القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو فِراس الحمَداني الكل
المجموع : 12
أَراني وَقَومي فَرَّقَتنا مَذاهِبُ
أَراني وَقَومي فَرَّقَتنا مَذاهِبُ / وَإِن جَمَعَتنا في الأُصولِ المَناسِبُ
فَأَقصاهُمُ أَقصاهُمُ مِن مَساءَتي / وَأَقرَبُهُم مِمّا كَرِهتُ الأَقارِبُ
غَريبٌ وَأَهلي حَيثُ ماكانَ ناظِري / وَحيدٌ وَحَولي مِن رِجالي عَصائِبُ
نَسيبُكَ مَن ناسَبتَ بِالوُدِّ قَلبَهُ / وَجارُكَ مَن صافَيتَهُ لا المُصاقِبُ
وَأَعظَمُ أَعداءِ الرِجالِ ثِقاتُها / وَأَهوَنُ مَن عادَيتَهُ مَن تُحارِبِ
وَشَرِّ عَدُوّيكَ الَّذي لاتُحارِبُ / وَخَيرُ خَليلَيكَ الَّذي لا تُناسِبُ
لَقَد زِدتُ بِالأَيّامِ وَالناسِ خِبرَةً / وَجَرَّبتُ حَتّى هَذَّبَتني التَجارِبُ
وَما الذَنبُ إِلّا العَجزُ يَركَبُهُ الفَتى / وَما ذَنبُهُ إِن حارَبَتهُ المَطالِبُ
وَمَن كانَ غَيرَ السَيفِ كافِلُ رِزقِهِ / فَلِلذِلِّ مِنهُ لامَحالَةَ جانِبُ
وَما أُنسُ دارٍ لَيسَ فيها مُؤانِسٌ / وَما قُربُ دارٍ لَيسَ فيها مُقارِبُ
أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ
أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ / وَلا لِمُسيءٍ عِندَكُنَّ مَتابُ
لَقَد ضَلَّ مَن تَحوي هَواهُ خَريدَةٌ / وَقَد ذَلَّ مَن تَقضي عَلَيهِ كَعابُ
وَلَكِنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ حازِمٌ / أَعِزُّ إِذا ذَلَّت لَهُنَّ رِقابُ
وَلا تَملِكُ الحَسناءُ قَلبِيَ كُلَّهُ / وَإِن شَمِلَتها رِقَّةٌ وَشَبابُ
وَأَجري فَلا أُعطي الهَوى فَضلَ مِقوَدي / وَأَهفو وَلا يَخفى عَلَيَّ صَوابُ
إِذا الخِلُّ لَم يَهجُركَ إِلّا مَلالَةً / فَلَيسَ لَهُ إِلّا الفِراقَ عِتابُ
إِذا لَم أَجِد مِن خُلَّةٍ ما أُريدُهُ / فَعِندي لِأُخرى عَزمَةٌ ورِكابُ
وَلَيسَ فِراقٌ ما اِستَطَعتُ فَإِن يَكُن / فِراقٌ عَلى حالٍ فَلَيسَ إِيابُ
صَبورٌ وَلو لَم تَبقَ مِنّي بَقِيَّةٌ / قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني / وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ
وَأَلحَظُ أَحوالَ الزَمانِ بِمُقلَةٍ / بِها الصُدقُ صِدقٌ وَالكِذابُ كِذابُ
بِمَن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ / وَمِن أَينَ لِلحُرِّ الكَريمِ صِحابُ
