المجموع : 9
رَأى البَرقَ شَرقِيّاً فَحَنَّ إِلى الشَرقِ
رَأى البَرقَ شَرقِيّاً فَحَنَّ إِلى الشَرقِ / وَلَو لاحَ غَربِيّاً لَحَنَّ إِلى الغَربِ
فَإِنَّ غَرامي بِالبُرَيقِ وَلَمحِهِ / وَلَيسَ غَرامي بِالأَماكِنِ وَالتُربِ
رَوَتهُ الصَبا عَنهُم حَديثاً مُعَنعناً / عَنِ البَثِّ عَن وَجدي عَنِ الحُزنِ عِن كَربي
عَنِ السُكرِ عَن عَقلي عَنِ الشَوقِ عَن جَوىً / عَنِ الدَمعِ عَن جَفني عَنِ النارِ عَن قَلبي
بِأَنَّ الَّذي تَهواهُ بَينَ ضُلوعِكُم / تُقَلِّبُهُ الأَنفاسُ جَنباً إِلى جَنبِ
فَقُلتُ لَها بَلِّغ إِليهِ بِأَنَّهُ / هُوَ الموقِدُ النارِ الَّتي داخِلَ القَلبِ
فَإِن كانَ إِطفاءٌ فَوَصلٌ مُخَلَّدٌ / وَإِن كانَ إِحراقٌ فَلا ذَنبَ لِلصَبِّ
لا تعترض فعله إن كنتَ ذا أدبٍ
لا تعترض فعله إن كنتَ ذا أدبٍ / واضمم إليك جناحَ السلم من رهبِ
وسلِّم الأمر ما لم تبد فاحشة / فإنْ بدتْ فاحذر التدريجَ في الهرب
ولا يغرنك أرواحٌ مخبّرة / من عند ربك إن السلم كالحرب
إنّ الذي قال إن الفعل مصدرُه / من قد درى منه كالشرك والكذب
فاهرب إلى فعله من فعله فإذا / ما غبتَ عن فعله فاحذر من السبب
إذا أنا بالقرعِ الشديدِ لبابه
إذا أنا بالقرعِ الشديدِ لبابه / وقد راضني إذ كنتُ حشواها به
فلا تك ممن لا يقوم لقرعه / فإن الذي تبغيه من خلفِ بابه
وهذا خلاف العرف في كل قارعٍ / وما كان هذا الأمر إلا لما به
من الشوق للمطلوب إذ جاء خارجاً / وسرَّ وجودُ الابِ عين حجابه
فأرسل إرسالاً إلى كلِّ شارد / يردُّونه عن وجهه وذهابه
إليه على كره وإنْ كان عالماً / بخير يراه منه عند إيابه
ووقع في توقيعهم كلَّ ما لهم / من الخير إن عادَ وابيض كتابه
وهم طالبوا ما قد دعاهم لنيله / وأين اقترابُ العبدِ من اغترابه
لقد أخطأوا نهجَ السلامةِ لو بقوا / على سيرهم لولا رجيمُ شِهابه
فأفزعهم رجمُ النجومِ أمامَهم / فحادوا إلى ما قاله في خطابه
وقد علموا أن السلامةَ في الذي / دعاهم إليه من أليم عُقابه
فيأخذ سَفلاً لا يريد فريةَ / ويذهل عن مطلوبه وصَحابه
ويأخذ الفكرُ الصحيحُ منبها / على منزلٍ لا أمنَ فيمن ثوى به
لا تعجلنّ فإنَّ الأمر حاصله / إليك مرجعه فانهض على قدرِ
واسلك سبيلَ إمامٍ جَلَّ مقصدُه / مصدِّق في الذي قد جاء من خبر
وخذ به خلفه في الحال مقتدياً / واركن إليه ولا تركن إلى النظر
واعلم بأنَّ ذوي الأفكار في عمه / فكن من الفكر يا هذا على حَذر
والعقلُ ليس له تقبيحُ ما قبحتْ / صفاتُه وله التحكيم في العِبَرِ
وما له ذلك التحكيم في عِبَرِ / إلا إذا كان في التحكيم ذا بصر
