القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 14
أذبْتَ فؤادي يا فديتُكَ بالعَتْبِ
أذبْتَ فؤادي يا فديتُكَ بالعَتْبِ / ولو بتَّ صبّاً ما عَنُفْتَ على صَبِّ
وقاتلتي بينَ الغواني كأنَّها / مصوَّرةٌ بالعينِ في حبَّةِ القلبِ
حياةٌ ولكنْ طَرْفُها ذو منيّةٍ / أما يُتَوقّى الموتُ من طَرَفِ العضبِ
شكوْتُ إليها لوعةَ الحبّ فانثنَتْ / تقولُ لتربيها وما لوعةُ الحبِّ
فقيل عذابٌ لو أحطتِ بعلمِهِ / لجدتِ على الصّادي بماءِ اللّمَى العذبِ
وقاكِ الهوى إذ لم تذوقيه ضُرَّهُ / وهل تُحْدِثُ الخمرُ الخُمارَ بلا شرْبِ
وجسمٍ له من غيْرِهِ روحُ لذةٍ
وجسمٍ له من غيْرِهِ روحُ لذةٍ / سليلِ ضروعٍ أُرْضِعَتْ حَلَبَ السُّحبِ
إذا قبضَ الإبريقُ منهُ سُلافةً / تَقَسّمَها الشُرّابُ حوليْهِ بالقعبِ
شربْنا وللإصباحِ في الليلِ غُرَّةٌ / تزيدُ اندياحاً بينَ شرْقِ إلى غرْبِ
على روْضَةٍ تحيا بحيّةِ جَدْوَلٍ / يفيءُ عليه ظلّ أجنحة القضبِ
بأزهرَ يجلو اللهوُ فيه عرائساً / كراسيّها أيدي الكرامِ من الشَّربِ
كأنّ لها في الخمْرِ حُمْرَ غلائلٍ / مُزَرّرَةَ الأطواقِ باللؤلؤِ الرطبِ
وكم من كميتِ اللونِ تحسب كأسها / لها شفةٌ لعساءُ ذات لمىً عذبِ
إذا مُزِجَتْ لانَتْ لنا وتَحَوّلَتْ / بأخلاقِها عن قَسْوَةِ الجامحِ الصعبِ
جرَى في عروقِ النارِ ماءٌ كأنّما / رِضَى السلم منها يتَّقي غضَبَ الحربِ
وإن نالَ منها ذو الكآبةِ شربةً / تسرّبتِ الأرواح منها إلى القلبِ
لعمري لقد ظَنّوا الظنونَ وأيقَنوا
لعمري لقد ظَنّوا الظنونَ وأيقَنوا / ببعضِ إشاراتٍ تنِمّ على الصبِّ
وقالوا اكشفوا بالبحثِ عن أصل وَجْدِهِ / فلا فَلَكٌ إلا يدور على قُطْبِ
سَلُوهُ وراعوا لفظةً من خِطابهِ / لتُعْلَمَ من نجواه ناجيةُ الحبِّ
أناسٌ رأوْا مني مخادعةَ الهَوى / أشدّ عليهم مِن مخادَعَةِ الحرْبِ
جعلتُ وُشاتي مثلَ صحبي مخافةً / فلم يطّلِعْ سرّي وشاتي ولا صحبي
يَقَرّ قَرارُ السرّ عندي كأنّهُ / غريبُ ديارٍ قال في وطنٍ حسبي
ألا بأبي من جُمْلَةِ الغيدِ واحدٌ / فهل علموا ذاك الغزال من السربِ
قُتِلْتُ ولا واللَّه أذكرُ قاتلي / لأخْذِ قصاصٍ منه بينَ يدَيْ ربّي
إذا قيل لي قلْ من هويت وما اسمه / وما سببُ الشكوى وما علّةُ الكربِ
ضربتُ لهم قوماً بقوْمٍ فصدّقوا / ولفظُ لساني غيرُ معناهُ من قلبي
وهل يطمع الواشونَ في سرِّ كاتمٍ / يريدُ السّهى إمّا أشارَ إلى الترْبِ
وآخذةٍ في دورةٍ فلكيّةٍ
وآخذةٍ في دورةٍ فلكيّةٍ / ترى القطبَ منها ثابتاً وهي تضْطَرِبْ
إذا أُطْعِمَتْ حَبّاً من البُرّ أطْعمَتْ / وقامتْ بأمرِ البِرِّ فهي كما يجبْ
وتحسبها تُلْقي لنا رَمْلَ فِضّةٍ / إذا أدمن الإلقاء فيها حصى ذهب
كتابك راق الوشيُ من خطِّ كاتبِهْ
كتابك راق الوشيُ من خطِّ كاتبِهْ / أم الرّوْض فيه راضياً عن سحائبهْ
أم الفلك الأَعلى وفيه دليلُه / نقلتَ إلى الأسطارِ زُهرَ كواكِبه
فإنّي كَحَلْتُ العَينَ منه بفرقد / توَقّدَ نوراً وهو جار لصاحبه
طلعتَ على مصر ونورك ساطع / فقالوا هلالٌ طالعٌ من مغاربه
وفي المَغرب البَحر المُحيط وقد عَلا / على نيلِ مصرٍ منه مدّ غواربه
ولمّا انْثنى بالجَزرِ أبقى لديهِمُ / أحاديثَ تُرْوى من صنوفِ عجائبه
فيا فارس الشعر الذي ماتَ قِرْنُه / بموتِ زهيرٍ في ارتجالِ غرائبه
لأصبحتَ مثل البَحر يَزخَر وَحدَه / وإن كثُرَ الأنهار مِن عن جوانِبه
تدَرّعْتُ صبري جُنَّةً للنوائبِ
تدَرّعْتُ صبري جُنَّةً للنوائبِ / فإن لم تُسالمْ يا زمان فحاربِ
