المجموع : 7
قفا نقتبس من نور تلك الركائب
قفا نقتبس من نور تلك الركائب / فما ظعنتْ إلا بزُهر الكواكب
وإلا بأقمارٍ من الحيِّ لُحْنَ في / مشارقَ من أحداجِها ومغاربِ
سَرَت وعُباب الليل يزخرُ موجُه / ولا منشآتٍ غيرَ هُوجٍ لواغبِ
فما زلتُ أُذري أبحراً من مدامعي / على خائضاتٍ أبحراً من غياهبِ
و ما بيَ إلا عارضٌ سلبَ الكرى / بخفّةِ برقٍ آخرَ الليلِ واصبِ
أضاء بذات الأثْلِ والأثلُ دونه / وجيفُ المطايا والعتاق الشوازبِ
فيا دَيْنَ قلبي من تألُّقِ بارقٍ / سرى فاتَّقَتْه مُقلتي بسحائبِ
ويا لحماماتٍ بكينَ و إنَّما / غدوتُ قتيلَ الشوقِ وهي نوادبي
كِلُوْنا لأطراف الرماحِ فإننا / نكلنا جميعاً عن لحاظِ الحبائبِ
وإنَّا لمنْ قومٍ تهابُ نُفوسُهُمْ / عيونَ المها دونَ القَنا والقواضبِ
تمرُّ بنا الأنواءُ وهي هواطلٌ / فنرغبُ عنها بالدموع السَّواكبِ
وفاءً لدهرٍ كان مستشفعاً لنا / بسودِ الليالي عند بيضِ الكواعبِ
فكم ليلةٍ ليلاءَ خلَّيْتُ مثلَها / من الهَمِّ في غربيبها المتراكبِ
بكلِّ فتاةٍ إن رمتكَ بسهمها / فعنْ حاجبٍ تشبيهُهُ قوسُ حاجبِ
تنسمتُ من أنفاسها أَرَجَ الصَّبا / وجَنَّبْتُ عُلْويَّ الصَّبا والجنائبِ
وما جَنَّت الظّلماءُ إلا لبستُها / دثاراً على ضافي شعور الذوائبِ
وقد أذهلتني عن نجوم سمائها / نجومُ حُلِيٍّ في سماء ترائبِ
أوانَ هصرتُ الوصلَ تندى فروعُهُ / جنىً ووردتْ الأنسَ عذبَ المشاربِ
فقد أَفلتت تلك المها من حبائلي / ونكَّبَ إسعافُ المنى عَنْ مطالبي
تغيَّرتِ الأيامُ حتى تغيَّرتْ / بها أقربائي غدرةً وأجانبي
وعلَّمني صَرفُ الزمان ورَيْبُهُ / بن أقتناء الناس شر المكاسب
وكنت إذا فارقت إلفاً بكيته / بكاءَ عديٍّ صنوَهُ بالذَّنائبِ
فها أنا إن أُشْعِرتُ رحلةَ ظاعنٍ / تلقيتُه منها بفرحةِ آيبِ
فلم تحملِ الغبراءُ أنجبَ من فتىً / رمى غُبْرَ أعلامِ العلا بالنجائبِ
ولا صحبتْ كفّي على دلجِ السُرى / أبرَّ وأوفى منْ رقيق المضاربِ
ولا انتُدبتْ فوقَ البَنان يراعةٌ / لأوجبَ من تحسين ذكر ابن واجبِ
شهابٌ لو أنَّ الليل أُلبسَ نُورَهُ / نَضا مِعطفيهِ من ثياب الغياهبِ
وروضةُ علمٍ أغدَقَتْ جنَباتُها / بشؤبوبِ وَبْلٍ للبلاغة صائبِ
نَماهُ إلى العلياءِ كلُّ مُرجَّبٍ / عظيمُ رمادِ النار سبْطُ الرواجبِ
من القوم شادوا مجدهمْ بمواهبٍ / تُريك الغمامَ الوُطف أدنى المواهبِ
غطارفة شمُّ الأُنوفِ تسنَّموا / من الدولةِ الغَرّاءِ أعلى المراتبِ
