المجموع : 6
وتطربُ
وتطربُ / وتترك من يهواك يبلى ويعطبُ
له مقلة مذ غبتَ لم تطعم الكرى / وقلبٌ على جمر الغَضى يتقلَّبُ
سقاني الهوى سمَّ الفراق فدواني / فعندك ترياق الوصال مجربُ
طرحتَ لقلبي قُرطُمَ الأنس والمنى / فأصبح في فَخِّ الهوى يتضرَّبُ
تقطعت الأسبابُ بي في هواكمُ / فو اللَهِ ما أدري بما أتسبَّبُ
فلا تسألنّي كيف حاليَ بعدكم / فما حال جسمٍ روحهُ عنه يُحجَبُ
فمن غاب عن عينَيهِ وجه حبيبه / فعن روحه روحُ الحياة يُغَيَّبُ
وما حال مَن ذاق النعيم وطيبَه / وأصبح من بعد النعيم يُعذَّبُ
سرورُ الهوى أحلى من العيش كلِّه / وكربُ النوى من غصَّة الموت أكربُ
دُفِعتُ إلى التنغيص من بعد لذةٍ / وأُبعدتُ عما كنت منه أُقرَّبُ
لقد كنت في رَوح الجنان منعَّماً / فأصبحتُ في نارٍ عَلَيَّ تَلَهَّبُ
وأصعب شيءٍ شقوةٌ بعد نعمةٍ / أجَل والقلى بعد التلطف أصعبُ
إذا ما دعوتُ الصبرَ لبّانيَ الهوى / فشوقي مكينٌ واصطباري مذبذب
إذا اعتلجا في القلب شوقٌ مبرِّحٌ / وصبرٌ فان الشوق لا شكَّ أغلبُ
سقى اللَه ليلاً كنتُ فيه أزورُكم / وأخرج عنكم خائفاً أترقَّبُ
هناك سرور أنت فيه مُؤمَّرٌ / وحولك من جيش اللذاذة موكبُ
فإن كنتَ قد أقصيتني ونسيتني / فأنت إلى قلبي من القرب أقربُ
فلا كانت الدنيا إذا كان عيشها / ولذتها كالثوب يبلى ويُسلَبُ
أرى النفس في شغلٍ لفقد حبيبِها
أرى النفس في شغلٍ لفقد حبيبِها / فما تَتَهَنّى بالوصال وطيبِها
فيا مَن شجاني بالفراق تركتني / أُسائل عنك الريحَ عند هبوبها
سقاميَ طرّاً أنت تعرف طبَّه / وهل يعرف الأسقامَ غيرُ طبيبها
إذا لم نطب في ذا الزمان وطيبه
إذا لم نطب في ذا الزمان وطيبه / فليس لنا في الطيِّبات نصيبُ
على حُسن أيام الربيع وطيبها / وقد تحسن الدنيا به وتطيبُ
أجب داعيَ اللذات والورد قائم / على منبر اللذات وهو خطيبُ
فيا ورد أمتعنا بطيبٍ وبهجةٍ / فأنت لتشبيه الحبيب حبيبُ
وروِّح قلوبَ العاشقين وحبها / وهل لُقيت للعاشقين قلوبُ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ / فليس على العشاق في فعلهم عتبُ
وعدتُك وعداً عاقني عنه عائق / وللناس أسباب لها يُقلَبُ القلبُ
لقد فاتني كلُّ المنى حين فاتني / مشاهدُك الحسنى ومنطقُك العذبُ
لئن كان لي خل عليك مقدَّماً / إذا ذُكِر الخلّانُ عنديَ والصحبُ
لخالفتُ توحيدي وعفت أئمتي / وملتُ الى الجِبتِ المضلل والنصبِ
ولولا التصابي كان في الحسن مذهبي / فلاحاً ولكن ليس يفلح من يصبو
تحيَّرتُ في تركِ الحبيب وترككم / ففي تركه لهو وفي ترككم ذنبُ
وقال فؤادي ليس يعذرك الإخا / على جفوةٍ إذ ليس يعذرك الحِبُّ
ولما رأيتُ القلبَ سهَّل سخطكم / ليرضى الهوى أيقنتُ أن الهوى صعبُ
ولمّا خشيت الموتَ كذبت وعدَكم / فقولوا أكان الموتُ خيراً أم الكذْبُ
ولم تتغالب شهوةٌ ومُرُوَّةٌ / فيفترقا إلا وللشهوة الغلبُ
ولم يثنني التقصير عنكم وإنما / ثنى عزمتي لما انثنى الغُصُنُ الرطبُ
لقد ذُبتُ إذ أبدى إليَّ مضاحكاً / كما ذاب شيطانٌ تقض له شهبُ
إذا زاد في التقبيل زدتُ تحشُّماً / فذاك نِهابٌ في الوصال وذا نَهبُ
ويبذل لي بشراً وأُعطيه غيره / فبعض المنى عطبٌ وبعض المنى عصبُ
ومال إلى سخف فملتُ ولم أكن / سخيفاً ولكن كلُّ شيءٍ له طبُّ
فحلت عقود إذ تحلل محكه / ودارت رحى الكذّان إذ رُكِّب القطبُ
وفزتُ بشيءٍ بين جدٍ ولعبةٍ / ويا رُبَّ جدٍ كان أوَّلَه اللّعْبُ
فلو أنني كنتُ استشرتك لم تشر / عليَّ ببُعد الإلف إذ أمكن القربُ
ولولا ارتقابي في رضاك لما اعتدت / بكشف أمورٍ كان في دوِّها حجبُ
من العذل أخشى أنَّ من كان موجعاً / له العذلُ يوماً ليس يؤلمه الضَّربُ
وقد يخلص الإخوان من بعد عثرة / كما تستهبُّ الخيل من بعد ما تكبو
وأيّ جواد لم تكن منه هفوة / وأي حسام في الأحايين لا ينبو
تراني يطيف الغدر عندي لصاحبٍ / له الكرم المأثور والخلق الرحب
فإن قلت هل يُجفَى الصديق لأمرد / فلا عجب إذ كان يعصى به الربُّ
فلا تُدْنِسَنْ أخلاقَك الغرَّ بالقلى / فحيث يكون الجور لا يحمد الخصبُ
وما الأنس إلا حيث يستطلع الرضا / وما الرعي إلا حيث يستعذب العشبُ
وما شاني الإخلاص في الود والهوى / وما الأكل من شاني هناك ولا الشربُ
ولست أُحبُّ الفضل من غير وجهه / كما لا تُحَبُّ الشمس مطلعها الغربُ
فدونك أمثالاً من الدرِّ نُظِّمت / سموطاً ولكن ما تخلَّلها ثقبُ
ستذكر قولي عند كل طريفةٍ / بذكرك للداري اذا استطرف النعبُ
فلو كان لي قلبانِ عشتُ بواحدٍ
فلو كان لي قلبانِ عشتُ بواحدٍ / وأفردتُ قلباً في هواك يُعَذَّبُ
ولي ألف وجه قد عرفتُ مكانه / ولكن بلا قلبٍ إلى أين أذهبُ
يُعاب الفتى فيما أتى باختياره
يُعاب الفتى فيما أتى باختياره / ولا عيب فيما كان خلقاً مركَّبا