عجمتَ حصاةً لا تلين لعاجمٍ / ورُضْتَ شموساً لا يذلّ لراكبِ
كأنّك لم تقنع لنفسي بغربةٍ / إذا لم أُنَقّب في بِلاد المَغاربِ
بِلادٌ جرى فوق البُلادة ماؤها / فأصبح منه ناهلاً كلُّ شاربِ
فُطِمتُ بها عن كلّ كأسٍ ولَذّةٍ / وأنفقتُ كنزَ العمر في غير واجِبِ
يبيت رئاسُ العضب في ثِنْيِ ساعدي / مُعاوضَةً من جِيد غيداءَ كاعبِ
وما ضاجعَ الهنديُّ إلا مثلّماً / مُضارِبه يَومَ الوغى في الضّرائبِ
إذا كانَ لي في السَيفِ أُنس ألِفته / فلا وحشة عندي لِفقد الحبائِبِ
فَكُنتُ وَقَدّي في الصَبا مِثلُ قَدّه / عَهدتُ إِلَيه أَن مِنهُ مَكاسِبي
فَإِن تَكُ لي في المَشرَفِيّ مآربٌ / فَكَم في عَصا مُوسى لَهُ مِن مَآرِبِ
أَتحسبني أنْسَى وما زلت ذاكِراً / خِيانةَ دَهري أو خيانةَ صَاحبي
تَغَذّى بأخلاقي صغيراً ولَم تَكُنْ / ضَرائِبُه إلّا خِلافَ ضَرائبي
ويا ربّ نَبْتٍ تعتريهِ مرارَةٌ / وقد كان يُسقى عذبَ ماء السحائِبِ
علمتُ بتجريبي أموراً جَهِلتُها / وقد تُجْهَل الأشياءُ قبل التجارِبِ
ومَنْ ظَنّ أمْواه الخضارم عَذْبَةً / قضى بخلاف الظنّ عندَ المشارِبِ
ركبتُ النّوَى في رحلِ كلّ نَجيبةٍ / تُواصِلُ أسبابي بقطع السَباسِبِ
قِلاصٌ حَناهنّ الهزالُ كَأنها / حنِيّات نَبْعٍ في أكفِّ جواذِبِ
إذا وَرَدَتْ من زرقة الماءِ أَعيُناً / وقَفْنَ على أرجائها كالحواجِبِ
بصادقِ عزْم في الأماني يُحِلّني / على أمَلٍ من همّةِ النفس كاذِبِ
ولا سَكَنٌ إلا مناجاة فكرضةٍ / كأني بها مستحضرٌ كلّ غائِبِ
ولما رأيْت الناس يُرْهَب شرهُم / تجنّبْتُهم واخترْت وَحْدَة راهِبِ
أَحتّى خَيالٌ كُنتُ أَحظى بزَوْرِهِ / لَه في الكَرى عن مَضجعي صدّ عاتِبِ
فَهل حالَ من شَكلي عليهِ فَلم يَزرْ / قضافةُ جسمي وابيضاضُ ذوائبي
إذا عدَّ مَن غابَ الشُهورَ لِغُربَةٍ / عددتُ لها الأحقابَ فوقَ الحقائِبِ
وكَم عَزَماتٍ كالسيوفِ صوادِق / تجرّدها أيدي الأَماني الكواذِبِ
ولي في سماء الشرقِ مَطلَعُة كَوكَبٍ / جلا من طلوعي بينَ زهرِ الكواكِبِ
ألفتُ اغترابي عنه حتى تكاثَرَت / له عُقَدُ الأيّام في كفِّ حاسِبِ
متى تَسمَعُ الجَوزاءُ في الجو مَنطقي / تصخْ في مَقالي لارتجالِ الغرائِبِ
وكم لي به من صنوِ وُدٍّ محافظٍ / لذي العيب من أعدائهِ غير غائِبِ
أخي ثقةٍ نادَمْتُهُ الراحَ والصبا / له من يدِ الأيامِ غَيرُ سوالِبِ
معتّقةٌ دعْ ذكر أحْقابِ عُمرها / فقد مُلئتْ منها أناملُ حاسِبِ
إذا خاض منها الماءُ في مُضْمَر الحشا / بدا الدرّ منها بين طافٍ وراسِبِ
لياليّ بالمهديَّتين كأنها ال / لآلئُ منْ دنْياك فَوقَ ترائِبِ
ليالي لم يذهبن إلّا لآلئاً / نظمنَ عقوداً للسّنين الذواهِبِ
إذا شئتُ أنْ أرْمي الهلالَ بلحظَةٍ / لمحتُ تَميماً في سماءِ المناقِبِ
ولو أنّ أرضي حرةٌ لأتَيتُها / بعزمٍ يعُدُّ السيرَ ضربةَ لازِبِ
ولكنَّ أَرضي كَيفَ لي بفكاكها / من الأسْر في أيدي العُلوجِ الغواصِبِ
لَئِن ظَفِرت تِلكَ الكِلابُ بأَكلِها / فبعد سكونٍ للعروقِ الضوارِبِ
أَحينَ تفانى أَهلها طوْعَ فتنةٍ / يضرّم فيها نارَه كلُّ حاطِبِ
وأَضحَت بها أَهواؤهم وكَأَنَّما / مذاهبهم فيها اختلافُ المذاهِبِ
ولَم يرحَمِ الأَرحامَ منها أقارِبٌ / تروّي سيوفاً من نجيع أقارِبِ
وكان لهم جَذْبُ الأصابِعِ لم يَكُن / رواجبُ منها حانياتِ رواجِبِ
حُماةٌ إذا أبْصَرْتَهُمْ في كريهَةٍ / رضيتَ من الآساد عن كلّ غاضِبِ
إِذا ضَارَبوا في مأزِقِ الضربِ جرّدوا / صواعقَ من أيديهمُ في سحائِبِ
