المجموع : 5
يَقِيني يَقِيني حَادِثاتِ النَّوائِبِ
يَقِيني يَقِيني حَادِثاتِ النَّوائِبِ / وَحَزْمِيَ حَزْمِي في ظُهُورِ النَّجائِبِ
سَيُنْجِدُنِي جَيْشٌ مِنَ الْعَزْمِ طَالَما / غَلَبْتُ بِهِ الْخَطْبَ الَّذِي هُوَ غَالِبي
وَمَنْ كَانَ حَرْبَ الدَّهْرِ عَوَّدَ نَفْسَهُ / قِرَاعَ اللَّيَالِي لا قِرَاعَ الْكَتَائِبِ
عَلَى أَنَّ لِي في مَذْهَبِ الصَّبْرِ مَذْهَباً / يَزِيدُ اتِّساعاً عِنْدَ ضِيقِ الْمَذَاهِبِ
وَمَا وَضَعَتْ مِنِّي الْخُطُوبُ بِقَدْرِ مَا / رَفَعْنَ وَقَدْ هَذَّبْنَنِي بِالتَّجارِبِ
أَخَذْنَ ثَرآءً غَيْرَ بَاقٍ عَلَى النَّدى / وَأَعْطَيْنَ فَضْلاً في النُّهى غيْرَ ذَاهِبِ
فَمَالِيَ لاَ رَوْضُ الْمَساعِي بِمُمْرِعٍ / لَدَيَّ وَلاَ مَاءُ الأَمَانِي بِسَاكِبِ
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَعْدي لَدَيْهَا بِحَائِنٍ / زَمَاناً وَلاَ دَيْنِي عَلَيْهَا بَوَاجِبِ
وَحَاجَةِ نَفْسٍ تَقْتضِيها مَخَايلِي / وَتَقْضِي بِها لِي عادلاَتٍ مَناصِبي
عَدَدْتُ لَها بَرْقَ الْغَمَامِ هُنَيْدَةً / وَأُخْرى وَمَا مِنْ قَطْرَةٍ في الْمَذَانِبِ
وَهَلْ نَافِعي شَيْمٌ مِنَ الْعَزْمِ صَادِقٌ / إِذا كنْتُ ذَا بَرْقٍ مِنَ الْحَظِّ كاذِبِ
وَإِنِّي لأَغْنى بِالْحدِيثِ عَنِ الْقِرى / وَبِالْبَرْقِ عَنْ صوْبِ الْغُيُوثِ السَّواكِبِ
قَنَاعَةُ عِزٍّ لاَ طَمَاعَةُ ذِلَّةٍ / تُزَهِّدُ في نَيْلِ الْغِنى كُل رَاغِبِ
إِذَا مَا امْتطَى الأَقْوَامُ مَرْكَبَ ثَرْوَةٍ / خُضُوعاً رَأَيْتُ الْعُدْمَ خَيْرَ مَرَاكِبي
وَلَوْ رَكِبَ النَّاسُ الْغِنى بِبَرَاعَةٍ / وَفَضْلٍ مُبِينٍ كُنْتُ أَوَّلَ رَاكِبِ
وَقَدْ أَبْلُغُ الْغَايَاتِ لَسْتُ بِسَائِرٍ / وَأَظْفَرُ بِالْحَاجَاتِ لَسْتُ بِطَالِبِ
وَمَا كُلُّ دَانٍ مِنْ مَرَامٍ بِظَافِرٍ / وَلاَ كُلُّ نَآءٍ عَنْ رَجآءٍ بِخَائِبِ
وَإِنَّ الْغِنى مِنِّي لأَدْنى مَسَافَةً / وَأَقْرَبُ مِمَّا بَيْنَ عَيْنِي وَحَاجِبِي
سَأَصْحَبُ آمَالي إِلى ابْنِ مُقَلَّدٍ / فَتُنْجِحُ مَا أَلْوَى الزَّمَانُ بِصَاحِبِ
فَما اشْتَطَّتِ الآمَالُ إِلاَّ أَبَاحَهَا / سَمَاحُ عَلِيٍّ حُكْمَها فِي الْمَواهِبِ
إِذَا كُنْتَ يَوْماً آمِلاً آمِلاً لَهُ / فَكُنْ وَاهِباً كُلَّ الْمُنَى كُلَّ وَاهِب
وَإِنَّ امْرأً أَفْضى إِلَيْهِ رَجَاؤُهُ / فَلَمْ تَرْجُهُ الأَمْلاَكُ إِحْدى الْعَجَائِبِ
