القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 9
لقاءُ الأمانِي في ضمان القَواضِبِ
لقاءُ الأمانِي في ضمان القَواضِبِ / ونيلُ المعالي في ادِّراعِ السَّبَاسِبِ
إِذا ما ارتمى بالمرء مَنْسِمُ ذِلّةٍ / فليس له إِلّا اقتعادُ الغَواربِ
وما قَذَفاتُ المجدِ إِلّا لفاتكٍ / إِذا هَمَّ لم يستَقْرِ سُبْلَ العواقبِ
إِذا استاف ضيماً عاده خُنْزُوانةٌ / وشَمَّمَ عِرنينَ الألَدّ المحاربِ
وصَحبٍ كجُمَّاعِ الثُّرَيَّا تأَلُّفَاً / مغاويرَ نُجْلِ الطعنِ هُدْلِ الضرائبِ
إِذا نزلوا البطحاءَ سدَّوا طِلاعَها / بسُمْرِ القَنَا والمقرباتِ السَّلاهِبِ
مطاعينُ حيثُ الرمحُ يزحَمُ مثلَهُ / على حَلَقِ الدِّرع ازدحامَ الغرائبِ
يَمُدّونَ أطرافَ القَنَا بخوادِرٍ / كأنّ القَنَا فيها خُطوطُ الرَّواجبِ
إِذا أوردوا السمر اللِّدانَ تحاجزوا / بها عن دماءِ الأُسْدِ حُمْرَ الثعالبِ
بهم أقتضي دينَ الليالي إِذا لوت / وأبلُغُ آمالي وأقضي مآربي
وانتهبُ الحَيَّ اللَّقاحَ وأكتفِي / بريعانِ عزمي عن طِرادِ التجاربِ
وهاجرةٍ سجراءَ تأكلُ ظِلَّها / ملوَّحَةِ المِعْزاء رمضَى الجَنادبِ
ترى الشمسَ فيها وهي تُرسِلُ خيطَها / لتمتاحَ رِيَّاً من نِطافِ المذانبِ
سَفَعْنا بها وجهَ النهار فراعَنَا / بنُقْبَةِ مُسْوَدِّ الخياشيم شاحبِ
وبات على الأكوار أشلاءُ جُنَّحٍ / خوافقُ فوق العِيس ميلُ العصائبِ
فلما اعتسفنا ظِلَّ أخضرَ غاسقٍ / على قِمَع الآكامِ جُونِ المناكبِ
وردنا سُحيراً بين يومٍ وليلةٍ / وقد عَلِقَتْ بالغَرب أيدي الكواكبِ
على حينَ عرَّى منكِبُ الشرقِ جذبةً / من الصبح واسترخَى عِنانَ الغياهبِ
غديراً كمرآة الغريبةِ تلتقي / بصَوْحَيْه أنفاسُ الرياحِ اللَّواغبِ
إِذا ما نِبالُ الفَقْرِ تاحتْ له اتَّقَى / بموضُونةٍ حَصْداءَ من كل جانبِ
بمنعَرجٍ من رَيْدِ عيطاءَ لم تزلْ / وقائعُه يرشفنَ ظَلْمَ السحائبِ
يقبِّلُ أفلاذَ الحَيا ويُكِنُّها / بطاميةِ الأرجاء خُضر النَّصائبِ
بعيسٍ كأطرافِ المَدارَى نواحلٍ / فَرَقْنا بها الظلماءَ وُحْفَ الذوائبِ
نشطنَ به عذباً نِقاخا كأنّما / مشافرُها يُغمِدْن بيضَ القواضبِ
رأينَ جِمامَ الماء زُرقاً ومثلَها / سنا الصبحِ فارتابتْ عيونُ الركائبِ
فكم قامحٍ عن لُجَّةِ الماء طامحٍ / إِلى الفجرِ ظنَّ الفجرَ بعضَ المشاربِ
إِلى أن بدا قَرْنُ الغزالةِ ماتِعاً / كوجهِ نظام الملك بينَ المواكبِ
فما روضةٌ بالحَزْنِ شعشَعَ نَوْرَها / طليقُ العزالى مستهلُّ الهواضبِ
جرتْ في عنانِ المُرزَمِينَ وأوطِئَتْ / مضاميرَها خيلُ الصَّبَا والجَنائبِ
كأن البروقَ استودعتها مشاعلاً / تباهي مصابيحَ النجومِ الثواقبِ
كأن القَطارَ استخزنتها لآلِئاً / فمن جامدٍ في صفحتيها وذائبِ
يُريكَ مُجاجَ القَطْرِ في جَنَباتِها / دموعَ التشاكِي في خُدودِ الكواعبِ
بأعبقَ من أخلاقهِ الغُرِّ إنها / لطائِمُ فضَّتْها أكفُّ النواهبِ
إِذا عُدَّ من صُيَّابةِ الفُرْسِ رهطُه / أقرَّتْ لعلياهُ لُؤَيُّ بنُ غالبِ