لهم يومَ طَعْنِ السُّمْرِ أيدٍ مبيحةٌ / كُلَى الأسْدِ في كرّاتهم للثَعالِبِ
تخبّ بهمْ قبٌّ يُطيلُ صهيلُها / بأرْض أعاديهم نياحَ النّوادِبِ
مؤلَّلَةُ الآذان تحتَ إلالهمْ / كما حُرّفَتْ بالبريِ أقلامُ كاتِبِ
إذا ما أدارَتها على الهام خلتَها / تَدورُ لِسَمعِ الذِكر فوقَ الكَواكِبِ
إذا سكتوا في غمرةِ الموْتِ أنْطقوا / على البيض بيضَ المرهفاتِ القواضِبِ
تَرى شُعَل النيرانِ في خَلجِ الظبا / تذيق المنايا من أكفِّ المواهِبِ
أُولئكَ قومٌ لا يُخاف انحرافُهُمْ / عن الموت إن خامَتْ أسودُ الكتائِبِ
إِذا ضَلَّ قومٌ عن سَبيلِ الهُدى اهتدوا / وأيّ ضَلالٍ للنّجوم الثواقِبِ
وكم منهمُ من صادق البأس مُفْكِرٍ / إذا كَرّ في الأقدامِ لا في العَواقِبِ
له حملةٌ عن فتكَتَينِ انفراجُها / كفتكِك من وجهين شاهَ الملَاعِبِ
إذا ما غَزَوْا في الرّومِ كان دخولُهُمْ / بطونَ الخلايا في مُتون السّلاهِبِ
يموتونَ موتَ العِزّ في حَوْمةِ الوَغى / إذا ماتَ أهلُ الجبنِ بين الكَواعِبِ
حَشَوْا من عجاجاتِ الجهادِ وسائداً / تُعَدّ لهم في الدّفن تَحتَ المَناكِبِ
فغاروا أفولَ الشهب في حُفَرِ البلى / وأبْقَوْا على الدنْيا سوادَ الغياهِبِ
ألا في ضمانِ اللَّه دار بِنُوطَسٍ / وَدَرّتْ عليها مُعْصِراتُ الهواضِبِ
أُمَثّلُها في خاطري كلّ ساعةٍ / وأمْري لها قَطْرَ الدّموعِ السواكِبِ
أَحنّ حنينَ النيبِ للمَوطنِ الّذي / مغَاني غوانيه إِليهِ جَواذبي
ومن سار عن أرْضٍ ثوى قلبُهُ بها / تَمَنَّى له بالجِسمِ أَوبةَ آيِبِ
خِطابُ الرَزايا إنّهُ جلل الخَطْبِ
خِطابُ الرَزايا إنّهُ جلل الخَطْبِ / وسَلْمُ المَنايا كالخَديعَةِ في الحربِ
تُريدُ منَ الأَيّام كَفَّ صُروفِها / أَمُنتَقِلٌ طَبْعُ الأفاعي عنِ اللّسبِ
وتَلقى المنايا وهيَ في عَرَض المُنى / وكم أجَلٍ للطير في مَلْقَطِ الحَبِّ
تناوَمَ كلّ الناس عمّا يُصيبُهُم / وهمْ من رزايا دهرهم سَلَمُ العَصْبِ
بكأسِ أبِينا آدمٍ شُرْبُنا الّذي / تضَمّنَ سُكرَ الموْت يا لك من شرْبِ
إذا ورث المولودُ عِلّةَ والدٍ / فعدِّ بهِ عنْ حيلةِ البرءِ والطبِّ
حُتوفٌ على سَرْحِ النّفوسِ مغيرةٌ / فقلْ كيف تغدو وهيَ آمنةُ السّرْبِ
يَسُنّ عليه الذِّمْرُ عذراءَ نثرةً / تَخال بها التَأنيث في الذكر العَضبِ
على الجِسمِ مِنها الذَوب إن فاضَ سرْدها / كفيضِ أتِيٍّ والجمود على الكَعبِ
ويُصميهِ سهمٌ مُصْرَدٌ ليس يُتّقَى / له في الحشا رامٍ تَسَتّرَ بالخلبِ
وليس بمعصومٍ من الموْتِ مُخْدَرٌ / له غَضَبٌ يبدو بحملاقَةِ الغَضْبِ
كأنّ سكاكيناً حداداً رؤوسها / مغرّزة في فيهِ في جانِبَيْ وقْبِ
فكيفَ نَردّ الموْت عَنْ مُهجاتنا / إذا غَلبت منه ضراغمةُ الغلبِ
وقاطعةٌ طولَ السُّكاكِ وَعَرضه / تُحلّق من بُعْدِ السماءِ على قربِ
إِذا بَرقَ الإِصباح هزّ انتفاضَها / من الظلّ أشباهُ العواملِ والقضبِ
مباكرة صيدَ الطيور فما تَرى / طريدتَها إلا مخضخضَةَ القعبِ
وعَصمٌ إذا استَعصَمن في شاهِقٍ رَقَتْ / إِلَيها بنات الدّهْرِ في المرْتَقَى الصّعبِ
عَلى أَنها تنقضّ من رأس نيقها / على كلّ رَوْقٍ عند قرْعِ الصَفا صَلبِ
سَينسفُ أمْرُ اللّهِ شمَّ جبالها / كما تَنْسِف الأرواحُ مُنْهالةَ الكثبِ
لكلٍّ حياةٌ ثمَّ موتٌ ومبعثٌ / إِذا ما التقى الخَصمانِ بين يَدَيْ ربِّي
وتُستوقَف الأفلاك عَن حَركاتِها / ويسقُط دريّ النجوم عن القطب
ألم تأتِ أهلَ الشرقِ صرخةُ نائحٍ / يُفيِض غروبَ الدمع من بلدِ الغربِ
