القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 8
اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ
اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ / فأنتَ بها برٌوأنت لها أبُ
وما وجدتْ مثلي لها اليومَ شاعراً / أياديكَ تمليها عليَّ فأكتبُ
وهل كلساني إن مدحتُكَ مبدعٌ / وهل كبياني ساحراً حين أنسبُ
دع الشعرَ تقذفهُ من البحرِ لجةٌ / إليكَ ويلقيهِ من البر سبسبُ
فإن يممَ الغرُّ الميامين مكةً / حجيجاً فهذي كعبة الشعرِ يثربُ
طلعتْ عليها طلعة البدرِ بعد ما / تجللها من ظلمةِ الظلمِ غيهَبُ
بوجهٍ لو أن الشمس تنظرُ مرةً / إليه لكانت ضحوةُ الصبحِ تغربُ
فجليتَ عنها ما أدلهمَّ وأبرقتْ / أسارير كانتْ قبلَ ذلكَ تقطبُ
وهل كنتَ إلا ابن الذي فاضَ برُهُ / عليها كما انهلَّ الغمام وأعذبُ
فكنْ مثلُهُ عدلاً وكُن مثلهُ تقىً / وصن لبنيهِ ما يد الدهرِ تنهبُ
سما بكَ أصلٌ طبقَ الأفقَ ذكرهُ / وسارتْ بهِ الأمثالُ في الأرضِ تضربُ
وقومٌ همُ الغرُّ الكواكب كلما / تغيبَ منهم كوكبٌ لاح كوكبُ
وهم معشر الفاروقِ من كل أغلبٍ / نماهُ إلى ليث العرينةِ أغلبُ
حفظتَ لهم مجداً وكانَ مضيعاً / وأبقيتَ فخراً كانَ لولاكَ يذهبُ
ونالكَ فضلُ الله والملكِ الذي / أرى كل ملكٍ دونهُ يتهيبُ
إذا ذكروهُ كبرَ الشرقُ بهجةً / وإن لقبوهُ أكبرَ الشرقِ مغربُ
يصدعُ قلبَ الحاسدينَ وإنهُ / إلى كل قلبٍ في الورى لمحببُ
ويرضي رعاياهُ فيردي عدوهُ / وما زالَ في الحالينِ يُرجى ويُرهبُ
حباكَ بها غراءَ يفترُ ثغرها / وكنتَ لها بعلاً وغيركَ يخطبُ
وكم أمَّلتها أنفسٌ فتحجبتْ / وبنتُ العلا إلى عن الكفءِ تحجبُ
سموتَ إليها وما ونيتَ وقد أرى / ذوائبَ قومٍ دونها تتذبذبُ
فطر فوقها ما العزّ عنكَ بمبعدٍ / وفضلُ أمير المؤمنينَ مقربُ
كأني بربِّ الروضةِ اليومَ باسماً / وصدِّيقهُ يزهى وجدكَ يعجبُ
ويثربُ مما أدركتْ من رجائها / بمقدمكَ الميمون باتتْ ترحبُ
عصافيرُ يحسبنَ القلوبَ من الحبِّ
عصافيرُ يحسبنَ القلوبَ من الحبِّ / فمنْ لي بها عصفورةٌ لقطتْ قلبي
وطارتْ فلما خافتِ العينُ فوتها / أزالتْ لها حباً من اللؤلؤ الرطبِ
فيا ليتني طيرٌ أجاور عشها / فيوحشُها بعدي ويؤنسُها قربي
ويا ليتها قد عششتْ في جوانبي / تغردُ في جنبٍ وتمرحُ في جنبِ
ألا يا عصافيرَ الربا قد عشقتُها / فهبي أعلمكِ الهوى والبكا هبي
أعلمكِ النوحَ الذي لو سمعتِهِ / رثيتِ لأهلِ الحب من شغفِ الحبِ
خذي في جناحيكِ الهوى من جوانحي / وروحي بروحي للتي أخذتْ لبي
نظرتُ إليها نظرةً فتوجعتْ / وثنيتُ بالأخرى فدارتْ رحى الحربِ
فمن لحظةٍ يرمى بها حدَ لحظهِ / كما التحمَ السيفانِ عضباً على عضبِ
ومن نظرةٍ ترتدُ من وجهِ نظرةٍ / كما انفلبَ الرمحانِ كعباً إلى كعبِ