وَهَينُونَ إلا أَنهم لِعَدوِّهِمْ / أَبيُّونَ أمثالَ القرومِ المصاعبِ
هُمُ أَدَّبوا الأيامَ حتى تحصَنتْ / ذنوبُ عواديها بحُسن العواقبِ
وهمْ أكملوا العلياءَ من بعد كونِها / خَداجاً وحلَّوْها بغُرِّ المناقبِ
لها من نجوم السَّعدِ أَيمَنُ طالبٍ / ومن صاحبِ الأحكامِ أفضل صاحبِ
إليكَ أبا حفصٍ رفعتُ من النُّهى / عرائسَ تُجلى في حليِّ غرائبِ
مِنَ المُحْكَماتِ الواضحاتِ لو ارْتدت / بهنَّ الدُّجى أَغنينَها عن كواكبِ
إذا غبتُ عن أرضٍ قَضَتْ لي على النَّوى / شواردُ منها أنني غيرُ غائبِ
وإن رحتُ أُمليهِنَّ ودَّ عُطاردٌ / لحسن معانيهنَّ لو كان كاتبي
مكرَّمةٌ عن أن يُذالَ مَصونُها / بغلظةِ محجوبٍ وعَبْسَة حاجبِ
ولي مهجةٌ لا تُسْتَمالُ بنائلٍ / ولا تَرتجي بالشِّعر خِلعةَ واهبِ
بعيدةُ شأوِ الهَمِّ ترغب في العلا / وكسبِ المساعي الغرِّ لا في الرغائبِ
تساوى لديها القُلُّ والكُثرُ عِدَّةً / تخالُ البحارَ الخضرَ زُرْقَ المذانبِ
وألبستها عزَّ القناعةِ إنَّهُ / رداءٌ حَمَتْهُ همّتي كلَّ سالب
إذا رُفِعَتْ نارُ القِرى ليلة الطَّوى / لها عدَلَتْ عنها لنار الحُباحِبِ
طردتُ إليكم شُرَّداً لم تزدكمُ / علوّاً على أعراقِكم والمناسبِ
ولكنَّني حلَّيْتُ أبكارَ منطقي / بما لكمُ من سؤدَدٍ ومناقبِ
ألا جزعتْ بيضُ السيوف على فتىً
ألا جزعتْ بيضُ السيوف على فتىً / أَغَرَّ إذا ما جارَ بالسَّفْرِ غَيْهَبُ
رمتْه المنايا عندما غَشِيَ الوغى / وقد جعَلَتْ نيرانُها تتلهب
وقالوا لسانُ السَّمهريِّ أصابهُ / بنجلاءَ لا حدُّ الحسامِ المذرَّب
فواعجبا للبحرِ أَردته نقطةٌ / وللقمر الوضَّاحِ أرداه كوكب
غداةَ النَّوى زُمَّتْ لبينٍ ركائبُ
غداةَ النَّوى زُمَّتْ لبينٍ ركائبُ / عليها قِبابٌ حَشْوُهَنَّ كواعبُ
طلعنَ شموساً والديارُ مشارقٌ / لهنَّ وأحداجُ القلاص مغارب
تطاول ليلي بعد إمعان سيرهم / وآلى الدُّجى أن لا تغورَ الكواكب
فلا صبحَ إلا من محيَّا خريدةٍ / ولا ليلَ إلا فوقَ صُبحٍ ذوائب
تأوَّبني منهنَّ سُهْدٌ وعَبْرَةٌ / فلا أدمعي تَرْقا ولا النومُ آيب
عذاب الثنايا عذبت قلب مغرم / براه عذاب من جوى الحب واصب
بأيِّ نعيٍّ صَبَّحَتْنا الركائب
بأيِّ نعيٍّ صَبَّحَتْنا الركائب / وفي أيِّ عِلْقٍ حاربتنا النَّوائبُ
أَحقّاً فتى الفتيانِ سُلِّمَ للردى / وأَسْلَمَهُ جيرانُه والأقاربُ
بكتْه سيوف ُ الهندِ ملءَ جفونها / وسُمْرُ العوالي والعِتاقُ الشَّوازب
وأصبحت العلياءُ غُفْلاً كأنَّها / رُسومٌ محَتْهُنَّ الصَّبا والجنائب