سَقى اللَّه قَبراً ثائراً بسفاقسٍ / سواجمَ يَرْضى الترب فيها عنِ السحبِ
فقد عَمّهُ الإعْظامُ منْ قَبْرِ عَمّةٍ / أنوحُ عليها بالنحيب إلى النّحْبِ
بدمع يمدّ البحرُ في السَّيْفِ نحوه / إذا الحزن منه واصل السَكبَ بالسَكبِ
ولو آمنُ الإغراقَ أضْعَفْتُ سَحّهُ / ولكنّ قلبي الرطبَ رَقّ على قلبي
برغمي نَعَتْها ألْسُنُ الركب للعلى / فكيف أرُدّ النّعْيَ في ألسُنِ الرَكبِ
غريبةُ قبرٍ عن قبور بأَرضها / مجاورةٌ في خطّة الطعْنِ والضّربِ
كريمةُ تقوى في صلاة تقيمها / وصومٍ يَحُطّ الجسمُ منه عَلى الجَدبِ
زَكَتْ في فروعِ المَكرماتِ فروعُها / وأَنجبتِ الدُنْيا بآبائها النُّجبِ
ولَما عَدمنا من بهاليلِ قَومها / مَآتِم تَبكيها بَكَينا مع الشُهبِ
حَمَدنا بُكاءَ الزُّهْرِ بنتَ محمّد / وهَل نَدبت إلّا ابنةَ السيد الندبِ
مضَتْ ولها ذِكْرٌ منَ الدينِ والتّقى / تفسّرُهُ للعُجم ألسِنةُ العُربِ
أَيُصبحُ قلبي بالأَسى غيرَ ذائبٍ / وقلبُ الثَرى قاسٍ على قلبها الرّطبِ
وكنتُ إذا ما ضاق صدري بحادثٍ / فزعتُ بنجواه إلى صدرِها الرَحبِ
وتُذْهِبُ عنّي همّ نفسي كأنّها / شَفَتْ غُلّةَ الظَمآنِ بالبارِدِ العذبِ
أهاتفَةً باسمي عليّ تَعَطّفاً / حنينَ عطوفٍ شقّ سامِعَتيْ سَقْبِ
أبوكِ الذي من غرسه طالتِ العُلى / وأُسْنِدَ عامُ المحْل فيِه إِلى الخِصبِ
تَنَسّكَ في بِرٍّ ثمانينَ حِجّةً / فيا طولَ عُمْرٍ فيه فرَّ إلى الرّبِ
ضَمَمْتُ إلى صَدري بكفّيّ جسمَهُ / وأسندتُ مخضرّ الجَنابِ إلى الجَنبِ
تبرّكَتِ الأيدي بتَسوِيَةِ الثرَى / على جَبَلٍ راسي الأناةِ على هَضْبِ
أغارَ لهم ماءُ الجَموم بعبرة / أمِ انبَتّ في أيديهمُ كَرَبُ الغَرْبِ
فَيا لَيتَني شاهدتُ نَعشَكِ إذ مَشى / حواليه لا أهلي حفاةً ولا صَحبي
ودَفْنَكِ بالأيدي الغريبةِ والْتَقَتْ / مع المَوتِ في إِخفاءِ شَخصِك في حدبِ
فأَبسطَ خَدّي فوق لَحدِكَ رحمةً / وتُسْفي عليه التربَ عينايَ بالهدبِ
أرى جسمك المرموسَ من روحه عفا / وأصبحَ معموراً به جَدَثُ التربِ
فلو أنّ روحي كان كسبي وهبتُهُ / لجسمك لكن ليس روحِيَ من كسبي
ولَوْ تُنظم الأحساب يوماً قَلائِداً / لقلد منها جَوْهَرُ الحسبِ اللّبِ
أبا الحسن الأيامُ تَصْرَعُ بالغِنى / وتُعْقِبُ بالبلوى وتخدَع بالحبِّ
مَصابُكَ فيها من مصابي وجدتُه / وحزنُك من حُزني وكَربك من كَربي
فَصَبْراً فَلَيْسَ الأجرُ إلّا لِصابرٍ / على الدهر إن الدهر لم يَخلُ من خطبِ
ألم ترَ أنّا في نوىً مُستمرّةٍ / نَروحُ ونَغدو كالمُصرّ على الذّنْبِ
فَلا وَصلَ إلّا بَينَ أسمائنا الّتي / تسافرُ منّا في مُعَنْوَنَةِ الكتبِ
فَدائِمَة السقيا سماءُ مدامعي / لخدي وأرض الخدّ دائِمةُ الشربِ
فؤادي نجيبٌ والجلالُ نجيبُ
فؤادي نجيبٌ والجلالُ نجيبُ / فأبْعدُ مطْلوبٍ عليّ قريبُ
وإنْ أجدبَتْ عند الفتاةِ إقامتي / فمُرْتَحَلِي عند الفلاة خصيبُ
إذا كانَ عَزْمي مثلَ ما في حمائلي / فإنّي امرُؤٌ بالصّارِمَيْنِ ضَروبُ
خُذِ العَزْم من بَرْدِ السّلُوّ فإنّما / هوَى الغيد عندي للهوان نسيبُ
وبادرْ ولا تهمل سُرَى العيس إنّها / لنا خببٌ في النُّجْح ليسَ يخيبُ
فشهبُ الدّراري وهي علويّةٌ لها / طلوعٌ على آفاقها وغروبُ
ولو لم يكن في العزم إلّا تَقَلّبٌ / ترَى النفسُ فيه سعيها فتطيبُ
وإن ضاقَ بالحرِّ المجالُ ببلدةٍ / فكمْ بلدَةٍ فيها المجالُ رحيبُ
إذا أنْتَ لبّبتَ العزيمة واضعاً / لها الرجلَ في غرزٍ فأنْتَ لبيبُ
ومنكرةٍ مني زماعاً عرفتهُ / عدوّكِ يا هذي إليّ حبيبُ
