المجموع : 9
تبسم في ليل الشباب مشيب
تبسم في ليل الشباب مشيب / فأصبح برد الهم وهو قشيب
وأنكرت ما قد كنتما تعرفانه / وقد يحضر الرشد الفتي ويغيب
ومن شارف الخمسين عاماً فإنه / وإن عاش بني الأهل فهو غريب
وما أبقت الدنيا علينا وإنما / سهام المنايا مخطئ ومصيب
على أن أنفاس الحياة شهية / وأرواحنا تغنى بها وتذوب
تجرعنا الأيام كأساً مريرة / وظاهرها يحلو لنا ويطيب
ونزري عليها جاهدين بألسن / تخالفها بالاعتقاد قلوب
كأن عقول الخلق سرب حمام / تحوم على أحواضها وتلوب
وكم ضاع تدبير الفتى وهو حازم / ومالت به الآمال وهو لبيب
وكم غره منها سراب بقيعة / تصدقه العينان وهو كذوب
ومن عاش في ظل القناعة لم يبل / جفاه عدو أو جفاه حبيب
خليلي قولا لليالي نيابة / ومازال خل المرء عنه ينوب
تغير بعد الصالح العيش فاغتدت / محاسن أيامي وهن عيوب
رضيت رضى المغلوب عن أخذ ثأره / ولي غضب في النائبات أديب
دعوتكم أن تصفوا من نفوسكم / فهل منكم عند الدعاء مجيب
وإلا فما عندي سوى الصبر قدرة / ألا إن صبر الصابرين قريب
وغيضت من زهر الدموع طوالعاً / لها في غروب المقلتين غروب
أيجدب خدي من ربيع مدامعي / وربعي من نعمى يديه خصيب
وتذهب عني لوعة الحزن والأسى / ولي جيئة في رزقه وذهوب
وأقصرت من ندبي له كل ساعة / وفي كبدي الحرى عليه ندوب
أينسى وفي العينين صورة وجه / ه الكريم وعهد الانتقال قريب
أراني إن حاولت نظم قصيدة / فلي غزل من ذكره ونسيب
يميل بي التشبيب نحو رثاته / كما مال طوعاً في القياد جنيب
وتجذبني أغراض وجدي ولوعتي / إليه وأغراض النفوس ضروب
فهل عنده أن الدخيل من الجوى / مقيم بقلبي ما أقام عسيب
وإن برقت سني لذكر حكاية / فإن فؤادي ماحييت كئيب
ولو أنصفت نعماك ما طعم الكرى / ولا باشرت لين المهاد جنوب
ولولا الحيا من دولة ناصرية / لما غفرت للنائبات ذنوب
طلعت طلوع الشمس والبدر غائب / فعفى طلوع ما جناه مغيب
وأقبلت الدنيا إليك تنصلاً / تقبل أذيال الثرى وتتوب
ولا منكر إن ثاب عازب رأيها / فقد تعزب الآراء ثم تثوب
وما زلت غفاراً لكل جريمة / تضيق باع الحلم وهو رحيب
لك الدهر عبد والملوك رعية / تعاقب قوماً تارة وتثيب
وهذا قميص لو سواك أراده / غدا وهو من ثوب الحياة سليب
وقطت بأطراف الرماح مطارف / عليه وغطت بالسيوف جيوب
أبت ذاك من أبناء زريك عصبة / صباح عدو صحبته عصيب
ملوك ترينا السلم والحرب كلما / تجلى جلوس عندهم وركوب
وأنت سنان في القناة التي هم / جميعاً أنابيب لها وكعوب
بك التأمت بعد انصداع شعوبهم / قبائل من آمالهم وشعوب
تحمل أثقال الوزارة عندهم / أغر بحد الحادثات لعوب
يرى غائب الأشياء حتى كأنما / تناجيه من فرط الذكاء غيوب
يروع قلوباً أو يروق نواظراً / بوجه كثير البشر وهو مهيب
يلين لنا طوراً ويصلب تارة / كذاك القنا يهتز وهو صليب
نهضت بهذا الأمر نهضة حازم / يسكن قلب الحزم وهو نهيب
