القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 11
سِويلمُ ما قَوْلٌ ببيتِكَ يُفْتَرَى
سِويلمُ ما قَوْلٌ ببيتِكَ يُفْتَرَى / بألسنةٍ تبغي الفسادَ فَتكذِبُ
أَلابْنِ أُبيٍّ رَأيهُ ما وَراءَهُ / لِذي نُهْيَةٍ رأيٌ ولا عنه مَذْهَبُ
حَقودٌ رَمَى بالشُّؤْمِ كلَّ مُنافقٍ / فيا لكَ من شَرٍّ على النّاسِ يُجلَبُ
أحَسَّ رَسولُ اللهِ ما كان منهمُ / وَجاءَ بَرِيدُ الله بالحقِّ يدأبُ
فقال لعمَّارٍ أرى القومَ أوقدوا / لأنفُسِهمْ نَاراً بِعَيْني تَلهَّبُ
ألا قُمْ فَأدْرِكْهُم ولمَّا يُصِبْهُمُ / عَذابٌ غَليظٌ ما لهم منه مَهْرَبُ
فلمّا أتاهم أنكروا ثم أقبلوا / بأقوالٍ فُجَّارٍ عن الحقِّ تَرغبُ
فقالَ رسولُ اللهِ بل قُلتمُ الذي / عَلِمتُ وما يخفَى عَليَّ المُغيَّبُ
فقالوا على غَيْظِ النُّفوسِ وَحِقدِها / ألا إنّما كُنَّا نَخوضُ ونَلعبُ
وعادوا خَزَايا نادِمينَ وإنّهم / إلى الشَّرِّ إلا أن يَتوبوا لأَقْرَبُ
يُحَنَّةُ إنْ تُؤمِنْ فَخيرٌ وإن تُرِدْ
يُحَنَّةُ إنْ تُؤمِنْ فَخيرٌ وإن تُرِدْ / سِوَى الحقِّ فَاعْلَمْ أنّ رأيكَ عَازِبُ
أتى بك من أكنافِ أيلةَ ما أتى / وليس لمن يَمَّمتَ في النّاسِ غَالِبُ
دُعِيتَ إلى الإسلامِ فاخترْتَ جِزْيَةً / تَنالُ بها الأمنَ الذي أنتَ طالبُ
ولو كنتَ ممّن يبتغي جانِبَ الهُدَى / هُدِيتَ ولكنَّ المُضلَّلَ خَائِبُ
وما رَغِبَ المأمونُ فيها هَديَّةً / كساكَ بها البُرْدَ الذي أنت سَاحِبُ
أتيتَ بقومٍ لو رأوا مِنكَ ناصحاً / لما عاب منهم خُطّةَ الجدِّ لاعِبُ
أتأبون دِينَ الحقِّ يا آلَ إذرح / وجرباء حتى يجلب الخيل جالبُ
ألا فاشهدوا يا آل مقنا وأيْقِنُوا / بأنْ سوفَ تَنْهى الجاهِلينَ العواقِبُ
خُذوا من عهودِ الذُّلِّ ما اللَّهُ ضَارِبٌ / عليكم وما الدَّاعي إلى اللَّهِ كاتبُ
وأدُّوا إليهِ المالَ لا تَبخلُوا به / ولا تغدروا فالبأسُ يَقظانُ دائبُ
وَسِيروا بأهليكم على الخُطَّةِ التي / رَضِيتُم لهم إنّ الطريقَ لَلاَحِبُ
أخا البغلةِ البيضاءِ لَيْتَكَ كُنْتها / لعلَّكَ تدرِي كيفَ تعلو المراتِبُ
أتُعطَى من العزِّ البهيمةُ رِزقَها / ويُحرَمُ منه المرءُ تِلكَ العجائبُ
يُحَنَّةُ هذا ما قضَى اللَّهُ فاعتبِرْ / وكيف اعتبارُ المرءِ والعقلُ ذاهِبُ
تَوالتْ وفودُ اللهِ تَختارُ دِينَهُ
تَوالتْ وفودُ اللهِ تَختارُ دِينَهُ / وترضاهُ ربّاً مالها غيره ربُّ
دَعاها فلبَّتْ تَبتَغي الحقَّ مَذهباً / وجاءت يَظَلُّ الرَّكبُ يتبعهُ الرَكبُ
هَداها إلى الإسلامِ رأيٌ مُسدَّدٌ / فلا شَغبٌ يُؤذِي النُّفوسَ ولا حَرْبُ
إذ المرءُ لم يَزْجُرْ عن الغَيِّ نفسَهُ / فلا الطعنُ يهديه السّبيلَ ولا الضَّربُ
وشَرُّ سجايا النَّفسِ أن تُؤثِرَ العمى / وتَكره أن يستلَّ أدواءها الطِبُّ
تَرامَتْ بهم آمالهم ومَطيُّهم / إلى واسعِ الأكنافِ مَنزلهُ رَحْبُ
جَليلِ الأيادِي ما يَغُبُّ نَزِيلَهُ / قِرىً فاضلٌ من جُودِه وندىً سَكْبُ
إذا جاءَهُ المكروبُ والهمُّ جاثِمٌ / كفَى ما به حتَّى كأنْ لم يكُنْ كَرْبُ
وإن راحَ يَسْتَسْقِي به الغيثَ مُسنِتٌ / تَقَشَّعَ عنه الجدبُ واطَّرَدَ الخِصْبُ
لَكَمْ جاحدٍ لمَّا رأى نُورَ وَجْهِهِ / تجلّى العَمى عن عَيْنِهِ وصحا القلبُ
به عَرَفَ القومُ السّبيلَ إلى الهُدَى / فلا مَسْلَكُ وعرٌ ولا مَرْكَبٌ صَعْبُ
وفي ظلِّهِ الممدودِ حَطُّوا ذُنُوبهم / فَعادوا ولا وِزْرٌ عليهم ولا ذَنْبُ