مِنَ الْقَومِ لَوْ أَنَّ اللَّيالِي تَقَلَّدَتْ / بِأَحْسَابِهِمْ لَمْ تَحْتَفِلْ بِالْكَوَاكِبِ
إِذا أَظْلَمَتْ سُبْلُ السُّرَاةِ إِلى الْعُلى / سَرَوْا فَاسْتَضَاءُوا بَيْنَها بِالْمَنَاسِبِ
هُمُ غَادَرُوا بِالْعِزِّ حَصْبَاءَ أَرْضِهِمْ / أَعَزَّ مَنَالاً مِنْ نُجُومِ الْغَيَاهِبِ
تَرى الدَّهْرَ مَا أَفْضى إِلى مُنْتَوَاهُمُ / يُنَكِّبُ عَنْهُمْ بِالْخُطُوبِ النَّوَاكِبِ
إِذَا الْمُنْقِذِيُّونَ اعْتَصَمْتَ بِحَبْلِهِمْ / خَضَبْتَ الْحُسَامَ الْعَضْبَ مِنْ كُلِّ خَاضِبِ
أُولئِكَ لمْ يَرْضَوْا مِنَ الْعِزِّ وَالْغِنى / سِوى مَا اسْتَبَاحُوا بِالْقَنَا وَالْقَوَاضِبِ
كَأَنْ لَمْ يُحَلِّلْ رِزْقَهُمْ دِينُ مَجْدِهِمْ / بِغَيْرِ الْعَوَالِي وَالْعِتَاقِ الشَّوَازِبِ
إِذَا قَرَّبُوهَا لِلِّقَاءِ تَبَاعَدَتْ / مَسَافَةُ مَا بَيْنَ الطُّلى وَالذَّوَائِبِ
إِذَا نَزَلُوا أَرْضاً بِهَا الْمَحْلُ رُوِّضَتْ / وَمَا سُحِبَتْ فِيهَا ذُيُولُ السَّحَائِبِ
بِأَنْدِيَةٍ خضْرٍ فِسَاحٍ رِبَاعُهَا / وَأَوْدِيَةٍ غَزْرٍ عِذَابِ الْمَشَارِبِ
أَرَى الدَّهْرَ حَرْباً لِلْمُسَالِمِ بَعْدَمَا / صَحِبْناهُ دَهْراً وَهْوَ سِلْمُ الْمُحَارِبِ
فَعُذْ بِنَهارِيِّ الْعَدَاوَةِ أَوْحَدٍ / مِنَ الْقَوْمِ لَيْلِيِّ النَّدَى وَالرَّغَائِبِ
تَنَلْ بِسَدِيدِ الْمُلْكِ ثَرْوَةَ مُعْدِمٍ / وَفَرْجَةَ مَلْهُوفٍ وَعِصْمَةَ هَارِبِ
سَعى وَارِثُ الْمَجْدِ التَّلِيدِ فَلَمْ يَدَعْ / بِأَفْعَالِهِ مَجْداً طَرِيفاً لِكَاسِبِ
يُغَطِّي عَلَيْهِ الْحَزْمُ بِالْفِكَرِ الَّتِي / كَشَفْنَ لَهُ عَمَّا وَرَاءَ الْعَوَاقِبِ
وَرَأْيٍ يُري خَلْفَ الرَّدَى مِنْ أَمَامِهِ / فَمَا غَيْبُهُ الْمَكْنُونُ عَنْهُ بِغَائِبِ
بَقِيتَ بَقَاءَ النَّيِّرَاتِ وَمِثْلَها / عُلُوًّا وَصَوْناً عَنْ صُرُوفِ النَّوَائِبِ
وَدامَ بَنُوكَ السِّتَّةُ الزُّهْرُ إِنَّهُمْ / نُجُومُ الْمَعَالِي فِي سَماءِ الْمَنَاقِبِ
سَلَلْتَ سِهَاماً مِنْ كِنَانَةَ لَمْ تَزَلْ / يُقَرْطِس مِنْهَا فِي الْمُنى كُلُّ صَائِبِ
فَأَدْرَكْتَ مَا فَاتَ الْملُوكَ بِعَزْمَةٍ / تَقُومُ مَقَامَ الْحَظِّ عِنْدَ الْمُطَالِبِ
وَمَا فُقْتُهمْ حَتّى تَفَرَّدْتَ دُونَهُمْ / بِرَأْيِكَ في صَرْفِ الْخُطُوبِ اللَّوَازِبِ
وَمَا شَرُفَتْ عَنْ قِيمَة الزُّبَرِ الظُّبى / إِذَا لَمْ يُشَرّفْهَا مَضاءُ الْمَضَارِبِ
تَجَانَفْتُ عَنْ قَصْدِ الْمُلُوكِ وَعِنْدَهُمْ / رَغَائِبُ لَمْ تَجْنَحْ إِلَيْهَا غَرَائِبِي