وقام بتدبير الزمان وأهله / خبير بداء المعضلات طبيب
وسومتها ملمومة ناصرية / تكف جماح الدهر وهو شبوب
إذا شجرات الخط فيها تشاجرت / فليس لريح بينهن هبوب
يليق بك الملك العظيم لأنه / أخ لك من دون الورى ونسيب
تفرعتها من دولة صالحية / نما في العلى أصل لها وقضيب
وقد جمعت فيك السيادة كلها / وغصنك من ماء الشباب رطيب
فما شيمة للمجد إلا وقد غدا / لها منك حظ وافر ونصيب
سماحة كف لايزال نوالها / يعلم كف الغيث كيف تصوب
وهيبة بأس لو أذمت بنانها / لشرخ شباب لم يرعه مشيب
مددت بساط العدل حتى تصاحبت / بعدلك شاة في الفلاة وذيب
وباشرت أحكام المظالم حسبة / لك الله فيها بالثواب حسيب
تناهيت في الإنصاف والعدل فانتهت / عقارب من جور لهن دبيب
وساويت في ميزان عدلك بيننا / فخاف بريء واستقام مريب
وأوجبت فرض الحج بعد سقوطه / فأضحى له بعد السقوط وجوب
ويسرت قصد البيت من بعد عسرة / فضاقت بحار بالورى وسهوب
فللفلك في طامي البحار تحدر / وللعيس في بحر السراب رسوب
وكان لبيت الله في كل موسم / عويل على زواره ونحيب
ينادي ملوك الأرض شرقاً ومغرباً / ألا سامع يدعى به فيجيب
فلما أتت أيامك البيض لانقضت / وخطبتها للزمان خطوب
بذلت عن الوفد الحجيج تبرعاً / مواهب لم يسمح بهن وهوب
سبقت بها أهل العراق وغيرهم / وأنت إلى كسب الثواب وثوب
تركت بها في الأخشبين نضارة / وكان بوجه الأخشبين شحوب
وحطت به عن ذمة بن فليتة / وذمة أهل الأبطحين ذنوب
وأبقيتها وقفاً على البر خالصاً / وفي بر قوم خالص ومشوب
إذا جف عود الزرع فهي مريعة / وإن جف در الضرع فهي حلوب
وهنئت عاماً لو أعبر عبارة / غدا وهو مثلي في علاك خطيب
مقامك من فضل وفصل خطاب
مقامك من فضل وفصل خطاب / مقام هدى من سنة وكتاب
مقام له بيت النبوة منصب / ومن مستقر الوحي خير نصاب
إذا استدعنا باب رزق ورحمة / حططنا المنى منه بأوسع باب
وكل دعاء لم يشيع بذكره / فليس بمرفوع ولا بمجاب
ومن شرف الإخلاص أن وليه / يؤوب إلى طوبى وحسن مآب
محاسن مجد أعجزت كل حاسب / وفائض إحسان بغير حساب
ولما تراءت للهلال بصائر / يغطي الهوا أبصارها بضباب
وقفنا فهنأنا الصيام بعاضد / سناه مدى الأيام ليس بخاب
وأين سرار الدهر من ذي أسرة / نقيبته ليست بذات نقاب
إذا رفعوا يوم السلام حجابه / بدا لي من الإجلال خلف حجاب
يشف وراء الستر باهر نوره / كما شف بدر من وراء سحاب
ويكبر عن لفظ السلام وإنما / يحيا بتعفير ولثم تراب
وتتهم الأقوال فرط مهابة / وإن نحن لم ننطق بغير صواب
نبوة جد أحرزتها بنوة / لكم دون أعمام ودون صحاب
فما لقصي وهي منها قصية / تمالئ في ميراثكم وتحابي
فقل لرجال زاحموكم غباوة / على حقكم أو زاحموا بتغاب
سلوا آخر الأنفال من يستحقها / ففي آخر الأنفال خير جواب
أليس أولو الأرحام أولى ببعضهم / فلم تحجب القربى بغير قراب
ومذ طلعت من جانب الغرب شمسكم / أضاء بها في الأرض كل جناب