وأبيضَ لولا الماءُ في جَنَباتِه / تَلَسَّنُ في خدَّيه نار الحَباحِبِ
أضرَّ به حُبُّ الجَماجمِ والطُّلَى / فغادَرهُ نِضواً نحيلَ المضاربِ
يَوَدُّ سِباعُ الوحش والطيرِ أنّه / يُفَدَّى بأنيابٍ لها ومخالبِ
ينافسُ في يُمنَى يديه يراعةً / مُرَوَّضةَ الآثار ريَّا المساحبِ
إِذا التفعتْ بالليل غرَّةُ صُبْحِه / جرى سنُّهُ مجراهُما بالعجائبِ
عزائمهُ في الخَطْبِ عُقْلُ شواردٍ / وآراؤه في الحرب خُطمُ مصاعبِ
إِذا صالَ روَّى السُّمْرَ غيرَ مراقبٍ / وإنْ قال أمضَى الحُكْمَ غيرَ مُواربِ
ملقّي صدور الخيلِ كلَّ مرشَّةٍ / مهوَّرةِ الجُرْفينِ شَهْقَى الحوالبِ
وقائدها جُرداً عناجيجَ طوَّحتْ / أعنَّتَها مستهلكاتِ الحَقائبِ
إِذا ضاقَ ما بين الحسامينِ لم يزلْ / يجولُ مجالَ العِقْدِ فوقَ الترائبِ
يشُنُّ عليها الركضُ وبلَ حميمها / إذا غيَّمتْ بالعِثْيَرِ المتراكبِ
يقرِّطُها مثنَى الأعنَّة حازمٌ / ألَدُّ جميعُ الرأي شتَّى المذاهبِ
يقدِّمُها والجدُّ يَضمنُ أنه / متى ما التقَى الزحفانِ أوّلُ غالبِ
رمى بنواصِيها الفراتَ فأقبلتْ / مُغَيَّبَةَ الأعطافِ تُلعَ المناكِبِ
وخاضَ بها جيحانَ يلطم مَوْجَهُ / ملاطمةَ الخصم الألدِّ المشاغبِ
خميسٌ أقاصي الشرقِ تُرزم تحته / وترتَجُّ منه أُخرياتُ المغاربِ
إِذا خاضَ بحراً لم يُبقِّ صدورُهُ / لإعجازهِ في البحر نُغْبَةَ شاربِ
وإن رامَ بَرَّاً لم يدعْ سَرَعانُه / لساقتهِ في البَّرِ موقفَ راكبِ
أرادتْ وفودُ الريحِ والقَطْرِ حصرَهُ / فمن ذارعٍ لا يستطيعُ وحاسبِ
فما حسبته القَطرُ غيرَ غوالبٍ / ولا ذرعتهُ الهُوجُ غيرَ لواغبِ
يروعُ به الأعداءَ أروعُ سيفُهُ / يُراوحُ ما بينَ الطُّلَى والعَراقبِ
يفُلُّهُمُ بالرَّوْعِ قبلَ طِرادِهمْ / ويَهزِمهُمْ بالكُتْبِ قبلَ الكتائبِ
رآنِيَ والأيامُ تَحرِقُ نابَها / فأنقذَ شِلْوِي من نُيُوبِ النوائبِ
وأعلقَنِي الحبلَ المتينَ وطالما / تقطَّعَ حَبْلي في أكُفِّ الجواذِبِ
وأبصر ما فَوَّتْنَ نفسي وأُسرتِي / فغرَّمَها حتى دهور الشبائبِ
نصيحُكما فيما يقولُ مُريبُ
نصيحُكما فيما يقولُ مُريبُ / وشأنُكما في اللائمينَ عجيبُ
وإن الذي أسرفْتُما في ملامِهِ / بهِ من قِراعِ الحادثاتِ نُدوبُ
فما سَمْعُه للعاذِلاتِ بعُرضةٍ / ولا قلبُه للظاعنينَ جَنِيبُ
إِذا ما أتيتُ الغَوْرَ غورَ تِهامة / تطَلَّعَ نحوي كاشِحٌ ورقيبُ
يقولون مَنْ هذا الغريبُ وما لَهُ / وفِيمَ أتانا والغريبُ مُريبُ
غَدا في بُيوتِ الحي ينشُدُ نِضْوَهُ / ونحن نرى أَنَّ المُضِلَّ كَذُوبُ
وهل أنا إلا ناشِدٌ في بُيوتِهم / فؤاداً به مما يُجِنُّ ندوبُ
وماذا عليهم أنْ يُلِمَّ بأرضهمْ / أخو حاجةٍ نائي المزارِ غريبُ
وما راعَهمْ إلا شمائلُ ماجدٍ / طَروبٍ أَلا إنَّ الكريمَ طروبُ
ولو نامَ بعضُ الحَيِّ أو غابَ ليلةً / لقرَّتْ عيونٌ واطمأنَّ جُنوبُ
خليليَّ بالجَرْعاءِ من أيمَن الحَمى / هل الجزعُ مرهومُ الرياضِ مَصُوبُ
