المجموع : 21
بِنفسي قريبُ الدارِ والهجرُ دُونَه
بِنفسي قريبُ الدارِ والهجرُ دُونَه / وبُعدُ التَّقَالي غيرُ بُعدِ السَباسِبِ
أَراهُ مكانَ الشّمسِ بُعداً وبينَنا / كما بينَ عينٍ في التّداني وحاجِبِ
وهل نَافِعي قربٌ ومِن دُون قلبِه / نَوىً قُذُفٌ أَعيَت ظُهورَ الرَكائِبِ
تجنَّى لِيَ الذي ما جَنَيتُه / ولا هُو مغفورٌ بِعذرَةٍ تائِبِ
وَمَلَّ فلو أهدى إليّ خيَالَه / بَدا لِيَ مَنهُ في الكَرى وجهُ عاتِبِ
وضَنَّ فلو أنّ النسيمَ يُطيعُه / لجنَّبَني بَرْدَ الصَّبا والجنائبِ
إذَا رجَعَتْ باليأسِ مِنهُ مَطامِعي / علِقتُ بأذيال الظُّنونِ الكَواذِبِ
وأعجبُ ما خُبِّرتُه من صَبابتي / بِه والَهوى ما زالَ جَمَّ العَجائِبِ
حَنيني إلى مَن خِلبُ قَلبيَ دارُهُ / وشَوقي إلى مَن لَيس عنّي بغائبِ
نشدتُكُما يا مُدَّعِيَّيْنِ سَلوةً
نشدتُكُما يا مُدَّعِيَّيْنِ سَلوةً / عن الحُبِّ لِمْ يُستحسنُ الظُّلمُ في الحُبِّ
وما بالُه يَلَقى البَريءُ من الضَّنى / جَريرَةَ ما يأتي المسيءُ من الذَّنْبِ
وكيفَ استمرَّ الجَورُ فيه وأُوجِبَتْ / عقوبةُ ما تَجني العيونُ على القلبِ
أَأَحبَابَنَا مَن غَابَ عَمَّن يَودُّهُ
أَأَحبَابَنَا مَن غَابَ عَمَّن يَودُّهُ / فَسِيّانِ عِندي بُعدُهُ واِقترابُهُ
إِذا المَيْتُ وَارَى شَخْصَهَ عَفَرُ الثّرَى / فَهل يُدنِيَنْهُ أن يَقِلَّ تُرابُهُ
وكلُّ غريبِ الدّارِ فالأَرضُ دونَهُ / وإِن كان حيّاً فالحِمامُ اغتِرابُهُ
ألَمياءُ إِن شَطَّت بِنَا الدّارُ عَنوةً
ألَمياءُ إِن شَطَّت بِنَا الدّارُ عَنوةً / فَدارَاكِ أَجفاني القريحَةُ والخِلبُ
تَدانت بِنَا الأَهواءُ والبعدُ بَينَنا / وما فُرقَةُ الأَحبابِ حَزْنٌ ولا سَهبُ
ولكنَّما البينُ المُشِتُّ هُوَ القِلى / وإنْ قَربُوا والبُعْدُ أن يَبعُدَ القلبُ
وكم مَهْمَهٍ تَستهوِلُ الشمسُ قطعَه / طَوتْهُ لنا الأَشواقُ نَحوَكِ والحبُّ
عقَلتُ بِهِ العيسَ المراسيلَ بالوَجى / إليك فأَدنَتنا المطهَّمَةُ القُبُّ
فلَمّا وصلْنَا بَرقَعيدَ تَحاشدت / عليَّ صَبَاباتِي وعنّفَني الرّكبُ
ولَجَّ اشتياقٌ كنتُ أَتّهِم النّوَى / علَيهِ إِلى أَن زَادَ سَورَتَه القُربُ
فأَيقنْتُ أَن لا قُربَ يَشفي من الجوَى / ولا يَنْقَضي ذا الحبُّ أو ينقضِي النّحْبُ
رَمتْنا اللَّيالي بافتراقٍ مُشَتِّتٍ
رَمتْنا اللَّيالي بافتراقٍ مُشَتِّتٍ / أَشَتَّ وأَنْأَى من فِراقِ المُحَصَّبِ
تَخَالَفَتِ الأَهواءُ وانْشقَتِ العَصَا / وشَعَّبَهُمْ وشَكُ النَّوَى كلَّ مَشْعَبِ
وقد نَثَر التوديعُ من كلّ مُقلةٍ / على كلِّ خدٍّ لؤْلُؤاً لم يُثَقَّبِ
إِلى اللهِ أَشكوُ عيشَةً قَد تنكَّدتْ
