القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمارة اليَمَنِيّ الكل
المجموع : 9
تبسم في ليل الشباب مشيب
تبسم في ليل الشباب مشيب / فأصبح برد الهم وهو قشيب
وأنكرت ما قد كنتما تعرفانه / وقد يحضر الرشد الفتي ويغيب
ومن شارف الخمسين عاماً فإنه / وإن عاش بني الأهل فهو غريب
وما أبقت الدنيا علينا وإنما / سهام المنايا مخطئ ومصيب
على أن أنفاس الحياة شهية / وأرواحنا تغنى بها وتذوب
تجرعنا الأيام كأساً مريرة / وظاهرها يحلو لنا ويطيب
ونزري عليها جاهدين بألسن / تخالفها بالاعتقاد قلوب
كأن عقول الخلق سرب حمام / تحوم على أحواضها وتلوب
وكم ضاع تدبير الفتى وهو حازم / ومالت به الآمال وهو لبيب
وكم غره منها سراب بقيعة / تصدقه العينان وهو كذوب
ومن عاش في ظل القناعة لم يبل / جفاه عدو أو جفاه حبيب
خليلي قولا لليالي نيابة / ومازال خل المرء عنه ينوب
تغير بعد الصالح العيش فاغتدت / محاسن أيامي وهن عيوب
رضيت رضى المغلوب عن أخذ ثأره / ولي غضب في النائبات أديب
دعوتكم أن تصفوا من نفوسكم / فهل منكم عند الدعاء مجيب
وإلا فما عندي سوى الصبر قدرة / ألا إن صبر الصابرين قريب
وغيضت من زهر الدموع طوالعاً / لها في غروب المقلتين غروب
أيجدب خدي من ربيع مدامعي / وربعي من نعمى يديه خصيب
وتذهب عني لوعة الحزن والأسى / ولي جيئة في رزقه وذهوب
وأقصرت من ندبي له كل ساعة / وفي كبدي الحرى عليه ندوب
أينسى وفي العينين صورة وجه / ه الكريم وعهد الانتقال قريب
أراني إن حاولت نظم قصيدة / فلي غزل من ذكره ونسيب
يميل بي التشبيب نحو رثاته / كما مال طوعاً في القياد جنيب
وتجذبني أغراض وجدي ولوعتي / إليه وأغراض النفوس ضروب
فهل عنده أن الدخيل من الجوى / مقيم بقلبي ما أقام عسيب
وإن برقت سني لذكر حكاية / فإن فؤادي ماحييت كئيب
ولو أنصفت نعماك ما طعم الكرى / ولا باشرت لين المهاد جنوب
ولولا الحيا من دولة ناصرية / لما غفرت للنائبات ذنوب
طلعت طلوع الشمس والبدر غائب / فعفى طلوع ما جناه مغيب
وأقبلت الدنيا إليك تنصلاً / تقبل أذيال الثرى وتتوب
ولا منكر إن ثاب عازب رأيها / فقد تعزب الآراء ثم تثوب
وما زلت غفاراً لكل جريمة / تضيق باع الحلم وهو رحيب
لك الدهر عبد والملوك رعية / تعاقب قوماً تارة وتثيب
وهذا قميص لو سواك أراده / غدا وهو من ثوب الحياة سليب
وقطت بأطراف الرماح مطارف / عليه وغطت بالسيوف جيوب
أبت ذاك من أبناء زريك عصبة / صباح عدو صحبته عصيب
ملوك ترينا السلم والحرب كلما / تجلى جلوس عندهم وركوب
وأنت سنان في القناة التي هم / جميعاً أنابيب لها وكعوب
بك التأمت بعد انصداع شعوبهم / قبائل من آمالهم وشعوب
تحمل أثقال الوزارة عندهم / أغر بحد الحادثات لعوب
يرى غائب الأشياء حتى كأنما / تناجيه من فرط الذكاء غيوب
يروع قلوباً أو يروق نواظراً / بوجه كثير البشر وهو مهيب
يلين لنا طوراً ويصلب تارة / كذاك القنا يهتز وهو صليب
