المجموع : 11
أحِنُّ إلى تُرْبٍ ثوى سكناً به
أحِنُّ إلى تُرْبٍ ثوى سكناً به / فَألْثَمُه شَوْقاً لِمَنْ وُسّد الترْبا
وأُطْبِقُ أجفاني أُحاوِلُ غَفْوَةً / فيَأبى هُناك الهُدب أن يصِلَ الهُدْبا
لَعَمْري لَقَد نالَ الرّدى مِنِّيَ الذي / أرادَ وخَلَّى الصَّبرَ مُقْتسماً نَهبا
فَغَيّضَ مِن ماء الحياة معِينه / وَضَيَّق من ذرْعي بِما صَنعَ الرّحبا
تَبَاعَد مَنْ أهْوى وشطّ مَزَارُهُ / وبَدَّل نَأياً شاسِعاً ذلِك القُرْبا
فَلو أنّني طَوَّعْتُ قَلبِيَ ساعةً / قَضى نحْبَهُ لَهفا عَلى مَن قَضى نَحبا
إذا رَحَل الرّكْبُ العِراقيُّ سُحْرَةً
إذا رَحَل الرّكْبُ العِراقيُّ سُحْرَةً / إلى الخَيفِ مِن وادي السّنا فالمُحصَّبِ
هَتَفْتُ بكُم قَلبِي لَديكم فَعَرِّجوا / أوَدِّعْه إذ خَبَّ المَطِيُّ بِكُمْ وَبي
وإلا فرُدّوهُ عَلَيَّ فإنَّه / مَتَاعٌ قَلِيلٌ بَعْد قَلْبِي تَقَلُّبي
ورافضةٍ من مائها في هوائِها
ورافضةٍ من مائها في هوائِها / نَثاراً يُريها في عدادِ النَواصبِ
تمُجُّ كِبار الدُّرّ في دَوَرَانِها / فلو لُقِطتْ زانَتْ نُحورَ الكَواعبِ
وتُفْرِغُ أنواع الفُروغ صَوادِقاً / دِلاءٌ لها مُنْهَلّةٌ كالسّحائبِ
بناتُ الرياضِ العِينُ من أخواتِها / فتَبكي عَليها بالدموعِ السّواكبِ
وتَجعلُ تَرْدادَ الحَنينِ لأصْلِها / دلالَةَ طِيب المُنْتَمَى والضَرائبِ
فَإنْ يَكُ للماء السّلاسِل رُوحُها / فَجُثمانُها في الدّوْحِ عالِي المَناسبِ
من الخائِضاتِ النهرِ يَسمو حَبَابُه / فيُذْكرُ من حُسْنٍ ثُغورَ الحَبائبِ
فمِن مبطئٍ يَحكِي إِذا انحطّ أوْ رَقَى / جَمال سَمَاءٍ زُيّنَت بكَواكِبِ
تَدورُ عليهِ فهيَ تَخشاهُ هَيْبَةً / في ما من الكمِيّ المُحاربِ
ومن عَجَلٍ فيها ورَيْثٍ تَخَالُها / إذا اعْتوَرَتْها طامِيات الغَواربِ
تُولّي فِراراً منه خِيفَة نَهْشِهِ / فَيُنْشِبُ في أضْلاعِها فَمَ جاذِبِ
وقَدْ أصْبَحَا إلْفَيْن يَعتَنِقان في / مُلاعَبَةٍ أثْناء تِلْكَ المَلاعبِ
فَتَأتِي لَه مِثْل الغِياثِ لِوَقْتِه / بِمُنْسابة منْساحَة في المَذانبِ
أرَاقِمُ للبُستَانِ خَيْرُ رَواقِم / سَوالِبُ لِلأشْجان خَيْرُ سَوالِبِ
أمَا بَعْد عَتْب العامِرِيّة مِن عُتْبى
أمَا بَعْد عَتْب العامِرِيّة مِن عُتْبى / لقد قَطَعَتْ حتّى الوَلائِدَ وَالكُتْبا