وآبت إليكم دولة علوية / أقرت علاكم عينها بإياب
وما هي إلا الرمح عاد سنانه / إليه وإلا السيف نحو قراب
وشيدت من مجد الخلافة ما وهي / بليلة محراب وليل حراب
وسجلين يأوي الأمر والنهي منهما / إلى مشرب عذب وسوط عذاب
وأطلعت فيه من بنيك كواكباً / جلوا من صدا الأيام كل خضاب
وفي كل قطر منهم لك كوكب / لكل رجيم منه رجم شهاب
وأيدك الرحمن بالكامل الذي / عمرت به الأيام بعد خراب
أمير الجيوش الحاسم الداء بعدما / مشى من أديم الملك تحت إهاب
أبي الفتح هادي كل داع إلى الهدى / بفيصل خطب أو بفضل خطاب
تضاحكه من كل ثغر فتوحه / كما أضحك الأحباب كأس حباب
وزير تمنته النوزارة أولاً / وثانية عفواً بغير طلاب
فخانته في الأولى بطانة وده / ورب حبيب في قميص حباب
وجاءته تبغي الصلح ثاني مرة / فلم يرض إلا بعد رب رقاب
وأنقذت مصراً من عدو بمثله / فلله من ظفر فللت وناب
صدمت جموع الشام والشام صدمة / أقمت بها للقوم سوق ضراب
وجندت في أجناد مصر عزائماً / مضاربها في الصخر غير نواب
تولوا عن الإفرنج فادح ثقلها / ودارت رحاهم منهم بهضاب
أقامت دروع الجند تسعين ليلة / ثياباً لهم ما بدلت بثياب
وهم بين مطروح هناك وطارح / وبين مصيب خصمه ومصاب
ومنك استفاد الجيش كل فضيلة / لأنك بحر مدهم بثغاب
ومنك لهم في كل هم ومطلب / تحمل أعباء وفيض عباب
ولما طرا كسر العمود جبرتهم / فيا طيب شهد بعد مطعم صاب
وف ينصرهم سارت بنوك مواكباً / إلى عرب الريفين فوق عراب
فوارس من آل المجير ترى لهم / سريرة غيب في ضراغم غاب
وسارت إليهم عزمة كاملية / ترد صعاب الدهر غير صعاب
فطاروا حذاراً من شجاع بن شاور / مطار عقاب لا مطار عُقاب
وغادرهم إما طريد تنوفة / سحوق وإما مغنماً لنهاب
فتى أصبحت أعمال مصر مضافة / إلى معقلي قب له وقباب
رديفك في متن الوزارة والعلى / وتاليك في صفر لها ولباب
وما لحتما في الدست إلا بدا لنا / وقار مشيب واعتزام شباب
وأحسنتما عون الإمام ونبتما / له في أمور الملك خير مناب
بقيتم فإني لا أريد زيادة / على حالتي من رفعة وثواب
هل القلب إلا مضغة تتقلب
هل القلب إلا مضغة تتقلب / له خاطر يرضى مراراً ويغضب
أم النفس إلا وهدة مطمئنة / تفيض ثغاب الهم منها وتنضب
فلا تلزمن الناس غير طباعهم / فتتعب من طول العتاب ويتعبوا
فإنك إن كشفتهم ربما انجلى / رمادهم عن جمرة لم تتلهب
فتاركهم ما تاركوك فإنهم / إلى الشر مذ كانوا من الخير أقرب
ولا تغترر منهم بحسن بشاشة / فأكثر إيماض البوارق خلب
واصغ إلى ماقلته تنتفع به / ولا تطرح نصحي فإني مجرب
فما تنكر الأيام معرفتي بها / ولا أنني أدرى بهن وأدرب
وإني لأقوام جذيل محكك / وإني لأقوام عذيق مرجب
عليم بما يرضي المروءة والتقى / خبير بما آتي وما أتجنب
حلبت أفاويق الزمان براحة / تدر بها أخلافه حين تحلب
وصاحبت هذا الدهر حتى لقد غدت / عجائبه من خبرتي تتعجب