جرَى دمْعُها والكحلُ فيه كأنّه / جمانٌ بماءِ اللّازورد مشوبُ
وقالت غرابيبٌ دَرَجْن بِبَينه / سيستدرجُ الأعوامَ وهو غريبُ
فما كان إلا ما قضى بالُها به / فهل كان عنها الغيبُ ليس يغيبُ
لقد خمّسَ التأويبَ والعزمَ والسرى / وعَودَ الفلا عُودٌ عليه صليبُ
رمى فأصابَ الهمَّ بالهمِّ إذ رمى / هي الكفّ ترْمي أُختها فتصيبُ
وأجرى سفينَ البرّ في لُجّ زئبقٍ / من الآل هَزّتْ جانِبَيْه جَنُوبُ
ومستعطفاتٍ بالحداء على السرى / إذا رجّعَ الألحانَ فيه طروبُ
إذا جُلِدَتْ ظلماً ببعض جُلودها / تَبَوّع منها في النّجاء ضروبُ
فللَّهِ أشطانُ الغروب التي حَكَتْ / مقاودَ عيس مِلْؤهنّ لغوبُ
ومشحونةٍ بالخوف لا أمنَ عندها / كأنّك فيها حيثُ سِرْتَ مُريبُ
كأنّك في ذنبٍ عظيم بقطعها / فأنْتَ إلى الرحمن منه تتوبُ
إذا الشمسُ أحمتْ فيحَها خلت رملها / رماداً وقودُ النّار فيه قريبُ
ترى رامحَ الرّمضاءِ فيه كأنّه / مُواقِعُ نارٍ واقعته ذنوب
كأنّ ارتفاع الصوت منه تَضَرّعٌ / إذا لذع الأحشاءَ منه لهيبُ
وتحسب أنّ القفرَ حُمَّ فماؤه / من العرق الجاري عليه صبيبُ
وما كان إلّا خير ذخر تعدّه / قطاةٌ لأرْمَاقِ النفوس وذيبُ
وراعٍ سوامُ الشمسِ لم يَشوِ وجهها / ولا لاح للتلويح منه شحوبُ
له لَوْلَبٌ في العين ليس يديره / لذي ظمإٍ حَيث المياهُ تلوبُ
رقيبٌ على شمسِ النّهار بفعله / أحَيٌّ على شمْسِ النّهار رقيبُ
إذا نزل الركبانُ طابَ لنفسه / على الجمر من حرِّ الهجير ركوبُ
تَكَوّنُ وسط النّار منه سبيكةٌ / من التبر ليسَت بالوِقاد تَذوبُ
خَرُوجٌ مِنَ الأديانِ تحسبُ أنّه / على كلّ عُودٍ بالفلاة صليبُ
ومشرعةٍ بالموتِ للطّعنِ صَعْدَةً
ومشرعةٍ بالموتِ للطّعنِ صَعْدَةً / فلا قِرْنَ إنْ نادَتْهُ يوماً يُجيبها
مُداخِلَةٌ في بعْضها خَلْقَ بَعضها / كجوْشن عظم ثَلّمَتْهُ حروبها
تذيقُ خفيّ السمّ من وَخْزِ إبرةٍ / إذا لَسَبَتْ ماذا يلاقي لسيبها
وتمهل بالرّاحاتِ مَن لم يَمُتْ بها / إلى حين خاضت في حشاه كروبها
إذا لم يكنْ لونُ البهارةِ لوْنَهَا / فمن يرقانٍ دبّ فيه شحوبها
لها سَوْرَةٌ خُصّتْ بصورةِ ردّةٍ / ترَى العين منها كل شيء يريبها
وقد نصلت للطعن مَحْنِيَّ صَعْدَةٍ / بشوكةِ عُنّابٍ قتيلٍ زبيبها
ولم ترَ عَيْنٌ قبلَها سَمْهريّةً / منظمةً نَظْمَ الفرند كعوبها
لها طعنةٌ لا تسْتَبينُ لناظرٍ / ولا يُرْسِلُ المسبارَ فيها طبيبها
نسيتُ بها قيساً وذكرى طعينهِ / وقد دقّ معناها وجلّت خطوبها
يحمل منها مائع السمّ بغتةً / نجيعَ قلوب في الضلوع دبيبها
لها سقطةٌ في الليلِ مؤذيةٌ بها / إذا وَجَبَتْ راع القلوبَ وجيبها
ونَقْرٌ خفيّ في الشخوص كأنّه / بكلّ مكان ينتحيه رقيبها
ومن كلّ قطر يتّقي شرّها كما / تذاءب في جنح الدجنة ذيبها
تجيء كأمّ الشبل غضبى تَوَقّدَتْ / وقد تَوّجَ اليافوخَ منها عسيبها
بعينٍ ترى فيها بعينك زرقةً / وإن قلّ منها في العيون نصيبها
حكى سَرطاناً خَلْقُهَا إذ تَقَدّمت / وقدّمَ قرنيها إليه دبيبها
وتالٍ من القرآن قلْ لنْ يصيبنا / وقد حانَ من زُهْرِ النجوم غروبها
يقولُ وسقفُ البيت يحذفُهُ بها / حصاةُ الرّدى يا ويح نفسٍ تصيبها
فصَبّ عليها نعلَهُ فتَكَسّرَت / من اليبس تكسيرَ الزّجاج جنوبها
عدوّ من الإنْسان يَعْمُرُ بيتَهُ / فكيف يوالي رقدة يستطيبها
ولولا دفاعُ اللَّه عَنّا بلطفِهِ / لَصُبّتْ من الدنْيا علينا خطوبها
لها العَتْبُ هذا دأبها وَليَ العُتْبَى
لها العَتْبُ هذا دأبها وَليَ العُتْبَى / سلمتُ من التعذيب لو لم أكن صبّا
