أجارَتنا إن المزار قريبُ
أجارَتنا إن المزار قريبُ / وإنيّ مقيم ما أقام عَسيب
أجارتنا إنا غريبان ها هنا / وكل غريب للغريب نسيب
آهٍ وآه وما حُرقتيِ / شكوى لكنها غضبةٌ للأسد
يا قسوةَ الدنيا ويا غِدرَها / لم تظلما مثليَ يوماً أحد
أتذكر لما كنت تبكى محاولاً / نكوصى فهل بالدهر قد كنت أخبرا
ولكنني لم أرض إلاّ تَوَثبُّيِ / دليلاً وجابهتُ الشدائدَ قَسوراَ
بكى صاحبي لما رأى الدربَ دونه / وأيقن أنَّا لاحقانِ بقيصرَا
فقلتُ له لا تبك عينك إنما / نحاول مُلكاً أو نموتَ فَنعذَرَا
يا قروُحي أما شبعتِ / فجسمي يتلظَّى ولم يَعد بعدُ غَضَّا
ساقطاً كالنثير من قطعِ النج / مِ وقد ذاب ساقطُ النجم ومضا
ليس لحماً ولا دماً بل ضياءَ / ورجاءً طرحتهِ اليوم أرضا
يا قُروحي لا ترحمي يا قُروحي / إن أَعِيش كالتراب ضَيماً وخفضا
ليس روحي ليس جسمي من الدنيا / ومنها وَدَدتُ لو كنتُ أُنضىَ
تُرَى هذه الانغامُ ألحانَ ساحرٍ / طوى حِقبَ الأدهار براً بآمالي
وهل ذلك الطيرُ المغِّردُ شيعةٌ / تمُّت إليه لحنها بعضُ إعوالِ
أهذا شُعوري أم وساوسُ ميتٍ / وهذا عِياني أم هواجُس بلبالي
ولو أنني أسعى لأدنى معيشةٍ / كفاني ولم اطلب قليلٌ من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثلٍ / وقد يُدرك المجدَ المؤثَّلَ أمثالي
عَفا اللاتُ عن طيرٍ أحُّب نشيَدها / ولو كان سُحراً بي لعجزي وإهمالي
ويا ما أُحيلاَها على أي حالةٍ / وما حَفلت يوما بملكٍ وأوجال
كأنَّ قلوبَ الطير رطباً ويابساً / لدى وكرِها العناب والحشفُ البالي
ونادمتُ قيصرَ في مُلكه / فأوجهني وركبتُ البريدَا
اذا ما ازدحمنا على سكةٍ / سبقتُ الفرَانِقَ سبقاً بعيدَا
وقد طَّوفتُ في الآفاق حتى / رضيتُ من الغنيمةِ بالايابِ
فيا شمس النهار ألا سبيلٌ / لما تدرين من حيلِ الظلامِ
لكم حاربتهِ حرباً عَوَاناً / وكان يفُّر منكِ بلا احتشامِ
فهل سيغولني إن غبت عني / أنا النجمُ المحطمُ في الرغام
أجيبني أجيبيني فإنيِّ / أُعاني من قُروحي ما أُعاني
وان شمخت على الآلامِ نفسيِ / وِملءُ شموخها أبقىَ المعاني
أُعانيها واكتمها كأني / أمينٌ حافظٌ سِرَّ الزمان
ويا هذي النوافحُ من شُعاعٍ / ويا هذى الرواقصُ من دَوالي
ويا هذي الأزاهُر من بناتٍ / مُنعَّمةٍ منوّعةِ الجمالِ
ويا هذي النسائمُ باسماتٍ / طَبعنَ ثغورهَّن على خيالي
أَأَنتن الشفاءُ أتى حبيباً / يُعزِّيني وقد سمع ابتهاليِ
أَمضَى النهارُ وفاتني من شمسة / ذاك العلُّو على السماءِ تَلالا
وكذاك عمري ما رأى إصباحَه / أضفي وِمن وَهَجِ الظهيرةِ نالا
تَبعَ الأصيلُ هَوَى الصباح ولم أَنَل / مجداً تألقَ في السماءِ وطالا
إضحكي يا قُروحي / وَلتعضِّى أَديمي
اضحكي من نُزوجي / في غرور النسيم
ضاع عمري هباءَ / مثلما ضاعَ مُلكي
ما دَرَى من أساءَ / لو دَرَى كان يبكي
وَهَجُ الظهيرةِ لم أره / وكذاكَ مجدي لم أره
كل الذي حولي مما / تٌ باسمٌ في مقبره
ما أحقرَ الدنيا لمن / رفع الحياةَ عن الشَّرَه
فآهِ آه يا قلبي جحيمٌ / جحيمٌ كل جسمي لا يخفَ
وحولي للربيع من المجاني / مَشارِعُ لا تضُّن ولا تجفَ
وأين يدٌ لتطفئَ بي ظمائي / وأينَ الغانياتُ له تَرِف
أيها الأضواء فوق ال / عشبِ يا صفو الرحيق
أنعشين أنا كالمخمو / ر غُّر لا أفيق
أسكرتني سوَرةُ ال / حمَّى فأضُللتُ الطريق
يا ليت شعري أسقمى / عن غدر قيصرَ يُنبي
أذاكَ سُمُّ دفينٌ / يُحسُّه خَفقُ قلبي
ماذا أُحلتَّكَ التي أهديتها / كانت ملوَّثةً بسم قاهر
يا بئسَ قيصرَ إن يكن إعجازُهُ / تدويخَ مُعتربٍ وقتلةَ شاعر
إنّا بنو الافلاك ليس يحُّدنَا / وَهمُ الزمانِ ولا الوجودِ العاثرِ
نبني الشرائع بالعواطفِ وحدَها / ونعافُ أحكامَ القضاءِ الدائرِ
يا حياتي آذَانَ اللي / لُ بإطفاء سِراجي
ها هي الشمسُ تُحي / يني وقدحانَ زَمَاعِى
ها هي الآلامُ قد خَّفت / وإن كانت تُدَاجى
ها هي الأرضُ بَدَت / تَبتل من نثرِ الدَّماعِ
قد بكت لي وبُكاءُ ال / أرضِ أُمي كابتهاجي
فإليها أنا ماضٍ / وتباريحي وَدَاعي
من تُرَى ذلك الذي شَطَّ في النَّقش / ونفضِ الأصباغ فوقَ السماء
هل دمائي هذى نعم بل دمائي / أهرقت في قروحي الرمضاء
ولكنَ الظلامَ أراه يعدو / إلىَّ فهلَ تَخَّوف من ذهابي
تَمهَّل أيَّها الجاني تمهَّل / فللحمَّى سلاسلُ لا تُحابي
وضَعفي مُرغمي وَعثارُ قلبي / كما عَثرَ الصغيرُ على انتحابِ
وأنتِ يا نجوم / نوافذُ الغيوب
ما سِرُّكِ المكتوم / أنكبه القلوب
تَبدينَ كالعيون / لكاسرِ الغيلان
وخاطري المجنون / يرنو لها سكران
وأنتِ يا نجوم /