نهضت بهذا الأمر نهضة حازم / يسكن قلب الحزم وهو نهيب
وقام بتدبير الزمان وأهله / خبير بداء المعضلات طبيب
وسومتها ملمومة ناصرية / تكف جماح الدهر وهو شبوب
إذا شجرات الخط فيها تشاجرت / فليس لريح بينهن هبوب
يليق بك الملك العظيم لأنه / أخ لك من دون الورى ونسيب
تفرعتها من دولة صالحية / نما في العلى أصل لها وقضيب
وقد جمعت فيك السيادة كلها / وغصنك من ماء الشباب رطيب
فما شيمة للمجد إلا وقد غدا / لها منك حظ وافر ونصيب
سماحة كف لايزال نوالها / يعلم كف الغيث كيف تصوب
وهيبة بأس لو أذمت بنانها / لشرخ شباب لم يرعه مشيب
مددت بساط العدل حتى تصاحبت / بعدلك شاة في الفلاة وذيب
وباشرت أحكام المظالم حسبة / لك الله فيها بالثواب حسيب
تناهيت في الإنصاف والعدل فانتهت / عقارب من جور لهن دبيب
وساويت في ميزان عدلك بيننا / فخاف بريء واستقام مريب
وأوجبت فرض الحج بعد سقوطه / فأضحى له بعد السقوط وجوب
ويسرت قصد البيت من بعد عسرة / فضاقت بحار بالورى وسهوب
فللفلك في طامي البحار تحدر / وللعيس في بحر السراب رسوب
وكان لبيت الله في كل موسم / عويل على زواره ونحيب
ينادي ملوك الأرض شرقاً ومغرباً / ألا سامع يدعى به فيجيب
فلما أتت أيامك البيض لانقضت / وخطبتها للزمان خطوب
بذلت عن الوفد الحجيج تبرعاً / مواهب لم يسمح بهن وهوب
سبقت بها أهل العراق وغيرهم / وأنت إلى كسب الثواب وثوب
تركت بها في الأخشبين نضارة / وكان بوجه الأخشبين شحوب
وحطت به عن ذمة بن فليتة / وذمة أهل الأبطحين ذنوب
وأبقيتها وقفاً على البر خالصاً / وفي بر قوم خالص ومشوب
إذا جف عود الزرع فهي مريعة / وإن جف در الضرع فهي حلوب
وهنئت عاماً لو أعبر عبارة / غدا وهو مثلي في علاك خطيب
مقامك من فضل وفصل خطاب
مقامك من فضل وفصل خطاب / مقام هدى من سنة وكتاب
مقام له بيت النبوة منصب / ومن مستقر الوحي خير نصاب
إذا استدعنا باب رزق ورحمة / حططنا المنى منه بأوسع باب
وكل دعاء لم يشيع بذكره / فليس بمرفوع ولا بمجاب
ومن شرف الإخلاص أن وليه / يؤوب إلى طوبى وحسن مآب
محاسن مجد أعجزت كل حاسب / وفائض إحسان بغير حساب
ولما تراءت للهلال بصائر / يغطي الهوا أبصارها بضباب
وقفنا فهنأنا الصيام بعاضد / سناه مدى الأيام ليس بخاب
وأين سرار الدهر من ذي أسرة / نقيبته ليست بذات نقاب
إذا رفعوا يوم السلام حجابه / بدا لي من الإجلال خلف حجاب
يشف وراء الستر باهر نوره / كما شف بدر من وراء سحاب
ويكبر عن لفظ السلام وإنما / يحيا بتعفير ولثم تراب
وتتهم الأقوال فرط مهابة / وإن نحن لم ننطق بغير صواب
نبوة جد أحرزتها بنوة / لكم دون أعمام ودون صحاب
فما لقصي وهي منها قصية / تمالئ في ميراثكم وتحابي
فقل لرجال زاحموكم غباوة / على حقكم أو زاحموا بتغاب
سلوا آخر الأنفال من يستحقها / ففي آخر الأنفال خير جواب
أليس أولو الأرحام أولى ببعضهم / فلم تحجب القربى بغير قراب