ودوخت أقطار البلاد كأنني / إلى الريح أعزى أو إلى الخضر أنسب
وعاشرت أقواماً يزيدون كثرة / على الألف أو عد الحصى حين يحسب
فما راقني في روضهم قط مربع / ولا شافني من ودهم قط مشرب
تراني وإياهم فريقين كلنا / بما عنده من عزة النفس معجب
فعندهم دنيا وعندي فضيلة / ولاشك أن الفضل أعلى وأغلب
أناس مضى صدر من العمر عندهم / أصعد ظني فيهم وأصوب
رجوت بهم نيل الغنى فوجدته / كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
وكسل عزم المدح بعد نشاطه / ندى ذمه عندي من المدح أقرب
كأن القوافي حين تسعى لشكرهم / على الجمر تمشي أو على الشوك تسحب
أفوه بحق كلما رمت ذمهم / وما غير قول الحق لي قط مذهب
وأصدق إلا أن أريد مديحهم / فإني على حكم الضرورة أكذب
ولو علموا صدق المدائح فيهم / لكانت مساعيهم تهش وتطرب
ولكن دروا أن الذي جاء مادحاً / بغير الذي فيهم يسب ويثلب
ومازال هذا الأمر دأبي ودأبهم / أغالب لومي فيهم وهو أغلب
إلى أن أدالتني الليالي وأعتبت / وما خلتها بعد الإساءة تعتب
فهاجرت نحو الصالح الملك هجرة / غدت سبباً للأمن وهو المسبب
فمن مبلغ سعد العشيرة معشري / وشعباً بهم صدع النوائب يشعب
بأني قد أصبحت جاراً لأبلج / مدائحه من ريق المزن أعذب
يشجع آمال العفاة ابتسامه / وتجبه آساد الشرى حين يغضب
غفرت به ذنب الليالي التي مضت / وربتما يستوجب العفو مذنب
لئن شغفت غر القوافي بحبه / فكل امرئ يولي الجميل محبب
وإن عز مثواها وطال بقربه / فكل مكان ينبت العز طيب
وكم نبت الأوطان يوماً بأهلها / فأورثها عز الحياة التغرب
وهذا رسول الله فارق مكة / على جفوة لم ترضها فيه يثرب
ولولا فراق السيف للغمد لم يفز / له بجميل الذكر حد ومضرب
ولو لزم الطير الفلاة ووحشها / أماكنها ما صاد ناب ومخلب
وحسبي أن أصبحت جاراً لساحة / مكارمها بالوافدين ترحب
رأينا بيومي بأسه ونواله / على ضاع فيه حاتم و المهلب
إذا ما ذكرنا وقعة من حروبه / فيما يذكر الحيان بكر وتغلب
له معجزات في الشجاعة والندى / وسر عن الأبصار فيها مغيب
ترى كل رعديد الفؤاد وباخل / يصدقها ف ينفسه ويكذب
عُلى بهرت آياتها بطلائع / فهل في العُلى أيضاً نبي مقرب
تيقنت الأفرنج أنك إن ترد / دمارهم لم ينجهم منك مهرب
وخافتك إن لم تعطها الأمن منعماً / فجاءتك بالأسد الثرى تتغلب
وأهدوا رجال السلم آلة حربهم / ومن بعض ما أهدوا مجن ومقضب
وذلك فأل صادق إن عزهم / بسيفك يا سيف الهدى سوف يسلب
لك الرأي لم تلل ظباه ولم يُفل / إذا ظلت الآراء تطفو وترسب
وما شئت فاصنع راشداً في سؤالهم / فرأيك من رأي البرية أصوب
وعندك حزم لا يضيق نطاقه / وصدر من الدهناء أرخى وأرحب
أقول لمغتر بظاهر بشره / تيقظ فإن الماء يخفيه طحلب
ولا تركنن للبحر عند سكونه / وبادر فإن البحر إن هاج يعطب
وقد يبسم الضرغام وهو معبس / وقد يتلظى البرق والغيث يسكب