وَقَد صارَ هَذا الناسُ إِلّا أَقَلَّهُم / ذِئاباً عَلى أَجسادِهِنَّ ثِيابُ
تَغابَيتُ عَن قَومي فَظَنّوا غَباوَتي / بِمَفرِقِ أَغبانا حَصىً وَتُرابُ
وَلَو عَرَفوني حَقَّ مَعرِفَتي بِهِم / إِذاً عَلِموا أَنّي شَهِدتُ وَغابوا
وَما كُلُّ فَعّالٍ يُجازى بِفِعلِهِ / وَلا كُلُّ قَوّالٍ لَدَيَّ يُجابُ
وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي / كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ
إِلى اللَهِ أَشكو أَنَّنا بِمَنازِلٍ / تَحَكَّمُ في آسادِهِنَّ كِلابُ
تَمُرُّ اللَيالي لَيسَ لِلنَفعِ مَوضِعٌ / لَدَيَّ وَلا لِلمُعتَفينَ جَنابُ
وَلا شُدَّ لي سَرجٌ عَلى ظَهرِ سابِحٍ / وَلا ضُرِبَت لي بِالعَراءِ قِبابُ
وَلا بَرَقَت لي في اللِقاءِ قَواطِعٌ / وَلا لَمَعَت لي في الحُروبِ حِرابُ
سَتَذكُرُ أَيّامي نُمَيرٌ وَعامِرٌ / وَكَعبٌ عَلى عِلّاتِها وَكِلابُ
أَنا الجارُ لازادي بَطيءٌ عَلَيهُمُ / وَلا دونَ مالي لِلحَوادِثِ بابُ
وَلا أَطلُبُ العَوراءَ مِنهُم أُصيبُها / وَلا عَورَتي لِلطالِبينَ تُصابُ
وَأَسطو وَحُبّي ثابِتٌ في صُدورِهِم / وَأَحلَمُ عَن جُهّالِهِم وَأُهابُ
بَني عَمِّنا ما يَصنَعُ السَيفُ في الوَغى / إِذا فُلَّ مِنهُ مَضرِبٌ وَذُبابُ
بَني عَمِّنا لا تُنكِروا الحَقَّ إِنَّنا / شِدادٌ عَلى غَيرِ الهَوانِ صِلابُ
بَني عَمِّنا نَحنُ السَواعِدُ وَالظُبى / وَيوشِكُ يَوماً أَن يَكونَ ضِرابُ
وَإِنَّ رِجالاً ما اِبنَكُم كَاِبنِ أُختِهِم / حَرِيّونَ أَن يُقضى لَهُم وَيُهابوا
فَعَن أَيِّ عُذرٍ إِن دُعوا وَدُعيتُم / أَبَيتُم بَني أَعمامِنا وَأَجابوا
وَما أَدَّعي مايَعلَمُ اللَهُ غَيرَهُ / رِحابُ عَلِيٍّ لِلعُفاةِ رِحابُ
وَأَفعالُهُ لِلراغِبينَ كَريمَةٌ / وَأَموالُهُ لِلطالِبينَ نِهابُ
وَلَكِن نَبا مِنهُ بِكَفَّيَّ صارِمٌ / وَأَظلَمَ في عَينَيَّ مِنهُ شِهابُ
وَأَبطَأَ عَنّي وَالمَنايا سَريعَةٌ / وَلِلمَوتِ ظُفرٌ قَد أَطَلَّ وَنابُ
فَإِن لَم يَكُن وُدٌّ قَديمٌ نَعُدُّهُ / وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قُرابُ
فَأَحوَطُ لِلإِسلامِ أَن لا يُضيعَني / وَلي عَنكَ فيهِ حَوطَةٌ وَمَنابُ
وَلَكِنَّني راضٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ / لِيُعلَمَ أَيُّ الحالَتَينِ سَرابُ