فساقتْ لعيني عينها أي أسهمٍ / قذفنَ بقلبي كلَّ هولٍ من الرعبِ
وساق لسمعي صدرها كلَّ زفرةٍ / أقرت بصدري كلّ شيءٍ من الكربِ
ودارت بي الألحاظُ من كل جانبٍ / فمنهنَّ في سلبي ومنهنَّ في نهبي
فقلتُ خدعنا إنها الحربُ خدعةً / وهون خطبي أن أسر الهوى خطبي
فقالت إذا لم تنجُ نفسٌ من الردى / فحسبكَ أن تهوى فقلتُ لها حسبي
وليَ العذرُ إما لامني فيكِ لائمٌ / فأكبرُ ذنبي أن حبكِ من ذنبي
ويا منْ سمعتمْ بالهوى إنما الهوى / دمٌ ودمُ هذاكَ يصبو وذا يصبي
متى ائتلفا ذلاً ودلاً تعاشقا / وإلا فما رونقِ الحسنِ ما يسبي
سلوني انبئكمْ فما يدر ما الهوى / سوايَ ولا في الناسِ مثلي من صبِ
إذا شعراءُ الصيدِ عدوا فإنني / لشاعرُ هذا الحسنِ في العُجْمِ والعُرْبِ
وإن أنا ناجيتُ القلوبَ تمايلتْ / بها نسماتُ الشعرِ قلباً على قلبِ
وبي من إذا شاءتْ وصفتُ جمالها / فواللهِ ما يبقى فؤادٌ بلا حبِّ
من الغيدِ أما دلُّها فملاحةٌ / وأما عذابي فهو من ريقها العذبِ
ولم يبقِ منها عُجبُها غيرَ خطرةٍ / ولا هي أبقتْ للحسانِ من العجبِ
عرضتُ لها بينَ التذلّلِ والرضا / وقد وقفتْ بينَ التدللِ والعتبِ
وأبصرتُ أمثالَ الدمى يكتنفنني / فقلتُ أهذي الشهبُ أم شبهُ الشهبِ
فما زالَ يهدي ناظري نورَ وجهِها / كما نظرَ الملاحُ في نجمةِ القطبِ
وقد رُحنَ أسراباً وخفتُ وشاتَها / فعيني في سربٍ وقلبي في سربِ
وقالتْ تجلّد قلتُ يا ميُّ سائلي / عن الحزنِ يعقوباً ويوسفَ في الجبِ
وما إن أرى الأحبابَ إلا ودائعاً / ترد فإما بالرضاءِ أو الغصبِ
سعوا بيننا حتى لقد كنتُ راضياً
سعوا بيننا حتى لقد كنتُ راضياً / فأصبحتُ من قولي احبكَ تغضبُ
ولم أجنِ ذنباً غيرَ أني ذو هوىً / وأنكَ لي دونَ الأنامِ محببُ
وقالوا ستنسى إن تباعدَ بيننا / فيا ليتَ داري من دياركَ تقربُ
ويا ويلنا إن بتُّ أستعطفُ الهوى / وبتَّ على حكمِ الهوى تتجنَّبُ
فلا تمكنِ الواشينَ من ذاتِ بيننا / فليسَ لهم غيرَ التفرقِ مطلبُ
وإنكَ لو ابصرتَ ما بينَ أضلعي / لأبصرتَ قلبي في لظىً يتقلبُ
أأخشاهُ جفناً ما تُسَلُّ قواضِبُهُ
أأخشاهُ جفناً ما تُسَلُّ قواضِبُهُ / وحدُّ حسامي ما تُفَلُّ مضاربهْ
فأين يدي هاتيكَ والسيفُ في يدي / وما لفؤادي أنكرتهُ جوانبهْ
وما لي كأنَ الكهرباءُ تمسني / إذا لاحَ ذاكَ البدرُ أو نم حاجبهْ
أروني فؤادي كيفَ صدعهُ الأسى / وكيفَ تولاهُ الهوى ومصائبهْ
إذا كانَ قلبي لا يصاحبُ همتي / فما هو لي قلبٌ ولا أنا صاحبهْ
ركبتُ لحيني في الترامِ عشيةً / أرى الفلكَ الدوارَ لاحتْ كواكبهْ
وأحسبهُ قلباً يجاذبهُ الهوى / فينقادُ لا يدري بما هو جاذبهْ
فلاحتْ لعيني من زواياهُ غادةٌ / هي البدرُ لكنْ أطلعتْهُ مغاربهْ
