المجموع : 6
تَذَكَّرَ عَهدَ البيضِ وَهوَ لَها تِربُ
تَذَكَّرَ عَهدَ البيضِ وَهوَ لَها تِربُ / وَأَيّامَ يُصبي الغانِياتِ وَلا يَصبو
إِلى مَلكٍ يَستَغرِقُ المالَ جودُهُ / مَكارِمُهُ نَثر وَمَعروفِهِ سَكبُ
وَما زالَ هارونُ الرِضا بنُ مُحَمَّدٍ / لَهُ مِن مِياهِ النَصرِ مَشرَبُها العَذبُ
مَتى تَبلُغِ العيسُ المَراسيلُ بابَهُ / بِنا فَهُناكَ الرُحبُ وَالمَنزِلُ الرَحبُ
وَما بَعدَ هارونَ الإِمام لِزائِرٍ / يُرَجّى الغِنى جَدبٌ وَلا دونَهُ خِصبُ
لَقَد جُمِعَت فيكَ الظُنونُ وَلَم يَكُن / لِغَيرِكَ ظَنٌّ يَستَريحُ لَهُ قَلبُ
جَمَعتَ ذَوي الأَهواءِ حَتّى كَأَنَّهُم / عَلى مَنهَجٍ بَعدَ اِفتِراقِهِم رَكبُ
بَثَثتَ عَلى الأَعداءِ أَبناءَ دُربَةٍ / فَلَم تَقِهِم مِنهُم حُصونٌ وَلا دَربُ
فَما زِلتَ تَرميهم بِهِم مُتَفَرِّداً / أَنيساكَ حزمُ الرَأيِ وَالصارِمُ العَضبُ
جَهَدتُ فَلَم أَبلُغ عُلاكَ بِمدحَةٍ / وَلَيسَ عَلى مَن كانَ مُجتَهِداً عَتبُ
لَقَد قَوَّمَ الرُكبانَ مِن كُلِّ وجهَةٍ / إِلَيكَ اِتِّصالُ الركبِ يَتبَعُهُ الرَكبُ
أَلا أَيُّها المُشلي عَلَيَّ كِلابَهُ
أَلا أَيُّها المُشلي عَلَيَّ كِلابَهُ / وَلي غَير إِن لَم أُشلهن كِلابُ
رُوَيدَكَ لا تَعجَل عَلَيَّ فَقَد جَرى / بِجَريِكَ ظَبيٌ أَعضَبٌ وَغُرابُ
عَلامَ تَسدُ البابَ وَالسرُّ قَد فَشا / وَقَد كُنتَ مَحجوباً وَما لَكَ بابُ
فَلَو كُنتُ مِمَّن يَشرَبُ الخَمرَ سادِراً / إِذَن لَم يَكُن دوني عَلَيكَ حِجابُ
وَلكِنَّهُ يَمضي ليَ الحَولُ كُلّه / وَما لِيَ إِلّا الأَبيَضينِ شَرابُ
مِنَ الماءِ أَو مِن شَخبِ دِهماءَ ثَرَّةٍ / لَها حالِبٌ لا يَشتَكي وَحِلابُ
وَما لي لا أُعطي الشَبابَ نَصيبَه
وَما لي لا أُعطي الشَبابَ نَصيبَه / وَغُصناه يَهتَزّانِ في عودِهِ الرَطبِ
رَأَيتُ اللَيالي يَنتَهِبنَ شَبيبَتي / فَأَسرَعتُ بِاللَذّاتِ في ذلِكَ النَهبِ
فَإِنّ بَناتَ الدَهرِ يَخلِسنَ لِذَّتي / فَقَد جُزنَ سَلمى وَاِنتَهَينَ إِلى حَربي
وَقَد حَوَّلَت حالي اللَيالي وَأَسرَجَت / عَلى الرَأسِ أَمثال الفَتيلِ مِنَ العَطفِ
فَإِن تَضَعِ الأَيّامُ لي مِن مُتونِها / فَقَد حَمَلَتني فَوقَ كاهِلها الصَعبِ
وَموتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ / إِذا كانَ ذا حالَينِ يَصبو وَلا يُصبي
أَأَدهَنُ رَأسي أَو تَضاعَفُ كِسوَتي
أَأَدهَنُ رَأسي أَو تَضاعَفُ كِسوَتي / وَرَأسُكَ مَعفورٌ وَأَنتَ سَليبُ
فَأُقسِمُ لا أَصبو إِلى عَيشِ لذَّةٍ / وَقَد ضَمَّ لِحيَيهِ عَلَيكَ قَليبُ
وَلا زِلتُ أَبكي ما تَغَنَّت حَمامَةٌ / عَلَيكَ وَما هَبَّت صَباً وَجَنوبُ
وَما حَمَلَت عَينٌ مِنَ الماءِ قَطرَةً / وَما اِخضَرَّ في دوحِ الأَراكِ قَضيبُ
بُكائي كَثيرٌ وَالدُموعُ قَليلَةٌ / وَأَنتَ بَعيدٌ وَالمَزارُ قَريبُ
فَلا يَفرَح الباقي خِلافَ الَّذي مَضى / فَكُلُّ فَتىً لِلمَوتِ فيهِ نَصيبُ
أَخٌ كانَ مِنّي في حِمىً لا يَحله / سِواهُ وَلا يُفضي إِلَيهِ غَريبُ
تَعَجَّبُ سَلمى مِن مَشيبِ ذُؤابَتي / وَعَمر أَبيها إِنَّهُ لَعَجيبُ
وَمِثلُ الَّذي لَو تَعلَمينَ أَصابَني / بِهِ الدَهرُ يُبلي رمّتي وَيُشيبُ
رُزِئتَ أَخاً لا يَنتَجي القَومُ دونَهُ / إِذا ضَمَّهُم يَومٌ أَصَمُّ عَصيبُ
أَبَعدَ أَخي يَصفو ليَ العَيشُ إِنَّني / إِذاً لَمضيعٌ لِلعُهودِ كَذوبُ
نَسيبُكَ مَن أَمسى يُناجيكَ طَرفُهُ / وَلَيسَ لِمَن تَحتَ التُرابِ نَسيبُ
أَضيقُ بِأَمري حينَ أَذكُرُ أَحمَداً / وَصَدري بِأَورادِ الأُمورِ رَحيبُ
نَدُبُّ وَنَنسى أَنَّنا بِمضيعَةٍ / وَلِلَّيلِ فينا وَالنَهارِ دَبيبُ
وَكُلُّ فَتىً يَوماً وَإِن طالَ عُمرُهُ / سَيُدعى إِلى ما ساءَهُ فَيُجيبُ
إِذا غابَ يَحيى عَن بِلادٍ تَغَيَّرَت
إِذا غابَ يَحيى عَن بِلادٍ تَغَيَّرَت / وَتُشرِقُ أَن يَحتَلَّها فَتَطيبُ
وَإِنَّ فِعالَ الخَيرِ في كُلِّ بَلدَةٍ / إِذا لَم يَكُن يَحيى بِها لَغَريبُ
غَريبٌ وَأَكنافُ البُيوتِ تَحوطُه
غَريبٌ وَأَكنافُ البُيوتِ تَحوطُه / أَلا كُلُّ مَن تَحتَ التُرابِ غَريبُ
وَلَيسَ حَريباً مَن أُصيبَ بِمالهِ / وَلكِنّ مَن وارى أَخاهُ حَريبُ