المجموع : 4
لذاذة سمعي في قراع الكتائب
لذاذة سمعي في قراع الكتائب / ألذُّ وأشهى من عتاب الحبائب
وأحسن في عيني من البرق في الدجى / وميض المواضي في غبار المواكب
وبيض الظبا أحلى بقلبي علاقة / لدى النهر من بيض الظباء الكواعب
أفضِّل عطف الريح في رهج الوغى / على معطف السمر الضخام المناكب
وما أربي جود السحاب بما به / إذا امحلت سحب الدماء السواكب
ويعجبني أني أبيت على السرى / تقلقلني فيها ظهور السلاهب
وما شغفي بالمال أبغي بقاءه / ولكن اريه حتفه بالمواهب
وإني لأنفي البخل عني لبغضه / إلي كما أنفي إمام النواصب
ألا إنني أمسكت أغصان دوحة / أتت بأفانين الثمار الأطايب
لقد لاح لي برق اليقين ولم يكن / ليخدعني برق الأماني الكواذب
وما تتساوى الأرض في المجد والسما / وكل علا ترتيبه في المراتب
بآل رسول اللّه ناجيت خالقي / بصدق فينجى من ينوب النوائب
وبوأني منه أماناً موسَّعاً / وقد كنت أخشى أن تسد مذاهبي
قصدت بهم بين المسالك مطلباً / فما خبت لكني بلغت مطالبي
بهم تبلغ الآمال من كل آمل / بهم تقبل التوبات من كل تائب
أئمة حق لو يسيرون في الدجى / بلا قمر لاستصبحوا بالمناسب
أئمة ديني قد كسبت ودادهم / وما تاركٍ من دينهم مثل كاسب
إذا رمت أحصي فضل آل محمد / أردت معي في حصرها كل حاسب
فما كتبت بل ليس تكتب في الورى / بأحسن من أوصافهم يد كاتب
لساني رطب بالثناء عليهم / وفي ظالميهم فهو عضب المضارب
يخيِّل لي لما امتدحتهم علا / بأني بهم أختال فوق الكواكب
وحبي لهم آل العباء لأنهم / بريئون من كل الخنا والمعايب
رغبت إلى آل الرسول وإنني / إلى غيرهم فليعلموا غير راغب
فسنهم إمام الحق حيدرة الذي / أبان غموض المشكلات الغرايب
عليَّ أمير المؤمنين ولاؤه / يراه ذوو الأحساب ضربة لازب
عليه ترى الاجماع لا شك واقعاً / ولم تره بعد النبي لصاحب
وزوجَّه الرحمن بالطهر فاطماً / وقد رد عنها راغماً كل خاطب
عليَّ هو الشمس المنيرة في الضحى / هو البدر تماً في سماء المناقب
عليُّ الذي قد كان ان حضر الوغى / قليل احتفاء بالقنا والقواضب
عليُّ الذي قد كان يضرب قرنه / بماضي الشيابين الطلى والترائب
إذا طلعت أسيافه في مشارق ال / أكف هوت من هامهم في مغارب
عليَّ الذي قد كان أفرس من علا / على صهوات الصافنات الشوارب
أخذتم على القربى خلافة أحمد / وصيرتموها بعده في الأجانب
وأين على التحقيق تيم بن مرة / لو أخرتم الانصاف من آل طالب
ولست أبالي ان أفارق كاذباً / إذا كنت في حوز امرء غير كاذب
فخذ لبني رزيك المظفر مدحة / إذا أنشدت ازرت بدَّر الترائب
يعارض من شعر المقلد قوله / دراك المعالي في شفار القواضب
توالت علينا في الكتائب والكتب
توالت علينا في الكتائب والكتب / بشائر من شرق البلاد ومن غرب
بشائر تهدي للموالي مسرةً / وتحدث للباغين رعباً على رعب
ففي كبد من حرِّها النار تلتظي / وفي كبد أحلى من البارد العذب
جعلنا جبال القدس فيها وقد جرت / عليها عناق الخيل كالنفنف السهب
فقد أصبحت أوعارها وحزونها / سهولاً توطَّا للفوارس والركب