إِذا زُرْتها لاقيتُ حجبا مِن القَنا / وبيض الظُّبى تحمي البَراقِع والحجبا
فأَرْجع أدراجي وَلَوْ شِئتُ خاض بي / لقُبّتها طرْفي جنابَتُها القَبّا
وما ذاك جُبْناً بل حيَاءً وَعِفّةً / مِن الحيّ أن يدْرُوا بمَن شفّني حُبّا
لَهَا اللّهُ لِمْ ضَنّتْ عَلَيّ بِوَصْلِها / وَلِم حَرمَتني القرْبَ دونَ ذرَى القرْبى
وَما ضَرّها أنّي يَمانٍ وأنّها / لِقَيْسٍ ألسْنا في تعارُفِنا عُرْبا
تَذود عن الثّغْر الشّنيبِ بِلَحْظِها / فيا مَن رأى عضْب الظبا يحرُسُ العَذبا
بِعَادٌ وإِعراضٌ عَلَيّ تَعَاقَبا / فيا فَاتِني بالحُسْنِ حسّنْ ليّ العُقبى
إذا كان إسعادي لِسُعدى مُنافِراً / فماذا عسى يُؤثرُ بي با
وللّهِ ذات القلْب والحَجْل كُلّما / أحَاولُ أن تَرْضَى تَطلعُ لي غَضْبى
يَقَرُّ بعَيني أن أزورَ مَغَانِياً
يَقَرُّ بعَيني أن أزورَ مَغَانِياً / بِسَاحَتِها كُنّا نَخوضُ ونَلْعبُ
إذا العَيْش غَضٌّ والشَبيبَةُ لَدْنَةٌ / وسافرُ وَجْه الحُسْنِ ليسَ يُحجّبُ
فكُلُّ صَباحٍ في الشُّروقِ مفضَض / وكل أصيلٍ في الغُروبِ مُذَهّبُ
وَما أربي إلا الرُّصافةُ لَوْ دَنَتْ / وَهل لِلْهوى إلا الرُّصَافةُ مَذْهبُ
لكَ الخَيْرُ أمْتِعنِي بِخَيري رَوْضَةٍ
لكَ الخَيْرُ أمْتِعنِي بِخَيري رَوْضَةٍ / لأنْفَاسِهِ عِنْد الهُجوع هُبوبُ
أليسَ أديبُ النّوْر يَجعلُ لَيْلَه / نَهاراً فيَذْكو تَحْتَهُ ويطيبُ
ويَطوي معَ الإصباحِ مَنْشورَ نَشْره / كَما بانَ عَن ربع المُحبّ حَبيبُ
أهِيمُ بِهِ عن نِسْبَةٍ أدَبيّةٍ / ولا غَرو أنْ يَهْوَى الأديبَ أديبُ
ألَمْ تَرَها تَسْمو لأشرَفِ غَايَةٍ
ألَمْ تَرَها تَسْمو لأشرَفِ غَايَةٍ / وتَسبِقُ سَبْق المقرباتِ الشَوازِبِ
إذا أصْدَرَتْ غُبْرُ السّباسِبِ وافِداً / لَها أوْرَدَتْ شرْواه خُضْرُ الغَوارِبِ
سَعادَةُ آفاقٍ بِها شَقِيَ العِدَى / كبت بمَجاريها مجرّ الكَتائِبِ
أَجابَتْ نِداء الحَقّ تَبْغي نَجاتَها / فأَعْقَبَها التّوفيقُ حُسْنَ العَواقِبِ
وَكانَتْ عَلى الكُفّارِ غَير مُعانَةٍ / فَسُرعان ما قَدْ صُرّعوا بِالقَواضِبِ
هُوَ الزّمَنُ المَضروبُ للنّصْرِ مَوْعِداً / ومازالَ وَعْدُ اللّهِ ضَرْبَةَ لازِبِ
لَقَد رَاقَبَتْ عام الجَماعَةِ بُرْهَةً / فَلَمْ يَعْدُها إِقرارُ عَيْنِ المُراقِبِ
هَنيئاً لأَهلِ العُدْوَتَينِ عِدَادُهُمْ / بإِخلاصِهِم في المُخْلِصِين الأطايِبِ