وَما زِلتُ أَرضى بِالقَليلِ مَحَبَّةً / لَدَيكَ وَما دونَ الكَثيرِ حِجابُ
وَأَطلُبُ إِبقاءً عَلى الوُدِّ أَرضَهُ / وَذِكري مُنىً في غَيرِها وَطِلابُ
كَذاكَ الوِدادُ المَحضُ لايُرتَجى لَهُ / ثَوابٌ وَلا يُخشى عَلَيهِ عِقابُ
وَقَد كُنتُ أَخشى الهَجرَ وَالشَملُ جامِعٌ / وَفي كُلِّ يَومٍ لَفتَةٌ وَخِطابُ
فَكَيفَ وَفيما بَينَنا مُلكُ قَيصَرٍ / وَلِلبَحرِ حَولي زَخرَةٌ وَعُبابُ
أَمِن بَعدِ بَذلِ النَفسِ فيما تُريدُهُ / أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حينَ أُثابُ
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ / وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ / وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ
فَلا تَصِفَنَّ الحَربَ عِندي فَإِنَّها
فَلا تَصِفَنَّ الحَربَ عِندي فَإِنَّها / طَعامِيَ مُذ بِعتُ الصِبا وَشَرابي
وَقَد عَرَفَت وَقعَ المَساميرِ مُهجَتي / وَشُقَّقَ عَن رُزقِ النُصولِ إِهابي
وَلَجَّجتُ في حُلوِ الزَمانِ وَمُرِّهِ / وَأَنفَقتُ مِن عُمري بِغَيرِ حِسابِ
أَبيتُ كَأَنّي لِلصَبابَةِ صاحِبُ
أَبيتُ كَأَنّي لِلصَبابَةِ صاحِبُ / وَلِلنَومِ مُذ بانَ الخَليطُ مُجانِبُ
وَما أَدَّعي أَنَّ الخُطوبَ تُخيفُني / لَقَد خَبَّرَتني بِالفِراقِ النَواعِبُ
وَلَكِنَّني مازِلتُ أَرجو وَأَتَّقي / وَجَدَّ وَشيكُ البَينِ وَالقَلبُ لاعِبُ
وَما هَذِهِ في الحُبِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ / أَساءَت إِلى قَلبي الظُنونُ الكَواذِبُ
عَلَيَّ لِرَبعِ العامِرِيَّةِ وَقفَةٌ / تُمِلُّ عَلَيَّ الشَوقَ وَالدَمعُ كاتِبُ
فَلا وَأَبي العُشّاقِ ما أَنا عاشِقٌ / إِذا هِيَ لَم تَلعَب بِصَبري المَلاعِبُ
وَمِن مَذهَبي حُبُّ الدِيارِ لِأَهلِها / وَلِلناسِ فيما يَعشَقونَ مَذاهِبُ
عَتادي لِدَفعِ الهَمِّ نَفسٌ أَبِيَّةٌ / وَقَلبٌ عَلى ماشِئتُ مِنهُ مُصاحِبُ
وَجُردٌ كَأَمثالِ السَعالى سَلاهِبٌ / وَخَوصٌ كَأَمثالِ القَسِيِّ نَجائِبُ
تَكاثَرَ لُوّامي عَلى ما أَصابَني / كَأَن لَم تَكُن إِلّا لِأَسري النَوائِبُ
يَقولونَ لَم يَنظُر عَواقِبَ أَمرِهِ / وَمِثلِيَ مَن تَجري عَليهِ العَواقِبُ