وليس يعرف سرَّ الله في القدر / إلا الذي علم الأعيانَ بالأثرِ
وما رأى أثر الأسماءِ في أحد / فقال في قبتيها هم على خطر
لا نعتَ اشرفُ من علمٍ يفوزُبه / يقولُ مَن فاته يا خيبةَ العمر
يمشي به آمناً فالعلمُ محفظةٌ / لمن يحصله من وقعةِ الغرر
إذا كنت قرآنا فقلبك ياسين
إذا كنت قرآنا فقلبك ياسين / وإنْ كنتَ فرقاناً فما لك من قلبِ
فإن وجودَ الحقِّ في قلبِ عبده / وما لك من قلبٍ فما لك من قلبِ
ألا إنه الله الغنيُّ بذاته / عن العالم الكونيّ أو عالمِ الحُجُبِ
فمن شاء فليسمعْ فإني قائلٌ / ومن شاء فلينطِق فحسْبُ الهوى حسبي
إذا كنتُ مفطوراً عليه بصورتي / فكيف يُضاف الجسمُ مني إلى الترب
لقد جاء في النص الجليِّ لذي حِجىً / حديثُ هبوطِ الحبلِ منه إلى الرب
لقد شرَّف الله الترابَ بكوننا / وشرَّفني بالتاجِ والقِرط والقلبِ
وأسمعني بالقرط وسواسَه كما / أجود تتويجِ المناشِر والكتب
أساعده بالقلبِ إذ كنتُ قائلاً / إلى الأثر العالي ولم أخش من عجب
إذا كان لي مثلٌ ومثلي فليسني / ولستُ له حزباً وما هو من حِزبي
إذا كان عين الحب ما ينتج الحب
إذا كان عين الحب ما ينتج الحب / فما ثَم من يهوى ولا مَن له حُبُّ
فإن التباسَ الأمر في ذاك بين / وقد ينتج البغضاءَ ما ينتج الحبُّ
ولكنه معنى لطيفٌ محققٌ / يقوم بسرِّ العبد يجهله القلبُ
لأنَّ له التقليب في كلِّ حالة / به فتراه حيثُ يحمله الركبُ
وذو الحب لم يبرحْ مع الحب ثابتاً / على كلِّ حال يرتضيها له الحب
فإنْ كان في وصل فذاك مرادُه / وإنْ كان في هجر فنارُ الهوى تخبو
شكورٌ لما يهواه منه حبيبُه / فليس له بُعدٌ وليس له قُربُ
ولكنه يهوى التقرُّبَ للذي / أتته به الآمالُ إذ تُسدل الحُجب
فيهوى شهودَ العين في كل نظرة / وما هو مستورٌ ويجهله الصَّب
فلو ذاقه علماً به وعلامة / له فيه لم يبرح له الأكلُ والشُّرب
ولكنه بالجهلِ خابت ظنونُه / فليس له فيما أفوه به شرب
فيطلبه من خارج وهو ذاته / وينتظر الإتيان إنْ جادتِ السُّحبُ
فلا خارجٌ عني ولا فيّ داخل / كذاتي من ذاتي كذا حكمه فاصبوا
إليه فلا علم سوى ما ذكرته / ولكنَّ صغير القومِ في بيته يحبو
فلو كان يمشي في الأمور منفذاً / لما كان يعميه عن إدراكه الذَّنب
تتابعت الأرسال من كلِّ جانبٍ
تتابعت الأرسال من كلِّ جانبٍ / فضاقت بما جاءت عليّ مذاهبي
سررتُ بها لما علمت وجودها / من الله ذي العَرشِ المجيد المطالبِ
بما كلف الإنسان مما أتت به / شرائعه والحقُّ عينُ المخاطب
سمعنا أجبنا طاعةً لإلهنا / وما الشان إلا في صَدوقٍ وكاذبِ