أَطاعُوا الإِمام المُرْتَضَى وَتَسابَقوا / إلى سَنَنٍ يهدي إِلى الرُّشد لاحِبِ
إلى مَذْهَبٍ سنّتْه سبْتةُ قاصِدٍ / بِهِ عَدَلُوا عَنْ زَائِعاتِ المَذاهِبِ
ألا هَذِه حِمْصٌ تُناسِبُ طاعَة / سِجلماسة في رَفْضِها لِلمناصِبِ
وَما خالَفَت غرْناطةٌ رَأي رَيّة / لتَشْمُلَ أنْوارَ الهُدى كُل جانِبِ
وَجَيّانُ لم تَبْرح كشلْبٍ وطَنجَةٍ / مُبارِيةً هُوجَ الصَبا والجَنائِبِ
لتسْعد بالرّضوانِ بَيْعاتُها التي / كَفى شَاهِدٌ مِنْه تَأمّلَ غَائِبِ
وَهَلْ قَدَحتْ إلا لِفَوْزٍ قِداحُها / فَلا غَرْوَ أن تَحظَى بِكُبرَى المَواهِبِ
كذا الخُلَفَاءُ الأَكرَمونَ مَنَاسِباً / تُنالُ بِهِم عَفواً كِرامُ المَطالِبِ
مَمَالِكُ ألْقَت خُضّعاً بِقِيادِها / إلى مَلِكٍ في العِزِّ سامي الذّوائِبِ
بهِ اعْتَصَمَتْ مِمّا تَخافُ عَلى النَوى / فلَيْسَ مَرُوعا سِرْبُها بالنّوائِبِ
سَتَظْمأ مِنْ وِرْدِ الرّدى جَنَباتُها / وإنْ رويتْ قِدما بِصَوْب المَصائِبِ
وَيَثْنِي مُلوُك الرّوم عمّا تَرُومُه / بِعَزْمة رَاض للدّيانة غَاضِبِ
وَمن يَرهَبُ الجُلّى وَهَذا جَلالُه / عَلى الأَمْنِ مَحْمولٌ بِهِ كُل راهِبِ
لأندَلُسَ البُشرى بِنَصْرِ خَليفَةٍ / ضَروبٍ بِنصْل السيف زاكي الضَرائِبِ
قَريبٌ عَليهِ نيْلُ كُلّ مُحاوِلٍ / وَلو كانَ بُعداً في مَحَلّ الكَواكِبِ
تَعَوّدَ إمْلاء النّوادِرِ بَأسُه / بِحَيثُ تَعِيها صارِخاتُ النّوادِبِ
غَرائِبُ مِن نَظْمِ الكُماةِ بِنَثْرِهِ / كُعُوبَ القنا واهاً لتِلك الضّرائِبِ
وقامَ بِحِزْبِ اللّهِ يَنْصُرُ دينَهُ / فلَمْ تَهَبِ الدُّنيا طُروقاً لِحازِبِ
وَقَدْ جَعل الهَيْجا رِياضاً خِلالَها / يُفجِّر أنْهارَ الدّماء الصّوائِبِ
أمَدّ بِجدٍّ صَاعِدٍ جُرَعَ الرّدى / عِدَاه فمَغْلُوبٌ بِهِ كُلُّ غَالِبِ
ومَن كانَ بالإحسانِ والعَدْل قَائِماً / فلَيسَ يُقِرُّ العَضْبَ في يَد غَاصِبِ
بِمَطْلَعِ يَحيى غار كلُّ مخالِف / ومِنْهُ اسْتماح السّلمَ كلُّ مُحارِبِ
وكَمْ أظهَرَ الماضونَ شَوْقاً لعصْرِهِ / بِما خَبّروه في العُصورِ الذّواهِبِ
إمَامَتُهُ أَلْوَتْ بِكُلّ إِمَامةٍ / وَبِالصُّبْحِ وَضّاحاً جَلاءُ الغَياهِبِ
هيَ العُرْوَة الوُثْقى ومنْ يعتصم بها / فلَيسَ يُبالي ناجِياً بالمَعاطِبِ
بنورِ هُداها يَقْتدِي كُلُّ تَائِه / وَمَحْضَ رِضاها يَقْتَني كُلُّ تائِبِ
