المجموع : 4
لَمَحتُ جَلالَ العيدِ وَالقَومُ هُيَّبُ
لَمَحتُ جَلالَ العيدِ وَالقَومُ هُيَّبُ / فَعَلَّمَني آيَ العُلا كَيفَ تُكتَبُ
وَمَثَّلَ لي عَرشَ الخِلافَةِ خاطِري / فَأَرهَبَ قَلبي وَالجَلالَةُ تُرهِبُ
سَلوا الفَلَكَ الدَوّارَ هَل لاحَ كَوكَبٌ / عَلى مِثلِ هَذا العَرشِ أَو راحَ كَوكَبُ
وَهَل أَشرَقَت شَمسٌ عَلى مِثلِ ساحَةٍ / إِلى ذَلِكَ البَيتِ الحَميدِيِّ تُنسَبُ
وَهَل قَرَّ في بُرجِ السُعودِ مُتَوَّجٌ / كَما قَرَّ في يَلديزَ ذاكَ المُعَصَّبُ
تَجَلّى عَلى عَرشِ الجَلالِ وَتاجُهُ / يَهِشُّ وَأَعوادُ السَريرِ تُرَحِّبُ
سَما فَوقَهُ وَالشَرقُ جَذلانُ شَيِّقٌ / لِطَلعَتِهِ وَالغَربُ خَذلانُ يَرقُبُ
فَقامَ بِأَمرِ اللَهِ حَتّى تَرَعرَعَت / بِهِ دَوحَةُ الإِسلامِ وَالشِركُ مُجدِبُ
وَقَرَّبَ بَينَ المَسجِدَينِ تَقَرُّباً / إِلى المَلِكِ الأَعلى فَنِعمَ المُقَرَّبُ
وَكَم حاوَلوا في الأَرضِ إِطفاءَ نورِهِ / وَإِطفاءُ نورِ الشَمسِ مِن ذاكَ أَقرَبُ
فَراعَهُمُ مِنهُ بِجَيشٍ مُدَجَّجٍ / لَهُ في سَبيلِ اللَهِ وَالحَقِّ مَذهَبُ
يُداني شُخوصَ المَوتِ حَتّى كَأَنَّما / لَهُ بَينَ أَظفارِ المَنِيَّةِ مَطلَبُ
إِذا ثارَ في يَومِ الوَغى مالَ مَنكِبٌ / مِنَ الأَرضِ وَالأَطوادِ وَاِنهالَ مَنكِبُ
لَهُ مِن رُؤوسِ الشُمِّ في البَرِّ مَركَبٌ / وَمِن ثائِرِ الأَمواجِ في البَحرِ مَركَبُ
فِدىً لَكَ يا عَبدَ الحَميدِ عِصابَةٌ / عَصَت أَمرَ باريها وَحِزبٌ مُذَبذَبُ
مَلَكتَ عَلَيهِم كُلَّ فَجٍّ وَلُجَّةٍ / فَلَيسَ لَهُم في البَرِّ وَالبَحرِ مَهرَبُ
تَقاذَفُهُم أَيدي اللَيالي كَأَنَّهُم / بِها مَثَلٌ لِلناسِ في القَومِ يُضرَبُ
وَكَم سَأَلوها لَثمَ أَذيالِكَ الَّتي / لَها فَوقَ أَجرامِ السَمَواتِ مَسحَبُ
فَما بَلَغوا سُؤلاً وَلا بَلَغوا مُنىً / كَذَلِكَ يَشقى الخائِنُ المُتَقَلِّبُ
فَيا صاحِبَ العيدَينِ لا زِلتَ سالِماً / يُهَنّيكَ بِالعيدَينِ شَرقٌ وَمَغرِبُ
فَفي كُلِّ رَوضٍ مِنكَ طيبٌ وَنَضرَةٌ / وَفي كُلِّ أَرضٍ مِنكَ عيدٌ وَمَوكِبُ
أَرى مِصرَ وَالأَنوارُ مِنها مُوَرَّدٌ / وَمِنها لُجَينِيٌّ وَمِنها مُذَهَّبُ
وَأَشكالُها شَتّى فَهَذا مُنَظَّمٌ / وَذَلِكَ مَنثورٌ وَذاكَ مُقَبَّبُ
وَبَعضٌ تَجَلّى في مَصابيحَ زَيتُها / يُضيءُ وَلا نارٌ وَبَعضٌ مُكَهرَبُ
وَأَنظُرُ في بُستانِها النَجمَ مُشرِقاً / فَهَل أَنتَ يا بُستانُ أُفقٌ مُكَوكَبُ
وَأَسمَعُ في الدُنيا دُعاءً بِنَصرِهِ / يُرَدِّدُهُ البَيتُ العَتيقُ وَيَثرِبُ
أَيُحصي مَعانيكَ القَريضُ المُهَذَّبُ