وهل نطفةٌ زرقاءُ ينقشها الصَّبَا / هنالك سَلسالُ المذاق شَروبُ
فعهدي به والدهرُ أغيَدُ والهَوى / بماء صِباهُ والزمانُ قَشِيبُ
وبالسَّفحِ مَوْشِيُّ الحدائقِ آهلٌ / وبالجِزْع مَوْلِيُّ الرياض غريبُ
بأبطحَ مِعْشابٍ كأن نسيمَهُ / ثناءٌ لمجدِ المُلْكِ فيه نصيبُ
هو الأزهرُ الوضَّاحُ أَمّا مَهزُّه / فلَدْنٌ وأمّا عُودهُ فصليبُ
ذَهوبٌ من العلياءِ في كلِّ مذهبٍ / وَهوبٌ لما يحوي عِداهُ نَهوبُ
يُشَيِّعُه في ما يرومُ فُؤادُه / إِذا خَانَ آراءَ الرِّجالِ قُلوبُ
منوعٌ لأطراف الممالك حافظٌ / جَمُوعٌ لأشتاتِ العَلاءِ كَسُوبُ
أخو الحَزْمِ أَمّا الغورُ منه فإنَّه / بعيدٌ وأَمّا المستقَى فقريبُ
يَنوبُ عن الأنواءِ فيضُ يمينهِ / ويُغني عن البيضاء حين تغيبُ
ويرفَضُّ نُجْحَاً وعدُه لعُفَاتِه / وبعضُهمُ في ما يقولُ خَلوبُ
مُدَبِّرُ مُلكٍ لا تني عَزَماتُه / إِذا ما ترامتْ بالخُطوبِ خُطُوبُ
وحامِي ذمارٍ لا تزالُ جِيادُه / تحومُ على ثَغْر العِدَى وتلوبُ
بهِ انتعش المُلكُ المُضاعُ وأقبلتْ / توائبُه بعدَ الفواتِ تثوبُ
أقامَ عمودَ المُلك بالشرق وانثنى / إِلى الغربِ نَاءٍ حيثُ كان قَريبُ
ولما سما للبغي ثانِيَ عِطْفِه / طَموعٌ لأقصَى ما يُرامُ طَلوبُ
وضَمَّ إِلى ظِلِّ اللواء عصابةً / مقاحيمَ تُدعَى باسمه فتُجيبُ
وضاعتْ حقوقُ المُلك إِلّا أقلَّها / وكادتْ ظُنونُ الأولياءِ تَخِيبُ
وأيقظَ أبناءُ الضَّلالةِ فتنةً / تهالَكَ فيها مُخطِئٌ ومُصيبُ
أُتِيحَ لها شَزْرُ المريرةِ مُقْدِمٌ / على الهَول مصحوبُ الجَنانِ مَهيبُ
سَرَى يطردُ الجُرْدَ العِتاقَ سواهِماً / ترامَى بها بعدَ السُهوبِ سُهوبُ
موارِقُ تمتاحُ الغبارَ وقد طَوى / شمائلَها طَيَّ الرداءِ لغُوبُ
إِذا ما لبسنَ الليلَ طفلاً خلعْنَهُ / عليه ووَخْطُ الصُبحِ فيه مشيبُ
لها مصَّةُ الماء القَراحِ ونشطةٌ / من الروض والمرعَى أعمُّ خصيبُ
يؤُمُّ بها أرضَ العراق مُشَاوِرٌ / وقد عاثَ في السَّرْحِ المسَيَّبِ ذيبُ
هجمنَ عليها بالقنابل والقَنَا / تَمُورُ على أكتافهن كعُوبُ
تعاسلنَ أطراف القُنيّ كأنها / جَرادٌ زهتها بالعَشِيِّ جَنُوبُ
وفي سرعانِ الخيل رائِدُ نُصْرةٍ / له موطِيٌء أينَ استرادَ عَشيبُ
يَرُدُّ دبيبَ المارقين بوثبةٍ / وهل يتساوى وثبةٌ ودَبيبُ
أمرَّ لهم عقدَ المكيدةِ حازمٌ / بصيرُ بأدواءِ الخُطوب طبيبُ
تنام العِدَى من كيدهِ وهو ساهرٌ / وتفتُرُ عمَّا هَبَّ وهو دَؤُوبُ
إِذا أضمروا كيداً تدلَّى عليهم / عليمٌ بأسرارِ الغُيوب لَبيبُ
وما أُتِيَ المغرورُ فيمن برى له / من الحزمِ لولا ما جَناهُ شَعُوبُ
أرادَ وقد حاقَ الشقاءُ بجدِّهِ / مغالبةَ الأقدارِ وهي غلوبُ
ولم يكن المقدارُ فيما علمْتُهُ / لِيُسْعَدَ عبداً أوبقَتْهُ ذُنوبُ
سرى نحوَهُ الحَيْنُ المُتاحُ ودونَهُ / بِساطٌ لأيدي اليَعْمُلاتِ رحيبُ
وعاجله المقدارُ من دون بغيه / وللبغي سيفٌ بالدماءِ خَضِيبُ
ولم يَدْرِ أَنَّ العزَّ كان رِداؤُهُ / مُعَاراً إِلى أن خَرَّ وهو سليبُ