طَهارَى عليهم من سَنا الحقِّ بَهجةٌ / لها وَهَجٌ باقٍ على الدّهرِ لا يَخْبُو
بَني الدّهرِ ناموا آخرَ الدّهرِ أو هُبُّوا / تكشّفَتِ الظَّلُماء وَانْجابتْ الحُجْبُ
أبى اللَّهُ إلا أن يُؤيّدَ دِينَهُ / فليس لِمن يأباهُ عَقْلٌ ولا لُبُّ
إذا أخذ السيْلُ الأَتِيُّ سبيلَه / فلا الشّرقُ مَسْدودُ الفجاجِ ولا الغربُ
وما الدِّينُ إلا ما محا الشرَّ والأذَى / فلا أُمَّةٌ تشكو الشّقاءَ ولا شعبُ
وما يَستَوِي البحرانِ هذا مذَاقُه / أُجاجٌ وهذا طعمهُ سائِغٌ عذبُ
قضاها لنا ربُّ السّماءِ شَريعةً / مُطَهَّرَةً لا الظلمُ منها والغَصبُ
لنا دِينُنا نسمو بِه وكتابُنا / إلى حيثُ لا الأديانُ تَسمو ولا الكُتْبُ
رَعى اللهُ قوماً ما رَعَوْا غيرَ حقِّهِ / ولا رَاعَهم فيه مَلامٌ ولا عَتْبُ
يُحبِّونَهُ حُبّاً تَلينُ قلوبُهم / بهِ وَهْوَ فيها مِثلُ إيمانِها صُلْبُ
فَمن يكُ عن حالِ المُحِبّينَ سائلاً / فتلكَ سجاياهم وهذا هُوَ الحُبُّ
تَعلَّمْ سجايا القومِ واسْلُكْ سَبيلَهم / أُولئكَ حِزبُ اللَّهِ ما مِثلهُ حِزْبُ
بَنِي مُرَّةَ اقْضُوا أمركم قبل غَالِبِ
بَنِي مُرَّةَ اقْضُوا أمركم قبل غَالِبِ / وذُوقُوا مَنَايا القوم مِن كُلِّ ذاهبِ
بَشِيرُ بنُ سعدٍ والذين أصابَهم / أذاكم رَمَوْكُمْ بالقُرُومِ المصاعِبِ
جَهِلْتُمْ جزاءَ البَغْيِ والبَغْيُ مَركبٌ / لِذي الجهلِ يُؤذِي شُؤمُهُ كلَّ راكبِ
خُذُوهُ جَزاءً مِن يدِ اللهِ عادلاً / يُدَمِّرُ منكم كلَّ راضٍ وغاضِبِ
بُليتُم بِخَصمٍ لا تَنامُ سيوفُهُ / عن الوَتْرِ إن نامتْ شِفَارُ القواضِبِ
أبيٍّ على الكفّارِ يَسقِيهِمُ الرَّدى / ويأخذُهم بالخسفِ من كلِّ جانِبِ
حَفِيٍّ بدينِ اللهِ يَمنعُ حَوْضَهُ / ويكفِيهِ أضغانَ العَدوِّ المُشَاغِبِ
هُوَ الدّمُ لا يَشْفي من الجهلِ غيرُهُ / إذا لم يُفِدْ فيه ضروبُ التجارِبِ
أجَلْ يا ابنَ عبدِ الله إنّ الوغى لها / رجالٌ يَرَوْنَ الحزمَ ضَربَةَ لازبِ
شَدَدْتَ قُوى الأبطالِ بالموثقِ الذي / عَقَدْتَ على تلك القُوى والجواذِبِ
فَعَهَدٌ على عهدٍ من اللهِ ثابتٍ / وإلفٌ على إلفٍ من الدينِ راتِبِ
أَخٌ لأخٍ جَمِّ الوفاءِ وصاحبٌ / أمينُ الهَوَى يَرْعَى الذِّمامَ لصاحِبِ
ويا لَكَ إذ تُلْقِي بما أنتَ قائلٌ / على الجندِ آدابَ الكميِّ المحاربِ
أخذتَ رُماةَ النَّبْلِ بِالسَّيْفِ ما رَمَى / بغير المنايا عن يَدَيْ كلِّ ضارِبِ
سقاهمْ نقيعَ الحَتْفِ من كل ماجِدٍ / جَرَى الحتفُ صِرْفاً في دمٍ منه ذائبِ
لذي الحِلمِ من حُسْنِ المثوبَةِ ما ابْتَغَى / وللجاهلِ المغرورِ سُوءُ العواقِبِ
دَعَاكَ رسولُ اللهِ أصَدقُ من دَعَا / إلى الحقِّ تَرمِي دُونَهُ غيرَ هائبِ
فكنتَ أمام الجيشِ أكرمَ قادمٍ / وكنتَ وَراءَ النّهبِ أكرمَ آيبِ
مَقَامٌ تمنَّاهُ الزُّبيرُ ومَطلبٌ / يَراه الفَتى المِقدامُ أَسْنَى المطالِبِ
ظَفِرْتَ بِهِ يا توأمَ النَّصْرِ تَوْأمَاً / لما نِلتَ من مجدٍ على الدّهرِ دائبِ
مَضَى لكَ يومٌ في الكديدِ مُشَهَّرٌ / يُحَدِّثُ عن جِدِّ امْرِئٍ غيرِ لاعبِ
فيا حُسْنَها من وَقعةٍ غالبيةٍ / ويا لَكَ من يومٍ جليلِ المناقبِ
حَميت لِواءَ المُلكِ فارتدَّ طالِبُهْ
حَميت لِواءَ المُلكِ فارتدَّ طالِبُهْ / وَصُنتَ ذِمارَ الحَقِّ فاعتزَّ جانبُهْ
وَأَدركت نَصراً ما رَمَت ساحَةُ الوَغى / بِأَمواجها حَتّى رَمَتها غَوارِبُهْ
تَضِجُّ العِدى غَرقى وَيَنسابُ زاخِراً / تَعُبُّ عَواديهِ وَتَطغى مَعاطِبُهْ