رأى عاذلي جسمي حديثاً فرابه / ولم يدرِ أني رعيت به الحبّا
وكيف ونفسي تؤثرُ الغصن والنقا / وتهوى الشقيقَ الغضَّ والعَنَمَ الرطبا
وذاتِ دلالٍ أعْجَبَ الحسنَ خَلْقُها / فهزّ اختيالُ التّيه أعطافَها عُجبا
يكادُ وليدُ الذرِّ يجرحُ جسمَها / إذا صافحتْ منها أنامله الإتبا
فتاةٌ إذا أحسنتُ في الحبِّ أذنَبَتْ / فمن أين لولا الجورُ تُلْزِمني الدنيا
وإني لصعبٌ والهوى راضني لها / وغيرُ عجيبٍ أن يروضَ الهوى الصعبا
سريعةُ غدرٍ سيفها في جفونها / وهل لك سلمٌ عند من خُلِقَت حربا
وروضة حسنٍ غَرّدَت فوقَ نحرها / عصافيرُ حَلْيٍ تلقطُ الدرّ لا الحبّا
وألحقها بالسرب جيدٌ ومقلةٌ / وإن لم يناسبْ دُرُّ مبسمها السربا
لها من فُتون السحرِ عينٌ مريضةٌ / تحلّبُ من أجفانها الدمع والكربا
شربتُ بلحظي سكرةً من لحاظها / فلاقيت منها سَوْرَةً تشربُ اللّبا
وإني لصادٍ والزلالُ مبرَّدٌ / لديّ وإن أكثرت من صفوه شربا
فمن لي بودقٍ مطفئٍ حرّ غُلّتي / أباكرُ طلّاً من أقاحيّه عذبا
وقالوا أما يسليكَ عن شغفِ الهوَى / ومن ذا من السلوان يَسْلُكُ بي شِعْبا
وأنفاسها أذكى إذا انصرف الدجى / وريقتُها أشهى ومقلتها أسبى
وحمراءَ تُلْقَى الماء في قيد سكرِه / ويطلق من قيد الأسى شربُها القلبا
تَوَلّدَ في ما بين ماءٍ ونارِها / مُجَوّفٌ دُرٍّ لا تطيقُ له ثقبا
قستْ ما قستْ ثم اقتضى المزجُ لينَها / فكم شررٍ في الكأسِ رشّت به الشربا
وذي قتلةٍ بالراحِ أحييتُ سمعه / بأجوفَ أحيته مميتَتُهُ ضَرْبا
فهَبّ نزيفاً والنّسيم معطرٌ / فما خلتُهُ إلّا النّسيم الّذي هبّا
شربنا على إيماضِ برقٍ كأنّهُ / سنا قبسٍ في فحمةِ الليل قد شبّا
سرى رامحاً دهم الدياجي كأبْلَقٍ / له وثبةٌ في الشرق يأتي به الغرْبا
كأنّ سياط التبر منهُ تَطايَرتْ / لها قِطَعٌ مما يسوق بها السُّحْبا
إذ العيْش يجري في الحياة نعيمهُ / وذيلُ الشبابِ الغضّ أركضهُ سَحْبا
لياليَ يَندى بالمنى لي أمانُها / كأيّام يحيى لا تخاف لها خطْبا
سليلُ تميم بن المعزّ الذي له / مطالعُ فخرٍ في العلى تُطلعُ الشّهبا
هو الملك الحامي الهدى بقواضبٍ / قلوبُ العدى منها مقلّبةٌ رعبا
إذا ما الحيا روّى ليسكب صوبهُ / رأيتَ ندى يمناه يبتدرُ السكبا
بنى من منار الجود ما جَدُّهُ بنى / وذبّ عن الإسلام بالسيف ما ذبّا
وجهَّزَ للأعداءِ كلَّ عَرَمرَمٍ / يغادرُ بالأرماح أرواحهم نهبا
كتائبُ يعلوها مُشارُ قتامها / كما نَشّرَتْ أيدٍ مرسّلة كتبا
وتفشي سريراتِ النُفوسِ حماتها / بجهدِ ضرابٍ يصرعُ الأُسدَ الغلبا
إذا ما بديعُ المدحِ ضاقَ مجاله / على مادحٍ ألفاهُ في وصفه رَحْبا
ثناءٌ تخالُ الشمسَ ناراً له وما / على الأرضِ من نبتٍ له منزلاً رطبا
سميعُ سؤالِ المُجْتدي غيرَ سامعٍ / على بذلِ مالٍ من مُعاتِبه عتبا
ومن ذا يردُّ البحرَ عن فَيْضِ مَدّهْ / إذا عبّ منه بالجنائب ما عبّا
إذا ما أديرتْ بالسيول من الظُّبى / رحى الحرب في الهيجاء كان لها قطبا
شجاعٌ له في القرْن نجلاءُ ثرّةٌ / يُجَرّرُ منْها وهو كالثَّملِ القُضْبا
يُطير فراشَ الرأس مضربُ سيفِهِ / وعامله في القلبِ يحترشُ الضبّا
يخوضُ دمَ الأبطال بالجَرْدِ في الوغى / فيصدرها ورْداً إذا وردت شهبا
عليمٌ بأسرار الزمان فراسةً / كأنّ لها عيناً تريه بها العُقبى
قريبٌ إذا ساماه ذو رفعةٍ نأَى / بعيدٌ إذا ناداه مستنصرٌ لبّى
يُشرّد من آلائهِ الفقرَ بالغِنى / ويقصد من آرائه بالهِنَا النُّقْبا
يطوّقُ ذا الجُرْم المخالفِ مِنَّةً / ولولا مكانُ الحلم طَوّقَهُ العضبا