وأُقسِمُ لولا يُمْنُ جَدِّك قُطِّعَتْ / رِقابٌ وعُلَّتْ بالدماءِ جُيوبُ
هي الغمرةُ العظمى تجلَّتْ وأقلعتْ / برأيكَ إِذْ عمَّ القلوبَ وجيبُ
تقوض إِقلاعَ الجَهام فسادها / وقد كانَ يَهْمي وَدْقُهُ ويصُوبُ
أبُثُّكَ مجدَ المُلْكِ قولةَ صادقٍ / وكِذْبُ الفَتَى فيما يُحَدِّثُ حوبُ
أُراني لَقَىً لا أُنْتَضَى لِمُلِمَّةٍ / ولا أُرتَضَى للخطب حين ينُوبُ
يُثَبِّطنِي فضلي عن الغاية التي / يَخِفُّ إِليها جاهلٌ فيُصِيْبُ
ويقصُرُ باعي أنْ ينالَ شظيّةً / من العِزِّ يزكو نَيْلُها ويَطيبُ
وهُلْكُ الفتى أن لا يُساءَ بسطوهِ / عدوٌ ولا يرجُو جَداهُ حبيبُ
فهَبْ ليَ يوماً منك يُنْشَرُ ذِكْرُهُ / فأنتَ لما يرجو العُفاةُ وهوبُ
وعِشْ سالماً طولَ الزمان فإِنما / بقاؤك زيَنٌ للزمان وطِيبُ
لنجمكَ في أفقِ المكارم رفعةٌ / وللريح في جوّ العلاءِ هُبوبُ
أهابَ به داعي الهَوى فأجابا
أهابَ به داعي الهَوى فأجابا / وعاودَهُ نكسُ الصّبَا فتصَابَى
وأدَّاهُ من بعدِ التجارب رأيُهُ / إِلى أن عصَى حُكْمَ الحِجَى فتغابَى
وطابَ له عن غِرَّةِ العيشِ أَرْيُهُ / وقد ذاقَ من طعمِ التجارب صَابَا
وحَلَّ عِقَالَ العَقْلِ عندَ يَدِ الهَوى / فسامَ كما شاء الغرامُ وسَابَا
وشَام بُرَيْقَاً بالحِمى شاقَ لَمْعُهُ / رفاقاً وخيلاً بالغُويرِ عِرَابَا
تناعس للأيقاظ فوقَ رِحالِهم / فمدّوا عُيوناً نحوَهُ ورِقَابَا
فكم دونَ ذاك البرق من متجلِّدٍ / يُكاتمُ أسرارَ الغَرامِ صحَابَا
وآخرَ نمّامِ الجفونِ زفيرهُ / يشُقُّ وراءَ السابريِّ حِجابَا
ومن مُقْصِرٍ يصمي حَماطةَ قلبهِ / صوائبُ وُطْفٌ ما كُسِينَ لُغَابَا
يُردّدُ طرفا في صَرى الدمع سابحاً / ويَرقِي فُؤاداً بالعَزاء مُصَابَا
وأغيدَ لو خاصرتَهُ في سُجوفِه / لردَّ مشيبَ العارضَيْنِ شَبابَا
أغنَّ إِذا استمليتَ وحيَ جُفونِه / درسْنَ من السحرِ المبينِ كِتابَا
فيا رُفقة تُزجِي الرِكابَ طلائحاً / سقَتْهَا الغوادِي رُفقةً ورِكابَا
حَدا بِهِمُ حادي الغرامِ فَيَمَّمُوا / مساقِطَ مُزْنٍ بالأباطحِ صابَا
ولو قايَسُوا بالمُزْنِ عيني لصادفوا / دُموعيَ أندى العارضين سَحابَا
يَؤُمّونَ أرضاً بالبِطَاحِ أريضَةً / وزُرقَ حمامٍ بالعُذَيبِ عِذَابَا
ومرهومةً مرقومةً عُنِيَتْ بها / صَناع كستْ وجهَ السماء نِقَابَا
يلينُ لها قلبُ الهجير إِذا قَسا / بسُقْيا جُفونٍ ما يَزَلْنَ رِطَابَا
وتهدي إليها في النسيمِ إِذا سرَى / لطائمُ تَحوي عنبراً ومَلابَا
لك اللّه إني ناشدٌ كَبِداً بها / صُدوعٌ فهل من مُنْشِدٍ فيُثَابَا
وهل عندكم صبرٌ جميلٌ فتعمرُوا / فُؤاداً من الصبرِ الجميلِ خرابَا
وهل فيكمُ راقٍ فيشفي برُقْيَةٍ / لديغَ هوىَ يرجُو لديهِ ثَوابَا
وهل نظرةٌ عجلَى يُريكَ اختلاسُها / غليلَ مُعَنَّى لا يذوقُ شَرابَا
أخادعُ نفسِي بالسؤالِ تعَلُّلاً / وإن لم تردُّوا للسؤالِ جَوابَا
وما الرأيُ إلّا الهجرُ لو أنَّ مُسْعِداً / من الصبرِ إذ يُدعَى إليهِ أجابَا