إِذا النَصرُ عادى في الوَغى جُندَ مُدبرٍ / فَجندُكَ مَولاهُ وَسَيفُكَ صاحِبُهْ
أَبَت أُمَّةُ اليُونانِ أَن تسكنَ الظُبى / فَهبَّ الرَدى فيها تَلظّى مَضارِبُهْ
بَعَثتَ عَلَيها مِن جُنودِكَ عاصِفاً / تَضيقُ بِهِ الآجالُ إِن جَدَّ دائِبُهْ
تَرامى بِها فَالبَرُّ حَيرى فِجاجُهُ / مُروَّعَةً وَالبَحرُ حَرّى مَسارِبُهْ
إِذا التمسَت في غَمرةِ الهَولِ مَهرباً / تَطلَّعَ عادِي المَوتِ وَانقضَّ وَاثبُهْ
مَنايا تُوزَّعنَ النُفوسَ بِمعطبٍ / دَعا السَيفُ فيهِ فاستجابَت نَوادِبُهْ
إِذا انهلَّ مَسفوكٌ مِن الدَمِ أَعولت / وَراحَت تُرِيقُ الدَمعَ يَنهلُّ ساكِبُهْ
وَإِن ضَجَّ ما بَين القَواضبِ هالكٌ / أَرنَّت وَراءَ الخَيلِ شُعثاً تُجاوِبُهْ
مآتمُ أَمسى الملكُ ممّا تَتابعت / وَأَعراسُه ما تَنقضي وَمَواكبُهْ
تجلّت هُمومٌ كُنَّ بِالأَمسِ حَولَهُ / كَما اسودَّ لَيلٌ ما تَفرّى غَياهبُهْ
أَهاب بِها النَصرُ الحَميديُّ فارعوت / وَأَقبلَ وَضّاحاً تُضِيءُ كَواكبُهْ
تَبيتُ مُنيفاتُ المَآذنِ هُتَّفاً / بِأَنبائِهِ وَالبَغيُ يَنعَقُ ناعِبُهْ
بَريدٌ مِن المُختارِ يَعبَقُ طِيبُه / وَبَرقٌ مِن الأَنصارِ يَسطَعُ ثاقِبُهْ
سَنا الوَحي أَسطارٌ فَإِن كُنتَ قارِئاً / فَهَذا كِتابُ الحَقِّ وَاللَهُ كاتِبُهْ
أَفي معقل الإِسلامِ تَطمَعُ أُمَّةٌ / تَبيتُ مَناياها حَيارى تُراقبُهْ
إِذا لَمحت إِيماءَةً مِنهُ أَجلبت / عَلى القَومِ حَتّى يَسأمَ الشَرَّ جالِبُهْ
كَتائِبُ مِن أَقوامِنا خالديَّةٌ / وَما الحَربُ إِلّا خالدٌ وَكتائِبُهْ
مَشَت تَأخذُ الأَعداءَ وَاللَهُ قائِمٌ / عَلَيها وَدينُ اللَهِ يَعتزُّ غالِبُهْ
إِذا لَمست حِصناً هَوَت شُرُفاتُهُ / وَإِن لَمحت طَوداً تَداعَت مَناكِبُهْ
تَعلَّمتِ الهَيجاءَ شَتّى فُنُونُها / وَتمّت لَها من كُلِّ فَنٍّ عَجائِبُهْ
لَها في أَعاصيرِ القِتالِ وَقائِعٌ / هِيَ السحرُ لَولا أَن يُزيَّف كاذِبُهْ
أَلمّت بلاريسّا فَحلَّ رُبوعَها / عَذابٌ إِذا ما استَصرخت لَجَّ واصِبُهْ
رَمَتها بِوَبلٍ مِن حَديدٍ وَأُسرُبٍ / تَتابَعَ يَجري مِن يَد اللَهِ صائِبُهْ
تُقلِّبُ في فَرسالةَ العَينَ هَل تَرى / عَلى اليَأسِ فيها من سَميعٍ تُخاطِبُهْ
تُديران نَجوى جارَتينِ اِعتراهُما / عَلى الضَعفِ هَمٌّ يَصدعُ الصَخرَ ناصِبُهْ
إِذا صاحتا بِالجَيشِ تَستَنجِدانهِ / تَنصّلَ مُورِيهِ وَأَجفلَ هارِبُهْ
بِكُلّ مَكانٍ مُدبِرٍ مِن فُلولهم / تَضِلُّ مَناحيهِ وَتَعمى مَذاهِبُهْ
يُجانِبُ حَرَّ البَأسِ وَالأَرضُ كُلُّها / دَمٌ وَسَعيرٌ مُطبِقٌ ما يُجانِبُهْ
وَمَن يَلتَمس لحمَ الضَوارِي لَهُ قِرىً / فَتلكَ مَقارِيه وَهذي مَآدبُهْ
هُمُ أُطعِمُوا المَوتَ الزُؤامَ وَعُلِّموا / جُنونَ السُكارى ما تَكونُ عَواقِبُهْ
تَساقَوا أَفاويقَ الغُرورِ فَما نَجَوا / وَلَيسَ بِناجٍ مِن أَذى السُمِّ شارِبُهْ
أَجارَتنا ما أَكرَم الجَيشَ لَو وَفى / وَما أَحسَنَ الأُسطولَ لَو جَدَّ لاعِبُهْ
إِلَيكُم بَني هومِيرَ هل من قصيدةٍ / تُغنّي ضَوارينا بِها وَثعالِبُهْ
دَعوا شَيخَكُم إِنّي عَلى الشعرِ قائِمٌ / فَما يَبتَغي غَيري عَلى الدَهرِ طالِبُهْ
أَسيِّرُهُ فيكُم حَديثاً مُردَّداً / لَنا مَجدُهُ الأَعلى وَفيكُم مَثالبُهْ
لَنا مِن بَني عُثمان سَيفٌ إِذا انتَمى / تَسامَت بِهِ أَعراقُهُ وَمَناسبُهْ