وما راعنا إلا الوفودُ وقد جَلَتْ / ضمائرَهُمْ تلكَ الدموعُ السَّواكب
إذا سئلوا عن آلِ داودَ أعْوَلوا / كما أعْوَلَتْ وُرْقُ الحمامِ النوادب
فمِن نبأٍ تسودُّ منه قلوبنا / ومِنْ حَدَثٍ تبيضُّ منه الذوائب
أغارت على الشُمِّ المغاويرِ منهمُ / رعالُ جيوشٍ للردى ومَقانب
فلم يُغْنِ جُردٌ في الأعنَّةِ شُهِّرَت / ولم تُجْدِ بيضٌ في الأكفِّ قواضب
ويا لَمَضاءِ المشرفيةِ دونهمْ / لو انَّ المنايا إذ سَرَيْنَ كتائب
لئن كان يُذْرَى الدمعُ حزناً ولوعةً / لقد آن أن تُذْرى الدموع السّوارب
لمُسْفِرِ صُبْحٍ دونَهُ الموتُ سافرٌ / وحاجبِ شمسٍ دونها الثكلُ حاجب
وهَضبةِ حلمٍ منْ شمارخها النُّهى / وزهرةِ مجدٍ من رُباها المناقب
تضمَّن منه القبرُ حَلْيَ شبيبةٍ / يُخَيِّلُ لي أنَّ الترابَ ترائب
فواحزنا ألا أُشاهدَ مجلساً / تُشاهِدُهُ أَخلاقُهُ والضَّرائب
و يا أسفا ألاّ أُطيقَ ابتسامةً / إذا خَطَبَتْ للهمِّ حولي غَياهب
لئن أمستِ الولدانُ شِيباً لموتِهِ / فكم شَبَّ في أَحْوَى حماهُ الأشايب
وإن صَفِرَتْ منه يدُ المجدِ والعلا / فكم مُلِئَتْ من راحتيهِ الحقائب
يقولُ أُناسٌ لو تعَزَّيْتَ بعده / فكلُّ عزاءٍ في مصابك عازِبُ
ووالله ما طرفي عليكَ بجامدٍ / وهل تجمد العينانِ والقلبُ ذائب
ولا لغليلِ البرْحِ بعدكَ ناضحٌ / ولو نشأَتْ بين الضلوعِ سحائب
رُوَيْدَ الليالي كم تَهُمُّ بضيمنا / وتطرُقُنا منها همومٌ نواصِب
نُسالمُ هذا الدهرَ وهو محاربٌ / ونطمعُ في إعتابِه وهو عاتب
تُساقُ أَبيّاتُ النفوس ذليلة / إليه وتنقادُ القُرومُ المَصاعبُ
لئن غُلِبَ الليثُ الهصورُ وشِبْلُهُ / فما لهما يوماً سوى اللهِ غالب
هو القدرُ المحتومُ إن جاءَ مُقدِماً / فلا الغابُ محروسٌ ولا الليث واثب
وكائنْ طَلَبْنا العيشَ صفواً جِمامُهُ / فلمْ تخلُ منْ رَنْقِ الخطوبِ المشارب
ومَنْ يَبْلُ أَنْفاسَ الورى ونفوسَهُمْ / يَجِدْها ديوناً تَقْتَضيها النوائب
وما تفتُرُ الأيامُ تطلبُنا بها / فيُدْرَكُ مطلوبٌ ويَظْفَرُ طالب
وما الناسُ إلا خائضو غمرةِ الردى / فطافٍ على ظهرِ التُرابِ وراسب
أبا حسَنٍ طال الحجابُ ولم يكنْ / يعوقُ رجائي عن لقائكَ حاجب
أبا حسَنٍ قد آبَ كلُّ مودِّعٍ / فمَن ضامنٌ للمجد أَنك آيب
أنبكيكَ أم نبكي أباك لغارةٍ / تُشَنُّ لقد ضاقت علينا المذاهب
تَزَلْزَلَ من طَوْدِ الكهولةِ باذخٌ / وأُخمدَ من نورِ الشبيبةِ ثاقِبُ