إِذا ما الهَوى استولَى على الرأي لم يدعْ / لصاحبهِ في ما يراهُ صَوابَا
مَلِلْتُ ثَوائي بالعراقِ وملَّني / رفاقي وكانوا بالعراق طِرابَا
وأَنفقتُ من عُمْرِي وذاتِ يدي بها / بضائِعَ لم أملِكْ لهُنَّ حسابَا
وزاحمت مهري والمهنَّدَ في الغِنَى / فلم أُبْقِ إلّا مِقوداً وقِرابَا
وأبْلَى بها الجُردُ العِتاقُ أجِلَّةً / عليهنَّ والصحبُ الكرامُ ثِيابَا
وفارقَنِي أهلُ الصَّفاءِ تبرُّماً / بشَحْطِ نوىً شابوا عليه وشَابَا
فلا زائرٌ يَغشَى جنابي لحاجةٍ / ولا أنا أغشَى ما أقمتُ جَنابَا
ولا موقِدٌ ناري بعلياءَ للقِرَى / ولا رافعٌ لي بالعَراء قِبابَا
إِذا قلتُ إني قد ظفِرتُ بصاحبٍ / سكنتُ إليه خاننِي وأرابَا
أُقلِّبُ عيني لا أرى غيرَ صاحبٍ / ظننتُ به الظَّنَّ الجميلَ فخابَا
وكيف ثَوائي بالعراق وقد غَدا / عليّ بها رَوْحُ النسيم عَذابَا
هو الربعُ لم يُخْلَق بنوه أعزَّةً / كِراماً ولم تَنبُتْ قناهُ صلابَا
ولا طرقت أُمُّ الحفاظِ بماجدٍ / ولا حضَنَتْ ظِئرُ العفافِ كِعابَا
بنو الغَدْرِ لما فتَّشَ البحثُ عنهم / أراكَ وميضَاً خُلَّباً وسَرابَا
متى ما نَبَا دهرٌ نَبَوا وتصَّرفُوا / على حالتَيْه جَيْئَةً وذَهابَا
معاشرُ لو طابَ الثرى في بلادِهم / زكا عندَهم غرسُ الجميلِ وطابَا
مناكِيدُ تأبَى أن تجودَ لِقاحُهم / بِدَرِّ بَكِيٍّ أو تُشَدّ عِصابَا
إِذا استخبَر المرءُ التجاربَ عنهمُ / أرتْهُ بِهاماً رُتَّعاً وذِئَابَا
إِذا كنتَ عند الحادثاتِ وقد عرتْ / مِجَنّاً لهم كانوا قَناً وحِرابَا
أُفارقُهم لا آسفاً لفراقِهمْ / ولا مؤْثِراً نحو العراق إيابَا
فيا عجباً حتى الخلافةُ ما رأتْ / لحقِّيَ أن أُجْزَى به وأُثَابَا
ولم تَرْعَ لي نُصْحِي القديمَ وخدمتِي / أخوضُ غِماراً أو أروضُ صِعابَا
لَعمري لَقَدْ ماحضتُها النُّصحَ باذلاً / لوُسعي وقد رُدَّتْ إليَّ منابَا
فيا ليت نُصحي كان غِشَّاً وطاعتي / نفاقاً وصِدقي في الولاء خِلابَا
كما صار آمالي غُروراً وخدمتي / هباءً وسعيي خيبةً وتَبابَا
ويا ليتني دامجتُ فيه معاشراً / تركتهُمُ شُوْسَاً عليَّ غِضَابَا
أليس زُرَيقٌ لم يخَفْ أن أمضَّهُ / عتاباً وهل يخشَى اللئيمُ عتابَا
تصاممَ عنِّي أو تعامَى ولم يخَفْ / سِهاماً من العَتْبِ الممِضِّ صِيَابَا
وفَيْتُ بعهدٍ كان بيني وبينَهُ / وبينَ مَقاماتٍ بمصرَ خطابَا
ولو صَحَّ ما يُعزى إليه لحلَّقتْ / بأشلائه رُبْدُ النُّسورِ سِغَابَا
وكيف يُرَجِّي من يكونُ ادِّعَاؤُهُ / وَلاءَ أميرِ المؤمنين كِذابَا
لعمريَ ما فارقتُ ربعيَ عن قِلىً / ولا رَضيَتْ نفسي سواهُ مَآبَا
ولكنْ تكاليفُ السيادةِ جَعْجَعَتْ / برحلي ودهرٌ بالحوادثِ رَابَا
أهُمُّ بأمرٍ والليالي تردُّنِي / وأجمعُ شملي والحوادثُ تابَى
سقَى اللّه جَيَّا ما أرقَّ نسيمهَا / إِذا الظِلُّ من لفحِ الهواجرِ ذابَا
وأندى ثراها والغوادي شحيحةٌ / بصوبِ حَياها أن تبلَّ تُرابَا