لِحَمزَةَ حَدٌّ مِنهٌ غَيرُ مُكذَّبٍ / وَحدٌّ لِسَيفِ اللَهِ شَتّى مَناقِبُهْ
إِذا ما دَعا الشُمَّ الأُباةَ لغارةٍ / دَعا البَيتُ فيهِ وَاستَجابَت أخاشبُهْ
قَضيتُ لَهُم في اللَهِ واجبَ حَقِّهِ / وَكَيفَ بحقِّ اللَهِ إِن ضاعَ وَاجِبُهْ
فِداؤكَ نَفسي مِن لِواءٍ مُحبَّبٍ
فِداؤكَ نَفسي مِن لِواءٍ مُحبَّبٍ / حَمى جانِبَيهِ كُلُّ ماضٍ مُدَرَّبِ
يَدينُ لَهُ الجَبّارُ غَيرَ مُعذَّلٍ / وَيَعنو لَهُ المِغوارُ غَيرَ مُؤنَّبِ
إِذا ما أَلمَّت بِالدِيارِ مُلِمَّةٌ / رَماها بمثل المارجِ المتلهِّبِ
سِميعٍ إِذا استنفرتَهُ مُتَحفِّزٍ / سَريعٍ إِذا استنجدته مُتَوثِّبِ
أَخي ثِقَةٍ لا بَأسُهُ بِمُكَذَّبٍ / ولا بَرقُهُ في الحادِثاتِ بِخُلَّبِ
هُمُ الصَحبُ صانوا للديارِ لواءَها / وَصالوا عَلى أَعدائها غَيرَ هُيَّبِ
يَكرّون كرَّ الدارعينَ إِلى الرَدى / إِذا الحربُ أَبدت عَن عبوسٍ مُقَطَّبِ
إِذا طَلبوا حَقّاً تَداعوا فَأَجلبوا / عَلى سالبيهِ وَانثَنوا غَيرَ خُيَّبِ
عَلى حين قَلَّ الناصرون وَأَعرضت / رجالٌ متى تُحمَل عَلى الجِدِّ تَلعبِ
أَطالَت عَناءَ الناصحين وَلَم يَكُن / لِيردَعَها قَولُ النَصيحِ المُؤدِّبِ
مَتى تَرَ شِعباً للعمايةِ تَستبِق / إِلَيهِ وَإِن يَبدُ الهُدى تَتنكَّبِ
تَنامُ عَنِ الأَوطانِ ملءَ عُيونِها / وَما عَمِيَت عَن خَصمِها المُترقِّبِ
فَيا عَجباً كَيفَ القَرارُ بِمعطبٍ / وَكَيفَ الكَرى ما بَينَ نابٍ وَمخلبِ
أَلا لَيتَها مَوتى بِمَدرَجةِ البِلى / وَكَالمَوت عَيشُ الخائِنِ المُتقلِّبِ
وَما مَنَعَ الأَوطانَ إِلّا حُماتُها / وَذادَتُها مِن ذِي شَبابٍ وَأَشيبِ
هُمو ذُخرُها المَرجُوُّ في كلِّ حادثٍ / وَعُدَّتُها في كلِّ يَومٍ عَصَبصَبِ
سَلامٌ عَليهُم مِن كُهولٍ وَفِتيَةٍ / وَبُوركَ فيهم مِن شُهودٍ وَغُيَّبِ
أَهَذا هُوَ العَدلُ الَّذي فيهِ أَطنَبوا
أَهَذا هُوَ العَدلُ الَّذي فيهِ أَطنَبوا / وَراحَ بِهِ مِنهُم فَخورٌ وَمُعجَبُ
أَعَدلاً يَرَونَ القَتلَ لَم يَأتِهِم بِهِ / كِتابٌ سِوى ما الظُلمُ يوحي وَيَكتُبُ
وَلِلظُلمِ آياتٌ إِذا هِيَ صافَحَت / يَدَي قادِرٍ ظَلَّت عَلى العَدلِ تَضرِبُ
وَشَرعٌ لِما سَنَّت يَدُ اللَهِ ناسِخٌ / فَلا شَرعَ إِلّا باطِلٌ فيهِ يُشجَبُ
أَخَذتُم بِنَفسٍ أَربَعاً وَنَسيتُمُ / دَماً باتَ يبكيهِ الترابُ المُخَضَّبُ
هُنالِكَ حَيثُ الجُندُ لا تَتَّقي الأَذى / وَلا تَرقُبُ العَين الَّتي ثَمَّ تَرقُبُ
وَما نَقَمَت إِلّا الحَنانَ أَثارَهُ / صَريعٌ تَرَدّى وهو حرَّان مُتعَبُ
فَيا أَسَفاً لِلساكبِ الماءَ فَوقَهُ / يُمازِجُ جاريهِ دَمٌ مِنهُ يُسكَبُ
أَنَنسى نُفوساً أَزهَقوها تَشَفِّياً / وَأُخرى غَدَت في دنشوايَ تُعَذَّبُ
نُفوسٌ تَمَنّى لَو يُساوِرُها الرَدى / فَتَمضي عَلى آثارِ تِلكَ وَتَذهَبُ
تَبيتُ تُناجيها وَلِلحزنِ كَالدُجى / ظَلامٌ يُرَدّي غَيهَباً مِنهُ غَيهَبُ
هُوَ الخَطبُ حَتّى يُنكِرَ التاجَ صاحِبُهْ
هُوَ الخَطبُ حَتّى يُنكِرَ التاجَ صاحِبُهْ / وَحَتّى يَظُنَّ العَرشَ حَتفاً يُراقِبُهْ
لَئِن مادَ عَرشُ الفاتِحينَ بِرَبِّهِ / لَقَد زُلزِلَت مِن كُلِّ عَرشٍ جَوانِبُه
وَباتَ عَلى التيجانِ إِذ ريعَ تاجُه / نَذيرٌ يَروعُ المُستَبِدّينَ ناعِبُه
تَكَشَّفَ ظِلُّ المُلكِ عَنهُ وَأَقلَعَت / مَواسِمُهُ عَن بابِهِ وَمَواكِبُه
وَعُطِّلَ مِن نورِ الخِلافَةِ أُفقُهُ / فَأَمسى وَما تَنجابُ عَنهُ غَياهِبُه