تَنَاقَلُ بِي أيْدِي الْمَهَارى حَثِيثَةً / كَمَا اخْتَلَفَتْ فِي الْعَقْدِ أَنْمُلُ حَاسِبِ
إِذَا الشَّوْقُ أَغْرَانِي بِذِكْرِكَ مَادِحاً / تَرَنَّمْتُ مُرْتَاحاً فَحَنَّتْ رَكَائِبِي
بِمَنْظُومَةٍ مِنْ خَالِصِ الدُّرِّ سِلْكُهَا / عَرُوضٌ وَلكنْ دُرُّهَا مِنْ مَنَاقِبِ
تُعَمَّرُ عُمْرَ الدَّهْرِ حَتّى إِذَا مَضى / أقَامَتْ وَمَا أَرْمَتْ علَى سِنِّ كَاعِبِ
شَعَرْتُ وَحَظُّ الشِّعْرِ عِنْدَ ذَوِي الْغِنى / شَبِيهٌ بِحَظِّ الشِّيْبِ عِنْدَ الْكَواعبِ
وَمَا بِيَ تَقْصِرٌ عَنِ الْمَجْدِ وَالْعُلى / سِوَى أَنَّنِي صَيَّرْتُهُ مِنْ مَكَاسِبي
يُعَدُّ منَ الأَكْفَآءِ مَنْ كَانَ عَنْهُمُ / غَنِيًّا وَإِنْ لَمْ يَشْأَهُمْ في الْمَرَاتِبِ
وَلَوْ خَطَرتْ بِي فِي ضَمِيرِكَ خَطْرَةٌ / لَعَادَتْ بِتَصْدِيقِ الظُّنُونِ الكَواذبِ
وَأَصْبَحَ مُخْضَرّاً بِسَيْبِكَ مُمْرِعاً / جَنَابِي ومَمْنُوعاً بِسَيْفِكَ جَانِبِي
أَتانِيَ أَنَّ الْمَجْدَ عَنِّي سائِلٌ
أَتانِيَ أَنَّ الْمَجْدَ عَنِّي سائِلٌ / وَأَنَّ الْعُلى لَمْ يَعْدُنِي فِيكَ عَتْبُها
فَيَا فَخْرَ شَخْصٍ حَلَّ سِرَّكَ ذِكْرُهُ / وَيا سَعْدَ نَفْسٍ سَرَّ مِثْلَكَ قُرْبُها
وَلا عُذْرَ إلاّ أنَّ لُبّاً شَدَهْنَهُ / نَوائِبُ مَغْفُورٌ بِجُودِكَ ذَنْبُها
وَما كانَ لِي لُوْلاكَ بِالرَّيِّ مَنْزِلٌ / وَإِنْ شَعَفْتْ غَيْرِي وَتَيَّمَ حُبُّها
وَما هِي إِلاّ كَالْبِلادِ وإِنَّما / بِوَطْئِكَ فَلْيَفْخَرَ عَلَى الْمِسْكِ تُرْبُها
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ / فَقَدْ كادَ رَيّاها يَطِيرُ بِلُبِّهِ
وَإِيَاكُما ذاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ / إِذا هَبَّ كانَ الْوَجْدُ أَيْسَرُ خَطْبِهِ
خَلِيلَيَّ لَوْ أَحْبَبْتُما لَعلِمْتُما / مَحَلَّ الْهَوى مِنْ مُغْرَمِ الْقَلْبِ صَبِّهِ
تَذَكَّرَ وَالذِّكْرى تُشُوقُ وَذُو الْهَوى / يَتُوقُ وَمَنْ يَعْلَقْ بِهِ الْحُبُّ يُصْبِهِ
غَرامٌ عَلَى يَأْسِ الْهَوى وَرَجائِهِ / وَشَوْقٌ عَلى بُعْدِ الْمَزارِ وَقُرْبِهِ
وَفِي الرَّكْبِ مَطْوِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى جَوىً / مَتى يَدْعُهُ داعِي الْغَرامِ يُلَبِّهِ
إِذا خطَرْتَ مِنْ جانِبِ الرَّمْلِ نَفْحَةٌ / تَضَمَّنَ مِنْها داءَهُ دُونَ صَحْبِهِ
وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ / وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْراضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ
أَغارُ إِذا آنَسْتُ فِي الْحَيِّ أَنَّةً / حِذاراً وَخَوْفاً أَنْ تَكُونَ لِحُبِّهِ
وَيَوْمَ الرِّضى وَالصَّبُّ يَحْمِلُ سُخْطَهُ / بِقَلْبٍ ضَعِيفٍ عَنْ تَحَمُّلِ عَتْبِهِ
جَلالِيَ بَرّاقَ الثَّنايا شَتِيتَها / وَحلأنِي عَنْ بارِدِ الْوِرْدِ عَذْبِهِ
كَأَنِّيَ لَمْ أَقْصُرْ بِهِ اللَّيْلَ زائِراً / تَحُولُ يَدِي بَيْنَ الْمِهادِ وَجَنْبِهِ
وَلا ذُقْتُ أمْناً مِنْ سَرارِ حُجُولِهِ / وَلا ارْتَعْتُ خَوْفاً مِنْ نَمِيمَةِ حَقْبِهِ
فَيا لَسَقامِي مِنْ هَوى مُتَجَنِّبٍ / بَكى عاذِلاهُ رَحْمَةً لِمُحِبِّهِ
وَمِنْ ساعَةٍ لِلْبَيْنِ غَيْرِ حَمِيدَةٍ / سَمَحْتُ بِطَلِّ الدَّمْعِ فِيها وَسَكْبِهِ
أَلا لَيْتَ أَنِّي لَمْ تَحُلْ بَيْنَ حاجِرٍ / وَبَيْنِي ذُرى أَعْلامِ رَضْوى وَهَضْبِهِ
وَلَيْتَ الرِّياحَ الرّائِحاتِ خَوالِصٌ / إِلَيَّ وَلَوْ لاقَيْنَ قَلْبِي بِكَرْبِهِ
أَهِيمُ إِلى ماءٍ بِبُرْقَةِ عاقِلٍ / ظَمِئْتُ عَلَى طُولِ الْوُرُودِ بِشُرْبِهِ
وَأسْتافُ حُرَّ الرَّمْلِ شَوْقاً إِلى اللِّوى / وَقَدْ أَوْدَعَتْنِي السُّقْمَ قُضْبانُ كثْبِهِ
وَلَسْتُ عَلَى وَجْدِي بِأَوَّلِ عاشِقٍ / أَصابَتْ سِهامُ الْحُبِّ حَبَّةَ قَلْبِهِ
صَبَرْتُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ وَقَدْ أُرى / خَبِيراً بِداءِ الحادِثاتِ وَطِبِّهِ
وَأَعْرَضْتُ عَنْ غُرِّ الْقَوافِي وَمَنْطِقِي / مَلِيءٌ لِمُرْتادِ الْكَلامِ بِخِصْبِهِ
وَما عَزَّ نِي لَوْ شِئْتُ مَلْكٌ مُهَذَبُ / يَرى أَنَّ صَوْنَ الْحَمْدِ عَنْهُ كَسَبِّهِ
لَقَدْ طالَما هَوَّمْتُ فِي سِنَةِ الْكَرى / وَلا بُدَّ لِي مِنْ يَقْظَةِ الْمُتَنَبِّهِ
سأَلْقى بِعَضْبِ الدَّوْلَةِ الدَّهْرَ واثِقاً / بِأَمْضى شَباً مِنْ باتِرِ الْحَدِّ عَضْبِهِ
وَأَسْمُو عَنِ الآمالِ هَمَّاً وَهِمَّةً / سُمُوَّ جَمالِ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مُشْبِهِ
هُوَ الْملْكُ يَدْعُو الْمُرْمِلِينَ سَماحُهُ / إِلى واسِعٍ باعَ الْمَكارِمِ رَحْبِهِ
يُعَنَّفُ مَنْ لَمْ يَأْتِهِ يَوْمَ جُودِهِ / وَيُعْذَرُ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ يَوْمَ حَرْبِهِ
كَأَنِّي إِذا حَيَّيْتَهُ بِصِفاتِهِ / أَمُتُّ إِلى بَدْرِ السَّماءِ بِشُهْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ يُغْشِي ناظِراً عِنْدَ سَلِّهِ / بِهاءً وَيُرْضِي فاتِكاً يَوْمَ ضَرْبِهِ