تبسمُ أحياناً وتعبسُ تارةً / كما يخدعُ الواهي القوى من يحاربهْ
وقد كتبتُ فوقَ المحاجرِ آيةً / يطالعُ فيها الحبُ من لا تخاطبهْ
فلما رآها القلبُ آمنَ واغتدى / يكاتبها في أضلعي وتكاتبهْ
فما أنا إلا والهوى يستفزني / إلى حيثُ سلطان الهوى عزَّ جانبهْ
فقمتُ قيامَ الليثِ فارقَ غيلهُ / وقد حُطِّمتْ أنياهُ ومخالبهْ
وسلمتُ تسليمَ البشاشةِ والهوى / تدبُّ على أطرافِ قلبي عقاربهْ
فأغضتْ حياءً ثمَّ عادتْ فسلمتْ / ومن بعدِ كدرِ الماءِ تصفو مشاربهُ
فللّهِ ما أحلى حديثاً سمعتهُ / كأني يتيمٌ لاطفتهُ أقاربهْ
هو الخمرُ لولا طعمها وخمارُها / هو السحرُ لولا ذمَّهُ ومعائبُهُ
فقلتُ عرفتُ الحبَّ واللهِ أنهُ / مطالبُ قلبٍ لا تُحَدُّ مطالبهْ
فقالتْ بلى إن شئتَ زدتُكَ أنهُ / نوائبُ دهرٍ لا تُعَدُّ نوائبهْ
فكاشفتها مابي غراماً مبرحاً / يغالبني فيهِ النُّهى وأغالبهْ
وقلتُ ارى ذا القلبِ جُنَّ جنونهُ / وإلا فماذا في ضلوعي يواثبهْ
فهزتْ قواماً كالرديني مشرعاً / وحينَ أحسُّ الشعرَ ماجتْ كتائبهْ
وأعجَبَها ما قلتهُ فتَضَاحكَتْ / كأني طفلٌ في يديها تلاعبهْ
وقد كانَ صدري أطفأ اليأسَ نورهُ / فأصبحَ مثلَ الليلِ طارتْ غياهِبهْ
وقالتْ أخافُ الناسَ فالناسُ في الهوى / لئيمٌ نداري أو عذولٌ نراقبهْ
وعادتْ تروعُ القلبَ لم تدرِ أنني / شديدُ مناطِ القلبِ صلبٌ ترائبهْ
ولما رأتني هائماً غيرَ هائبٍ / سواها وقدماً ضيعَ الصيدُ هائبُهْ
تولتْ وقالتْ تلكَ عاقبةُ الهوى / وبعدَ صدورِ الأمرِ تأتي عواقبهْ
فغادرتْ قلبي في الترامواي وحدهُ / ينادي ولكنْ من عساهُ يجاوبهْ
وعشتُ بلا قلبٍ وعفتُ هوى الدُّمى / ولا يردعِ الإنسانَ إلا تجاربهْ
أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ
أحقاً رأيتَ الموتَ دامي المخالبِ / وفي كلِّ نادٍ عصبةٌ حولَ نادبِ
وتحتَ ضلوعِ القومِ جمرٌ مؤججٌ / تسعر ما بينَ الحشا والترائبِ
وفي كلِّ جفنٍ عبرةٌ حينَ أرسلتْ / رأوا كيفَ تهمى مثقلاتُ السحائبِ
أبى الموتُ إلا وثبةٌ تصدعُ الدجى / وكم ليلةٍ قد باتها غيرُ واثبِ
فما انفلقَ الإصباحُ حتى رأيتهُ / وقد نشبتْ أظفارهُ بالكواكبِ
وكم في حشا الأيامِ من مدلهمةٍ / قد ازدحمتْ فيها بناتُ المصائبِ
هوى القمرُ الوهاجُ فاخبطْ معي السُّرى / إذ لاحَ ضوءُ الشمسِ بينَ الغياهبِ
ووطَّنَ على خوضِ المنياتِ أنفساً / تساوقها الآجالُ سوقَ النجائبِ
فهنَّ العواري استرجعَ الموت بعضها / وقصرُالبواقي ما جرى للذواهبِ
أبعدَ حكيمَ الشرقِ تذخرُ عبرةً / وما هو من بعدِ لرحيلِ بآيبِ
حثوا فوقَ خديهِ الترابَ وأرسلوا / عليهِ سحاباتِ الدموعِ السواكبِ
لتبكِ عليكِ الصحفُ في كلِّ معركٍ / إذا ما انتضى أقلامهُ كلُّ كاتبِ
فقدْ كانَ إن هزَّ اليراعَ رأيتهُ / يصولُ بأمضى من فرندِ القواضبِ
