المجموع : 12
فؤادي من الأشواق والصبوة امتلا
فؤادي من الأشواق والصبوة امتلا / وبي أعضل الأمر المشق وأشكلا
فيا من تمادت في التجنب والقلى / إذا قلت أهدى الهجر لي حلل البلى
تقولين لولا الهجر لم يطب الحب /
عدمت اصطباري بين قربك والنوى / وقد جد في الأحشاء وجد بها ثوى
تحيرتُ إن قلت ارفقي حثني الهوى / وإن قلت هذا القلب أحرقه الجوى
تقولي بنيران الجوى شرف القلب /
رويدك يا من بالتجافي أمتَّني / وأهملتَ فيما بالوصال وعدتني
إذا قلت رفقاً إنني ذبتُ زدتني / وإن قلت ما ذنبي إليك أجبتني
وجودك ذنبٌ لا يقاس به ذنبُ /
يقولون لا تنطق بما أنت عارف
يقولون لا تنطق بما أنت عارف / به بين أهل الجهل ذاك معيب
فقلت لهم خلوا الملام فإننا / بحكم التجلي والمجال قريب
شربنا وأهرقنا على الأرض جرعة / وللأرض من كأس الكارم نصيب
بأوج الهوى كم منزل قد علمتُهُ
بأوج الهوى كم منزل قد علمتُهُ /
ولوح وجودي بالكمال رقمتُهُ /
ولما جرى دمعي وصبري عمدتُهُ /
أبى الحب أن يخفى وكم قد كتمتُهُ / فأصبح عندي قد أناخ وطنبا
توقيت من شؤم السوى سوء مكره /
وطائر سرِّي ساكنٌ أوجَ وكرِهِ /
ومن لفؤادي قد حلا كأس فكره /
إذا اشتد شوقي هام قلبي بذكره / وإن رمت قربا من حبيبي تقربا
له نور وجه أصبح الكون ظلَّهُ /
تبارك فينا ذو العلا ما أجله /
هو الحق كلى قد أحل محله /
فيبدو فأفنى ثم أحيى به له / ويسعدني حتى ألذ وأطربا
ألا أيها الحادي لذاك الحمى سر بي
ألا أيها الحادي لذاك الحمى سر بي / فأهل الهوى قومي وجيرانُه سربي
لقد لذ لي في مروة الحب والصفا / إلى وصلهم سعي وقد طاب لي شربي
وعندي إلى تلك الوجوه صبابة / أزيل بها ما أوهمت لبسة الترب
وياويح عشاق الملاحة في الهوى / يحيرون بين الشرق للشمس والغرب
ومحبوبهم لا زال فيهم مخالفاً / إذا جنحوا للسلم يجنح للحرب
رضيت بوصل الروح للروح غيبة / ولم أرض في وقت اللقا نفرة العزب
أرى القرب في البعد الذي يقتضي الوفا / بعهد الهوى خيرا من البعد في القرب
وألقيت جسمي في ديار بعيدة / عن الحب حيث الروح مقضية الأرب
وصعب الهوى سهلٌ إذا كثر الرجا / وأنواع أفراح به شدة الكرب
وما القلب إلا موضع الفقد واللقا / وما الجسم إلا للمواجيد كالدرب
ومن جهل المحبوب فالضرب موجع / له ومتى يعرفه يلتذ بالضرب
ألا هكذا في النار حال أولي الشقا / غداً بعد تحويل الحجاب عن الرب
ويومئذ معناه يوم قيامة / ويوم خلود بعده وهو للذرب
وحك يد الجرباء يدمى قروحها / وتلتذ منه النفس في الأنفس الجرب
دع المنكرين الجاحدين فإنهم
دع المنكرين الجاحدين فإنهم / ستائرنا اللاتي لحجب الأجانبِ
من الغيب مدت بالكثافة وهي من / تجلى اسمه الستار رب المواهب
فصان بهم كالدر في صدف السوى / وكالعين بالأجفان تحت الحواجب
ولا ملِكُ إلا وحجّابه به / تحف اشتمالا بالقنا والقاضب
وللكنز أرصادٌ وفيه طلاسم / يصان بها في الناس عن نيل طالب
صدقت هم الحساد نار قلوبهم / لقد نفحت من عودنا بالأطايب
وصان بهم عنهم لباب علومنا / إله البرايا بالقشور السوالب
وقد ذادهم عن ورد حوض نبينا / لدينا بتبديل من الوهم غالب
خيالات أفكار من الغيب سلطت / ملائكة منهم بهم في تناسب
ويخبث أو يزكو من الأرض نبعُها / على قدرها وهو اختلاف المشارب
رفعنا إلى أوج العلاء رؤسنا
رفعنا إلى أوج العلاء رؤسنا /
ورضنا على حكم الغرام نفوسنا /
وللغير لم نحتج به أن يسوسنا /
أيا ربة الألحان ديري كؤسنا / على من لهم في الحب أوفر منصب
أحبة هذا القلب جادوا لصبهم /
وقد طاب عيشي من دواهم وطبهم /
خذي يا صبا عني أحاديث قربهم /
وحيي أناساً قد شغفنا بحبهم / لهم منحة منا وودُّ مقرِّبِ
سرينا من التوفيق فوق نجائبِ