ومذ طلعت من جانب الغرب شمسكم / أضاء بها في الأرض كل جناب
وآبت إليكم دولة علوية / أقرت علاكم عينها بإياب
وما هي إلا الرمح عاد سنانه / إليه وإلا السيف نحو قراب
وشيدت من مجد الخلافة ما وهي / بليلة محراب وليل حراب
وسجلين يأوي الأمر والنهي منهما / إلى مشرب عذب وسوط عذاب
وأطلعت فيه من بنيك كواكباً / جلوا من صدا الأيام كل خضاب
وفي كل قطر منهم لك كوكب / لكل رجيم منه رجم شهاب
وأيدك الرحمن بالكامل الذي / عمرت به الأيام بعد خراب
أمير الجيوش الحاسم الداء بعدما / مشى من أديم الملك تحت إهاب
أبي الفتح هادي كل داع إلى الهدى / بفيصل خطب أو بفضل خطاب
تضاحكه من كل ثغر فتوحه / كما أضحك الأحباب كأس حباب
وزير تمنته النوزارة أولاً / وثانية عفواً بغير طلاب
فخانته في الأولى بطانة وده / ورب حبيب في قميص حباب
وجاءته تبغي الصلح ثاني مرة / فلم يرض إلا بعد رب رقاب
وأنقذت مصراً من عدو بمثله / فلله من ظفر فللت وناب
صدمت جموع الشام والشام صدمة / أقمت بها للقوم سوق ضراب
وجندت في أجناد مصر عزائماً / مضاربها في الصخر غير نواب
تولوا عن الإفرنج فادح ثقلها / ودارت رحاهم منهم بهضاب
أقامت دروع الجند تسعين ليلة / ثياباً لهم ما بدلت بثياب
وهم بين مطروح هناك وطارح / وبين مصيب خصمه ومصاب
ومنك استفاد الجيش كل فضيلة / لأنك بحر مدهم بثغاب
ومنك لهم في كل هم ومطلب / تحمل أعباء وفيض عباب
ولما طرا كسر العمود جبرتهم / فيا طيب شهد بعد مطعم صاب
وف ينصرهم سارت بنوك مواكباً / إلى عرب الريفين فوق عراب
فوارس من آل المجير ترى لهم / سريرة غيب في ضراغم غاب
وسارت إليهم عزمة كاملية / ترد صعاب الدهر غير صعاب
فطاروا حذاراً من شجاع بن شاور / مطار عقاب لا مطار عُقاب
وغادرهم إما طريد تنوفة / سحوق وإما مغنماً لنهاب
فتى أصبحت أعمال مصر مضافة / إلى معقلي قب له وقباب
رديفك في متن الوزارة والعلى / وتاليك في صفر لها ولباب
وما لحتما في الدست إلا بدا لنا / وقار مشيب واعتزام شباب
وأحسنتما عون الإمام ونبتما / له في أمور الملك خير مناب
بقيتم فإني لا أريد زيادة / على حالتي من رفعة وثواب
هل القلب إلا مضغة تتقلب
هل القلب إلا مضغة تتقلب / له خاطر يرضى مراراً ويغضب
أم النفس إلا وهدة مطمئنة / تفيض ثغاب الهم منها وتنضب
فلا تلزمن الناس غير طباعهم / فتتعب من طول العتاب ويتعبوا
فإنك إن كشفتهم ربما انجلى / رمادهم عن جمرة لم تتلهب
فتاركهم ما تاركوك فإنهم / إلى الشر مذ كانوا من الخير أقرب
ولا تغترر منهم بحسن بشاشة / فأكثر إيماض البوارق خلب
واصغ إلى ماقلته تنتفع به / ولا تطرح نصحي فإني مجرب
فما تنكر الأيام معرفتي بها / ولا أنني أدرى بهن وأدرب
وإني لأقوام جذيل محكك / وإني لأقوام عذيق مرجب
عليم بما يرضي المروءة والتقى / خبير بما آتي وما أتجنب
حلبت أفاويق الزمان براحة / تدر بها أخلافه حين تحلب
وصاحبت هذا الدهر حتى لقد غدت / عجائبه من خبرتي تتعجب