إِلى اللهِ أَشكوُ عيشَةً قَد تنكَّدتْ / عَلَيَّ ودهراً قد ألَحَّت نوائِبُهْ
تكَدّرَ من بَعْدِ الصّفاءِ نميرُهُ / وأَحزَنَ من بَعْد السُّهولةِ جانِبُهْ
وقَصَّرَ كَفّي عن نَوالٍ تُنيلهُ / وزَاولَها عن نيلِ ما أَنا طالِبُهْ
إلى كَم أُعَنَّى بالسُّرى والسّباسِبِ
إلى كَم أُعَنَّى بالسُّرى والسّباسِبِ / ويُصدَعُ شَملي بالنَّوَى والنّوائِبِ
فمَن لاقَهُ يوماً من الدّهرِ منزِلٌ / فما مَنزلي إلا ظهورُ النَجائِبِ
ومن رَاقَه خِلٌّ يُسَرُّ بِقُربِهِ / فيا ويحَ قلبي من فِراق الأقَارِبِ
فلي كلَّ يومٍ من جَوى الهمِّ صاحبٌ / يُجدِّدُ أحزاني على فَقدِ صاحبِ
ولي منزلٌ مَا مَسَّ جلدِي تُرَابهُ / ولا فيه أتْرابي ومَلْهَى مَلاعبي
وقد كنتُ أرجُو أن أَرَاكَ وبَيْنَنَا
وقد كنتُ أرجُو أن أَرَاكَ وبَيْنَنَا / مفَاوِزُ أدْنَاهَا الشّنَاخِيبُ والسَّهبُ
فلمّا تَدانَينا يَئِستُ وزَادَنِي / تبَاريحَ شَوقٍ ضِقتُ ذَرعاً بها القُربُ
تَبذّلَ حَتّى قَد مَلِلتُ عِتَابَه
تَبذّلَ حَتّى قَد مَلِلتُ عِتَابَه / وأعرضْتُ عَنه لا أريدُ اقْتِرَابَهُ
إذَا سَقَطتْ من مَفْرِق المرء شعرةُ / تأفّفَ منها أن تَمَسّ ثِيَابَهُ
أيَا نَازِحاً لم أحتَسِبْ بُعدَ دَارِهِ
أيَا نَازِحاً لم أحتَسِبْ بُعدَ دَارِهِ / وقَد كان لو نِلتُ المُنَى قُرْبُه حَسبْي
تَعَرّضَتِ الأخطارُ دُون لِقَائِنَا / وصَدَّ التّنَائي عن مُواصَلِة الكُتْبِ
وقد صَارَ يأْتِي بعد حَوْلٍ مُجرَّمٍ / كتابُكَ مَقصوراً على اللّوم والعَتْبِ
فيا أُنْسَ قَلبي لا تَزِدنيَ وَحْشَةً / ويا رَوْحَ كَربي لا تكُن سَبَبَ الكَرْبِ
أيا غائباً يدنيهِ شَوقي على النّوى
أيا غائباً يدنيهِ شَوقي على النّوى / لأَنْتَ إلى قَلبي من الفِكْرِ أقربُ
وما غابَ مَن أُفْقَاهُ عَيني وخَاطِرِي / لهُ مَطلعُ مِن ذَا وفي تِلك مَغرِبُ
غَبْطتُك نُعْمَى فُزتَ دُونِي بنَيْلِها / وفخراً له ذيلُ على السّحبِ يُسْحَبُ
جِوارَك مَن يَحمِي على الدّهرِ جَارَه / ويَطلبُ منهُ جودُهُ كيف يطلبُ
هو البحرُ تَروَى الأرضُ عند سُكُونِهِ / وتَغرَقُ في تيّارِه حين يَغْضَبُ
فمَن ليَ لو كنتُ الرّسولَ بِبَابِه / لتُبرِدَ رؤْياهُ حشاً تَتلهّبُ
وأبلُغَ ما أنفَقْتُ في أمَلِي لَه / من العُمر عَشراً كلُّها لَي متُعِبُ
فما رَقَّ لي فيها نسيمُ أصائِلي / ولا رَاقَ لي فيها من الهمّ مَشرَبُ
ولولاَ رجاءُ الصَّالِحِ المَلكِ الّذي / به طالَ واسْتَعْلَى على الشَّرقِ مَغربُ
وأنّي سِآوِى من حِماهُ إلى حِمىً / يُرَى كلّ خَطبٍ دونَه يَتَذَبْذَبُ
لَمُتُّ ومَا موتِي عَجيبُ وقد نأَت / بيَ الدّارُ عنه بل بَقَائِيَ أعْجَبُ
وما سَكنتْ نَفْسِي إلى الصّبرِ عنكُم