ثَوى عاثِرَ الآمالِ يونِسُهُ الأَسى / وَتُوحِشُهُ أَوطارُهُ وَمَآرِبُه
كَأَنَّ جَلالَ المُلكِ لَم يَبدُ حَولَهُ / مَهيباً وَلَم تضرب عَلَيهِ مَضارِبُه
كَأَنَّ السَرايا وَالفَيالِقَ لَم تَسِر / إِلى المَوتِ تَثني دونَهُ مَن يُحارِبُه
كَأَنَّ رُؤوسَ الصِيدِ لم تكُ خشَّعاً / لدى بابه المرجوِّ بالأمس حاجبُه
كأنَّ بغاةَ الجودِ وَالمَجدِ لَم تَفِد / عَلَيهِ وَلَم تَهطِل عَلَيهِم مَواهِبُه
كَأَنَّ بُناةَ الشِعرِ لَم تَغشَ بابَهُ / بِمُستَعلِياتٍ تَزدَهيها مَناقِبُه
كَأَنَّ الأُلى زانوا المَنابِرَ بِاِسمِهِ / أَحَلّوا بِدينَ اللَهِ ما لا يُناسِبُه
طَوَوا ذِكرَهُ وَاِستَودَعوا اللَهَ عَهدَهُ / وَكُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِما هُوَ كاسِبُه
أَرى الناسَ مَن يَقعُد بِهِ الدَهرُ يَنقُموا / عَلَيهِ وَإِن كانَت قَليلاً مَعايِبُه
أَلَم يَكُ ظِلَّ اللَهِ بِالأَمسِ بَينَنا / نَلوذُ بِهِ وَالخَطبُ ضَنكٌ مَذاهِبُه
أَنُطريهِ قَهّاراً وَنُؤذيهِ مُرهَقاً / كَفى اللَيثَ شَرّاً أَن تُفَلَّ مَخالِبُه
أَما في الثَلاثينَ اللَواتي تَصَرَّمَت / ذِمامٌ لِمَنكوبٍ تَوالَت نَوائِبُه
أَلَم يَقضِ مِنها لَيلَةً نازعَ الكَرى / مَخافَةَ عادٍ يُفزِعُ المُلكَ واثِبُه
أَلَم يَستَطِر يَوماً لِخَطبٍ مُساوِرٍ / مُحافَظَةً مِن أَن تَسوءَ عَواقِبُه
أَلا راحِمٌ هَل مِن شَفيعٍ أَما كَفى / أَكُلُّ بَني الدُنيا عَدُوٌّ يُغاضِبُه
أَكانَ يُريدُ السوءَ بِالمُلكِ أَم يَرى / مَسَرَّتَهُ في أَن تَرِنَّ نَوادِبُه
أَكُلُّ مَآتيهِ ذُنوبٌ أَكُلُّهُ / عُيوبٌ أَلا مِن مُنصِفٍ إِذ نُحاسِبُه
أَكُلُّ ذَوي التيجانِ بِالعَدلِ قائِمٌ / أَما فيهِمو ما لا تُعَدُّ مَثالِبُه
أَلَيسَ الأُلى غَشّوهُ أَجدَرَ بِالأَذى / وَأَولى الوَرى بِالشَرِّ مَن هُوَ جالِبُه
هُمُ اِكتَنَفوهُ بِالدَسائِسِ وَاِفتَروا / مِنَ القَولِ ما يَعمى عَنِ الرُشدِ كاذِبُه
وَهُم خَوَّفوهُ المَوتَ حَتّى كَأَنَّما / يُلاقيهِ في الماءِ الَّذي هُوَ شارِبُه
يَظُنُّ ثَنايا التاجِ تُضمِرُ ثائِراً / يُناوِشُهُ مِن فَوقِهِ وَيُشاغِبُه
وَأَنَّ سَريرَ المُلكِ راصِدُ حَتفِهِ / يُخاتِلُهُ عَن نَفسِهِ وَيُوارِبُه
عُنوا بِوُلاةِ السوءِ فَالشَعبُ سِلعَةٌ / بِأَيديهمو وَالمُلكُ فَوضى مَناصِبُه
يُقَرَّبُ ذو الزُلفى وَيُقصى أَخو الحِجى / وَيُظلَمُ ذو الحَقِّ المُؤَكَّدِ صاحِبُه
وَرُبَّ شَهيدٍ يَضحَكُ الحوتُ حَولَهُ / وَيندِبُهُ أَخدانُهُ وَأَقارِبُه
مَساوِئُ لَو يَدري الإِمامُ خَفِيَّها / لَظَلَّ وَما يَرقا مِنَ الدَمعِ ساكِبُه
بِأَيِّ مِجَنٍّ يَمنَعُ المُلكَ رَبُّهُ / وَمانِعُهُ عادٍ عَلَيهِ فَسالِبُه
رَعى اللَهُ قَوماً أَنهَضوا عاثِرَ المُنى / وَصانوا حِمى عُثمانَ فَاِرتَدَّ طالِبُه
وَحَيّا الإِمامَ المُرتَضى وَأَعَزَّهُ / وَلا زالَ أُفقُ المُلكِ تَزهى كَواكِبُه
أَرى الدَمَ يَجري في الكِنانَةِ دائِباً
أَرى الدَمَ يَجري في الكِنانَةِ دائِباً / وَما اِنفَكَّ داعي الشَرِّ يَجري وَيَدأَبُ
لَعَمري لَقَد جَلَّت مُصيبَةُ أُمَّةٍ / يَخونُ بَنوها عَهدَها حينَ تُنكَبُ
وَما كُنتُ أَخشى أَن تَرى العَينُ فِتيَةً / عُكوفاً عَلى اللَذّاتِ تَلهو وَتَطرَبُ
كَأَن لَم يَكُن في مِصرَ شَيءٌ يَروعُها / وَلَم يَعرُها يَومٌ مِنَ النَحسِ أَشهَبُ