أيَقْصُر عنْ فَتْح المشارِق بعْدَما / تَقاضى بِأَمْرِ اللّهِ فَتْح المَغارِبِ
وَسارَ إِلَيها في المقانِب زاحِفاً / وَلَو شاءَ لاسْتَغْنَى بِزُهْرِ المَناقِبِ
يُضارِب في ذاتِ الإلَهِ وَلَم يَكُنْ / لِيُخفِقَ في الأيامِ سَعْيُ المُضارِبِ
مَديد الغِنى من كَفِّه مُتقارِبٌ / لِمُنْتَزَحٍ عَن بابِهِ وَمُصاقِبِ
أجارَ من الإظْلامِ ثاقِبُ نُورِهِ / فَلا زالَ جاراً لِلنجومِ الثّواقِبِ
هنيئاً لوَفْدِ الغَرْبِ من صفوة العُرْب
هنيئاً لوَفْدِ الغَرْبِ من صفوة العُرْب / قُدومٌ على الرُّغبِ المُجيرِ من الرُّعبِ
وهَصْرٌ لأفنانِ الأماني أفادَهُم / أفانينَ حصْبِ الجُودِ بالرَّفْهِ والخِصْبِ
ألم تَرهُم أفضوا إلى فائض النّدى / فلقّاهُمُ بالنائِل الرّحب والرّحْبِ
وَقَلّدهم لَمّا كَساهُم فَلا تَرى / سوى العضْبِ حَلاهُ النُّضارُ عَلى العَصْبِ
تَحارُ عُقُولُ المعْقِلِيّينَ في لُهىً / كَفى السّحْب من فَضْفاضِها نُجْعة السحبِ
بِعَيْشِهِمُ هل أحْرَزوا قَبْل مِثْلَها / إذِ العَيْشُ بينَ القَسْبِ يَرْتادُ والسَّقَبِ
وأنْفَسُ مِنها ما أُفيدَ من الهُدى / وإن جَعَلَتْ تُربي عَلَى عَددِ التُّرْبِ
أَما انْجَلَتِ الجُلّى أما التَأم الثأى / فلِلّه شَعْبٌ قابلوا الصّدْع بالشّعبِ
دَنا بِهم الإخْلاصُ والدار غُرْبَةٌ / فكعْبُهم يَعلو رُؤوسَ بني كَعْبِ
هُمُ الرّكْبُ حاد الكْرب عَنهم محيدَهم / عَن الجَرْيِ في الإيضاعِ والخَبّ في الخبِّ
بُدوراً إِذا ما قطّب الجَوُّ أشرَقوا / تَدور رحاهُم مِن هِلالٍ على قُطْبِ
إنابَتُهُم تَقضي بِصِدْقِ منابهم / وعَزْمَتُهُم تُنْبي بِأنّ الظّبى تُنْبي
هَدَتْهُم إِلى الهادِي الإمام سعادَةٌ / تؤُمُهم بالسّرْبِ يوهِب والسّرْبِ
وتُعلمُهم أن ليس كَالْغَيْهَب الضُّحى / ولا السّابِقاتُ الجُرْد كالرُّزح الجُرْبِ
ومَنْ رامَ يحيى كَعْبَةً لِطَوافِه / غدا لا يُهابُ الهَضْم في ذَرْوَة الهَضْبِ
إمامُ هُدى أفنى الضّلال مُسلّطاً / عليهِ بِأوْحى القَضْبِ ماضية القُضْبِ
وبَحْر ندىً منْ يَرْجُ فيض عُبابه / يَفُزْ بالنُّضار السبك والوَرِق السَّكْبِ
أبَرّ على الأملاك بِراً مباركاً / صَنائعُه وهي الجسامُ إلى ربِّ
وأنْفَذَ عدْوَ الخَيْلِ في طلبِ العِدى / وَبنْدُ الهُدى منهُ إلى ملكٍ نَدْبِ