تباعد إذا أولاك قرباً ولم يزل / أخو الحزم من يخشى الملوك ويرهب
فلا تتصوره بصورة صاحب / فليس أبو شبلين غرثان يصحب
ولا تتسحب واثقاً بحيائه / فما ذلك إلا واثق يتسحب
مهدت لنا أكناف عز منيعة / على أنها من مرتقى النجم أعزب
وأسبلت أستار الحجاب مهابة / وذلك في بعض المواطن أهيب
ولكنك الشمس التي لا محلها / بدان ولا أنوارها قط تحجب
نراك وستر من جلالك حائل / فنحن حضور والبصائر غيب
وأكثر ما نلقاك حلماً ورحمة / إذا كان ذنب للعقوبة يوجب
قصدت ولكن فيك فضل بقية / يغالبها رأي العفاف فيغلب
تميل إذا ما كان في الأمر شبهة / إلى كل ما فيه من الله تقرب
فلا زلت للدنيا وللدين عصمة / وثغرهما من مأثراتك أشنب
أيحسب صرف الدهر أني عائبه
أيحسب صرف الدهر أني عائبه / على ما أتى من زلة وأعاتبه
وماذا عسى يجدي علي عتابه / وقد أنشبت في خلب قلبي مخالبه
مساعيك يهدي للنجاح طلابها
مساعيك يهدي للنجاح طلابها / وتحدى لإصلاح الفساد ركابها
لقد أسفرت عن غرة المجد سفرة / دنا بك من بعد الرحيل إيابها
قدمت فأقدمت الحياة لأنفس / يمنيك إن ضن السحاب سحابها
وأطلعت نور العدل في كل بلدة / جبينك إن غاب الشهاب شهابها
ترحل عنها مذ رحلت أنيسها / فبان عليها وحشها واكتئابها
وكانت رحاب الملك تشكو فراغها / فمذ أبت ضاقت بالوفود رحابها
وأضحت تحيي بالسجود كرامة / ويشفي شفه اللاثمين ترابها
ولله عزم كاملي وهيبة / نرى الدهر يرجو فضلها ويهابها
يفرق في أهل الوداد ثوابها / ويجمع في أهل العناد عقابها
وكم أمنت ثغر المخافة قبها / ولاحت به للوافدين قبابها
أفي كل يوم أنت مزج كتيبة / يسيل بها وهد الربى وشعابها
فيوماً إلى أرض الصعيد صعودها / ويوماً كما انصب الأتي انصبابها
ولما رمت بالأمس حي لواتة / أطاعك عاصيها وذلت صعابها
ولو أنها ما أعتبتك مطيعة / لكان بأطراف الوشيج عتابها
وأوطأتهم أيدي جياد متى ترد / لمعمورة كيداً أتاها خرابها
على صحف البيداء منها كتائب / سطور قناها في المصف كتابها
جياد عليها كاسمها من كماتها / فقد كرمت أعرابها وعرابها
عليها أسود تحمل الغاب من قنا / ومن عجب أن يصحب الأسد غابها
متى ما تخاصمها الخطوب فإنما / بألسنة الأغماد يتلى كتابها
لها حجب يوم الوغى من مثارها / وأبوابها في السلم سهل حجابها
إذا غضب الإسلام أرضاه بأسها / وما رضي الإسلام لولا غضابها
شفى غلة الدنيا شجاع بن شاور / إلى أن تجلى شكها وارتيابها
ولاذت بعطفيها المنيعين دولة / به عاد من بعد المشيب شبابها
تتيه بيوميه سماحاً ونجدة / ويزهو به محرابها وحرابها
وبالجانب الغربي جردت عزمة / يفل بها ظفر الأعادي ونابها
إذا ما بغتها همة كاملية / فقد ولغت بالأسد فيها ذئابها
هم فتحوها ثلمة في عصا العلى / ولولاك في شعبان ظل انشعابها
دعيت لها لما دعت آل شاور / فما شعرت إلا وأنت جوابها
فتحت على الهادي أبي الفتح بالظبى / وبالرأي قطريها وقد سد بابها