حَنانَكَ رَبَّ الناسِ بِالأَنفُسِ الَّتي / تَبيتُ مِنَ المَكروهِ حَيرى تَقَلَّبُ
عَناها مِنَ الحِدثانِ ما رُوِّعَت بِهِ / وَمِن هائِلِ المَقدورِ ما تَتَرَقَّبُ
حَنانَكَ إِنَّ العَيشَ غُمَّت وُجوهُهُ / وَراحَت وُجوهُ المَوتِ حُمراً تَلَهَّبُ
إِلَيكَ أَنبَنا لائِذينَ بِرَحمَةٍ / هِيَ العِصمَةُ الكُبرى إِذا ريعَ مُذنِبُ
تَدافَعَتِ الأَهوالُ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَجاءَت خُطوبُ الدَهرِ تَتَرى تَأَلَّبُ
وَوَلّى بشيرُ الخَيرِ بِالخَيرِ مُعرِضاً / وَقامَ نَذيرُ الشَرِّ بِالشَرِّ يَنعَبُ
وَأَقبَلَ مِنّا ذو البَنينِ مُوَدِّعاً / بَنيهِ يَخافُ المَوتَ وَالدَمعُ يُسكَبُ
بَكوا لِأَناشيدِ الوَداعِ وَما دَروا / أَجَدَّ أَبوهُم أَم تَطَرَّبَ يَلعَبُ
وَمَذعورَةٍ لَم تَدرِ مِمّا أَصابَها / أَيهلِكُ أَم يَبقى لِأَبنائِهِ الأَبُ
يَبيتانِ طَوعَ السُهدِ مِن تَعَبِ النَوى / وَلَكِنَّهُ مِمّا دَها مِصرَ أَتعَبُ
يَخافُ عَلَيها شَرَّ قَومٍ تَنَمَّروا / يُريدونَها بِالسوءِ لَمّا تَوَثَّبوا
يَجوبونَ أَطرافَ البِلادِ وَما بِهِم / سِوى الصَيدِ يُرمى وَالفَريسَةِ تُطلَبُ
رَمانا بِهِم قَومٌ يُريدونَ مَأرِباً / وَلِلخائِنِ المَخدوعِ في السوءِ مَأرِبُ
يَخافونَ يَومَ العَدلِ وَالعَدلُ مُقبِلٌ / بِأَيّامِهِ وَالدَهرُ بِالناسِ قُلَّبُ
فَذَلِكَ يَومٌ لا مَحالَةَ واقِعٌ / وَإِن سَفَهَت أَحلامُهُم فَتَرَيَّبوا
مَلَلنا وَما مَلَّ العَدُوُّ المُغاضِبُ
مَلَلنا وَما مَلَّ العَدُوُّ المُغاضِبُ / وَلِنّا وَما لانَ الزَمانُ المُشاغِبُ
يُعاجِلُنا ما لا نُريدُ مِنَ الأَذى / وَيُبطِئُ مِن آمالِنا ما نُراقِبُ
حَمَلنا قُلوباً يَعصِفُ الدَهرُ حَولَها / وَتَهفو بِها أَحداثُهُ وَالنَوائِبُ
نُريدُ سَبيلَ الأَمنِ وَالأَرضُ كُلُّها / مَشارِقُها مَذعورَةٌ وَالمَغارِبُ
تَثورُ شُعوبُ العالَمينَ وَيَنطَوي / عَلى الذُلِّ شَعبٌ في السَكينَةِ راغِبُ
رُمينا بِأَقوامٍ مِراضٍ قُلوبُهُم / يَسومُونَنا ما لا يُسامُ المُحارِبُ
فَلا الدَمُ مَمنوعٌ وَلا العِرضُ سالِمٌ / وَلا العَسفُ مَحظورٌ وَلا الرِفقُ واجِبُ
يُقادُ إِلى الهَيجاءِ مَن لا يُريدُها / فَيَمشي إِلَيها وَهوَ طَيّانُ ساغِبُ
أَطاعَ العِدى لا أَنَّهُ خانَ قَومَهُ / وَلَكِنَّما ضاقَت عليه المذاهبُ
هُمو سَلَبوهُ المالَ وَالآلَ وَاِحتَوَوا / مِنَ الحَبِّ وَالأَنعامِ ما هُوَ كاسِبُ
فَأَصبَحَ لا يَدري أَفي الأَرضِ مَذهَبٌ / أَمِ اِنطَبَقَت أَطرافُها وَالمَناكِبُ
تَطَوَّعَ يَلقى المَوتَ لا مِن شَجاعَةٍ / وَلِكِنَّهُ مِن خيفَةِ المَوتِ هارِبُ
رَماهُ مِنَ الجوعِ المُبَرِّحِ مِقنَبٌ / تَدينُ لَهُ الهَيجا وَتَعنو المَقانِبُ
إِذا كَرَّ لاقَتهُ الأَسِنَّةُ خُضَّعاً / وَجاءَتهُ في زِيِّ العِصِيِّ القَواضِبُ
أَسِفتُ لِشَعبٍ مُستَباحٍ وَأُمَّةٍ / أَحاطَ بِها جَيشٌ مِنَ الظُلمِ غالِبُ
تُمارِسُ مِنهُ غارَةً بَعدَ غارَةٍ / وَتَرقُبُ فيهِ ما تَجيءُ العَواقِبُ
تَروحُ وَتَغدو وَالنُفوسُ نَوازِعٌ / تُدافِعُها آمالها وَتُجاذِبُ
طَوَت حِجَجاً سوداً كَأَنَّ شُهورَها / بَناتُ الدُجى أَهوالُها وَالغَياهِبُ
تَسيرُ بِطاءً وَالمَكارِهُ رُكَّضٌ / بِأَرجائِها وَالمُزعِجاتُ دوائِبُ
نَشُدُّ القُلوبَ الخافِقاتِ تَهُزُّها / خُطوبُ اللَيالي وَالهُمومُ النَواصِبُ
وَأَهلَكنا غَدرُ الوُلاةِ وَقَولُهُم / هَنيئاً لِشَعبٍ اَخطَأَتهُ المَعاطِبُ