ودوخت أقطار البلاد كأنني / إلى الريح أعزى أو إلى الخضر أنسب
وعاشرت أقواماً يزيدون كثرة / على الألف أو عد الحصى حين يحسب
فما راقني في روضهم قط مربع / ولا شافني من ودهم قط مشرب
تراني وإياهم فريقين كلنا / بما عنده من عزة النفس معجب
فعندهم دنيا وعندي فضيلة / ولاشك أن الفضل أعلى وأغلب
أناس مضى صدر من العمر عندهم / أصعد ظني فيهم وأصوب
رجوت بهم نيل الغنى فوجدته / كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
وكسل عزم المدح بعد نشاطه / ندى ذمه عندي من المدح أقرب
كأن القوافي حين تسعى لشكرهم / على الجمر تمشي أو على الشوك تسحب
أفوه بحق كلما رمت ذمهم / وما غير قول الحق لي قط مذهب
وأصدق إلا أن أريد مديحهم / فإني على حكم الضرورة أكذب
ولو علموا صدق المدائح فيهم / لكانت مساعيهم تهش وتطرب
ولكن دروا أن الذي جاء مادحاً / بغير الذي فيهم يسب ويثلب
ومازال هذا الأمر دأبي ودأبهم / أغالب لومي فيهم وهو أغلب
إلى أن أدالتني الليالي وأعتبت / وما خلتها بعد الإساءة تعتب
فهاجرت نحو الصالح الملك هجرة / غدت سبباً للأمن وهو المسبب
فمن مبلغ سعد العشيرة معشري / وشعباً بهم صدع النوائب يشعب
بأني قد أصبحت جاراً لأبلج / مدائحه من ريق المزن أعذب
يشجع آمال العفاة ابتسامه / وتجبه آساد الشرى حين يغضب
غفرت به ذنب الليالي التي مضت / وربتما يستوجب العفو مذنب
لئن شغفت غر القوافي بحبه / فكل امرئ يولي الجميل محبب
وإن عز مثواها وطال بقربه / فكل مكان ينبت العز طيب
وكم نبت الأوطان يوماً بأهلها / فأورثها عز الحياة التغرب
وهذا رسول الله فارق مكة / على جفوة لم ترضها فيه يثرب
ولولا فراق السيف للغمد لم يفز / له بجميل الذكر حد ومضرب
ولو لزم الطير الفلاة ووحشها / أماكنها ما صاد ناب ومخلب
وحسبي أن أصبحت جاراً لساحة / مكارمها بالوافدين ترحب
رأينا بيومي بأسه ونواله / على ضاع فيه حاتم و المهلب
إذا ما ذكرنا وقعة من حروبه / فيما يذكر الحيان بكر وتغلب
له معجزات في الشجاعة والندى / وسر عن الأبصار فيها مغيب
ترى كل رعديد الفؤاد وباخل / يصدقها ف ينفسه ويكذب
عُلى بهرت آياتها بطلائع / فهل في العُلى أيضاً نبي مقرب
تيقنت الأفرنج أنك إن ترد / دمارهم لم ينجهم منك مهرب
وخافتك إن لم تعطها الأمن منعماً / فجاءتك بالأسد الثرى تتغلب
وأهدوا رجال السلم آلة حربهم / ومن بعض ما أهدوا مجن ومقضب
وذلك فأل صادق إن عزهم / بسيفك يا سيف الهدى سوف يسلب
لك الرأي لم تلل ظباه ولم يُفل / إذا ظلت الآراء تطفو وترسب
وما شئت فاصنع راشداً في سؤالهم / فرأيك من رأي البرية أصوب
وعندك حزم لا يضيق نطاقه / وصدر من الدهناء أرخى وأرحب
أقول لمغتر بظاهر بشره / تيقظ فإن الماء يخفيه طحلب
ولا تركنن للبحر عند سكونه / وبادر فإن البحر إن هاج يعطب
وقد يبسم الضرغام وهو معبس / وقد يتلظى البرق والغيث يسكب