أَيُحصي مَعانيكَ القَريضُ المُهَذَّبُ / عَلى أَنَّ صَدرَ الشِعرِ لِلمَدحِ أَرحَبُ
لَقَد مَكَّنَ الرَحمَنُ في الأَرضِ دَولَةً / لِعُثمانَ لا تَعفو وَلا تَتَشَعَّبُ
بَناها فَظَنَّتها الدَراري مَنازِلاً / لِبَدرِ الدُجى تُبنى وَلِلسَعدِ تُنصَبُ
وَقامَ رِجالٌ بِالإِمامَةِ بَعدَهُ / فَزادوا عَلى ذاكَ البِناءِ وَطَنَّبوا
وَرَدّوا عَلى الإِسلامِ عَهدَ شَبابِهِ / وَمَدّوا لَهُ جاهاً يُرَجّى وَيُرهَبُ
أُسودٌ عَلى البُسفورِ تَحمي عَرينَها / وَتَرعى نِيامَ الشَرقِ وَالغَربُ يَرقُبُ
لَها وَثَباتٌ تَحتَ ظِلِّ هِلالِها / كَما مَرَّ سَهمٌ أَو كَما اِنقَضَّ كَوكَبُ
إِذا راعَها مَسٌّ مِنَ الضَيمِ خِلتَها / كَمَن راعَهُ بِالمَسِّ سِلكٌ مُكَهرَبُ
وَإِن هَزَّها ذاكَ الهِلالُ لِحادِثٍ / رَأَيتَ قَضاءَ اللَهِ يَمشي وَيَركَبُ
إِذا ضاءَتِ الأَحسابُ يَوماً لِمُعرِقٍ / فَعُثمانُ خَيرُ الفاتِحينَ لَهُم أَبُ
وَإِن تاهَ بِالأَبناءِ وَالبَأسِ والِدٌ / فَأَولى الوَرى بِالتيهِ ذاكَ المُعَصَّبُ
فَهَذا سُلَيمانٌ وَقانونُ عَدلِهِ / عَلى صَفَحاتِ الدَهرِ بِالتِبرِ يُكتَبُ
وَذاكَ الَّذي أَجرى السَفينَ عَلى الثَرى / وَسارَ لَهُ في البَرِّ وَالبَحرِ مَركَبُ
عَلى بابِهِ العالي هُناكَ تَأَلَّقَت / سُطورٌ لِأَقلامِ الجَلالَةِ تُنسَبُ
هُنا فَاِخفِضوا الأَبصارَ عَرشُ مُحَمَّدٍ / هُنا الفاتِحُ الغازي الكَمِيُّ المُدَرَّبُ
وَما كانَ مِن عَبدِ المَجيدِ إِذِ اِحتَمى / بِأَكنافِهِ كوشوطُ وَالخَطبُ غَيهَبُ
يُناديهِمُ أَمّا نَزيلي فَدونَهُ / حَيّاتي وَأَمّا صارِمي فَمُشَطَّبُ
فَإِن كانَتِ الحُسنى فَإِنّي سَماؤُها / وَإِن كانَتِ الأُخرى فَشُدّوا وَجَرِّبوا
كَذَلِكَ كانوا يَستَقِرّونَ في الذُرا / وَأَعداؤُهُم في الغَربِ تَشقى وَتُنكَبُ
فَكَم طَلَبوا مِنهُم أَماناً فَأَمَّنوا / وَأَمسى لَهُم في الشَرقِ مَسرىً وَمَسرَبُ
فَكانَ أَمانَ القَومِ وَالشَرقُ مَشرِقٌ / فَأَضحى اِمتِيازَ القَومِ وَالشَرقُ مَغرِبُ
يَقولونَ في هَذي الرُبوعِ تَعَصُّبٌ / وَأَيُّ مَكانٍ لَيسَ فيهِ تَعَصُّبُ
فَيا شَرقُ إِنَّ الغَربَ إِن لانَ أَو قَسا / فَفيهِ مِنَ الصَهباءِ طَبعٌ مُذَوَّبُ
فَخِف بَأسَها في الرَأسِ وَالرَأسُ يَصطَلي / وَخِف ضَعفَها في الكَأسِ وَالكَأسُ تُطرِبُ
وَيا غَربُ إِنَّ الدَهرَ يَطفو بِأَهلِهِ / وَيَطويهِ تَيّارُ القَضاءِ فَيَرسُبُ
أَراكَ مَقَرَّ الطامِعينَ كَأَنَّما / عَلى كُلِّ عَرشٍ مِن عُروشِكَ أَشعَبُ
أَجَل هَذِهِ أَعلامُهُ وَمَواكِبُه
أَجَل هَذِهِ أَعلامُهُ وَمَواكِبُه / هَنيئاً لَهُم فَليَسحَبِ الذَيلَ ساحِبُه