أَرونا بِلاداً فاتَها ما أَصابَكُم / وَتَمَّت لَها حاجاتُها وَالمَطالِبُ
أُبيدَت شُعوبٌ جَدَّ في الحَربِ جِدُّها / وَغودِرَ شَعبٌ في الكِنانَةِ لاعِبُ
لَبِستُم رِداءَ السِلمِ إِذ كُلُّ أُمَّةٍ / لَها مِن دِماءِ الهالِكينَ جَلابِبُ
فَلا تَكفُروها يا بَني مِصرَ نِعمَةً / وَلا يَجلِبَنَّ الشَرَّ في مِصرَ جالِبُ
لَعَمري لَقَد غالَ النُفوسَ فَسادُها / وَلا كَنُفوسٍ أَفسَدَتها المَناصِبُ
تَطيبُ سَجايا المَرءِ حَتّى إِذا سَما / بِهِ مَنصِبٌ دَبَّت إِلَيهِ المَعائِبُ
أَخَذنا عَلى القَومِ العُهودَ فَما وَفوا / وَلا صَدَقَت أَخلاقُهُم وَالضَرائِبُ
كَأَنّا وَإِيّاهُم عَلى مُستَكِنَّةٍ / مِنَ الحِقدِ نُخفيها مَعاً وَنُوارِبُ
يَخافونَ بَعضَ اللائِمينَ وَنَتَّقي / بَوادِرَهُم فَالشَرُّ حَيرانُ هائِبُ
كِلانا عَلى ما يَسلِبُ النَفسَ حِلمَها / مِنَ الأَمرِ لا راضٍ وَلا هُو غاضِبُ
وَإِنَّ بِلاداً سامَها الضَيمَ أَهلُها / لَأَجدَرُ أَن يَقضي عَلَيها الأَجانِبُ
يُصيبونَ مِنها كُلَّ يَومٍ فَريسَةً / تُمَزِّقُها أَنيابُهُم وَالمَخالِبُ
أُسودٌ عَلى المُستَضعَفينَ ثَعالِبٌ / تَروغُ إِذا هَبَّ القَوِيُّ المُواثِبُ
سَئِمنا حَياةَ الذُلِّ وَالذُلُّ مَركَبٌ / يُسايِرُ فيهِ المَوتَ مَن هُوَ راكِبُ
نُريدُ فَيَأبى الظالِمونَ وَنَشتَكي / فَيَحجِبُنا مِنهُم عَنِ العَدلِ حاجِبُ
دَهانا مِنَ الأَقوامِ ما لَو دَها الصَفا / لَفاضَت دَماً عَن جانِبَيهِ المَذانِبُ
وَلَو أَنَّ بِالشُمِّ الشَوامِخِ ما بِنا / لَما ثَبُتَت مِنها الذُرى وَالجَوانِبُ
أَما تُحسِنُ الأَيّامُ صُنعاً بِأُمَّةٍ / أَساءَت بِها الصُنعَ اللَيالي الذَواهِبُ
صَبَرنا وَهَذا مُنتَهى الصَبرِ كُلِّهِ / فَأَينَ أَمانينا وَأَينَ المَآرِبُ
فَلا مَجدَ لِلأَوطانِ حَتّى يَزورَها / كَتائِبُ تُزجيها لِقَومي كَتائِبُ
ركَدتَ وَهبّتْ لوعةُ الحُزنِ تَدأبُ
ركَدتَ وَهبّتْ لوعةُ الحُزنِ تَدأبُ / وَنِمتَ وما نَامَ الحَريبُ المُعذَّبُ
أمِن شِيمةِ الأبطالِ أن يبعثوا الوَغَى / فَإنْ أَوشكتْ أن تَبعثَ النَّصرَ نُكِّبوا
بِعينكَ ما تَلْقَى مِن الضَّيمِ أُمَّةٌ / تَبيتُ بوادي النّيلِ حَيْرَى تَقَلَّبُ
أَخيذةُ أحداثٍ تَظلُّ غُزاتُها / مُظفَّرةً أَبْطالُها ما تُخيَّبُ
جَرَتْ بارحاتُ الطيرِ ترمي رَجاءَها / بأَسحمَ ما ينفكُّ حرّانَ يَنعبُ
أَلاَ قَدَرٌ للهِ يجرِي سَنيحُه / بحاجاتها أو آيةٌ منه تُكتَبُ
لَعمرُ الأُلَى هانتْ عليهم صُدوعُها / لقد غَالَها الصدَّعُ الذي ليس يُرأَبُ
إذا هي جدََّتْ تطلبُ الحقَّ ردَّها / مُعنّىً بإدمانِ الأباطيلِ يلعبُ
تورّعَ يستهوِي الحُلومَ فأَقبلتْ / جَماهيرُها تستنُّ أَيّانَ يَذهبُ
فلمّا ارْتَمتْ ملءَ العِنانَيْنِ خَالَها / عَصافيرَ تُزْجَى أو قواريرَ تُجلَبُ
وأعرضَ يَقضي حاجةَ النّفسِ لا يَرى / لها حاجةً مِن دُونِ ذلكَ تُطْلَبُ
يُعلّمها أن تجعلَ الغَدْرَ مَركباً / إذا لم يكن مِن صالحِ البرِّ مَركبُ
كذلكَ يُعدِي المرءُ أخلاقَ قَوْمِه / وَيهدِمُ مِنها مَا بَناهُ المُؤَدِّبُ
سَلُوا مِصرَ إذ أَوْدَى فَتاها المُحبَّبُ / أَمَا انْصرفَتْ آمالُها وهي نُحَّبُ
وَحُوطوا حِمَى الإِسلامِ إنّي أخافُها / كتائبَ شتَّى حَوله تَتألَّبُ
لقد كان مِلءَ المشرقَيْنِ كِلاءةً / إذا انبعَثتْ أو أمسكتْ تترقَّبُ