ولم يكُ هياباً إذا حميَ الوغى / ورفرفتِ الأعلامُ فوقَ الكتائبِ
وكانتْ سجاياهُ كما شاءَها الهدى / وشاءتْ لأهليها كرامُ المناقبِ
مدادُكِ في ثغرِ الزمانِ رضابُ
مدادُكِ في ثغرِ الزمانِ رضابُ / وخطكِ في كلتا يديهِ خضابُ
وكفُّكِ في مثلِ البدرِ قد لاحَ نصفهُ / فلا بدعَ في أنّ اليراعَ شهابُ
كلحظكِ أو أمضى وإن كانَ آسيا / جراحَ اللواتي ما لهنَّ قرابُ
يمجُّ كمثلِ الشهدِ مجتهُ نحلةٌ / وإن لم يكن فيما يمجُّ شرابُ
ويكتبُ ما يحكي العيونَ ملاحةً / وما السحرُ إلا مقلةٌ وكتابُ
فدونكِ عيني فاستمدي سوادها / وهذا فؤادٌ طاهرٌ وشبابُ
أرى الكفَّ من فوقِ اليراعِ حمامةً / وتحتَ جناحيها يطيرُ غرابُ
كأنَّ أديمَ الليل طرسٌ كتبتهِ / وفيهِ تباشيرُ الصباحِ عتابُ
كأنَّ جبينَ الفجرِ كانَ صحيفةً / كأنَّ سطورَ الخطِّ فيهِ ضبابُ
كأنَّ وميضَ البرقِ معنىً قدحتهِ / كأنَ التماعَ الأفقِ فيهِ صوابُ
كأنكِ إما تنظري في كتابةٍ / ذكاءٌ وأوراقُ الكتابِ سحابُ
أراكِ ترجينَ الذي لستِ أهلهُ / وما كلُّ علمٍ إبرةٌ وثيابُ
كفى الزهرَ ما تندَّى بهِ راحةُ الصبا / وهل للندى بينَ السيولِ حسابُ
وما أحمقَ الشاةَ استغرتْ بظلفها / إذا حسبتْ أنّ الشياهَ ذئابُ
فحسبكِ نبلاً قالة الناسِ أنجبتْ / وحسبكِ فخراً أن يصونكِ بابُ
لكِ القلبُ من زوجٍ ووُلدٍ ووالدٍ / وملكُ جميع العالمينَ رقابُ
ولم تخلقي إلا نعيماً لبائسٍ / فمن ذا رأى أن النعيمَ عذابُ
دعي عنكِ قوماً زاحمتهم نساءُهم / فكانوا كما حفَّ الشرابُ ذبابُ
تساووا فهذا بينهم مثلَ هذهِ / وسيَانَ معنىً يافعٌ وكعابُ
وما عجبي أنَّ النساءَ ترجّلتْ / ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عجابُ
أقولُ لها إذا ساءلتْ كيفَ حالتي
أقولُ لها إذا ساءلتْ كيفَ حالتي / أقلُّ مصابي لوعةٌ أكلتْ قلبي
وعندي وما عندي وهل تجهلينهُ / وأنتِ التي علمتني شغفَ الحبِّ
حنانكِ يا أختَ العصافيرِ خفةً / ويا ضرَةَ الطاووسِ في التيهِ والعجبِ
ويا بانتي ميلي ويا زهرتي انفتحي / ويا نسمةَ الأسحارِ في روضنا هبي
فمالتْ تعاطيني من الثغرِ كوثراً / حسبتُ بهِ حورَ الجنانِ إلى جنبي
فيا رب حسبي ما مضى إنما الدُّ / نا عذابٌ وهذي روحُ عبدكَ يا ربي
وكم حار عشاقٌ ولا مثل حيرتي
وكم حار عشاقٌ ولا مثل حيرتي / إذا شئت يوماً أن أسوء حبيبي
وهل لي قلب غير قلبي يسوؤه / ويأخذ لي في الكبرياء نصيبي
ألا ليت لي قلبين قلب بحبه / مريض وقلب بعد ذاك طبيبي
ويا ليت لي نفسين من رئم روضة / ألوف ومن ذي لبدتين غضوب
وكيف بقلب واحد أحمل الهوى / عجيباً على طبعي وغير عجيب
فواللَه إن الحب خير محاسني / وواللَه إن الحب شر عيوبي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025