أقول دمىً وهيَ الحسانُ الرّعابيبُ
أقول دمىً وهيَ الحسانُ الرّعابيبُ / ومن دونِ أستارِ القِبابِ محَاريبُ
نَوىً أبْعَدَتْ طائيّةً ومزارَها / ألا كلُّ طائيٍّ إلى القلْبِ محْبوب
سَلوا طَيِّءَ الأجبال أينَ خِيامُها / وما أجَأٌ إلاّ حِصانٌ ويعبوب
هُمُ جَنَبوا ذا القلبَ طَوعَ قيادهم / وقد يشهدُ الطِّرْفُ الوغى وهو مجنوب
وهم جاوزوا طلح الشواجن والغضا / تخبّ بهم جُرْدُ اللقاءِ السراحيب
قِبابٌ وأحبابٌ وجُلهَمَةُ العِدى / وخَيلٌ عِرابٌ فوقَهنّ أعاريب
إذا لم أذُدْ عن ذلك الماء وِردَهمْ / وإنْ حَنّ وُرّادٌ كما حنّتِ النِّيب
فلا حَمَلتْ بِيضَ السيوفِ قوائِمٌ / ولا صَحِبَتْ سُمْرَ الرماحِ أنابيب
وهل يَرِدُ الغَيْرانُ ماءً وَرَدْتُهُ / إذا وَرَدَ الضّرْغامُ لم يَلِغِ الذئب
وعهدي بهِ والعيشُ مثلُ جِمامهِ / نميرٌ بماءِ الوَردِ والمسكِ مقطوب
وما تفْتأُ الحسناءُ تُهدي خَيالَها / ومن دونِها إسْآد خمسٍ وتأويب
وما رَاعَني إلاّ ابنُ وَرقاءَ هاتِفٌ / بعينَيْهِ جَمرٌ من ضلوعيَ مشبوب
وقد أنكَرَ الدّوْحَ الذي يستظلّه / وسحّتْ له الأغصانُ وهي أهاضيب
وحَثَّ جَناحَيْهِ ليخْطَفَ قَلبَه / عِشاءً سذانيقُ الدجى وهو غِربيب
ألا أيّها الباكي على غيرِ أيْكهِ / كِلانا فريدٌ بالسماوَةِ مَغلوب
فُؤادُكَ خفّاقٌ ووكْرُكَ نازحٌ / وروضُكَ مطلولٌ وبانُكَ مهضوب
هَلُمّ على أنّي أقِيكَ بأضْلُعي / فأملِكُ دَمعي عنْك وَهْو شآبيب
تُكِنُّكَ لي مَوْشِيّةٌ عبقريّةٌ / كَريشِكَ إلاّ أنّهُنّ جَلابيب
فلا شَدْوَ إلاّ من رَنينِكَ شائِقٌ / ولا دَمعَ إلاّ من جفونيَ مسكوب
ولا مَدْحَ إلاّ للمعِزّ حقِيقَةً / يُفصَّلُ دُرّاً والمديحُ أساليب
نِجارٌ على البيتِ الإماميّ مُعْتَلٍ / وحكمٌ إلى العدلِ الربوبيّ منسوب
يصلّي عليه أصفر القدح صائب / وعوجاء مرنانٌ وجرداء سرحوب
وأسمرُ عَرّاصُ الكعوب مثقَّفٌ / وأبيضُ مشقوقُ العقيقة مخشوب
لأسيافهِ من بُدْنِه وعُصاته / نجيعان مُهراقٌ عَبيطٌ ومصبوب
فإنْ تكُ حرْبٌ فالمفارِقُ والطُّلى / وإن يكُ سِلمٌ فالشوى والعراقيب
أعِزّةُ مَن يُحْذَى النعالَ أذِلّةٌ / له ومُلوكُ العالَمينَ قراضيب
وما هو إلاّ أن يشيرَ بلَحْظِهِ / فتَمخُر فُلكٌ أو تُغِذّ مقانيب
فلا قارعٌ إلاّ القنا السُّمرُ بالقنا / إذا قُرِعَتْ للحادثاتِ الظّنابيب
ولم أرَ زَوّاراً كسيفك للعِدى / فهل عند هام الرّومِ أهلٌ وترحيب
إذا ذكروا آثارَ سيفك فيهمُ / فلا القَطر معدودٌ ولا الرّمل محسوب
وفيما اصطلوا من حرّ بأسك واعظٌ / وفيما أُذيقوا من عذابكَ تأديب
ولكنْ لعلّ الجاثليقَ يَغُرُّه / على حَلَبٍ نَهْبٌ هنالكَ مَنهوب
وثغْرٌ بأطرافِ الشآمِ مضَيَّعٌ / وتفريقُ أهواءٍ مِراضٍ وتخريب
وما كلُّ ثغْرٍ ممكِنٌ فيه فرصَةٌ / ولا كلّ ماءٍ بالجدالةِ مَشروب
ومِن دون شِعْبٍ أنتَ حاميه معرَكٌ / وبيءٌ وتصْعيدٌ كَريهٌ وتصويب
وصَعْقٌ بُركْنِ الأفقِ وابنُ طهارة / يَذُبُّ عن الفرقانِ بالتاجِ معصوب