أَلَم يَعلَمِ الذُلّانُ أَنَّ بَني الوَغى / كَذاكَ سَليبٌ بِالرِماحِ وَسالِبُ
وَإِنَّ وَراءَ الحَزمِ فيها وَدونَهُ / مَواقِفَ تُنسى دُنَهُنَّ التَجارِبُ
أَرى مِلءَ عَينَيَّ الرَدى فَأَخوضُهُ / إِذِ المَوتُ قُدّامي وَخَلفي المَعايِبُ
وَأَعلَمُ قَوماً لَو تَتَعتَعتُ دونَها / لَأَجهَضَني بِالذَمِّ مِنهُم عَصائِبُ
وَمُضطَغِنٍ لَم يَحمِلِ السِرَّ قَلبُهُ / تَلَفَّتَ ثُمَّ اِغتابَني وَهوَ هائِبُ
تَرَدّى رِداءَ الذُلِّ لَمّا لَقيتُهُ / كَما تَتَرَدّى بِالغُبارِ العَناكِبُ
وَمِن شَرَفي أَن لايَزالُ يُعيبُني / حَسودٌ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ عائِبُ
رَمَتني عُيونُ الناسِ حَتّى أَظُنُّها / سَتَحسُدُني في الحاسِدينَ الكَواكِبُ
فَلَستُ أَرى إِلّا عَدُوّاً مُحارِباً / وَآخَرَ خَيرٌ مِنهُ عِندي المُحارِبُ
هُمُ يُطفِؤونَ المَجدَ وَاللَهُ موقِدٌ / وَكَم يَنقُصونَ الفَضلَ وَاللَهُ واهِبُ
وَيَرجونَ إِدراكَ العُلا بِنُفوسِهِم / وَلَم يَعلَموا أَنَّ المَعالي مَواهِبُ
وَهَل يَدفَعُ الإِنسانُ ماهُوَ واقِعٌ / وَهَل يَعلَمُ الإِنسانُ ماهُوَ كاسِبُ
وَهَل لِقَضاءِ اللَهِ في الناسِ غالِبٌ / وَهَل مِن قَضاءِ اللَهِ في الناسِ هارِبُ
عَلَيَّ طِلابُ المَجدِ مِن مُستَقِرِّهِ / وَلا ذَنبَ لي إِن حارَبَتني المَطالِبُ
وَهَل يُرتَجى لِلأَمرِ إِلّا رِجالُهُ / وَيَأتي بِصَوبِ المُزنِ إِلّا السَحائِبُ
وَعِندِيَ صِدقُ الضَربِ في كُلِّ مَعرَكٍ / وَلَيسَ عَلَيَّ إِن نَبَونَ المَضارِبُ
إِذا كانَ سَيفُ الدَولَةِ المَلكُ كافِلي / فَلا الحَزمُ مَغلوبٌ وَلا الخَصمُ غالِبُ
إِذا اللَهُ لَم يَحرُزكَ مِمّا تَخافُهُ / فَلا الدُرعُ مَنّاعٌ وَلا السَيفُ قاضِبُ
وَلا سابِقٌ مِمّا تَخَيَّلتَ سابِقٌ / وَلا صاحِبٌ مِمّا تَخَيَّرتَ صاحِبُ
عَلَيَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ أَنعُمٌ / أَوانِسُ لَم يَنفِرنَ عَنّي رَبائِبُ
أَأَجحَدُهُ إِحسانُهُ فِيَّ إِنَّني / لَكافِرُ نُعمى إِن فَعَلتُ مُوارِبُ
لَعَلَّ القَوافي عُقنَ عَمّا أَرَدتُهُ / فَلا القَولُ مَردودٌ وَلا العُذرُ ناضيبُ
وَلا شَكَّ قَلبي ساعَةً في اِعتِقادِهِ / وَلا شابَ ظَنّي قَطُّ فيهِ الشَوائِبُ
تُؤَرِّقُني ذِكرى لَهُ وَصَبابَةٌ / وَتَجذُبُني شَوقاً إِلَيهِ الجَواذِبُ
