المجموع : 8
كأنّ الثُّرَيا تقدم الفجرَ والدُّجى
كأنّ الثُّرَيا تقدم الفجرَ والدُّجى / يضم حَواشِى سَجْفِه للمَغاربِ
مُقدَّمُ جيشِ الرّوم أَوْمَى بكفه / لتهديد جيشٍ من بنى الزنج هارب
تَوَلَّوا فَأَفْنَى الهمُّ قلبي عليهمُ
تَوَلَّوا فَأَفْنَى الهمُّ قلبي عليهمُ / وصِرْتُ بلا قلبٍ كأنىَ قَلْبُهُ
وزادَ إلى أنْ كدتُ أَفْنَى من الضَّنى / وقال الأسى للهمِّ وَيْلَك حَسْبُه
ونَّفر صبحُ الشيبِ ليلَ شَيبتي / كذا عادتي في الصُّبِح معْ من أحبه
أَلاَ هلْ إلى بَرْدِ الأَصائلِ بالحِمىَ
أَلاَ هلْ إلى بَرْدِ الأَصائلِ بالحِمىَ / على الرملِ في ظِلِّ الأَراكِ إِيابُ
ليالِيَ يُزْهِينِي لذيذُ حديثكم / وألفاظُه مهمَا استعدتُ عِذاب
ولا مرسل إلا لساني إِليكُم / ولا في سوى دمعي يُرَدّ جواب
ولا تَستثير الشوقَ مني حمامةٌ / ويُذْكِرني يومَ الفراق غراب
ودار وإخوان وأهل وجيرة / وأمن وأمر نافِذ وشباب
لقد خِلتُ فضلَ الأفضلَ اختصني به / كعادته لو لم يُزله ذهاب
بَدا شَيْبُه قبلَ ابتداءِ شَبابِه
بَدا شَيْبُه قبلَ ابتداءِ شَبابِه / وولَّى الصِّبا عنه عَقيبَ اغْترابِهِ
وما حان وقتُ الشيبِ منه وإنما / له عِلَّةٌ من وَجْدِه واكْتئابه
فدَام طبيعيُّ السوادِ بشعرِه / دوامَ مَشيبٍ تحت زُور خِضابه
ومن خامرَتْ خمر الهوى كأس لُبِّه / فإنّ نجومَ الشيبِ بعضُ حَبابه
ولما طَمَى بحرُ الغرامِ بقلبه / طَفا زَبَدٌ في فَرْقِه من عُبابه
حَذِرتُ الهوى مذْ كنتُ حتى استفَزَّني / بوجهٍ كأنَّ الشمس تحت نقابه
وقد كتب الحسنُ اسَمه فوقَ خَدَّه / ولم يَبْد إلا نُونُه من كتابه
وقد أَطلعَتْ أزْرارُه الشمسَ في الدُّجَى / وماد النَّقا بالغُصنِ تحتَ ثيابه
وما عَجَبي من روضةٍ طَلَّها النَّدَى / على خَدِّه لم تَحتْرِق بالْتِهابه
ومن بَرَدٍ يَفْتَرُّ عنه وكيف لم / يَذُب وهْو مغمورٌ بشَهد رُضابِه
أحِنُّ إلى الفُسطاط ما لم أكن به / حنينَ طَليحِ الرَّكْبِ بعدَ ذهابه
وتَهْفُو بقلبي زَفْرةٌ لو تَلبَّسَتْ / بصُمِّ الصَّفا لانتْ مُتونُ صِلابه
وأسمو لرَوضىِّ النسيمِ لعلّني / أُصادف منه نَفْحةً من تُرابه
واستقبلُ الرُّكْبانَ من كلِّ وِجْهةٍ / لعلَّ بمصرٍ ذاكرا في خِطابه
وأهجرُ عَذْبَ الماءِ معْ طول غُلَّةٍ / إذا لم يُنِلنِي النِّيلُ بردَ شَرابه
وتَسْودُّ في عينِي البلادُ تذكُّراً / لخضرةِ شَطَّيْهِ وبيضِ قِبابه
وكم لي على سفحِ المقطَّم وَقْفةٌ / لها أثرٌ في وَهْدِه وهِضابه
فَضَضْنا بها سِلْك الحديثِ فخِلْتُه / يَميد بنا زَهْوا لطيبِ عِتابه
وفي البركةِ الغَنَّاءِ للطَّرْفِ مَسْرَحٌ / نَهَى ما انْطَوَى من جَفْنه عن مآبه