هَنيئاً لَهُم فَالكَونُ في يَومِ عيدِهِم / مَشارِقُهُ وَضّاءَةٌ وَمَغارِبُه
رَعى اللَهُ شَعباً جَمَّعَ العَدلُ شَملَهُ / وَتَمَّت عَلى عَهدِ الرَشادِ رَغائِبُه
تَحالَفَ في ظِلِّ الهِلالِ إِمامُهُ / وَحاخامُهُ بَعدَ الخِلافِ وَراهِبُه
خُذوا بِيَدِ الإِصلاحِ وَالأَمرُ مُقبِلٌ / فَإِنّي أَرى الإِصلاحَ قَد طَرَّ شارِبُه
وَرُدّوا عَلى المُلكِ الشَبابَ الَّذي ذَوى / فَإِنّي رَأَيتُ المُلكَ شابَت ذَوائِبُه
فَمَن يَطلُبُ الدُستورَ بِالسوءِ بَعدَ ما / حَمَتهُ يَدُ الفاروقِ فَاللَهُ طالِبُه
إِذا شَوكَتُ الفاروقُ قامَ مُنادِياً / إِلى الحَقِّ لَبّاهُ نِيازي وَصاحِبُه
ثَلاثَةُ آسادٍ يُجانِبُها الرَدى / وَإِن هِيَ لاقاها الرَدى لا تُجانِبُه
يُصارِعُها صَرفُ المَنونِ فَتَلتَقي / مَخالِبُها فيهِ وَتَنبو مَخالِبُه
رَوَت قَولَ بَشّارٍ فَثارَت وَأَقسَمَت / وَقامَت إِلى عَبدِ الحَميدِ تُحاسِبُه
إِذا المَلِكُ الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ / مَشَينا إِلَيهِ بِالسُيوفِ نُعاتِبُه
وَسارَ عَلى أَعقابِها كُلُّ سابِحٍ / عَلى مَتنِهِ بُرجٌ مَشيدٌ يُداعِبُه
يَصيحُ بِهِ لا رِيَّ أَو نَبلُغَ المُنى / وَلا شِبَعٌ أَو يُرجِعَ الحَقَّ غاصِبُه
هُنالِكَ فَاِنهَل وَاِتَّخِذ ثَمَّ مَربَطاً / بِيَلدِزَ وَاِحمَد في الوَغى مَن تُصاحِبُه
رِجالٌ مِنَ الإيمانِ مَلأى نُفوسُهُم / وَجَيشٌ مِنَ الأَتراكِ ظَمأى قَواضِبُه
صَوالِجُهُ سُمرُ القَنا وَكُراتُهُ / رُؤوسُ الأَعادي وَالحُصونُ مَلاعِبُه
إِذا ثارَ دُكَّت أَجبُلٌ وَتَخَشَّعَت / بِحارٌ وَأَمضى اللَهُ ما هُوَ كاتِبُه
وَثُلَّت عُروشٌ وَاِستَقَرَّت مَمالِكٌ / وَلَو أَنَّ ذا القَرنَينِ فيها يُناصِبُه
فَمَن لَم يُشاهِد يَلدِزاً بَعدَ رَبِّها / وَقَد زالَ عَنهُ المُلكُ وَاِندَكَّ جانِبُه
وَأَسلَمَهُ أَحبابُهُ لِقُضاتِهِ / وَفَرَّ وَلَم يَخشَ المَعَرَّةَ كاتِبُه
وَقَلَّمَتِ الأَقدارُ أَظفارَ بَطشِهِ / وَدَلَّ عَلى ما تَجهَلُ الجِنُّ حاجِبُه
فَما شَهِدَ الدُنيا تَزولُ وَلا رَأى / بَلاءَ قَضاءِ اللَهِ فيمَن يُحارِبُه
أُبيحَ حِماها وَاِنطَوى مَجدُ رَبِّها / وَقامَت عَلى البَيتِ الحَميدي نَوادِبُه
وَلَم يُغنِ عَن عَبدِ الحَميدِ دَهاؤُهُ / وَلا عَصَمَت عَبدَ الحَميدِ تَجارِبُه
وَلَم يَحمِهِ حِصنٌ وَلَم تَرِم دونَهُ / دَنانيرُهُ وَالأَمرُ بِالأَمرِ حازِبُه
وَلَم يُخفِهِ عَن أَعيُنِ الحَقِّ مِخدَعٌ / وَلا نَفَقٌ في الأَرضِ جَمٌّ مَسارِبُه
أَقامَ عَلَيهِ مَهلَكاً عِندَ مَهلَكٍ / يَمُرُّ بِهِ رَوحُ الصَبا فَيُواثِبُه