يُحبّر كُتْباً أو يَجُرُّ كتائِبا / وحَسبُك بالحِبْر المغامر في الحَرْبِ
فَكَمْ عَالِمٍ أرْدَتْ عُلاهُ وَمُعْلَمٍ / بِضَرْبٍ من التبكيتِ كالطّعنِ والضّربِ
عَلى النّشْجِ مقصورُ الزّهادةِ والتُّقى / وصارمُه الظمآن في العَلِّ والعَبِّ
أما راعَ منهُ الشّرقَ تأييدُ أرْوَعٍ / سَطا غَيْرَ نابي الغَرْبِ والحَدّ بالغَرْبِ
يُديل من الإملاقِ والفَقْرِ بِالغِنى / ويُفرِجُ بالكَر العَظيم من الكربِ
ويُؤمِنُ مَن تَضْطَرُّهُ حالُ مَحْلِه / إلى الخبطِ في الآفاقِ مِن خيفةِ الخطبِ
أوَى الدّين من سُلطانِه لِمُناجِزٍ / مُناوئَه بَسْلٍ على الدّم بالذّبِّ
أقامَ صَغاه يَوْم قام لِنَصْرِهِ / بصبح الأعادي الحَيْنَ في أشرَفِ الصَّحْبِ
تَرى كُلّ جحجاح إذا اعتزّ واعتَزَى / إلى الحَسَبِ الوَضّاحِ نادى بهِ حَسْبي
خَضيب الظُّبى من خضْدِه شوْكةَ العِدى / كأنّ به شَوْقاً إلى الخَضْدِ والخَضْبِ
تَقَبّل آثارَ الخَليفَة مُسلِفا / بِها قُرباً تحْظى من اللّهِ بالقُرْبِ
وَهَلْ هِيَ إلا الصّالِحاتُ بِأَسرِها / فَعُجْ بي عَلَيْها أستجدَّ بها عُجبي
وأُملي قَريضاً لا أملُّ تَوسُّلا / إلَيها بسحْرٍ منه يُعربُ عن حُبِّي
هُيامي بِأن يَرْضى إمامي وحَبّذا / فيأمُر من رحْماه بالغِبّ للصّبِّ
خِلافاً لِمن يَهذي بِلُبْنى وخوْلَةٍ / ويَحمِلُ ما يودي من اللسْنِ والنّسبِ
وَلَم أرَ كالهَيْمانِ يقْنَعُ في الهَوى / فتوناً بمُرِّ العَذْلِ من حلْوهِ العَذْبِ
ويَصْبو لخطْفِ البَرقِ أو هَبَّة الصَّبا / فَيُضحي ويُمْسي نُصْبَ ذلك في نَصْبِ
ومِنْ نِعْمة المَوْلى عليّ تخلُّصي / بِحُبّ العُلى من حالِي العيْث والعيْبِ
أما وحُلاها لا أسرّ صَبابَةً / إلى غَيرها قَلْبي ثَباتاً بِلا قلبِ
فإبْداء ما استنبطْتُ في الشكرِ شيمَتي / وإهدَاء ما اسْتَبْضَعْتُ من أدبي دأْبي
وفَوّضَ في سُلطانهِ لاضْطِلاعِه / ولابُدّ للجَيْشِ العَرمْرَم من قَلبِ
خلافَة يَحيى زانَ عَهْدُ مَحَمّد / ولا شكّ أنّ الزّند يَزْدان بالقلبِ
هُما القَمَران النيّران وإنّما / مَدارُهُما لِلْمَعْلُواتِ عَلى قُطْبِ
أما ووليُّ العَهْد أزكى ألِيَّة / لقَد أحرَزَ العَلْياء بالإرْثِ والكَسْبِ
وجَمّع أشتاتَ الكَمالات فالنهى / معَ الطبعِ مَشفوعانِ بالرّأبِ والشعبِ
هَنيئاً لَنا رَيْعَانُ دولَته التي / بِها يأمَن المُرتاعُ حتّى مِن العَتْبِ