يُبلِّغُنا عن زَهْرِها وافدُ الصَّبا / سَلاما تَولَّى المسكُ رَدَّ جوابهِ
إذا جَمَّش الغُدرانَ واهِى نَسيمِها / حَكَتْ زَرَدا فُضَّت أَعالِي عُبابه
وَينْسلُّ في ساحاتِها كلُّ جَدْولٍ / كما سُلَّ مَطْرورُ الشَّبا من قِرابه
ولما حَباني الدهرُ منه بعودةٍ / وراجَعَ حظى بعدَ طولِ اجْتِنابه
وهبتُ لقُرْبٍ سَرَّني بنعيمه / جنايَة بُعْدٍ ساءني بعِقابه
فإن كنتُ في مصرٍ غَريبا فجُلُّ ما / يَنالُ الغَريبُ العِزُّ عند اغْتِرابه
وردتُ بها بحرَ النَّوال مُشرِّقا / وغرَّب غيري آمِلا لسَرابه
فأصبحتُ فيهاَ خادمَ الأَفْضلِ الذي / زَحَمتُ ملوكَ الأرضِ تحتَ رِكابه
جَلوتُ عليه كلَّ عذراءَ ما ارْتَضَتْ / ببعلٍ إلى أن هَرْولتْ بحجِابه
جَهدت فما غاليْتُ في مدحِه بها / ولكنني غاليتُ في مَدْحِها به
إذا نَوَتِ الآمالُ للجودِ حجَّةً / فما تَجْتَرِى إلا الوقوفُ ببابه
وتَسْتلم الركنَ اليَمانِى بداره / وتُكْمِل سَعيا في طوافِ جَنابه
زَرَتْ كُّفه اليمنى على الغيثِ فانثنتْ / به خَجْلةٌ عن مصرَ بعد انْسِكابه
وما النيلُ إلا مُشْبِهٌ بعضَ نَيْلِه / إذا غَمَر الدنيا بفَيْضِ انْصِبابه
إذا ادخر المالَ الملوك فإنما / جزيلُ الثَّنا والحمدِ جُلُّ اكْتِسابه
على أنَّ ما حازُوه من صَدقاتِه / عليهم لما يحظى به من ثوابه
ويُحِيى رِضاهُ النفسَ بعدَ فَنائِها / ويُفْنِى سُطاه الليثَ داخلَ غابه
إذا ما عَتا شيطانُ أرض وإنْ نَأَتْ / فأقربُ شيءٍ منه نارُ شِهابِه
أَجار من الأيام فالحُرُّ آمِنٌ / على نفسه من صَرْفِها وانْقِلابه
ومَدَّ بِساطَ العدلِ حتى تَوقَّرت / أسودُ الشَّرَى في القَفْرِ قبلَ ذئابه
فما الحَرَمُ المشهور بالأمنِ في الوَرَى / بآمَنَ من صحرائهِ وَيبابِه
له سيفُ نصرٍ كلَّما هزَّ نصلَه / تَتَبَّع نابُ الموتِ أمرَ ذُبابه
وجيشُ اعْتزامٍ تَظْلَعُ الريحُ خَلْفَه / وتَقْفُوا أَوالِى البرقِ أُخْرَى عِرابه
يُقاتلُ عنه الرُّعبُ قبلَ قِتاله / ويضرِب عنه النصرُ قبلَ ضِرابه
يُضايقُ وجهَ الأرضِ طَوْرا بجيشِه / فأَعْوَزُ شيءٍ جَلْسَةٌ في رِحابه
وثارَ به في ساحةِ الخوفِ قَسْطَلٌ / فضاقتْ على عِقْبانِه وسَحابه
وأَطْرَفَ طَرْف الشمسِ حتى كأنّها / وقد خَفِيتْ وَسْنَى لفَرْطِ ضَبابه
وبثَّ على البحر الأساطيل جَحْفَلا / بأكثرَ من نِينانِه ودَوابه
فضَمَّ مُتون اللٌّجِّ منتِظم القَنا / كما يَتراءَى شِبْهُهم في إهابه
إذا عَن شاهِنْشاهُ ذِكْرا تزعزعتْ / قوى كلِّ جبارٍ لفَرْط ارْتِعابه
كَسا الفَضْلُ فضْلا حين أضْحَى سَمِيَّه / ومَتَّ إلى أَفْعالِه بانتسابه
له قلمٌ يستخدِم السيفَ والقَنا / وتُغْنى وتُفْنى قطرةٌ من لُعابه