تَجولُ المنايا حَولها كُلَّما ارْتَمتْ / قَذائفُ مِنه جُوَّلُ الهَوْلِ جُوَّبُ
دَعَوْتُ الأمينَ الحرَّ دعوةَ مُشفْقٍ / يرى دولةَ الأحرارِ في مِصرَ تُنكَبُ
مَنايا غَلَبْنَ البأسَ يَعصِفُ بالقُوى / وأهواءُ دُنيا هُنَّ أقوى وأغلبُ
تَتابعَ أبطالُ الجهادِ وَغُودِرَتْ / بَقايا سُيوفٍ في يدِ اللهِ تَضرِبُ
تَقَرُّ العَوادِي حين يَهتاجُ سِربُها / وتَرْضَى السّماواتُ العُلىَ حين تَغضبُ
تَصونُ جَلالَ الدّينِ والدّينُ يُزْدَرَى / وتَحمِي لِواءَ الحقِّ والحقُّ يُسلَبُ
أقَامَ الهُدَى أَعلامَهُ في ظِلالِها / فما فيهِ للغاوي المُضلِّل مَأربُ
دَوافعُ لِلجُلَّى سَواطعُ في الدُّجَى / طَوالعُ للسَّارينَ والشُّهبُ غُيَّبُ
مَنعنا بها عِرضَ الكِنانةِ إنّه / بِمَجْرَى السَّنا منها مُقيمٌ مُطنَّبُ
يَضيقُ به الخَصمُ اللَّجوجُ فيرعوي / ويرتدُّ عنه الطامحُ المُتَوثِّبُ
يَرى الدّهرُ أن يَبتزَّهُ وهو مُشفِقٌ / ويُغرِي به أحداثَه وَهْيَ هُيَّبُ
وإنّا لَنَأْبَى أن نرى مِصرَ عَوْرةً / نُسَبُّ بها في العَالَمينَ ونُثْلَبُ
أَنترُكُها نَهْبَ المُغيرينَ إنّنا / لَتُنكِرُنا آباؤنا حِينَ نُنْسَبُ
أَنحنُ بنو القومِ الأُلىَ زَلزلوا الدُّنَى / وثَلّوا العُروشَ الشُّمَّ أم نحن نكذبُ
أرَى المرءَ يأبى أن يُقارِفَ خُطَّةً / تنكَّبَها مِن قبلِ أن يُولدَ الأبُ
هَلُمّوا شَبابَ النّيلِ فالبِرُّ أوجَبُ / أَمِن حَقِّهِ أن تنعموا وهو مُتْعَبُ
هَلُمّوا إلى البيضاءِ إن رَابَ مَذهبٌ / وأُمُّوا سَواءَ الأمرِ إن مَالَ أَنْكَبُ
هَلُمّوا فَصُونوا للِكنانةِ مَجْدَها / وكونوا لها الجُندَ الذي ليس يَرهبُ
أَقيموا على الأخلاقِ بُنيانَ عِزِّها / فقد هَجَعَ الباني وهَبَّ المُخرِّبُ
بكيتُ على الماضينَ من شُهدائِكم / يُباعُ الدَّمُ المسفوكُ مِنهم وَيُوهَبُ
قَرابينُ رِيعَتْ في مَحاريبِ قُدْسِها / وما بينها جانٍ ولا ثَمَّ مُذنِبُ
تَنَاسَى حُماةُ النّيلِ أيّامَ قُرِّبَتْ / فضاعتْ غَواليها وضَاعَ المُقَرِّبُ
بُهِتُّ فما أدري أَماءُ مِرَشَّةٍ / يُراقُ جُزافاً أم دَمٌ يَتصبَّبُ
رَثَى الأُسْرُبُ الجاني لِفرطِ هَوانِها / على القومِ واسْتَحيا السِّلاحُ المُخَضَّبُ
وَأصبحَ راميها تلوحُ شُخوصُها / فَيأْسَى وتشكو ما دهاها فَيحدَبُ
لَئِنْ عَجِبَ الأقوامُ مِن سُوءِ صُنعهِ / لَصُنعُ الأُلىَ حَالوا عَنِ العهدِ أَعجبُ
مَضوا هَدَراً مِثلَ الرّياحينِ غالَها / وَشيكُ الرَّدى أو هُم أبرُّ وأطيبُ
فَمِن لاعجٍ للوجدِ يُذكيه لاعجٌ / وَمِن صيِّبٍ للدّمعِ يُزجيهِ صَيِّبُ
ضحَايا من الأبرارِ ضَجَّتْ قُبورُها / فَضَجَّ المُصلَّى واْقشعرَّ المُحصَّبُ
هَلُمّوا شَبابَ النّيلِ لا تَتَهيَّبوا / فقد نَشطَ الدّاعي وجَدَّ المُثوِّبُ
هو الحقُّ ما عن نَهجهِ مُتحوَّلٌ / لِمَنْ يبتغِي المُثلىَ ولا منه مَهربُ
أجيبوا سِراعاً إنّها ساعةُ الوَغَى / وإنّا لَنخشَى أن يطولَ التأهُّبُ
إذا السّيفُ أمضَى في الكتائبِ حُكمَهُ / فماذا عَسَى يُغنِي الكميُّ المُجرِّبُ
إلينا شَبابَ النّيلِ لا تَعْدِلوا بنا / فلا القاعُ غَرّارٌ ولا البرقُ خُلَّبُ
إلى أُمَّةٍ تُلقِي إليكم رَجاءَها / إذا هَاجَها يومٌ مِن الشَّرِّ أشهبُ
عَرفنا لها ما جَلَّ من حُرُماتِها / فَلا نَحنُ نُؤذيها ولا هِيَ تَعتِبُ
أُولئكَ أعلامُ الجهادِ فَكبِّروا / وَتلكَ أناشيدُ البلادِ فَأَوِّبوا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025