تباعد إذا أولاك قرباً ولم يزل / أخو الحزم من يخشى الملوك ويرهب
فلا تتصوره بصورة صاحب / فليس أبو شبلين غرثان يصحب
ولا تتسحب واثقاً بحيائه / فما ذلك إلا واثق يتسحب
مهدت لنا أكناف عز منيعة / على أنها من مرتقى النجم أعزب
وأسبلت أستار الحجاب مهابة / وذلك في بعض المواطن أهيب
ولكنك الشمس التي لا محلها / بدان ولا أنوارها قط تحجب
نراك وستر من جلالك حائل / فنحن حضور والبصائر غيب
وأكثر ما نلقاك حلماً ورحمة / إذا كان ذنب للعقوبة يوجب
قصدت ولكن فيك فضل بقية / يغالبها رأي العفاف فيغلب
تميل إذا ما كان في الأمر شبهة / إلى كل ما فيه من الله تقرب
فلا زلت للدنيا وللدين عصمة / وثغرهما من مأثراتك أشنب
أيحسب صرف الدهر أني عائبه
أيحسب صرف الدهر أني عائبه / على ما أتى من زلة وأعاتبه
وماذا عسى يجدي علي عتابه / وقد أنشبت في خلب قلبي مخالبه
مساعيك يهدي للنجاح طلابها
مساعيك يهدي للنجاح طلابها / وتحدى لإصلاح الفساد ركابها
لقد أسفرت عن غرة المجد سفرة / دنا بك من بعد الرحيل إيابها
قدمت فأقدمت الحياة لأنفس / يمنيك إن ضن السحاب سحابها
وأطلعت نور العدل في كل بلدة / جبينك إن غاب الشهاب شهابها
ترحل عنها مذ رحلت أنيسها / فبان عليها وحشها واكتئابها
وكانت رحاب الملك تشكو فراغها / فمذ أبت ضاقت بالوفود رحابها
وأضحت تحيي بالسجود كرامة / ويشفي شفه اللاثمين ترابها
ولله عزم كاملي وهيبة / نرى الدهر يرجو فضلها ويهابها
يفرق في أهل الوداد ثوابها / ويجمع في أهل العناد عقابها
وكم أمنت ثغر المخافة قبها / ولاحت به للوافدين قبابها
أفي كل يوم أنت مزج كتيبة / يسيل بها وهد الربى وشعابها
فيوماً إلى أرض الصعيد صعودها / ويوماً كما انصب الأتي انصبابها
ولما رمت بالأمس حي لواتة / أطاعك عاصيها وذلت صعابها
ولو أنها ما أعتبتك مطيعة / لكان بأطراف الوشيج عتابها
وأوطأتهم أيدي جياد متى ترد / لمعمورة كيداً أتاها خرابها
على صحف البيداء منها كتائب / سطور قناها في المصف كتابها
جياد عليها كاسمها من كماتها / فقد كرمت أعرابها وعرابها
عليها أسود تحمل الغاب من قنا / ومن عجب أن يصحب الأسد غابها
متى ما تخاصمها الخطوب فإنما / بألسنة الأغماد يتلى كتابها
لها حجب يوم الوغى من مثارها / وأبوابها في السلم سهل حجابها
إذا غضب الإسلام أرضاه بأسها / وما رضي الإسلام لولا غضابها
شفى غلة الدنيا شجاع بن شاور / إلى أن تجلى شكها وارتيابها
ولاذت بعطفيها المنيعين دولة / به عاد من بعد المشيب شبابها
تتيه بيوميه سماحاً ونجدة / ويزهو به محرابها وحرابها
وبالجانب الغربي جردت عزمة / يفل بها ظفر الأعادي ونابها
إذا ما بغتها همة كاملية / فقد ولغت بالأسد فيها ذئابها
هم فتحوها ثلمة في عصا العلى / ولولاك في شعبان ظل انشعابها
دعيت لها لما دعت آل شاور / فما شعرت إلا وأنت جوابها
فتحت على الهادي أبي الفتح بالظبى / وبالرأي قطريها وقد سد بابها