وجُرْدٌ عناجيجٌ وبِيضٌ صوارِمٌ / وصُيّابةٌ مُرْدٌ وكُرّامةٌ شِيب
وسُفْنٌ إذا ما خاضتِ اليمّ زاخراً / جلَتْ عن بياض النصر وهي غرابيب
تُشَبُّ لها حمراءُ قانٍ أُوارها / سَبوحٌ لها ذيلٌ على الماء مسحوب
لَقيتَ بني مروانَ جانبَ ثَغْرِهمْ / وحظُّهمُ من ذاك خُسرٌ وتتْبيب
وعارٌ بقومٍ أن أعدّوا سوابحاً / صُفُوناً بها عن نصرَةِ الدين تنكيب
وقد عجزوا في ثغرِهمْ عن عدوّهمْ / بحيث تجول المُقرَبات اليعابيب
وجيْشُكَ يعْتاد الهِرَقْلَ بسيفه / ومن دونهِ اليمُّ الغُطامطُ واللُّوب
يُخضْخِضُ هذا الموجَ حتى عُبابه / إذا التجّ من هام البطاريق مخضوب
فمأثور ذكرِ المجد فيها مُفَضَّضٌ / وفوقَ حديدِ الهندِ منهُنّ تذهيب
ومن عجبٍ أن تشجُرَ الرومُ بالقنا / فتوطَأ أغمارٌ وهضْبٌ شناخيب
ونَومُ بني العبّاس فوقَ جُنوبهم / ولا نَصْرَ إلاّ قيْنَةٌ وأكاويب
وأنتَ كَلوءُ الدهرِ لا الطرفُ هاجعٌ / ولا العزمُ مرْدوعٌ ولا الجأش منخوب
همُ أهلُ جرّاها وأنتَ ابنُ حربِها / ففي القرب تبعيدٌ وفي البعد تقريب
ولا عجَبٌ والثّغْرُ ثغرُك كلّه / وأنتَ وليُّ الثّأرِ والثّأرُ مطلوب
وأنتَ نِظامُ الدّينِ وابنُ نَبيّهِ / وذو الأمرِ مدعُوٌّ إليه فمَندوب
سيجلو دُجى الدين الحنيفِ سُرادقٌ / من الشمس فوق البّر والبحر مضروب
وعزْمٌ يُظِلُّ الخافقين كأنّه / على أُفُقِ الدّنْيا بِناءٌ وتطنيب
ويُسْلِمُ أرمِينِيّةً وذَواتِها / صَليبٌ لنُصْحِ الأرمنيّينَ منصوب
وحسْبيَ مما كانَ أو هو كائنٌ / دليلان عِلمٌ بالإله وتَجريب
ولم تخترِقْ سجْفَ الغيوبِ هواجسي / ولكنّه مَن حاربَ اللّهَ محروب
وأعلَمُ أنّ اللّهَ مُنجِزُ وعْدِهِ / فلا القولُ مأفوكٌ ولا الوعدُ مكذوب
وأنتَ مَعَدٌّ وارثُ الأرض كلّها / فقد حُمّ مقدورٌ وقد خُطّ مكتوب
وللّه عِلْمٌ ليس يُحجَب دونَكم / ولكنّه عن سائر الناس محجوب
ألا إنّما أسماؤكم حَقُّ مِثلِكم / وكلُّ الذي تُسمى البريّةُ تلقيب
إذا ما مَدحناكم تضَوّعَ بيننا / وبينَ القوافي من مَكارمكم طيب
فإن أكُ مَحسوداً على حُرّ مَدحكم / فغَيرُ نَكيرٍ في الزمان الأعاجيب
أراني إذا ما قلت بيتاً تنَكّرَتْ / وجوهٌ كما غَشّى الصّحائفَ تتريب
أفي كلّ عصرٍ قلتُ فيه قصيدةً / عليّ لأهلِ الجهلِ لوْمٌ وتَثريب
وما غاظ حُسّادي سوى الصدق وحده / وما من سَجايا مِثليَ الإفكُ والحُوب
وما قصدُ مثلي في القَصيد ضراعَةٌ / ولا من خِلالي فيه حِرْصٌ وترغيب
أرى أعيُناً خُزْراً إليّ وإنّما / دليلا نفوسِ الناس بِشرٌ وتقطيب
أبِنْ موضِعي فيهم ليفخرَ غالبٌ / يَبِينُ بسيماه ويُدْحَرَ مغلوب
وقد أكثروا فاحكُم حكومةَ فيصَلٍ / ليُعرَفَ رَبٌّ في القريض ومرْبوب
فمدحُك مفروضٌ وحكمُك مرتضىً / وهديُك مرغوبٌ وسخطُك مرهوب
وذِكرُكَ تَقديسٌ وأنتَ دلالَةٌ / وحُبُّك تصديقٌ وبُغضُك تكذيب
ألا إنّما الدّنيا رِضاكَ لعاقِلٍ / وإلاّ فإنّ العيشَ هَمٌّ وتَعذيب
وإنْ طالَ عمرٌ في نَعيمٍ وغِبطَةٍ / فما هوَ إلاّ من يَمينكَ موْهوب