تَوَدّ سُوَيْدا قلبِ كلِّ أخِى نُهىً / إذا مدَّ نفْسا لو جرَتْ في مُذابه
فمهما توالتْ نعمةٌ فبشَهْدِه / ومهما تناهتْ نقمةٌ فبصَابِه
جمعتَ فنونَ الفضل فاخترتَ كل ما انْ / فرَدْتَ به من لُبِّه ولُبابه
فيا عيدَ عيدَ الخَلْقِ يَهْنِيه أنه / يُقيم ثلاثاً في ذَراكَ كدابِه
ويُبصر فيها كلَّ مَلْكٍ مُقبِّلا / لَدَيْك الثَّرَى معْ كبره واعْتِجابه
ويعلم أن العيد وجهُك دائما / بمصرٍ ولكن نابَ بعضَ مَنابه
وأنّ له من عُظْمِ قَدْرِك في الوَرَى / ومن نَحْرِك الأعداءَ بعضَ مَشابه
بقيتَ تُهَنَّا كلَّ يومٍ بنعمةٍ / مَدَى الدهرِ من تَوْديعِه لإيابِه
فإنك معنىً والخليفةُ كلُّها / كلامُ زمان لو عَداكَ هَذَى به
لقد جُدْتَ حتى ما دَنا منك وافدُ
لقد جُدْتَ حتى ما دَنا منك وافدُ / وخَوَّفتَ حتى ما نَأَى عنك عازبُ
وقد اثْنَتِ الدنيا عليك وأهلُها / فأَنْسَيْتَ من أَثنتْ عليه الحَقائب
رجاؤكَ في نيلِ السعادةِ بابُ
رجاؤكَ في نيلِ السعادةِ بابُ / وما دونَ من يَبْغِى نَداك حِجابُ
إذا أملٌ ناجاك وهْما ففَوْزُه / بجملةِ ما يرجوه منك جَواب
يَمينُك للعافِين بحرٌ وجَنَّة / لها ثَمرٌ لا ينقِضي وعُباب
رَعَى بك فَضْلُ الأفضلِ الملكِ الوَرَى / فنائِلُه غيثٌ وأنت سحاب
هو البحرُ والأنهار والنِّيل والحَيا / وسائر أَملاكِ الأَنامِ سَراب
أَحَّلك من إجلاله في مَحلَّة / لهاَ زُحَلٌ والنَّيِّرات تُراب
فيا نعمةَ اللهِ التي عَمَّت الوَرَى / فإنعامُها لم يُغْنِ عنه مَناب
لِعَبْدِك في ميسورِ فضِلك حاجةٌ / نَتيجتُها منه ثَناً وَثَواب
وقد حثَّني في قَصْدِكَ الْحَزْمُ والحِجَا / ومَنْ رأيُه فيما يُشِيرُ صَواب
فحَسْبُ الليالي ما لها فيَّ مَطْمعٌ / فقد ضَمَّني للقائِدَين جَناب
وأنزلتُ حاجاتي بفضلِ بني أبي ال / شجاعِ فهم لي ملجأ ومَآب
فقد أَنْجَحَ اللهُ المَساعي ببابِهم / وأَتْعب قوما جانبوه فخابوا
مَسارح جودٍ للأماني خصيبَةٌ / مَواردُ فضلٍ للعُفاةِ عِذاب
إليك الْتَجا مَنْ ضامَه الدهرُ واعتدتْ / عليه خُطوب لا تُطاق صِعاب
وكم حائن أَوْدَى به ضَنْك عيشِه / وللدهرِ فيه مِخْلَبان وناب
فنادى أبا عبد الإله على النَّوَى / فنَفَّس ذاك الخطبَ منه خِطاب
وقد بشرَتْني بالنجاح دَلائلٌ / وظَنٌّ صَفا سِرّا فليس يُشاب
فجاهُك موقوف لمن يَسْتَميحَه / وذلك عُرْفٌ لا يُخِلُّ ودَاب
فعِشْ في حياةِ الأفضل المنعش الوَرَى / بغامرِ فضلٍ يُرْتَجَى ويُهاب
ذكرتُ به عهداً كأنْ لم أفُزْ به
ذكرتُ به عهداً كأنْ لم أفُزْ به / وعيشاً كأني كنتُ أقطعه وَثبا
يذم المحبون الرقيبَ وليت لي
يذم المحبون الرقيبَ وليت لي / من الوصل ما يُخْشَى عليه رقيبُ