وَلي أَدمُعٌ طَوعى إِذا ما أَمَرتُها / وَهُنَّ عَواصٍ في هَواهُ غَوالِبُ
فَلا تَخشَ سَيفَ الدَولَةِ القَرمَ أَنَّني / سِواكَ إِلى خَلقٍ مِنَ الناسِ راغِبُ
فَلا تَلبَسُ النُعمى وَغَيرُكَ مُلبِسٌ / وَلا تُقبَلُ الدُنيا وَغَيرُكَ واهِبُ
وَلا أَنا مِن كُلِّ المَطاعِمِ طاعِمٌ / وَلا أَنا مِن كُلِّ المَشارِبِ شارِبُ
وَلا أَنا راضٍ إِن كَثُرنَ مَكاسِبي / إِذا لَم تَكُن بِالعِزِّ تِلكَ المَكاسِبُ
وَلا السَيِّدُ القَمقامُ عِندي بِسَيِّدٍ / إِذا اِستَنزَلَتهُ عَن عُلاهُ الرَغائِبُ
أَيَعلَمُ مانَلقى نَعَم يَعلَمونَهُ / عَلى النَأيِ أَحبابٌ لَنا وَحَبائِبُ
أَأَبقى أَخي دَمعاً أَذاقَ كَرىً أَخي / أَآبَ أَخي بَعدي مِنَ الصَبرِ آإِبُ
بِنَفسي وَإِن لَم أَرضَ نَفسي لَراكِبٌ / يُسائِلُ عَنّي كُلَّما لاحَ راكِبُ
قَريحُ مَجاري الدَمعِ مُستَلَبُ الكَرى / يُقَلقِلُهُ هَمٌّ مِنَ الشَوقِ ناصِبُ
أَخي لا يُذِقني اللَهُ فِقدانَ مِثلِهِ / وَأَينَ لَهُ مِثلٌ وَأَينَ المُقارِبُ
تَجاوَزَتِ القُربى المَوَدَّةُ بَينَنا / فَأَصبَحَ أَدنى مايُعَدُّ المُناسِبُ
أَلا لَيتَني حُمِّلتُ هَمّي وَهَمُّهُ / وَأَنَّ أَخي ناءٍ عَنِ الهَمِّ عازِبُ
فَمَن لَم يَجُد بِالنَفسِ دونَ حَبيبِهِ / فَما هُوَ إِلّا ماذِقُ الوُدِّ كاذِبُ
أَتاني مَعَ الرُكبانِ أَنَّكَ جازِعٌ / وَغَيرُكَ يَخفى عَنهُ لِلَّهِ واجِبُ
وَما أَنتَ مِمَّن يُسخِطُ اللَهَ فِعلُهُ / وَإِن أَخَذَت مِنهُ الخُطوبُ السَوالِبُ
وَإِنّي لَمِجزاعٌ خَلا أَنَّ عَزمَةً / تُدافِعُ عَنّي حَسرَةً وَتُغالِبُ
وَرِقبَةَ حُسّادٍ صَبَرتُ لِوَقعِها / لَها جانِبٌ مِنّي وَلِلحَربِ جانِبُ
وَكَم مِن حَزينٍ مِثلِ حُزني وَوالِهٍ / وَلَكِنَّني وَحدي الحَزينُ المُراقِبُ
وَلَستُ مَلوماً إِن بَكَيتُكَ مِن دَمي / إِذا قَعَدَت عَنّي الدُموعُ السَواكِبُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / تَناقَلُ بي فيها إِلَيكَ الرَكائِبُ
نَدَبتَ لِحُسنِ الصَبرِ قَلبَ نَجيبِ
نَدَبتَ لِحُسنِ الصَبرِ قَلبَ نَجيبِ / وَنادَيتَ بِالتَسليمِ خَيرَ مُجيبِ
وَلَم يَبقَ مِنّي غَيرُ قَلبٍ مُشَيِّعٍ / وَعودٍ عَلى نابِ الزَمانِ صَليبِ
وَقَد عَلِمَت أُمّي بِأَنَّ مَنِيَّتي / بِحَدِّ سِنانٍ أَو بِحَدِّ قَضيبِ