يَعُدّ من الآباءِ كلّ مُتَوَّجٍ / نديم المعالي مُلِّكَ المال والتّربا
لهم كل مرتاعٍ به الرّوعُ مُعْلَمٌ / إذا الحَرب بالأَرماحِ ناجزَتِ الحربا
مضرِّم هيجا في طويِّة غمدِهِ / منَ الفتك ما يرضي مَنيَّتها الغَضبى
إذا حاولوا قَضْبَ الجماجم جرّدوا / لها ورقاً يَنبتن في النار أو قُضبا
وإن رُفعت فوق المفارق صَيّرَتْ / دبيبَ المنايا من مضاربها وثبا
لقد أصبحتْ ساحاتُ يحيى كأنّما / إليه نفوسُ الخلق منقادةٌ جذْبا
ربوعٌ بعثتُ الطرفَ فيهنّ خاشعاً / وإن كان بُعْد العزّ يمتنح القربا
فلا همّةٌ إلا رأيتُ لها عُلاً / ولا أمّة إلا لقيت لها ركبا
بلى جرّ أذيالَ الصِّبَا وتصابَى
بلى جرّ أذيالَ الصِّبَا وتصابَى / وأوجفَ خيلاً في الهوى ورِكابا
وهزّ قناةً تحت برديْه لدنةً / تلينُ وتندى نضرةً وشبابا
وجاوَلَهُ قِدْح الهوى إذ أجالَهُ / من الرّبربِ الساجي العيونِ وثابا
قطعتُ زماني بالشَّمول مُسِنّةً / وبالروضِ كهلاً والفتاةِ كعابا
وكنتُ أعيبُ اللهوَ فيها ولا أرى / عليّ هواها في التعفف عابا
وأركبُ عزّاً صهوتي وهي مهرةٌ / أُساور منها بالشبابِ شبابا
وغيْداءَ رُؤدٍ قادني نحوها هوىً / تنسّمتُ منهُ في الهواء ملابا
مضيِّعَةٍ للطّيبِ تحسبُ أنّها / تُطَيّبُ من مسك التريب ترابا
وما صابني إلا مريجٌ بضربةٍ / تكون سؤالاً للرّضى وجوابا
فبتّ كسرٍّ في حشا الليل داخلٍ / على حبّة القلب المَصون حجابا
كأنّ الدّجى من طوله كان جامداً / فلّما تنازعنا التحية ذابا
فقلْ في ظلامٍ طالَ ثم بدا له / فقد أبْصَرَت منهُ العيونُ عُجابا
كأنّي بشطرٍ منه ثوّرت باركاً / كسيراً وشطراً قد أطرتُ غرابا
رعيتُ الصّبا حتى ذوى وَرقُ الصِّبا / ولم يُبْقِ في عمري المشيبُ شبابا
وحتى اغتدَى زَنْدي شحاحاً بقادحٍ / وأضحى جناحي في النّهوض ذُبابا
وقاطعِ أجوازِ الفيافي مُرَوّعٍ / بدَهرٍ رماه بالخُطوبِ وَرابا
يناجي بها في الليل سيداً عملّساً / ويَصحَب هَيْقا بالنّهار وجابا
بريحٍ جنوحِ الرحل يُمْسي هبوبها / نجاءً لها ملءَ الدجى وهَبابا
أبنتَ الجديلَ القاطعِ البيد جدّ لي / سباسبَ من غَوْلِ الفلا وظرابا
إذا ما النّوى ألقتْ عَصايَ محبّةً / تجنّب ليَ صرفُ الزمان جنابا
وسُرْبِلْتُ إحساناً من الحسَنِ الذي / هَمَى الجودُ من كلتا يديه وطابا
هو الملكُ الحامي الهُدى من ضلالةٍ / ففلّ لها ظفراً وهَتّمَ نابا
غدا كعبهُ في كفّة الملك عالياً / ومُلّكَ من أهل الزّمان رقابا
وأضحى لقومٍ مذعنينَ بعدلهِ / نعيماً وقومٍ مجرمين عذابا
إذا عُدّتِ الأحسابُ عُدّ نجارُهُ / له حسباً بين الملوك لبابا
توَقّدَ إقداماً وفاض سماحةً / وهُذّبَ أخلاقاً وطاب نصابا
من السادة الغُرّ الألى ملكوا الورى / وأعطاهمُ الدّهرُ الأبِيُّ جنابا
غطارفةٌ مثل الجبال حُلومُهُمْ / تكونُ لهم شمُ الجبال هضابا
إذا غضِبوا للَّه أرضاكَ فَتكهُمْ / وأَفتكُ ما تلقى الأُسودُ غِضابا
وإِن جَزموا الأعمارَ في الحربِ صَيّروا / عواملهم في الدّارِعينَ حِرابا
وتَحسَبهم تَحتَ السَوابِغ والقَنا / ضراغمَ شقّتْ في العَرينِ سَرابا
مفيدٌ مبيدٌ في سبيليه جاعلٌ / مذاقة شهدٍ للأَنامِ وصَابا
كأنّ زماناً تائباً من ذنوبهِ / رَأَى عَدلَه أَو خافَ منهُ فَتابا
إِذا مَنعَ الأَملاكُ نائِلَهُمْ سخا / وإنْ أخْطَؤوا وجهَ الصّوابِ أصابا
كثيرُ وفودِ القصْدِ لم تكفِ دجلةٌ / بِسَاحَتِهِ لِلآكِلينَ شَرابا
تُفيضُ العَطايا بالأَماني يَمينُهُ / فَتَحسِب فيهِنّ البحورَ ثغابا