وهل هي إلا رَحْمة اللّهِ يُسّرَتْ / لِمَوْهِبة الحُسْنَى وَمَغْفِرَة الذّنبِ
أحِنُّ لأرْبابِ المَعارفِ بالتُّرْبِ
أحِنُّ لأرْبابِ المَعارفِ بالتُّرْبِ / وأرْجو بِهِم شَفْعَ الصّنيعَة بالرّب
مكانَ اعتمادِي واعتدادِي جَعلتهم / وتُدَّخَر الأعلاقُ للحِقَبِ الشُّهْب
وَهل دَرَكٌ في أن تَقَربْتُ مِنهم / بأسْنَى أناسٍ أحرَزوا دَرَكَ القُرْب
تَلَقّوا جنى القُرآن غُضّاً عنِ الذي / أتَى خاتِماً للرُّسل في خاتم الكُتب
أطوف بِناديهِم رَجَاءَ نَداهُم / كذاكَ انتظامُ الطّير في مَنثَر الحَب
هُم القوْمُ لا يَشْقى جَليسُهُمُ بِهم / وَحسْبِيَ أن يَغْشَى مَجالِسَهُم قَلبِي
نضِيتُ لإخْلاصي لَهُم وتَخلّصي / بإرْشادِهِم مِنْ حَيْرةِ الرّفْض والنّصْب
وَيا بِأبي المُخْتَارُ من سرِّ هاشِم / ومَنصِبُه المُختارُ من صَفوَةِ العُرْب
مُحَمَّدٌ المَنصورُ بِالرُّعبِ وَالصّبا / فَبَيْنَ الصَّبا طاحَتْ أعاديهِ والرُّعب
رَوَى أنَسٌ ما فيه أنْسٌ مُجدّدٌ / لِمْستَوحِشٍ من فادحِ الوِزْر والذَنب
فَأتْبَعْتُ حُبَّ اللّهِ حُبّ رَسولِهِ / ولَيسَ مَتابُ الواصِلين سِوى الحُب
أبى الحَسَن إلا أنْ تَعِزّ وَتَغْلِبا
أبى الحَسَن إلا أنْ تَعِزّ وَتَغْلِبا / عَقيلَةُ هذا الحيّ من سِرِّ تَغْلبا
فكيفَ بِفَوْزٍ منْ رَبيبَة فازَة / مَسابِحُها بَيْن الأباطحِ وَالربى
تُظَلّلها خُضْر القَنابِل والقنا / وتَكْلؤُها زُرْقُ الأسِنّة وَالظُّبى
مِن البيضِ حمْراءُ المَطارفِ والحُلى / إذا طَلَعتْ حُلّتْ لطلعَتها الحُبى
تُصَادِر عَما في الصُّدورِ عِصابَة / همُ عَصَبوا قتْلى الصَّبابَة والصِّبا
فتاة يَفوت الوصفُ مُعْجب حُسنِها / فَلا غَرْو أن تُزْهى دَلالاً وتُعْجَبا
أُراعُ لِذِكْراها فأُرْعَدُ خيفَةً / كَما زَعْزَعَتْ غُصْناً بهَبَّتِها الصّبا
وَأبْتاعُ بِالْمَحيْا وناهيكَ صَفقَةً / مُوَفّقَةً ذاك المُحيّا المُحَجّبا
ورُبّ يَدٍ بَيْضَاءَ عِندِي لِلَيْلَةٍ / تَحَمّلتُ فيها الهجْر حوْلاً مُحَسّبا
تَراءَت لَنا وَهْناً إِزاء خَريدَةٍ / تُسايِرُها كالْبَدْرِ قارَنَ كَوْكَبا
وجَازَتْ بِنا مذْعورةً من شِعارِنا / كجَازية بالرّمْلِ تَتْبَعُ رَبْرَبا
وما علِمَتْ أنّا قنائِصُ لَحْظِها / ورُبّ مَهاةٍ تقْنِصُ اللّيث أغْلَبا
فقُلتُ لِصَحبي واثِقاً بحِفاظِهم / بقُرْبِي التَصابي لا تَريمُوهُ مَرْقَبا