وأطيبَ مغناها وأعذبَ ماءَها / وأفيحَها للطارقينَ رِحابَا
وأبهى رِباعاً وسْطَها ومنازلاً / وأزكى صُحوناً حولَها وهِضَابَا
عسى اللّه يقضي أوبةً بعد غيبةٍ / ويختِمُ بالحُسنَى ويفتحُ بابَا
لعَمْرُكَ ما يُرْجَى شِفائِيَ والهَوى
لعَمْرُكَ ما يُرْجَى شِفائِيَ والهَوى / له بين جسمي والعظامِ دَبيبُ
أُجِلُّكَ أنْ أشكو إليك وأنطوي / على كَمَدي إن الهَوى لعجيبُ
وآمُلُ بُرءاً من جوىً خامرَ الحَشى / وكيف بداءٍ لا يراهُ طبيبُ
نصيبُكَ من قلبي كما قد عَلِمتَهُ / وما لي بحمدِ اللّه منكَ نصيبُ
وما أدَّعِي إلا اكتفائي بنظرةٍ / إليك ودعوى العاشقينَ ضُروبُ
وما بُحْتُ بالسِّرِ الذي كان بيننا / ولكنما لحظُ المُحِبِّ مُريبُ
وليلةِ وصلٍ قد قدرتُ فصدَّنِي / حيائي أَلا إنَّ الحياءَ رقيبُ
لقد بغَّضَ المرآةَ عنديَ أنَّها
لقد بغَّضَ المرآةَ عنديَ أنَّها / تطالعُني بالشيبِ من كل جانبِ
كما حَبَّبَ المِقراضَ عندي أنَّهُ / يُطَرِّي شبابي في عيونِ الحبائبِ
تحسَّنتِ الأيامُ ثم تنكرتْ
تحسَّنتِ الأيامُ ثم تنكرتْ / فعفَّى على إحسانهنَّ ذنوبُها
وقد كان طَلْقاً وجهُها فتجهَّمتْ / وغَيَّرَ ذاكَ البِشْرَ منه قطُوبُها
وأكبرُ عيبٍ في الليالي حُؤولُها / سريعاً وإن كانت كثيراً عيوبُها
أُعلّلُ نفسي بالأمانيّ ضَلَّةً / وأحلَى أمانِيِّ النفوسِ كَذوبُها
مُنىً إن تكنْ كِذْباً فقد طابَ كذبُها / وإن صدقَتْ يوماً تضاعف طِيْبُها
لمنْ في عِراصِ البيدِ نُوقٌ مَطَاريبُ
لمنْ في عِراصِ البيدِ نُوقٌ مَطَاريبُ / يُدَرِّسُها رجعَ الحداءِ الأعاريبُ
تُشلُّ بأطرافِ القَنا قد تردَّعَتْ / من الدَّمِ والمسكِ الذكيِّ الأنابيبُ
عليها هلالٌ من هِلالِ بنِ عامرٍ / به يَهتدي جُنْحَ الظلامِ الأراكيبُ
يَحُفُّ بها آسادُ خُفَّانَ تحتَها / سراحينُ إلا أنهنَّ سَراحِيبُ
أغيلِمةٌ لا يملِكُ الحزمُ بأسَهُم / هُمُ والمذاكي والرياحُ مناسيبُ
ولي كَبِدٌ مقروحةٌ وجوانِحٌ / تَحكَّمُ فيهن الحِسانُ الخراعيبُ
إِذا رنَّحتها خَطوةٌ أو ترجَّحَتْ / لها صَبْوةٌ أطَّتْ كما أطَّتِ النِّيْبُ
وعينٌ نصوحُ الماقيينِ إِذا رأتْ / معالمَ حَيٍّ فالدموعُ شَآبِيبُ
وأعوانُ حبٍّ إنْ عفَا كَلْمُ صَبْوةٍ / فلِلقلب منها عَقْرُ كلمٍ وتعذيبُ
رُويحةُ أصباحٍ وخفقةُ بارقٍ / وأورقُ غِرِّيدٌ وأسحمُ غِربيبُ
وفي أُخرياتِ الليل زار رِحالَنا / خيالٌ له أسآدُ سهرٍ وتأويبُ
يُلِمُّ ومن أعوانِه الخِدْرُ والدُّجَى / ويسري ومن أعدائِه الحَلْيُ والطِيبُ
وعينيَ في ضَحْضَاحِ نومٍ مُصَرَّدٍ / يغازلُ جَفنيها كما يلِغُ الذِّيبُ
وقد مَعَجتْ ريحُ الصَّبَا وتخاوصتْ / نجومٌ لها في طُرَّةِ الغرب تصويبُ
بمعتركِ الأحلام يطلبُ ثأرَهُمْ / بنو الحربِ والبيضُ الحسانُ الرعابيبُ
فما جُرِّد البيض الرقاق لمشهدٍ / كما ابْتُزَّ عن تلك الخدود الجَلابيبُ
فيا حسنَها أضغاثُ حُلمٍ وبَردَها / على القلب لولا أنهنَّ أكاذيبُ
ألا حبَّذَا ظِلٌّ بنَعمانَ سَجْسَجٌ / يُزاحِفُه عَذْبُ المذاقةِ أُثعوبُ