وجيشٍ تخالُ الشَدْوَ في جنَبَاته / إِذا صَاهَلتْ فيه العِرابُ عرابا
إذا أسفرتْ من نقعهِ الشهب في دجىً / رَأَيت لوَجهِ الشمسِ منهُ نِقابا
تحطّمُ مُرّانَ الرّماحِ كماتُهُ / طعاناً وأوراقَ الصِفاح ضرابا
وتحسبُ أنهاءً مُلئْنَ عليهمُ / حَبائكَ من نَسجِ الصّبا وحبابا
أرونيَ منكم راجياً رَدّ قاصداً / إلى قصده وجه الرّجاءِ فخابا
ولا تعتبوهُ في الشفاعة والنّدى / فلن تجعلوا نقلَ الطباعِ عتابا
ولو خضبَ الأيدي نداهُ رأيتمُ / لكلّ يدٍ بالتّبرِ منْه خضابا
يردّ لِسانُ العضبِ عندَ سُكوتِه / إِلى هامَةِ المِقدامِ عنه خِطابا
فيا ابن عليّ أنت شبلٌ حَمَى الهدى / وأنبتَ حوليه الذوابلَ غابا
جَعَلت نيوبَ الثّغرِ زُرْقَ أسِنّةٍ / فَلَم تَجنِ زرقُ الرّوم مِنهُ رضابا
ولَو نَظَم الديماسُ مَنثورَ هامِهم / لَقلّدَ جيدَ القَصرِ منهُ سَخابا
فَلِلدينِ عيدانٌ منَ النبع جُرّبَتْ / بِعَجْمٍ فألفاها الصليبُ صِلابا
طلعتَ لَنا بدراً شموسَ طلاقةٍ / تلفّ عَلَيها راحَتاهُ سَحابا
فحالفك النّصرُ العزيزُ الّذي به / تغادرُ آسادَ الحُروبِ ذِئابا
ولا زلتَ عيداً للورى غيرَ ذاهبٍ / إذا العيدُ ولّى بالزمانِ ذهابا
نَعوذُ مِنَ الشيطانِ باللّه إنّهُ
نَعوذُ مِنَ الشيطانِ باللّه إنّهُ / يوسوسُ بالعصيان في أُذُنِ القلبِ
عَدُوّ أبينا قبْلنا والذي له / جنودٌ مع الأيام دائمةُ الحَربِ
ولو لمْ يكنْ أمْرُ الشياطينِ يُتّقَى / لما احْتَرَسَتْ منها الملائكُ بالشهبِ
بلى جَرّ أذيالَ الصّبَا فتصابَى
بلى جَرّ أذيالَ الصّبَا فتصابَى / وأوجَفَ خيلاً في الهوَى وركابا
قَصَرْتُ زماني بالشمولِ مُسِنّةً / وبالرّوضِ كهلاً والفتاة كَعابا
وأقصرُ أيام الفتى يومُ لَذّةٍ / صبا ما صبا بالعيش فيه فطابا
لياليَ لا ترمي الرميَّ وإن تُصِبْ / بسهمك خوداً فالشبابُ أصابا
وعصبةِ لهوٍ غادروا الهمّ جانباً / فلم يألفوا إلّا السرورَ جَنَابا
يديرونها راحاً كأنّ بكأسِها / إذا لبستْ درعَ الحَباب حُبابا
تنَافِرُ لمسَ الماءِ وهو يَرُوضُها / كما تَفْرَكُ البكرُ الفَرُوقُ لُعابا
فاحْبِبْ بذاك العَيشِ عيشاً ذكرتُهُ / وبالعصرِ عصراً والصحابِ صحابا
وليلٍ تخوضُ النيّرات ظلامهُ / كأوْجُهِ غَرْقَى يَفْترِقْنَ عُبابا
سريتُ بمحبوك مِنَ القُبِّ كلَّما / دعا شأوَه وهيُ العِنَانِ أجابا
من الجِنِّ فاسْمُ اللّه إما وَضَعْتَهُ / مكانَ قطيعٍ طار عنك وغابا
ترَى ضَحِكَ الإصباحِ فوق جبينهِ / وَقُمّصَ من ليلِ المُحَاقِ إهابا
تخالُ الثريّا رأسَهُ وهو مُلْجَمٌ / إذا الجريُ لم يُلبِسْ طُلاه سِخابا
يحرّفُ بالتأليل أذناً كأنّما / ترى قلماً منها يخطّ كتابا
سما الدّرُّ في أرساغِهِ عن زَبَرْجَدٍ / يغادرُ بالوطءِ الصخورَ ترابا
هو الطِّرفُ فاركبْ منه في ظهرِ طائرٍ / تَنَلْ كلّ ما أعيا عليكَ طلابا
إلى قمرٍ تسري إليه كأنّما / عليه سماءُ اللّه تُغلِقُ بابا
كأنِّيَ سرٌّ في حشا الليلِ داخلٌ / على حَبّةِ القلبِ المصونِ حجابا
فبتُّ مُرَوّىً من مجاجة باردٍ / غذا ذكرُهُ قَلْبَ الغيورِ فَذابا
كأنّ قطافَ اللثم من ثَغْرِ رَوْضِهِ / تَكَسّبَ من طَلّ الغمامِ رضابا
ولم أرَ كالدّنْيا خؤوناً لصاحبٍ / ولا كُمصابي بالشبابِ مُصَابا
فَقَدْتُ الصّبا فابيضّ مُسْوَدّ لمّتي / كأنّ الصّبا للشيب كان خضابا
تخالفَتِ النياتُ يوم تحمّلوا
تخالفَتِ النياتُ يوم تحمّلوا / فركبٌ إلى شرق وركبٌ إلى غربِ
وما قُدّ قَدّ السيرِ بالسيرِ بينهمْ / ولكنّما المنقدّ بينهمُ قلبي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025