وسكنتها والسيف في الجفن نائم / ولولا حذار الضرب دام اضطرابها
تكفلتها عن حضرة شاورية / منابك عنها في الأمور منابها
ولو لم تناصب عن وزارة شاور / أعاديه لم يستقر نصابها
فلا غرو أن أفضى إليك نعيمها / وأفضى إلى شاني علاك عذابها
وأصبح مقسوماً بأمرك في الورى / ندى وردى شهد الليالي وصابها
وما نحن إلا روضة كاملية / أياديك يا رب السماح ربابها
وقد ظمئت آمالنا نحو مزنة / ذهاب القوافي أن يظن ذهابها
نعد لها الأوقات إذ كل مزنة / سواها سراب لا يرجى شرابها
وهذي قوافي الشعر يثنى عنانها / إليك وتلوى عن رحال رقابها
وما ذاك إلا أنها فيك لم تزل / تفوه بصدق لم يشبه كذابها
وهنيت عن شهر الصيام وظائفاً / من العمل المبرور يرجى ثوابها
صيام يزكيه قيام وخشية / رقيب عليها خوفها وارتقابها
وألطاف أفعال من الخير لم يثب / إلى أحد إلا إليك انتسابها
بقيت فإن الجود واليأس والعلى / قشور إذا عدت وأنت لبابها
أيا مالكاً تسمو به رتب العلى
أيا مالكاً تسمو به رتب العلى / وتعلو على زهر النجوم مراتبه
تمل بدست أنت بدر سمائه / وأبناؤك الغر الكرام كواكبه
وفي عودة الأصدى دليل سعادة / تبشر في الدنيا بما أنت طالبه
جواد أبى الله المهيمن أن يُرى / وشخص سوى بدر بن زريك راكبه
وما كنت أرضى عن علاك بذا الجفا
وما كنت أرضى عن علاك بذا الجفا / ولكنه من غاب غاب نصيبه
إذا لم يسالمك الزمان فحارب
إذا لم يسالمك الزمان فحارب / وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
إذا كان أصلي من تراب فكلها / بلادي وكل العالمين أقاربي
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما / تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدماً عرش بلقيس هدهد / وخرب فأر قبل ذا سد مارب
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز / عليه من الإنفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك / يكر علينا جيشه بالعجائب
وما راعني غدر الشباب لأنني / أنست بهذا الخلق من كل صاحب
وغدر الفتى في عهده ووفائه / وغدر المواضي في نبو المضارب
إذا كان هذا الدر معدنه فمي / فصونوه عن تقبيل راحة راهب
رأيت رجالاً أصبحت في مآدب / لديك وحالي وحدها في نوادب
تأخرت لما قدمتهم علاكم / علي وتأبى الأسد سبق الثعالب
ترى أين كانوا في مواطني التي / غدوت لكم فيهن أكرم نائب
ليالي أتلو ذكركم في مواقف / حديث الورى فيها بغمز الحواجب
أنادي من الإخوان غير مجيب
أنادي من الإخوان غير مجيب / وأمدح بالأشعار غير مثيب
وأقطع أياماً تقول همومها / لأنفاس نفسي كيف شئت فذوبي
ومستخبر ما بال حالك حالكاً / فقلت سقام لم يعن بطبيب
ولا خير في أسجاع من جاع بطنه / ولو أعربت يوماً بلحن عريب
ومن ألزم الإخوان ذنب زمانه / أتى بضلال في الزمان عجيب
أكلفهم ما لا يجوز كأنما / طرحت عليهم حصرماً بزبيب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025