إِذا فطمتْهُ الشمسُ فهو مُفَضَّضٌ / وإن حضنتهُ مَسَّ قُطْريهِ تذهيبُ
ومقرورةٌ سجراءُ من نفحةِ الصَّبَا / وللشمسِ من صبغ المشارق تعصيبُ
وليلٌ رقيقُ الطُّرَّتينِ كأنَّه / برقَّةِ وجهي أو بخُلقيَ مقطوبُ
وهَضْبٌ كأجيادِ الكواعبِ أتلَحٌ / وبانٌ كأجفانِ المحبِّينَ مهضوبُ
ولم أرَ مثلي ساحباً ذيلَ عِزَّةٍ / وللدهرِ ذيلٌ في عِناديَ مسحوبُ
ينازعني عزمي وحزمي وهمَّتِي / ويرجِعُ عنِّي وهو خزيانُ مغلوبُ
وإني لأستحيِي لنفسيَ أن أُرى / وصبريَ مغلوبٌ وجأشِيَ مرعوبُ
أصُدُّ عن الماءِ القَراحِ تشوبُه / قَذاةٌ وما بين الجوانحِ أُلُهوبُ
وأحقِنُ ماءَ الوجهِ طَيَّ أديمِه / ومن دونِه ماءُ الوريدينِ مصبوبُ
وقد سَرَّني أنِّي من المالِ مُقْتِرٌ / ولا الوجهُ مبذولٌ ولا العِرضُ منهوبُ
كما سرني أني من الفضل موسرٌ / على أنه فضلٌ من الرزقِ محسوبُ
وما قعد الإقتارُ بي عن فضيلةٍ / وقد يقطع العَوْدُ الفَلا وهو منكوبُ
وليس انقيادي للخطوبِ ضراعةً / وللطِرْفِ نفسٌ مِرَّةٌ وهو مجنوبُ
ولا وقفتي الحادثاتُ تبلُّداً / وكيف اتساعُ الخطوِ والقيدُ مكروبُ
صَحِبْتُ بني الدنيا طويلا وذُقتُهم / وأحكمني فيهم وفيها التجاريبُ
قلوبٌ كأمثالِ الجلاميدِ صخرةٌ / وشرٌّ كشرِّ الزندِ فيهنّ محجوبُ
ودهرٌ قضتْ أحكامُه مُذْ تشابهتْ / أعاجيبُه أنْ ليس فيها أعاجيبُ
هو الأدهُم اليحمومُ لكنْ جبينُه / بشادخةِ المجدِ النظاميِّ معصوبُ
عُلىً فوق أعناقِ النجومِ بناؤُهَا / وعند مجال الغيبِ نَصٌّ وتطنيبُ
يفوتُ بها شأوَ المجارينَ سابقٌ / له عَنَقٌ في ساحتَيها وتقريبُ
ثقيلُ حَصاةِ الحِلم مستصحفُ الحُبَى / إِذا ما هفتْ قُودُ الجِبال الشَّنَاخِيبُ
إِذا ماط عنه السِّتْرَ مُدَّ سُرادِقٌ / عليه من النور الإلهيِّ مضروبُ
مُلَقَّنُ غيبٍ يستوي في ضميرِهِ / قِياسٌ وإلهامٌ وظَنٌّ وتَجْريبُ
له النظرةُ الشَّزْراءُ يقتلُ لحظُها / فتجمُدُ منها أو تذوبُ مقانيبُ
وما راع أهلَ الشامِ إلا طلاعها / رقاقُ الظُّبَى والمقرَباتُ اليعابيبُ
وأرعنُ بحرٍ لو جرى البحرُ فوقَهُ / لما نضخَ الغبراءَ من مائِه كُوبُ
خِضَمٌّ له بالأبرقَيْنِ تدافعٌ / كما انهارتِ الكُثبانِ وارتَّجَّتِ اللُّوبُ
له حَبَبٌ من بَيْضه وحَبيكُهُ / سوابغُه والمرهَفاتُ القراظيبُ
ففي صهواتِ الخيل في كُلِّ غَلْوَةٍ / له منهجٌ مثلَ المجرَّةِ ملحوبُ
إِذا ما دجا ليلُ العجاجةِ لم يزلْ / بأيديهم جمرٌ إِلى الهند منسوبُ
من القادحاتِ النارَ في لُجِّ غَمْرةٍ / ولا الجمرُ مشبوبٌ ولا الماء مشروبُ
ضوامِنُ أن تشقَى الغُمودُ بحَدِّها / إِذا سلِمت منها الطُّلى والعراقيبُ
على عارفاتٍ للطِّعانِ كأنها / دُمَىً ورواقُ النقعِ منها محاريبُ
تُبادر فُدْرَ الرُّعْنِ وهي جوافلٌ / وتفجَأُ كُدْرَ الوُكْنِ وهي أساريبُ
يُعرِّضها للطعن من لا يرُدُّهُ / عن البأسِ والأفضال ذعرٌ وتأنيبُ
لَبِسنَ شفوفَ النقعِ تُخْملُ بالقَنَا / عليهن إضْريجٌ من الدّمِ مخضوبُ