تَحاماهُ حَتّى الوَهمُ خَوفَ اِغتِيالِهِ / فَلَو مَسَّهُ طَيفٌ لَدارَت لَوالِبُه
وَأَسرَفَ في حُبِّ الحَياةِ فَحاطَها / بِسورٍ مِنَ الأَهوالِ لَم يَنجُ راكِبُه
فَفي كُلِّ قُفلٍ لِلمَنِيَّةِ مَكمَنٌ / وَفي كُلِّ مِفتاحٍ قَضاءٌ يُراقِبُه
وَفي كُلِّ رُكنٍ صورَةٌ لَو تَكَلَّمَت / لَما شَكَّ في عَبدِ الحَميدِ مُخاطِبُه
تَماثيلُ إيهامٍ أُنيمَت وَأُقعِدَت / تَراءى بِها أَعطافُهُ وَمَناكِبُه
تُمَثِّلُهُ في نَومِهِ وَجُلوسِهِ / وَتَخدَعُ فيهِ المَوتَ حينَ يُقارِبُه
أَقامَ عَلَيهِ أَلفَ مَوتٍ مُحَجَّبٍ / لِيَغلِبَ مَوتاً واحِداً عَزَّ غالِبُه
سَلوهُ أَأَغنَت عَنهُ في يَومِ خَلعِهِ / عَجائِبُهُ أَو أَحرَزَتهُ غَرائِبُه
وَقَد نَزَلَ المِقدارُ بِالأَمرِ صادِعاً / فَضاقَت عَلى شَيخِ المُلوكِ مَذاهِبُه
وَأَخرَجَهُ مِن يَلدِزٍ رَبُّ يَلدِزٍ / وَجَرَّدَهُ مِن سَيفِ عُثمانَ واهِبُه
وَأَصبَحَ في مَنفاهُ وَالجَيشُ دونَهُ / يُغالِبُ ذِكرى مُلكِهِ وَتُغالِبُه
يُناديهِ صَوتُ الحَقِّ ذُق ما أَذَقتَهُم / فَكُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِما هُوَ كاسِبُه
هُمُ مَنَحوكَ اليَومَ ما أَنتَ مُشتَهٍ / فَرُدَّ لَهُم بِالأَمسِ ما أَنتَ سالِبُه
وَدَع عَنكَ ما أَمَّلتَ إِن كُنتَ حازِماً / فَلَم يَبقَ لِلآمالِ فَضلٌ تُجاذِبُه
مَضى عَهدُ الاِستِبدادِ وَاِندَكَّ صَرحُهُ / وَوَلَّت أَفاعيهِ وَماتَت عَقارِبُه
لَكَ اللَهُ يا تَمّوزُ إِنَّكَ بَلسَمٌ / لِجَرحى الأَسى وَالدَهرُ تَعدو نَوائِبُه
فَكَم رُعتَ جَبّاراً وَأَرهَقتَ ظالِماً / وَأَنصَفتَ مَظلوماً تَوالَت مَصائِبُه
فَدَيناكَ مِن شَهرٍ أَغَرٍّ مُحَجَّلٍ / أَوائِلُهُ مَيمونَةٌ وَعَواقِبُه
تُقابِلُهُ الأَعيادُ في الأَرضِ كُلَّما / تَجَلّى هِلالُ الشَهرِ أَو لاحَ حاجِبُه
فَفي الغَربِ عيدٌ يَنظِمُ الغَربُ حُسنَهُ / فَتَهتَزُّ مِن وَقعِ السُرورِ جَوانِبُه
وَفي الشَرقِ عيدٌ لَم يَرَ الشَرقُ مِثلَهُ / تَدَفَّقُ في دارِ السَلامِ مَواكِبُه
يُطيفونَ بِالعَرشِ الكَريمِ وَرَبُّهُ / تُطيفُ بِهِم آلاؤُهُ وَمَناقِبُه
لِتَهنَئ أَميرَ المُؤمِنينَ مُحَمَّداً / خِلافَتُهُ فَالعَرشُ سَعدٌ كَواكِبُه
سَتَملِكُ أَمواجَ البِحارِ سَفينُهُ / كَما مَلَكَت شُمَّ الجِبالِ كَتائِبُه
مَمالِكُهُ مَحروسَةٌ وَثُغورُهُ / رَكائِبُهُ مَنصورَةٌ وَمَراكِبُه
هُنا رَجُلُ الدُنيا مَهبِطُ التُقى
هُنا رَجُلُ الدُنيا مَهبِطُ التُقى / هُنا خَيرُ مَظلومٍ هُنا خَيرُ كاتِبِ
قِفوا وَاِقرَؤوا أُمَّ الكِتابِ وَسَلِّموا / عَلَيهِ فَهَذا القَبرُ قَبرُ الكَواكِبي