يَرُوقُ جَمالاً أَوْ يَرُوعُ مَهابَةً / كَصَفْحِ الْحُسامِ الْمَشْرَفِيِّ وَغَرْبِهِ
هُمامٌ إِذا أَجْرى لِغايَةِ سُؤْدُدٍ / أَضَلَّكَ عَنْ شَدِّ الْجَوادِ وَخَبِّهِ
تَخَطّى إِلَيْها وادِعاً وَكَأَنَّهُ / تَمَطّى عَلَى جُرْدِ الرِّهانِ وَقُبِّهِ
وَما أَبَقٌ إِلا حَياً مُتَهَلِّلٌ / إِذا جادَ لَمْ تُقْلِعْ مَواطِرُ سُحْبِهِ
أَغَرُّ غِياثٌ لِلأَنامِ وَعِصْمَةٌ / يُعاشُ بِنُعْماهُ ويُحْمى بِذَبِّهِ
يَقُولُونَ تِرْبٌ لِلْغَمامِ وإِنَّما / رَجاءُ الْغَمامِ أَنْ يُعَدَّ كَتِرْبِهِ
فَتىً لَمْ يَبِتْ وَالْمَجْدُ مِنْ غَيْرِ هَمِّهِ / وَلَمْ يَحْتَرِفْ وَالْحَمْدُ مِنْ غِيْرِ كَسْبِهِ
وَلَمْ يُرَ يَوْماً راجِياً غَيْرَ سَيْفِهِ / وَلَمْ يُرَ يَوْماً خائِفاً غَيْرَ رَبِّهِ
تَنَزَّهَ عَنْ نَيْلِ الْغِنى بِضَراعَةٍ / وَلَيْسَ طَعامُ اللَّيْثِ إِلاّ بِغَصْبِهِ
أَلا رُبَّ باغٍ كانَ حاسِمَ فَقْرِهِ / وَباغٍ عَلَيْهِ كانَ قاصِمَ صُلْبِهِ
وَيَومِ فَخارٍ قَدْ حَوى خَصْلَ مَجْدِهِ / وَأَعْداؤُهُ فِيما ادَّعاهُ كَحِزْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ لا تَلْقاهُ إِلاّ مُؤَهَّلاً / لإيجابِ عِزٍّ قاهِرٍ أَوْ لِسَلْبِهِ
مِنَ الْقَوْمِ راضَوا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ جامِحٌ / فَراضُوهُ حَتى سَكَّنُوا حَدَّ شَغْبِهِ
بِحارٌ إِذا أَنْحَتْ لَوازِبُ مَحْلِهِ / جِبالٌ إِذا هَبَّتْ زَعازِعُ نُكْبِهِ
إِذا وَهَبُوا جادَ الْغَمامُ بِصَوْبِهِ / وَإِن غَضِبُوا جاءَ الْعَرِينُ بِغُلْبِهِ
إِذا ما وَرَدْتَ اْعِزَّ يَوْماً بِنَصْرِهِمْ / أَمَلَّكَ مِنْ رَشْفِ النَّمِيرِ وَعَبِّهِ
أَجابَكَ خَطِّيُّ الْوَشِيجِ بِلُدْنِهِ / وَلَبّاكَ هِنْدِيُّ الْحَدِيدِ بِقُضْبِهِ
أُعِيدَ لَهُمْ مَجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَما / مَضى بِقَبِيلِ الْمَجْدِ مِنْهُمْ وَشَعْبِهِ
بِأرْوَعَ لا تَعْيا لَدَيْهِ بِمَطْلَبٍ / سِوى شَكْلِهِ فِي الْعالَمِينَ وَضَرْبِهِ
تُرَوِّضُ قَبْلَ الرَّوْضِ أَخْلاقُهُ الثَّرى / وَتَبْعَثُ قَبْلَ السُّكْرِ سُكْراً لِشَرْبِهِ
وَتَفْخُرُ دارٌ حَلَّها بِمٌقامِهِ / وَتَشْرُفُ أَرْضٌ مَرَّ فِيها بِرَكْبِهِ
وَلَمّا دَعَتْهُ عَنْ دِمَشْقَ عَزِيمَةٌ / أَبى أَنْ يُخِلَّ الْبَدْرُ فِيها بِقُطْبِهِ
تَرَحَّلَ عَنْها فَهْيَ كاسِفَةٌ لَهُ / وَعادَ إِلَيْها فَهْيَ مُشْرِقَةٌ بِهِ