كَما عَلِمَت مِن قَبلِ أَن يَغرَقَ اِبنُها / بِمَهلَكِهِ في الماءِ أُمُّ شَبيبِ
تَجَشَّمتُ خَوفَ العارِ أَعظَمَ خُطَّةٍ / وَأَمَّلتُ نَصراً كانَ غَيرَ قَريبِ
وَلِلعارِ خَلّى رَبُّ غَسّانَ مُلكَهُ / وَفارَقَ دينَ اللَهِ غَيرَ مُصيبِ
وَلَم يَرتَغِب في العَيشِ عيسى اِبنُ مُصعِبٍ / وَلا خَفَّ خَوفَ الحَربِ قَلبُ حَبيبِ
رَضيتُ لِنَفسي كانَ غَيرَ مُوَفَّقٍ / وَلَم تَرضَ نَفسي كانَ غَيرَ نَجيبِ
أَتَزعَمُ ياضَخمَ اللَغاديدِ أَنَّنا
أَتَزعَمُ ياضَخمَ اللَغاديدِ أَنَّنا / وَنَحنُ أُسودُ الحَربِ لانَعرِفُ الحَربا
فَوَيلَكَ مَن لِلحَربِ إِن لَم نَكُن لَها / وَمَن ذا الَّذي يُمسي وَيُضحي لَها تِربا
وَمَن ذا يَلُفُّ الجَيشَ مِن جَنَباتِهِ / وَمَن ذا يَقودُ الشُمَّ أَو يَصدُمُ القَلبا
وَوَيلَكَ مَن أَدى أَخاكَ بِمَرعَشٍ / وَجَلَّلَ ضَرباً وَجهَ والِدِكَ العَضبا
وَوَيلَكَ مَن خَلّى اِبنَ أُختِكَ موثِقاً / وَخَلّاكَ بِاللَقّانِ تَبتَدِرُ الشَعبا
أَتوعِدُنا بِالحَربِ حَتّى كَأَنَّنا / وَإِيّاكَ لَم يُعصَب بِها قَلبُنا عَصبا
لَقَد جَمَعَتنا الحَربُ مِن قَبلِ هَذِهِ / فَكُنّا بِها أُسداً وَكُنتَ بِها كَلبا
فَسَل بَردَساً عَنّا أَخاكَ وَصِهرَهُ / وَسَل آلَ بَرداليسَ أَعظَمُكُم خَطبا
وَسَل قُقُواساً وَالشَميشَقَ صِهرَهُ / وَسَل سِبطَهُ البَطريقَ أَثبَتُكُم قَلبا
وَسَل صيدَكُم آلَ المَلايِنِ إِنَّنا / نَهَبنا بِبيضِ الهِندِ عِزَّهُمُ نَهبا
وَسَل آلَ بَهرامٍ وَآلَ بَلَنطَسٍ / وَسَل آلَ مَنوالَ الجَحاجِحَةَ الغُلبا
وَسَل بِالبُرُطسيسِ العَساكِرَ كُلَّها / وَسَل بِالمُنَسطَرياطِسِ الرومَ وَالعُربا
أَلَم تُفنِهِم قَتلاً وَأَسراً سُيوفُنا / وَأُسدَ الشَرى المَلأى وَإِن جَمُدَت رُعبا
بِأَقلامِنا أُجحِرتَ أَم بِسُيوفِنا / وَأُسدَ الشَرى قُدنا إِلَيكَ أَمِ الكُتبا
تَرَكناكَ في بَطنِ الفَلاةِ تَجوبُها / كَما اِنتَفَقَ اليَربوعُ يَلتَثِمُ التُربا
تُفاخِرُنا بِالطَعنِ وَالضَربِ في الوَغى / لَقَد أَوسَعَتكَ النَفسُ يا اِبنُ اِستِها كِذبا
رَعى اللَهُ أَوفانا إِذا قالَ ذِمَّةً / وَأَنفَذَنا طَعناً وَأَثبَتَنا قَلبا
وَجَدتُ أَباكَ العِلجَ لَمّا خَبَرتُهُ / أَقَلُّكُمُ خَيراً وَأَكثَرَكُم عُجبا