وما سَكنتْ نَفْسِي إلى الصّبرِ عنكُم / ولا رَضِيَتْ بُعدَ الدِّيارِ من القُرْبِ
ولكنَّ أيّامِي قضَتْ بِشَتَاتِنَا / ففارَقكُم جِسمِي وجَاوَرَكُم قَلبي
ولو جَمَعَتْنَا الدّارُ بعد تَفَرّقٍ / لكُنْتُم من الدّنيا ونِعمتِها حَسْبِي
لَئِنْ فرّق الدّهرُ المشتِّتُ شملَنا
لَئِنْ فرّق الدّهرُ المشتِّتُ شملَنا / فأصبحتُ في شَرقٍ وأمسيتَ في غَربِ
لقد عزّهُ تَفريقُ صَادِقِ وُدِّنا / وأعجزَه إبعادُ قَلبِكَ من قَلبي
لقد عمَّ جُودُ الأفضَلَ السَّيِّدَ الوَرَى
لقد عمَّ جُودُ الأفضَلَ السَّيِّدَ الوَرَى / وأغنَى غَناءَ الغَيثِ حيثُ يَصُوبُ
أعدْتَ ربيعَ النَّاسِ في كلِّ بَلدةٍ / فليسَ بها للرّائِدِين جُدُوبُ
وجادَت لهمُ بالمالِ يُمناكَ إنّها / بَذُولٌ على بُخلِ الزّمانِ وَهُوبُ
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنعمةٍ / فحقٌّ لشَأسٍ من نَدَاك ذَنُوبُ
غرَّني لامِعُ السّرابِ وهذا ال / بحرُ دُوني عذبُ المياهِ شَروبُ
سرتُ أسْتَقْرِئُ المَحُولَ وفِي أر / ضِيَ مَرْعى عِينٍ ووادٍ قَشيبُ
وسحابُ مِنهُ تعلَّمَتِ السُّحْ / بُ وإن لم تُشبِهْهُ كيفَ تصوبُ
سوءُ حَظٍّ أنأَى عن الملِكِ الصا / لِحِ وَالحظُّ ينتهي ويَثُوبُ
وإلى بابِه مآلي وللآ / بِقِ حُسنُ القَبولِ حين يُنِيبُ
غَابَ عنه جِسمِي وقلبيَ ما زا / لَ مقيماً ببابِه لا يَغيبُ
فإذا ما سَمعتَ بالنّازحِ الدَّا / ني فإنّي ذاكَ البعيدُ القريبُ
ومتَى ما قَرُبْتُ منه فحَظّي / من عُلاهُ التّقريبُ والتّرحيبُ
وبما نِلتُ من نَدى الملِكِ الصّا / لحِ أقسمتُ صَادِقاً لا أحوبُ
لا ثَناني البِعادُ عنه وإن حَا / لَت أعادٍ من دُونِه وحُروبُ
أو يُروَّى بِرُؤْيتِي وجهَه المي / مونَ قَلبِي الصّادِي وطَرْفي السّكُوبُ
ويقولَ الأنامُ آدمُ قد عَا / دَ إلى الخُلدِ إنّ ذَا لَعجيبُ
فحياتِي وإن بلَغْتُ به المأ / مولَ في غير ظِلِّهِ لا تَطيبُ
يا أخا البيد والسّرَى وأخِي البرْ / رِ إذا عقّنِي أخٌ ونَسيبُ
قُل لِغيثِي الهتونِ في أزمةِ المح / لِ وغَوثِي إن أرهَقَتْنِي الخطُوبُ
كاشِفِ الغُمَّةِ المُبِرِّ على السح / بِ بجودٍ مَدَى الزّمانِ يصوبُ
يا رَبِيعي المَريعَ حاشَاكَ أن تُمْ / حِلَ رَبْعِي وَأنتَ ذُخري الجدُوبُ
أنَا أشكُو إليكَ دهراً لحَا عُو / دي وأعرَاه فَهْوَ يَبْسٌ سَليبُ
وخُطوباً رَمى بها حادِثُ الدَّهْ / رِ سَوادي وكلُّهُنَّ مُصيبُ
أذْهَبَتْ تَالِدي وطارِفِيَ الطَّا / ري فَضَاعَ المورُوثُ والمكسوبُ
فهْو شَطرانِ بين مصرٍ وبحرٍ / ذَا غريقٌ فَيءٌ وذَا مَنهوبُ
وإبائِي أراهُ عن حَمله المَنْ / نَ ضَعيفاً وهْو القَويُّ الرَّكوبُ
ويَرى كلّ منّةٍ لِسِوَى الصّا / لِحِ غُلاًّ في حملِه تَعذيبُ
