المجموع : 3
ظَنَنَّا الَّذِي نادى مُحِقَّا بمَوْتِهِ
ظَنَنَّا الَّذِي نادى مُحِقَّا بمَوْتِهِ / لِعُظْمِ الَّذِي أَنْحَى منَ الرزءِ كاذِبَا
وخلْنا الصَّباحَ الطلقَ لَيْلاً وإِنَّما / حَبَطْنا خُداريَّا مِن الحُزْنِ كارِبَا
ثَكِلْنا الدُّنا لما اسْتَقَلَّ وإِنَّما / فقَدْناكَ يا خَيْرَ البَريّةِ ناعِبَا
وما ذَهَبَتْ إِذ حَصَّلَ القَبْرُ نَفْسَهُ / ولكِنَّما الإِسْلامُ أَدْبَرَ ذاهِبَا
ولمّا أَبَى إِلَّا التَّحَمُّلَ رائِحاً / مَنَحْناهُ أَعْناقَ الكِرامِ رَكائِبَا
يَسِيرُ به النَّعْشُ الأَغَرُّ وحَوْلهُ / أَباعِدُ راحُوا للمُصابِ أَقارِبَا
علَيْهِ حَفِيف لِلْمَلائِكِ أَقْبَلَتْ / تُصافِحُ شَيْخاً ذاكِر اللَّه تائِبَا
تخالُ لَفِيفَ النَّاسِ حَوْلَ ضَريحِهِ / خَلِيطَ قَطاً وافى الشَّرِيعَةَ هَارِبَا
إِذا ما امْتَرَوْا سُحْبَ الدُّمُوعِ تَفَرَّعَتْ / فُرُوعُ البُكا عن بارِقِ الحُزْن لاهِبَا
فمَن ذَا لِفَصْلِ القَوْلِ يَسْطَعُ نُورُهُ / إِذا نحنُ نَاوَأْنَا الألَدّ المناوبَا
ومَن ذا رَبيعُ المُسْلِمينَ يَقُوتُهُم / إِذا النَّاسُ شامُوها بُرُوقا كَواذِبَا
فيا لَهْفَ قَلْبي آهِ ذابَتْ حُشاشتي / مَضى شَيْخُنا الدَّفَّاعُ عنَّا النَّوائِبَا
وماتَ الَّذِي غابَ السُّرُورُ لمَوْتِهِ / فلَيْسَ وإِنْ طالَ السُّرَى منه آيِبَا
وكانَ عَظِيماً يُطْرِقُ الجَمْعُ عِنْدَهُ / ويَعْنُو له رَبُّ الكَتِيبةِ هائِبَا
وذا مِقْوَلٍ عَضْبِ الغرارَيْنِ صارِم / يَرُوحُ به عن حَوْمَةِ الدِّينِ ضارِبَا
أَبا حاتِم صَبْرَ الأَدِيبِ فإِنَّني / رَأَيْتُ جَمِيلَ الصَّبْرِ أَحْلَى عَواقِبَا
وَما زِلْتَ فِيْنَا ترْهب الدَّهْرَ سطْوةً / وصَعْباً به نُعْي الخُطُوبَ المَصاعِبَا
سَأَسْتَعْتِبُ الأَيَّامَ فيكَ لَعَلَّها / لصِحَّةِ ذاك الجِسْمِ تَطْلُبُ طالِبَا
لَئِنْ أَفَلَتْ شَمْسُ المكارِمِ عنكُمُ / لقد أَسأَرَتْ بَدْراً لها وكَواكِبَا
ولم أَنْسَ بالنَّاوُوس أَيَّامَنا الأُلَى
ولم أَنْسَ بالنَّاوُوس أَيَّامَنا الأُلَى / بها أَيْنُنا مَحْبُوبُها وحَبَابُهَا
وفِتْيةَ ضَرْبٍ مِن زِناتَةَ مُمْطِرٍ / بوَيْلِ المَنايا طَعْنُها وضِرابُها
وَقَفْنا على جَمْرٍ مِن المَوْتِ وَقْفةً / صليّ لَظاهُ دَأْبُ قَوْمِي ودابُهَا
إِذا الشَّمْسُ رامَتْ فيه أَكْلَ لُحُومِنا / جَرى جَشَعاً فَوْقَ الجِيادِ لُعابُهَا
إِذا لَم تَجِدْ إِلا الأَسى لكَ صاحِباً
إِذا لَم تَجِدْ إِلا الأَسى لكَ صاحِباً / فَلا تَمنَعنَّ الدَّمعَ يَنهلُّ ساكِبا
هَوَت بِأَبي العَباسِ شَمس من التقى / وأَمسَى شَهابُ الحَقِّ في الغَربِ غارِبا