أَساءَ فَزادَتهُ الإِساءَةُ حُظوَةً
أَساءَ فَزادَتهُ الإِساءَةُ حُظوَةً / حَبيبٌ عَلى ماكانَ مِنهُ حَبيبُ
يَعُدُّ عَليَّ العاذِلونَ ذُنوبَهُ / وَمِن أَينَ لِلوَجهِ المَليحِ ذُنوبُ
فَيا أَيُّها الجافي وَنَسأَلُهُ الرِضا / وَيا أَيُّها الجاني وَنَحنُ نَتوبُ
لَحى اللَهُ مَن يَرعاكَ في القُربِ وَحدَهُ / وَمَن لايَحوطُ الغَيبَ حينَ تَغيبُ
لَبِسنا رِداءَ اللَيلِ وَاللَيلُ راضِعٌ
لَبِسنا رِداءَ اللَيلِ وَاللَيلُ راضِعٌ / إِلى أَن تَرَدّى رَأسُهُ بِمَشيبِ
وَبِتنا كَغُصنَي بانَةٍ عابَثَتهُما / إِلى الصُبحِ ريحا شَمأَلٍ وَجَنوبِ
بِحالٍ تُرَدُّ الحاسِدينَ بِغَيظِهِم / وَتَطرِفُ عَنّا عَينَ كُلِّ رَقيبِ
إِلى أَن بَدا ضَوءُ الصَباحِ كَأَنَّهُ / مَبادي نُصولٍ في عِذارِ خَضيبِ
فَيا لَيلُ قَد فارَقتَ غَيرَ مُذَمِّمٍ / وَيا صُبحُ قَد أَقبَلتَ غَيرَ حَبيبِ
لَقَد عَلِمَت قَيسُ اِبنُ عَيلانَ أَنَّنا
لَقَد عَلِمَت قَيسُ اِبنُ عَيلانَ أَنَّنا / بِنا يُدرَكُ الثَأرُ الَّذي قَلَّ طالِبُه
وَأَنّا نَزَعنا المُلكَ مِن عُقرِ دارِهِ / وَنَنتَهِكُ القَرمَ المُمَنَّعَ جانِبُه
وَأَنّا فَتَكنا بِالأَغَرِّ اِبنِ رائِقٍ / عَشِيَّةَ دَبَّت بِالفَسادِ عَقارِبُه
أَخَذنا لَكُم بِالثَأرِ ثارَ عُمارَةٍ / وَقَد نامَ لَم يَنهَد إِلى الثَأرِ صاحِبُه
أُقِرُّ لَهُ بِالذَنبِ وَالذَنبُ ذَنبُهُ
أُقِرُّ لَهُ بِالذَنبِ وَالذَنبُ ذَنبُهُ / وَيَزعَمُ أَنّي ظالِمٌ فَأَتوبُ
وَيَقصِدُني بِالهَجرِ عِلماً بِأَنَّهُ / إِلَيَّ عَلى ماكانَ مِنهُ حَبيبُ
وَمِن كُلِّ دَمعٍ في جُفوني سَحابَةٌ / وَمِن كُلِّ وَجدٍ في حَشايَ لَهيبُ
قَناتي عَلى ما تَعهَدانِ صَليبَةٌ
قَناتي عَلى ما تَعهَدانِ صَليبَةٌ / وَعودي عَلى ماتَعلَمانِ صَليبُ
صَبورٌ عَلى طَيِّ الزَمانِ وَنَشرِهِ / وَإِن ظَهَرَت لِلدَهرِ فِيَّ نُدوبُ
وَإِنَّ فَتىً لَم يَكسِرِ الأَسرُ قَلبَهُ / وَخَوضُ المَنايا جِدَّهُ لَنَجيبُ
أَلا إِنَّما الدُنيا مَطِيَّةُ راكِبٍ
أَلا إِنَّما الدُنيا مَطِيَّةُ راكِبٍ / عَلا راكِبوها ظَهرَ أَعوَجَ أَحدَبا
شُموسٌ مَتى أَعطَتكَ طَوعاً زِمامَها / فَكُن لِلأَذى مِن عَقِّها مُتَرَقِّبا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025