحُجبُ
وَسَهلُ كَلامٍ عِندَهُ يَسهُلُ المُنى / وَفَصلُ خِطابٍ عِندَهُ يَسهُلُ الخَطبُ
يَرِقُّ فَتَستَخفي إِلى نَسمِها الصَبا / إِذا حَمَلَت سِرّاً يَرِقُّ لَهُ الصَبُّ
أُجَرِّدُها سَيفاً عَلى الدَهرِ كُلَّما / تَكَرَّرَ إِنشادٌ لها كُرِّرَ الضَربُ
وَإِن قالَ فيكَ الناسُ قَبلِيَ أَنجُماً / فَهَذي لَما قَد دارَ في أُفقِكَ القُطبُ
وَقَد كَتَبَ الأَقوامُ شِعري وَبَيَّضوا / عَلى إِثرِهِ شَيئاً كَثيراً لِما تَحبو
خَرَجتُ فَلَم يَزجُر خُروجِيَ زاجِرٌ / وَما رَدَّ عَزمَ النَدبِ أَن رُدِّدَ النَدبُ
فَلا الرَملُ مَخشِيٌّ وَلا الزَجرُ يُتَّقى / فَمَن ثُعَلٌ لَمّا عَزَمتُ وَمَن لِهبُ
فَإِمّا قُبولٌ فَالتَصَدُّرُ فَي السَما / وَإِمّا صُدودٌ فَالمَنِيَّةُ وَالتُربُ
وَإِن ثَموداً تَدَّعى الماءَ كُلَّهُ / فَقُل لِقُدارٍ وَيلَهُ قَد رَغا السَقبُ
وَعِظهُم بأَنَّ الماءَ بِالعَدلِ قِسمَةٌ / فَلي شِربُ يَومٍ بَعدَهُم وَلَهُم شِربُ
وَرِثتَ المَعالي عَن أَبيكَ شَريعَةً
وَرِثتَ المَعالي عَن أَبيكَ شَريعَةً / وَقُمتَ بِها في فَترَةِ البُخلِ مَذهَبا
إِذا ما كَسَوتَ الوَفدَ لِلجودِ مَلبَساً / فَقَد لَبِسوهُ بِالبَشاشَةِ مُذهَبا
لَو اَنَّ زِياداً كانَ أَدرَكَ عَصرَهُ / لَكانَ يَرى أَيَّ الرِجالِ المُهَذَّبا
يُقَطِّعُ عُمرَ اللَيلِ عُمرُ سُجودِهِ / فَلِلَهِ مِحرابٌ حَوى مِنهُ مِحرَبا
وَفي فَقرِ عافيهِ إِلَيهِ وَسيلَةٌ / كَفى باعِثاً لِلسَيلِ أَن يَتَصَوَّبا
يَقولُ وَلَو أَنَّ اللَيالي خُصومُهُ
يَقولُ وَلَو أَنَّ اللَيالي خُصومُهُ / وَيَمضي وَلَو أَنَّ النُجومَ مَطالِبُهْ
مَحارِيبُهُ تُثني عَلى صَلَواتِهِ / وَلَكِن عَلى الأَعقابِ يَثني مُحارِبُه
جَنائِبُ في بَحرِ العَجاجِ سَفائِنٌ / فَإِن حُرِّكَت لِلرَكضِ فَهيَ جَنائِبُه
وَقَد خَفَقَت راياتُهُ فَكَأَنَّها / أَنامِلُ في عُمرِ العَدُوِّ تُحاسِبُه
يَمينُكَ أُختُ الغَيثِ إِن ضَلَّتِ السُحبُ
يَمينُكَ أُختُ الغَيثِ إِن ضَلَّتِ السُحبُ / وَوَجهُكَ تِربُ البَدرِ إِن أَظلَمَ الخَطبُ
وَمَن نالَ يَوماً بعضَ ما أَنتَ نائِلٌ / فَمِن عَجَبٍ أَلّا يَكونَ بِهِ عُجبُ
لَكَ اللَهُ حَمّالَ المَشَقَّةِ في العُلا / وَمِن عَجَبٍ أَن يَستَقِلَّ بِهِ قَلبُ
تَواضَعَ مَرفوعاً تَجاوَزَ قادِراً / فَفي قَدرِهِ بُعدٌ وَفي عَفوِهِ قُربُ
إِذا ما اِقتَنى الناسُ التَصانيفَ عِندَهُم / فَعِندَكَ ما فيها وَعِندَهُمُ الكُتبُ
وَإِنَّكَ مِن قَومِ أَنافوا عَلى المُنى / إِذا اِستُرشِحوا فاضوا أَو اِستُقدِحوا شَبّوا
وَإِن ساجَلوا أَوفَوا وَإِن وَعَدوا وَفَوا / أَو اِستُنهِضوا قاموا أَو اِستُصرِخوا هَبّوا
أَكُفُّهُمُ سُبطٌ وَأَعراضُهُم حِمىً / وَأَقوالُهُم فِعلٌ وَأَموالُهُم نَهبُ
وَلَفحُهُمُ حَتفٌ وَنَفحُهُمُ غِنىً / وَوَثبُهُمُ عَدوٌ وَخَطوُهُمُ وَثبُ
لَقَد أَصحَبَت فيكَ المَعاني وَأَصبَحَت / ذَلولاً وَمِن عاداتِها الغَشمُ وَالشَغبُ
يَفِيءُ عَلَيكَ الشُكرُ ما وَفَت اللُهى / وَتَهوي إِلَيكَ الطَيرُ ما اِنتَثَرَ الحَبُّ
فَإِن صَدَمَ الأَقوامَ فَالشامِخُ الذُرى / وَإِن هَزَّت الحاجاتُ فَالغُصُنُ الرَطبُ
لَقَد قَسَموا فَرضَ النَدى وَقَسَمتَهُ / فَمِنكَ لَنا عولٌ وَمِنهُم لَنا حَجبُ
وَما اِنقادَتِ الأَجسادُ قَسراً بِكَفِّهِ
وَما اِنقادَتِ الأَجسادُ قَسراً بِكَفِّهِ / وَلَكِنَّهُ يَقتادُها بِقُلوبِها
وَلِلَهِ وَجهٌ كُلُّ عَينٍ تَوَدُّهُ / وَتَسأَلُهُ إِحسانَهُ بِذُنوبِها
وَما بَعدَ مِصرٍ لِلغِنى مُتَطَلِّبٌ
وَما بَعدَ مِصرٍ لِلغِنى مُتَطَلِّبٌ / وَما بَعدَ هَذا المالِ مالٌ فَيُكتَسَب
وَلَو أَنَّهُ في البَأسِ يَمضي أَوِ النَدى / لَها وَلَكِن في المَغاني وَفي الطَرَب
وَما أَلسُنُ الراوينَ إِلّا صَوارِمُ
وَما أَلسُنُ الراوينَ إِلّا صَوارِمُ / كَما أَنَّ أَعراضَ اللِئامِ رِقابُ
فَلا تُنكِروا الأَنفاسَ وَهيَ دِماؤُهُم / وَلا تُنكِروا الأَقلامَ فَهيَ حِرابُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025