سرينا من التوفيق فوق نجائبِ / إلى أن دخلنا في ديار الحبائبِ
وقرت عيوني بالعيون التي رنت / إليَّ بأحداق كمثل القواضب
وفي زمزم الإقبال كان اغتسالنا / عشية أجنبنا بمس الأجانب
وطفنا ببيت العز في ذلة الهوى / وقمنا بفرض في المحبة واجب
وللحجر المعروف قام استلامنا / مقام عهود في حقوق لوازب
ونلنا الصفا عند الصفا يوم سعينا / إلى مروة التركيب فوق المراكب
وفي عرفات الوصل نلنا معارفاً / تجل عن الترتيب بين المراتب
ومزدلفات القرب مسجد خيفها / تجرد عن خوف به في الرغائب
وهذا منى قلبي بوادي منى دنا / وقد فزت من تحصيله بالغرائب
ألا يا لقومي من غزالة وجرة
ألا يا لقومي من غزالة وجرة /
جفتني وعني أظهرت فرط نفرة /
دخلت ولما صرت منها بحضرة /
نظرت إليها فاستحلت بنظرة / دمي ودمي غال فأرخصه الحبُّ
محجبة طرف الذي رامها عمي /
لها كل حسن في البرية ينتمي /
بذلت لها روحي وجسمي مرتمي /
وغاليت في حبي لها ورأت دمي / رخيصا فمن هذين داخلها العجبُ
نظرت إليها فاستحلت بنظرة
نظرت إليها فاستحلت بنظرة / على البعد شتمي ثم منها بدا السبُّ
وقالت ستدري ما أريد وقصدها / دمي ودمي غال فأرخصه الحب
وغاليت في حبي لها ورأت دمي / يجود به حبي فقالت هو الذنب
خرقت حجابي مذ نظرت تظنه / رخيصاً فمن هذين داخلها العجب
نظرت إليها فاستحلت بنظرة
نظرت إليها فاستحلت بنظرة / بعادي عنها والبعاد لي القربُ
وقد أعرضت عني وولت مبيحة / دمي ودمي غال فأرخصه الحب
وغاليت في حبي لها ورأت دمي / من العين أجراه بكائي والنحب
فقالت دم العشاق إني رأيته / رخيصا فمن هذين داخلها العجب
أيامن له الأشواق مني كثيرة
أيامن له الأشواق مني كثيرة /
ومني دموعي يوم بان غزيرة /
ويا من لقلبي في هواه سريرة /
فليتك تحلو والحياة مريرة / وليتك ترضى والأنام غضاب
خيالك في قلبي لقلبي مسامر /
وحبك للعشاق ناه وآمر /
فيا ليت غيث الوصل لي منك غامر /
وليت الذي بيني وبينك عامر / وبيني وبين العالمين خراب
لقد ذاب كلي في لقاك لك الهنا /
وبدل فقري في تجليك بالغنى /
وأنت هو الموجود حقا ولا أنا /
إذا صح منك الود يا غاية المنى / فكل الذي فوق التراب تراب
يخاطب كُلَّاً في المناجاة صاحبُهْ
يخاطب كُلَّاً في المناجاة صاحبُهْ / ويفقد كل عنده من يخاطبُهْ
كلانا وجود واحد فهي تارة / وإني طوراً والجميع مراتبه
ويا ليت شعري إن يكن هو حاضراً / فمن ذا أنا حتى أكون أقاربه
ومن هو عندي إن حضرت به أنا / ولكنها جلت علي مواهبه
هو الحق والنور الذي هو للورى / مداد به قد خطهم فيه كاتبه
فلا حرف إلا وهو فيه محقق / تضيء بشمس الذات منه غياهبه
رعى الله قوماً لا يرون له سوى / لرؤيتهم أن ليس شيءٌ يناسبه
تبدَّى فأخفاهم فكان مخاطباً / سرائر غيب واسمهن حبائبه
يناجي فلا يلقى سواه مجاوباً / فيكثر منه الشوق إذ شط غائبه
فطوراً يناديهم حبائب حضرتي / وهم عدم ما منهمو من يجاوبه
وطوراً عليهم يكثر الجود والعطا / فيثبت فيهم حبه ويواظبه
ألا يا ابن علمي إنني أنت بل أنا / هو الكون معروفاته وغرائبه
أنا مفرد والكل جمعيَ فإنَّهُ / على غير لفظي جاء بالأمر واهبه
كما جمعوا خلداً بلفظ مباعد / وما فيه حرف منه يدريه طالبه
سوى حرف دال بالدلالة مشعر / عليه إليه منه جدت ركائبه
وبالإعتبار الفرق وهي مراتب / لواحد أعداد تأنت مذاهبه
أنا الفلك في بحر الإرادة سائر / أنا الفلك الدوار تبدو كواكبه
قطعت إليه الكون أومض برقه / فيافيه لي مطويةٌ وسباسبه
وقلبي بغيب الغيب في معرك السوى / تجرّد عن تلك الغموض قواضبه
إلى أن بدت ذات الوجود فأفرغت / على مقتضى الإسم المريد قوالبه
وعاد كثيراً ليس يحصي وواحداً / فقلنا تعالى الله قد جل جانبه