وَإِنَّ مَحَلاً أُوطِئَتْهُ جِيادُهُ / لَحَقَ عَلَى الأَفْواهِ تَقْبِيلُ تُرْبِهِ
رَأَيْتُكَ بَيْنَ الْحَزْمِ وَالْجُودِ قائِماً / مَقامَ فَتى الْمَجْدِ الصَّمِيمِ وَنَدْبِهِ
فَمِنْ غِبِّ رَأْيٍ لا تُساءُ بِوِرْدِهِ / وَمِنْ وِرْدِ جُودٍ لا تُسَرُّ بِغِبِّهِ
وَلَمّا اسْتَطالَ الخَطْبُِ قَصَّرْتَ باعَهُ / فَعادَ وَجِدُّ الدَّهْرِ فِيهِ كَلَعِبِه
وَما كانَ إِلاّ الْعَرَّ دَبَّ دَبِيبُهُ / فَأَمَّنْتَ أَنْ تُعْدى الصِّحاحُ بِجُرْبِهِ
وَصَدْعاً مِنَ الْمُلْكِ اسْتَغاثَ بِكَ الْوَرى / إِلَيْهِ فَما أَرْجَأْتَ فِي لَمِّ شِعْبِهِ
فَغاضَ أَتِيٌّ كُنْتَ خائِضَ غَمْرِهِ / وَأَصْحَبَ خَطْبٌ كُنْتَ رائِضَ صَعْبِهِ
حُبِيتَ حَياءً فِي سَماحٍ كَأَنَّهُ / رَبِيعٌ يَزِينُ النَّوْرُ ناضِرَ عُشْبِهِ
وَأَكْثَرْتَ حُسّادَ الْعُفاةِ بِنائِلٍ / مَتى ما يُغِرْ يَوْماً عَلى الْحَمْدِ يَسْبِهِ
مَناقِبُ يُنْسِيكَ الْقَدِيمَ حَدِيثُها / وَيَخْجَلُ صَدْرُ الدَّهْرِ فِيها بِعُقْبِهِ
لَئِنْ خَصَّ مِنْكَ الْفَخْرُ ساداتِ فُرْسِهِ / لَقَدْ عَمَّ مِنْكَ الْجُودُ سائِرَ عُرْبِهِ
إِذا ما هَزَزْتُ الدَّهْرَ بِاسْمِكَ مادَحاً / تَتَثّنّى تَثَنِّي ناضِرِ الْعُودِ رَطْبِهِ
وَإِنَّ زَماناً أَنْتَ مِنْ حَسَناتِهِ / حَقِيقٌ بِأَنْ يَخْتالَ مِنْ فَرطِ عُجْبِهِ
مَضى زَمَنٌ قَدْ كانَ بالْبٌعْدِ مُذْنِباً / وَحَسْبِي بِهذا الْقُرْبِ عُذْراً لِذَنْبِهِ
وَما كُنْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاّ كَمُصْرِمٍ / تَذَكَّرَ عَهْدَ الرَّوْضِ أَيامَ جَدْبِهِ
وَعِنْدِي عَلَى الْعِلاّتِ دَرُّ قَرائِحٍ / حَوى زُبَدَ الأَشْعارِ ما خِضُ وَطْبِهِ
وَمَيْدانُ فِكْرٍ لا يُحازُ لَهُ مَدىً / وَلا يَبْلُغُ الإِسْهابُ غايَةَ سَهْبِهِ
يُصَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ فارِسُ مَنْطِقٍ / بَصِيرٌ بِإِرْخاءِ الْعِنانِ وَجَذْبِهِ
وَغَرّاءُ مَيَّزْتُ الطَّوِيلَ بِخَفْضِها / فَطالَ عَلَى رَفْعِ الْكَلامِ وَنَصْبِهِ
مِنَ الزُّهْرِ لا يُلْفَيْنَ إِلاّ كَواكباً / طَوالِعَ فِي شَرْقِ الزَّمانِ وَغَرْبِهِ
حَوالِيَ مِنْ حُرِّ الثَّناءِ وَدُرِّهِ / كَواسِيَ مِنْ وَشْيِ الْقَرِيضِ وَعصْبِهِ
خَطَبْتَ فَلَمْ يَحجُبْكَ عَنْها وَلِيُّها / إِذا رُدَّ عَنْها خاطِبٌ غَيْرَ خِطْبِهِ
ذَخَرْتُ لَكَ الْمَدْحُ الشَّرِيفَ وَإِنَّما / عَلَى قَدْرِ فَضْلِ الزَّنْدِ قِيمَةُ قُلْبِهِ