وَأقْبَلْتُ أسْتَقري خُطاها مقَبِّلا / مَجَرّاً لِمَوْشِيِّ البُرودِ ومَسْحَبا
وقَد جَعَلَتْ تَشتدُّ نحوَ خِبائها / لِتَخْبَأ نوراً مذْ تلألأَ ما خبَا
كَما أوْمأَتْ بالكفّ أن كُفَّ وانكَفأ / فَسُمْرُ شَباب الحَيِّ ما ضِيةُ الشّبا
فَأبْتُ وقد قَضّيتُ بعْضَ مَآربي / وإن كنتُ من نجوايَ لم أقْضِ مَأْرَبا
إلى اللّهِ أشكو العيرَ لا بل حَداتَها / فَلوْلا هُمُ لم أمتطِ الشوْقَ مَركَبا
ولا استَعذب القلبُ المُعذَّبُ حَتْفَه / وحسبُك تَعذيباً يَرى الحَتْف أعذَبا
بَكَيْتُ عَلى تلك الحَقائبِ حِقبَةً / وحُقَّ لِعَيني أن تَسُحّ وتَسْكُبا
نِزاعاً لِخَوْدٍ أشرِبَ القلبُ حُبّها / فَباتَ عَلى جَمْرِ الغَضا متقلّبا
أرُدُّ بِأرْداني سَوابِقَ عَبْرَتي / ولَو شِئْت لم يفقد بها الرّكبُ مَشربا
وأدْرَؤُها حُمراً كَلوْنِ خِضابِها / بِفَضْلِ رِدائي خائِفاً مُترَقّبا
وما بِيَ إلا أن يَرى الحَيُّ موْضِعي / فَتَسْمَعَ منْ أجْلي مَلاماً ومعْتبا
سَلامٌ على دوْحِ السلامِ فكَمْ لنا / مَقيلاً بِها ما كانَ أَنْدَى وَأَطْيبا
جَميل كَرَيْعانِ الشّبابِ وَجَدْتُني / هنالِك أصبى من جَميلٍ وَأنْسَبا
وللّهِ منها بِالمُحصّب وَقْفَةً / أنافِسُ فيها ما حَييتُ المُحصّبا
عَلَوْتُ الكَثيبَ الفَرْد أرْقب صُنعها / وقَد آنَ تقويضُ القِبابِ وأَكثَبا
فَراحَتْ إلَى نُعْمانَ تنْعَم بِالمُنى / وخَلّت غُرابَ البَين يَنْدُبُ غُرَّبا
وَلا حَظّ إلا نَظرَةٌ تُحْسِبُ الهَوى / وَلو أنْصَفوا ما كانَ ذاكَ مُحَسّبا
تَعَلّلْتُ لَما جاوَز الحَيُّ يعْلَما / وثَرَّبْتُ لمّا جاوزَ الرّكبُ يَثْرِبا
وقَد كانَ من سَمْتي العَقيقُ ومَنْ به / فَعَقّنِيَ الحادي وحاد ونَكّبا
خَلِيلَيَّ أمّا رَبّةُ القلْبِ فارْمُقا / بها القَلْبَ أعْشاراً يَذوبُ تَلَهُّبا
وَإِن مَزّقَتْني شُعْبَةً إثْرَ شُعْبَةٍ / فَما أقْتَفي إلا العَلاقَة مَشْعَبا
لَقَدْ أُحْضِرَت مَوْتِي وَما هِيَ بِالتي / تَعُدّان سَهْواً حَضْرَ مَوْت لها أبا
فإن مِتُّ شَوْقاً أو فَنيتُ صَبَابَةً / خُذا بِدَمي ذاك البَنان المُخضَّبا
أناسٌ مِن التّوحيدِ صِيغَتْ نُفوسُهُم
أناسٌ مِن التّوحيدِ صِيغَتْ نُفوسُهُم / فَزُرْهُم تَرَ التّوحيدَ شَخصاً مُرَكبا
وَمِن ساكِباتِ المُزْنِ فَيضُ أكُفِّهمْ / فَرِدْهُمْ تَرِدْ ماءَ الغمام وَأعْذَبا