وصوَّح أصلُ المَعْلُواتِ وفَرْعُها / وقد يتبعُ الأصلَ الفروعُ الأطايب
بأيِّ اتِّفاقٍ والحياةُ بمائها / وأيّ اتفاقٍ بعدُ والعيشُ ناضب
نوائبُ لم يَقْنَعْنَ منكمْ بواحدٍ / وواحدُكُمْ عن مَشْهَد الكلِّ نائب
فليتَ العلا إذ جفْ منهنَّ جانبٌ / تَبَقَّى على عَهْدِ الغَضارَةِ جانب
وليتَ بحارَ الجوادِ إذ غاضَ ماؤُها / تدومُ لنا تلكَ العِهاد الصَّوائب
فيا عجباً للسّيدين طوتهُما / معاً حادثاتٌ كلُّهُنَّ عجائب
أكانا على وعدٍ من الموتِ صادقٍ / فخانهما وعدٌ من العيش كاذب
عزاءً بني داودَ إنَّ قلوبكم / صوارمُ تفري الحزنَ منها مَضارب
فمَن يصدَعِ الخطبُ الملمُّ صفاتَهُ / فعزمكُمُ المشهورُ للصَّدْعِ شاعب
وكيف بهذا الموتِ إنْ كانَ صَبْرُكُمْ / وفيه لباناتٌ لكم ومآرب
وكم مَشْرَعٍ حامتْ عليه نفوسُكُمْ / ولا ماءَ إلاّ المُرْهَفاتُ القواضب
وما زلتمُ في الرَّوْعِ معتنقي القَنا / كما اعتنقتْ يومَ الوداع الحبائب
بقيتمْ ومحذورُ الرَّدى متنصِّلٌ / ومعتذرٌ مما جَنَاهُ وتائب
ولا زالَ رَوْحُ الله يَسْري لأعْظُمٍ / تَغَايَرُ في سَقْيِ ثراهُ السحائب
غريرٌ يباري الصبحَ إشراقُ خدِّه
غريرٌ يباري الصبحَ إشراقُ خدِّه / وفي مفرقِ الظلماءِ منه نصيبُ
ترفُّ بفيهِ ضاحكاً أقحوانةٌ / ويهتزُّ في بُرْدَيْهِ منه قضيبُ
وَما أَنَسَ لا أَنسَ اِزدِياري بِلَيلَةٍ
وَما أَنَسَ لا أَنسَ اِزدِياري بِلَيلَةٍ / طَرَقتُ بِها الذَلفاءَ دُونَ رَقِيبِ
دَعَوتُ وَراء السِجفِ مِنها جِدايَةً / مَرابُعها في أَضلُعٍ وَقُلُوبِ
تُمَسِّحُ عَن أَجفانِها سِنَةَ الكَرى / بِراحَةِ فِضِّيّ البَنانِ خَضِيبِ
فَغازَلتُها وَاللَيلُ مُلقٍ جِرانَهُ / إِلى أَن تَهادَت نجمَةٌ لِغُرُوبِ
وَنازَعتُها شَكوى أَلَذَّ مِن الكَرى / تُسَكِّنُ مِن لَذعٍ بِها وَوَجيبِ
فَيا لَيتَ أَنَّ النَسرَ قُصَّ جَناحُهُ / وَيا لَيتَ أَنّ الصُبحَ غَيرُ قَرِيب
أَلا هَل لِعُلوِيٍّ الرِياحِ هُبوبُ
أَلا هَل لِعُلوِيٍّ الرِياحِ هُبوبُ / فَيُخبِرنَ هَل عَهدُ المزارِ قَرِيبُ
وَهَل أَطرُقُ الحَيّ الِّذي كُنتُ طارِقاً / إِذ العَيشُ محضٌ وَالزَمانُ خَصِيبُ
عَزيزٌ يُباهي الصُبحَ إِشراقُ نَحرِهِ / وَفي مَفرِقِ الظَلماءِ مِنهُ مَشِيبُ
تَرِفُّ بِفِيهِ ضاحِكاً أَقحُوانَةٌ / وَيَهتَزُّ في بُردَيهِ مِنهُ قَضِيبُ
سَقى اللَهُ ذاكَ العَهدَ عَهدَ غَمامَةٍ / وَقَد جَنَّبت مِنهُ السَحابَ جَنُوبُ
تَصُوبُ دُمُوعُ العَينِ مِنهُ صَبابَةً / وَيَهفو بِقَلبِ البَرقِ مِنهُ حَبيبُ