عليها سطورُ الضربِ يُعجِمُها القَنَا / صحائفُ يغشاها من النَّقْع تتريبُ
وخفَّاقةٍ طوعَ الرياحِ كأنَّها / كواسِرُ دُجْنٍ اِلتقتها الأهاضيبُ
تَميدُ بها نشوى القُدودِ كأنها / قُدودُ العَذارى يزدهِيهنَّ تطريبُ
يُرنِّحُها سُقْيا الدماءِ كأنَّها / مُدامٌ وآثار الطِّعانِ أكاوِيبُ
بها هِزَّةٌ بين ارتياحٍ ورهبةٍ / فللنصر مرتاحٌ وللهول مرهوبُ
لها العَذَباتُ الحُمْرُ تهفو كأنَّها / ضِرامٌ بمُستَنَّ العواصفِ مشبوبُ
إِذا نُشِرتْ في الرَّوْعِ لاحتْ صحائِفٌ / عليهنَّ عُنوانٌ من النصرِ مكتوبُ
طوالِعُ طرفُ الجَوِّ منهن خاسِئٌ / حسِيرٌ وقلبُ الأرضِ منهن مرعُوبُ
ولما رأتْها الرومُ أيقنَّ أنَّها / سحابٌ له وَدْقٌ من الدمِ مسكوبُ
فما أقلعتْ إلا وفي كلِ ترعةٍ / بها مِنْبرُ الدينِ الحنيفيِّ منصوبُ
وكم لك فيهم وقعةٌ بعد وقعةٍ / جمعتَ بها الأهواءَ وهي أساليبُ
صدقْتَهُمُ حُرَّ الطِّعانِ فأدبَروا / وبَرْدُ المُنَى بين الجوارحِ مكذوبُ
ولما أتَوا مستلئمينَ معاذِراً / غدَوْا ولهم أهلٌ لديكَ وترحيبُ
رأوكَ ولا في ساعدِ البأس سطوةٌ / عليهم ولا في صفحةِ العفوِ تقطيبُ
وما لَبِسَ الأعداءُ جُنَّةَ ذِلَّةٍ / ومعذرةٍ إلا وسيفُكَ مقروبُ
ولو عجموا للحرب عُودَكَ مرةً / لما عاد إلا خائبُ الظنِّ محروبُ
طُبِعْتَ على حلمٍ فلو شئتَ غيرَهُ / غُلِبتَ عليه والتكلُّفُ مغلوبُ
لك اللّهُ كم ذا الحلمُ عن كلِّ مذنبٍ / له كلما أغضيتَ عضٌّ وتتبيبُ
وما السطوُ في كلِّ الأمور مذمَّماً / ولا العفوُ في كل المواضِع محبوبُ
فإن كنتَ لم تهمُمْ بسطوٍ فإنهُ / بجَدِّكَ مطعونُ المقاتلِ مضروبُ
وكم عاقدٍ عِرْنينَ عِزٍّ تركتَهُ / ومارنُهُ من وسمِ حَدِّكَ معلوبُ
ألم يزجُرِ الأعداءَ عنك عوائدٌ / من اللّهِ فيهن اعتبارٌ وتأديبُ
ألم يستبينوا أن بُقياكَ رحمةٌ / وحِلمَكَ تأديبٌ وعفوَكَ تثريبُ
أما يتَّقِي قرعى الفِصال استنانها / وقد عَجَّ تحت العبءِ بُزْلٌ مصاعيبُ
لقد غَرَّهم متنٌ من السيف ليِّنٌ / فَهلّا نهاهم حدُّهُ وهو مذروبُ
بك اقتدتِ الأيامُ في حَسَناتِها / وشيمَتُها لولاكَ هَمٌّ وتكريبُ
فلا رِزقَ إلّا من نوالكَ مُجتَنَى / ولا عُمْرَ إلّا من عطاياكَ محسوبُ
مريضٌ بأرض الرَّيِّ أعياهُ داؤُهُ
مريضٌ بأرض الرَّيِّ أعياهُ داؤُهُ / وليس له إلا بِجَيَّ طبيبُ
غريبٌ غريبُ القدرِ والفضلِ والهَوى / ألا كلُّ حال الفاضلينَ عجيبُ
وما ليَ ذنبٌ يقتضي مثلَ حالتي / سوى أنّنِي فيما يقالُ أديبُ
أبَى اللّهُ جمعَ الحظِّ والفضلِ للفتى / إِلى أن يُرَى ماءً سقاهُ لهيبُ
فإنْ عِشتُ لم أبرَحْ بلادي وإن أمُتْ / فلا ماتَ بعدي في الزمانِ غريبُ
خبَتْ نارُ نفسي باشتعالِ مفارقي
خبَتْ نارُ نفسي باشتعالِ مفارقي / وأظلمَ عُمري إذ أضاءَ شِهابُها
فيا بُومةً قد عشَّشتْ فوق هامتي / على الرغم مني حين طارَ غُرابُها
رأيتِ خرابَ العُمْرِ مني فزُرْتِني / ومأواكِ من كلِّ الديارِ خَرابُها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025