ولما غدت لا ماء في جنباتها / صببنا عليها وابلاً من دم سكب
وجادت بها سحب الدروع من العدا / نجيعاً فأغنتها الغداة عن السحب
وأجرت بحاراً منه فوق جبالها / ولكن بحار ليس تعذب للشرب
فقد عمَّها خصب به من رءوسهم / بها ولكم خصب أضَّر من الجدب
وقد روعتها خيلنا قبل هذه / مراراً وكانت قبل آمنة السرب
وأخفى صهيل الخيل أصوات أهلها / فعاقت نواقيس الفرنج عن الضرب
وأبطال حرب من كتامة دوخوا / بلاد الأعادي بالمسومة القِّب
وعادوا إلينا بالرءوس على القنا / وأغناهم كسب الثناء عن الكسب
وإنا بنو رُزيك ما زال جارنا / يحل لدينا بالكرامة والخصب
ونفتك بالأموال في السِّلم دائماً / كما نحن بالأعداء نفتك في الحرب
وما سكنت نفسي إلى الصبر عنكم
وما سكنت نفسي إلى الصبر عنكم / ولا رضيت بعد الديار من القرب
من اليوم لا أغترُّ ما عشت بالجدبِ
من اليوم لا أغترُّ ما عشت بالجدبِ / ولا أطلب العتبى من الخل بالعتب
ولا أرتضي بالبعد من ذي مودَّة / وأقنع منه بالرسائل والكتب
ولا سيما إن قال لي متصنعاً / ففارقكم جسمي وجاوركم قلبي
على إنني قد قلت حين أجبته / بلا حشمة ما أشبه العذر بالذنب
أخلاي لو رمتم دنواً لما أبا / سرى العيس بل ركض المطهمة القب
ولكنَّكم بعتم وفاء بغدرة / غداة اشتريتم وحشة البعد بالقرب
عليكم سلام اللّهِ ان بعادكم / لأعظم ما قد كان من ذلك الخطب
ولو اننا كنَّا ظنناه لم نكن / نظاهر دون الناس عباس بالحرب
على أنه قد نال بالغدر من بني / نبي الهدى ما لم تنله بنو حرب
وهل نال منهم آل حرب وغيرهم / من الناس فوق القتل والسبي والنهب
غدا والغاً كالكلب ظلماً وحزبه / دماءهم لا حاطه اللّه من حزب
ويا ليته لو كان فيه من الوفا / لمالكه بعض الذي هو في الكلب
وحاشاكم ما خنتم العهد مثله / ولا لكم فيما جرى منه من ذنب
ومَن مثل ما قد نالكم من دنوِّه / يحاذر ان تدنو الصحاح من الجرب
وما روضة غنَّاء هبَّ نسيمها / عليلاً فلم يوقظ بها نائم الترب
سقاها الحيا من آخر الليل مزنة / كأيماننا لمَّا همت بدم سكب
فأضحت ثغور الاقحوان مقيلة / تضاحك في أرجائها أوجه الشرب
بأحسن مجد الدين مما تصرَّفت / بنانك في تغويف أبراده القشب
وما هو إلا الشمس أضحى يزورنا / بسراه من شرق البلاد إلى الغرب
أأحبابنا يا طال ما كان قربكم / إلي من الدنيا ونعمتها حسبي
وكنتم على قلبي إذا ما لقيتكم / على ظمأ أشهى من البارد العذب
تركتم مدود النيل يروي بها الظما / ويخلفها من جودنا الليل في الجدب
هو الآية العظمى التي دلَّ حكمها / بأوطاننا أن العناية للرَّب
بحيث الأماني ليس تخلف سحبها / بسقياً إذا ما أخلفت درَّة السحب
وما اعتضتم منهم غداة نقلتم / بكره إلى جدب البلاد من الخصب
وإني على ما قد عهدتم محافظ / على الود منكم في بعاد وفي قرب
أحنُّ إلى أخلاقكم وأعدَّكم / بلا مرية من جملة الأهل لا الصحب
أسامة لي منه اعتزام اسامة / ومرهف فيه هزَّة المرهف العضب
فإن تبعدوا عنا ففي حفظ ربِّكم / وإن تقربوا منَّا ففي المنزل الرحب