فَجُدْهُ بِصَوْنٍ عَنْ سِواكَ وَحَسْبُهُ / مِنَ الصَّوْنِ أَنْ تُغْرِي السَّماحَ بِنَهْبِهِ
أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ
أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ / وَأَقْصِرُ بَثِّي وَالشُّجُونُ طِوالُ
وَأَحْبِسُ عَنْ قَوْمٍ عِنانَ قَصائِدِي / وَقَدْ أَمْكَنَ الطَّرْفَ الْجَوادَ مَجالُ
تُذَمُّ اللَّيالِي إِنْ تَعَذَرَ مَطْلَبٌ / وَأَوْلى لَعَمْرِي أَنْ تُذَمَّ رِجالُ
وَما أُلْزِمُ الأَيّامَ ذَنْبَ مَعاشِرٍ / لِدَرِّهِمُ قَبْلَ الرَّضاعِ فِصالُ
وَآلِ غِنىً جَمٍّ هُمُ الْبَحْرُ ثَرْوَةً / وَلكِنَّهُمْ عِنْدَ النَّوائِبِ آلُ
لَوَ أنَّ بِلالاً جاءهُمْ بِمُحَمَّدٍ / لَعادَ وَما فِي فِيهِ مِنْهُ بِلالُ
خَلِيلَيَّ ما كُلُّ الْعَسِيرِ بِمُعْجِزٍ / مَرامِي وَلا كُلُّ الْيَسِيرِ يُنالُ
وَلَيْسَ أَخُو الْحاجاتِ مَنْ باتَ راضِياً / بِعَجْزٍ عَلَى الأَقْدارِ فِيهِ يُحالُ
تَقَلَّبْتُ فِي ثَوْبِي رَخاءٍ وَشِدَّةٍ / كَذلِكَ أَحْوالُ الزَّمانِ سِجالُ
وَقَدْ وَسَمَتْنِي الأَرْبَعُونَ بِمَرِّها / وَحالَتْ بِشَيْبِي لِلْشَّبِيبَةِ حالُ
فَلَيْتَ الَّذِي أَرْجُو مِنَ الْعُمْرِ بَعْدَها / يَطِيبُ بِهِ عَيْشٌ وَيَنْعَمُ بالُ
يَقُولُ أناسٌ كَيْفَ يُعْجزُكَ الْغِنى / وَمِثْلُكَ يَكْفِيهِ الْفِعالَ مَقالُ
وَما عِنْدَهُمْ أَنَّ السُّؤالَ مَذَلَّةٌ / وَنَقْصٌ وَما قَدْرُ الْحَياةِ سُؤالُ
تَرَفَّعَتُ إِلاّ عَنْ نَدى ابْنِ مُحَسِّنٍ / وَخَيْرُ النَّدى ما كانَ فِيهِ جَمالُ
وَعِنْدَ وَجِيهِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رَشِيدِها / سَماحٌ وَبَذْلٌ غامِرٌ وَنَوالُ
وَأَخْلاقُ غَيْثٍ كُلما جِئْتُ صادِياً / وَرَدْتُ بِهِنَّ الْعَيْشَ وَهْوَ زُلالُ
وَبِشْرٌ إِلى الزُّوّارِ فِي كُلِّ لَزْبَةٍ / بِهِ تُلْقَحُ الآمالُ وَهْيَ حِيالُ
تَدانَتْ بِهِ الْغاياتُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ / وَخَفَّتْ بِهِ الْحاجاتُ وَهْيَ ثِقالُ
وما البِشْرُ إِلاّ رائِدٌ بَعْدَهُ الْحَيا / أَلا إِنَّما وَعْدُ السَّحابَةِ خالُ
مَتى أَرجُ إِسمعيلَ لِلْعِزِّ وَالْغِنى / فَما هُوَ إِلاّ عِصْمَةٌ وَثِمالُ
فَتىً ظافَرَتْ هِمّاتُهُ عَزَماتِهِ / كَما ظافَرَتْ سُمْرَ الصِّعادِ نِصالُ
هُوَ الْبَدْرُ إِلا أَنَّهُ لا يُغِبُّهُ / عَلَى طُولِ أَوْقاتِ الزَّمانِ كَمالُ