ما اعتذارُ المُنى إذا مَطَلَتْنِي / بِطِلابِي وفضلُك المَطلوبُ
أوَ ليست مِصراً وكلُّ بَنانٍ / لكَ بحرٌ وكلُّ عبدٍ خَصيبُ
والنّدى طبعُك الكريمُ فما أه / نى نوالاً تُنيلُه وتُثيبُ
جاءَنِي والبِعادُ دُوني كما جَا / بَتْ فَيافي البلاد ريحٌ هَبُوبُ
وعجيبٌ أنّ المواهِبَ تَسرِي / ويقيمُ المسترفِدُ الموهُوبُ
سُنّةٌ سنَّها نَدَى الملِك الصا / لِحِ فيها لِكلِّ خَلقٍ نَصيبُ
مَن ثَنائِي طَوَى إليه الفَيافِي / وهْو من كلِّ ذِي اقترابٍ قريبُ
وله بالنَّوالِ باعٌ طَويلٌ / ويدٌ سبْطةٌ وصدرٌ رَحيبُ
وبأيامه تبَسَّمَتِ الدّنْ / يا سُروراً فلا اعترَاهَا قُطوبُ
دَعْ ذا فما عُذرُ الفَتى
دَعْ ذا فما عُذرُ الفَتى / في غَيِّه والفَودُ شائِبْ
والأرْيَحِيَّةُ تمنعُ ال / كُرماءَ أن يَغْشُوا المعايِبْ
والجهلُ يأبى أن يكو / ن لهُ أخو الستّين صاحِبْ
وشائِمةٍ برقاً بفودَيَّ راعَهَا
وشائِمةٍ برقاً بفودَيَّ راعَهَا / وما كلُّ برقٍ لاحَ يُؤذِنُ بالخِصبِ
رأت شَعَراتٍ أخلَقَتْ بعدَ جِدَّةٍ / ونفساً سَلَتْ بعد الغَواِيةِ في الحُبِّ
فقالَت نهاك الشيبُ عن مَرَحِ الصِّبَا / ورَدَّاكَ بعد الجَوْنِ دهرُكَ بالعَصْبِ
فقلتُ نعَم أصبحتُ طَوعَ عَواذِلي / وأصبحتُ لا أصبُو لِلَهْوٍ ولا أُصبي
ولا عجبٌ لَيلٌ تبلَّجَ فجرُهُ / وحِلمٌ رمَى شيطانَ جهليَ بالشُّهْبِ
وهمٌّ وَرَى بين الجوانِحِ زَنْدُهُ / أضَاءَ له في مَفرِقي لامِعُ اللَّهْبِ
أَما تَرى الشَّيبَ قد رَدَّاكَ بعد دُجَى / فَودَيْكَ واهاً لِذَاك اللّيلِ بالعَصَبِ
وأسمَعَتْكَ اللَّيالي في مواعظِها / أنَّ ابنَ سبعين من وِردٍ على قُرُبِ
أعرضْتُ عن صبَوَاتٍ كنتُ ذا شَغفٍ / بها وجانبتُ ما يُدني من الرِّيبِ
وسرتُ طوعَ النُّهى تُرضَى أنَاتِيَ في / سَيري ومَرِّيَ في شَدَّي وفي خَبَبي
ديار خلت من أهلها وتوحشت
ديار خلت من أهلها وتوحشت / فليس بها مرعى لعين ولا خصب
علاها البلى حتى تعفنت رسومها / وأنكرها طرفي فأثبتها القلب
ألوم الردى كم خضته متعرضا
ألوم الردى كم خضته متعرضا / له وهو عني معرض متجنب
وكم أخذت مني السيوف مآخذ ال / حمام ولكن القضاء مغيب
إلى أن تجاوزت الثمانين وانقضت / بلهنية العيش الذي فيه يرغب
وأصبحت أستهدي العصا فتميل بي / لضعفي عن قصدي كأني أنكب
فمكروه ما تخشى النفوس من الردى / ألذ وأحلى من حياتي وأعذب
تقلب أحوال الزمان أفادني
تقلب أحوال الزمان أفادني / جميل الأسى فيما ينوب من الخطب
إذا حل ما لا يستطاع دفاعه / فما أجمل الصبر الجميل بذي اللب
تنكرني الإخوان حتى ثقاتهم
تنكرني الإخوان حتى ثقاتهم / وحذرني منهم نذير التجارب
كأني إذا أودعت سري عندهم / رفعت بنار فوق أعلى المراقب