إذا جاءت الأملاك تحملُ عرشَه / وتعضدها أمثالها في السحائبِ
وتأتي بما يقضيه بين عباده / لينتصفَ المظلومُ من ظلم غاضبِ
تضلعتُ من شرب رويّ بلا شُربِ
تضلعتُ من شرب رويّ بلا شُربِ / كما أنني أشتهي إلى القلبِ من قلبي
فإنَّ لمقلوبي جمالاً يخصُّه / أهيم به وجداً على البعد والقربِ
أبيتُ أناجيه بنومي ممثلاً / وإني إذا استيقظتُ عدت إلى صحبي
فإنْ كان عن بَينٍ فشوقٌ مجدَّدٌ / وإنْ كان عن وصلٍ فحسبي إذا حسبي
فإنْ جادَ بالتمثيلِ في حالِ يقظتي / فذلك أحلى لي من المورِد العذبِ
إذا ما رأيتُ الدارَ أهوى دخولها / ولكن على الأبوابِ أردية أعجب
ومن خلفها البوّابُ يسمع وطأتي / فيغفل عني للذي بي من عُجْب
كعتبة يزهو بالعبودة عندما / تحقق فيها من مساكنةِ القُرب
هي الأمّ سماها ذَلولاً لخلقه / وقد أعرضت عني كإعراض ذي ذنب
حياءً وأعطتنا مناكبَ نظمها / فنمشي بها عن أمر خالقها الربِّ
إذا كان حالُ الأمِّ هذا فإنني / لأولى به منها إلى انقضا نحبي
تمنيتُ منه أنْ أكونَ بحالها / مع الله في عيشٍ هنيء بلا كَرب
فياتي وجودي للدعاوى بصورةٍ / تنزله مني كمنزلةِ الربِّ
وهيهاتِ أينَ الحقُّ من حالِ خلقه / بذا جاءتِ الأرسال منه مع الكتبِ
لقد أوردتْ نفسي حديثاً مُعنعناً / عن الرُّوحِ عن سري عنِ الله عنِ قلبي
بأنَّ وجودي عينه وهويتي / هويته فاركبْ على مركبٍ صَعب
فلم يبق فينا مفصَلٌ فيه قوّةٌ / أشاهدها وإلا وعينها ربي
فكيفَ لنا وقد صحَّ مُخلصٌ / ويعتبني وقتاً فأعجبُ من عتبي
وإنَّ له حدَّث المبرءُ نفسَه / دليلاً له فيما ذكرتُ من العُتْبِ
ألا إنني عبدٌ لمن أنا ربُّه / فضى بالذي قد قلته في الهوى حبي
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب / عليكَ اتكالي في جميعِ مطالبي
عليك اتكالي ثم أنت وسيلتي / إليك فحُل بيني وبين مطالبي
وكن عند ظني لا تخيبه إنه / من أكرمِ مطلوبٍ وأفقر طالبِ
لقد ترجم الإيمان عنكم بأنكم / ضمنتم لأمثالي جميع المطالب
ولولا وجودُ الربِّ لم تكن عيننا
ولولا وجودُ الربِّ لم تكن عيننا / ولولا وجودُ العبدِ ما عُرف الرب
فوقتا يكون الجسم والقلبُ انتم / ووقتا يكون الجسمُ والسيِّد القلبُ
فمجموعنا شخصٌ لذاك أتى به / وسمَّاه شخصاً مرسَلا من له القرب
أنا صورةٌ من صورةٍ لم تقم بنا / ولو أنها قامتْ لأدركني العجبُ
أنا سرُّه الفاني وسرُّ بقائه / كما هو لي تاجٌ وفي ساعدي قلبُ
كلفتُ بمن يدريه إذ كان عاشقي / وأظهر عشقي شهرةَ الحبِّ لا الحب
كذا قال شيخي لي شفاها وزادني / بأني بها المقتولُ والواله الصَّبُّ