مِنَ الْقَوْمِ ذادَ النّاسَ عَنْ نَيْلِ مَجْدِهِمْ / قِراعٌ لَهُمْ دُونَ الْعُلى وَنِضالُ
نِبالُ الْمَساعِي ما تَزالُ ثَوابِتاً / لَهُمْ فِي قُلُوبِ الحاسِدِينَ نِبالُ
إِذا قاوَلُوا بِالأَحْوَذِيَّةِ أَفْحَمُوا / وَإِنْ طاوَلُوا بِالْمَشْرَفِيَّةِ طالُوا
أُولئِكَ أَنْصارُ النَّبِيِّ وَرَهْطُهُ / إِذا عُدَّ فَخْرٌ باهِرٌ وَجَلالُ
أَأَزْعُمُ أَنْ لا مالَ لِي بَعْدَ هذِهِ / وَجُودُكَ ذُخْرٌ لِلْمُقِلّ وَمالُ
وَمَنْ سارَ يَسْتَقْرِي نَداكَ إِلى الْغِنى / فَلَيْسَ بِمَخْشِيٍّ عَلَيْهِ ضَلالُ
وَما جَوْهَرُ الأَشْياءِ وَالْخَلْقِ خافِياً / إِذا ما طِباعٌ مُيِّزَتْ وَخِلالُ
لَفَضَّلَ ما بَيْنَ السُّيُوفِ مَضاؤُها / وَفَضَّلَ ما بَيْنَ الرِّجالِ فِعالُ
تَأَخَّرَ عَنْكَ الْمَدْحُ لا عَنْ تَجَنُّبٍ / وَلكِنَّهُ الْمَعْشُوقُ فِيهِ دَلالُ
وَعِنْدِي ثَناءٌ لا يُمَلُّ كَما انْثَنى / إِلى عاشِقٍ بَعْدَ الصُّدُودِ وِصالُ
يُزانُ بِهِ عِرْضُ الْفَتى وَهْوَ ماجِدٌ / كَما زانَ مَتْنَ الْمَشْرَفِيِّ صِقالُ
وَلا بُدَّ لِي مِنْ دَوْلَةٍ بِكَ فَخْمَةٍ / بِها مِنْ صُرُوفِ النّائِباتِ أُدالُ
وَمِنْ نِعْمَةٍ خَضْراءَ عِنْدَكَ غَضَّةٍ / يُمَدُّ عَلَيْها لِلنَّعيمِ ظِلالُ
فَلا يَسْتَرِثْ مِيعادَ مَجْدِكَ جاهِلٌ / فَما عِنْدَ مَجْدِ الأَسْعَدينَ مِطالُ
فَإِنَّ نُجُومَ اللَّيْلِ فِي حِنْدِسِ الدُّجى / يُرَيْنَ بَطِيئاتٍ وَهُنَّ عِجالُ
وَهَلْ لِلْوَرى إِلاّ عَلَيْكَ مُعَوَّلٌ / وَهَلْ لِلعُلى إِلاّ إِلَيْكَ مَآلُ
فَما الْمَجْدُ إِلاّ لِلْكِرامِ مَمالِكٌ / وَلا النّاسُ إِلاّ لِلْكُفاةِ عِيالُ
إِذا ما الْقَوافِي بَشَّرَتْكَ بِمَطْلَبٍ / وَفى لَكَ مِنْها بِالْحقائِقِ فالُ
وكُنْتُ إِذا ما رابَنِي الدَّهْرُ مَرَّةً
وكُنْتُ إِذا ما رابَنِي الدَّهْرُ مَرَّةً / وَقَدْ وَلَدَ الدَّهْرُ الْكِرامَ فَأَنْجَبا
دَعَوْتُ كَرِيماً فَاسْتَجابَ لِدَعْوَتِي / أَغَرَّ إِذا ما رادَهُ الظَّنُّ أَخْصَبا
إِذا كُنْتَ راجِي نِعْمَةٍ مِنْ مُؤَمَّلٍ / فَحَسْبِيَ أَنْ أَرْجُو الْعَمِيدَ الْمُهَذَّبا
عَسى جُودُهُ الْمأْمُولُ يَنْتاشُ هالِكاً / أَسِيرَ زَمانٍ بِالْخُطُوبِ مُعَذَّبا
أَرى الدَّهْرَ لا يَزْدادُ إِلاّ فَظاظَةً / عَلَيَّ وَلا أَزْدادُ إِلاّ تَعَتُّبا
فَكُنْ لِبَنِي الأَحْرارِ حِصْناً وَمَعْقِلاً / إِذا خانَهُمْ صَرْفُ الزَّمانِ وَخَيَّبا
سِواكَ يُعابُ الْمادِحُونَ بِنَيْلِهِ / وَغَيْرُكَ مَنْ آبى لِجَدْواهُ مَطْلَبا