وسكنتها والسيف في الجفن نائم / ولولا حذار الضرب دام اضطرابها
تكفلتها عن حضرة شاورية / منابك عنها في الأمور منابها
ولو لم تناصب عن وزارة شاور / أعاديه لم يستقر نصابها
فلا غرو أن أفضى إليك نعيمها / وأفضى إلى شاني علاك عذابها
وأصبح مقسوماً بأمرك في الورى / ندى وردى شهد الليالي وصابها
وما نحن إلا روضة كاملية / أياديك يا رب السماح ربابها
وقد ظمئت آمالنا نحو مزنة / ذهاب القوافي أن يظن ذهابها
نعد لها الأوقات إذ كل مزنة / سواها سراب لا يرجى شرابها
وهذي قوافي الشعر يثنى عنانها / إليك وتلوى عن رحال رقابها
وما ذاك إلا أنها فيك لم تزل / تفوه بصدق لم يشبه كذابها
وهنيت عن شهر الصيام وظائفاً / من العمل المبرور يرجى ثوابها
صيام يزكيه قيام وخشية / رقيب عليها خوفها وارتقابها
وألطاف أفعال من الخير لم يثب / إلى أحد إلا إليك انتسابها
بقيت فإن الجود واليأس والعلى / قشور إذا عدت وأنت لبابها
أيا مالكاً تسمو به رتب العلى
أيا مالكاً تسمو به رتب العلى / وتعلو على زهر النجوم مراتبه
تمل بدست أنت بدر سمائه / وأبناؤك الغر الكرام كواكبه
وفي عودة الأصدى دليل سعادة / تبشر في الدنيا بما أنت طالبه
جواد أبى الله المهيمن أن يُرى / وشخص سوى بدر بن زريك راكبه
وما كنت أرضى عن علاك بذا الجفا
وما كنت أرضى عن علاك بذا الجفا / ولكنه من غاب غاب نصيبه
إذا لم يسالمك الزمان فحارب
إذا لم يسالمك الزمان فحارب / وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
إذا كان أصلي من تراب فكلها / بلادي وكل العالمين أقاربي
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما / تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدماً عرش بلقيس هدهد / وخرب فأر قبل ذا سد مارب
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز / عليه من الإنفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك / يكر علينا جيشه بالعجائب
وما راعني غدر الشباب لأنني / أنست بهذا الخلق من كل صاحب
وغدر الفتى في عهده ووفائه / وغدر المواضي في نبو المضارب
إذا كان هذا الدر معدنه فمي / فصونوه عن تقبيل راحة راهب
رأيت رجالاً أصبحت في مآدب / لديك وحالي وحدها في نوادب
تأخرت لما قدمتهم علاكم / علي وتأبى الأسد سبق الثعالب
ترى أين كانوا في مواطني التي / غدوت لكم فيهن أكرم نائب
ليالي أتلو ذكركم في مواقف / حديث الورى فيها بغمز الحواجب
أنادي من الإخوان غير مجيب
أنادي من الإخوان غير مجيب / وأمدح بالأشعار غير مثيب
وأقطع أياماً تقول همومها / لأنفاس نفسي كيف شئت فذوبي
ومستخبر ما بال حالك حالكاً / فقلت سقام لم يعن بطبيب
ولا خير في أسجاع من جاع بطنه / ولو أعربت يوماً بلحن عريب
ومن ألزم الإخوان ذنب زمانه / أتى بضلال في الزمان عجيب
أكلفهم ما لا يجوز كأنما / طرحت عليهم حصرماً بزبيب