المجموع : 3
نفوس المنايا بالمنايا تشعب
نفوس المنايا بالمنايا تشعب / وكل له من مذهب الموت مذهب
نُراعُ لذكرِ الموتِ ساعةَ ذِكرِهِ / وتعترضُ الدنيا فلنهُو ونلعبُ
وآجالُنا في كلِ يومٍ وليلةٍ / الينا على غِرّاتِنا تتقَرَّبُ
أأيقنَ أنَّ الشيبَ ينعى حياتَه / مُدِرٌّ لأخلافِ الحطيئةِ مُذنِبُ
يقينٌ كأنَّ الشكَّ أغلبُ أمرِهِ / عليه وعرفانٌ الى الجهلِ يُنسَبُ
وقد ذَمّتِ الدنيا اليّ نعيمَها / وخاطبني أعجامُها وهو مُعرِبُ
ولكنَّني منها خُلِقت لغَيرها / وما كنتُ منه فهو عندي مُحَبّبُ
تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ
تكلَّمَ بالوحيِ البَنَانُ المُخَضَّبُ / وللّهِ شكوى مُعجِمٍ كيفَ يُعرِبُ
أإيماءُ أطرافِ البَنانِ وَوَجههَا / أبانا له كيفَ الضَمير المُغيَّبُ
وقد كان حُسنُ الظنِ أنجبَ مرّةً / فأحَمدَ عُقبَى أمرِه المُتَعَقِّبُ
فلمّا تَدَبرتُ الظنونَ مُراقباً / تقلّبَ حاليها إذا هيَ تكذِبُ
بدأتَ بأحسانٍ فلمّا شكرتُه / تنكّرتَ لي حَتّى كأنِّيَ مُذنِبُ
وكُلُّ فتىً يَلقى الخطوبَ بعزِمِه / لَهُ مَذهَبٌ عمّن له عَنهُ مذهَبُ
وهل يصرعُ الحبُّ الكريمَ وقلبهُ / عليمٌ بما يأتي وما يتجَنّبُ
تأنيتُ حتّى أوضحَ العلمُ أنني / مع الدهر يَوماً مُصعِدٌ ومُصَوّبُ
وألحقتُ أعجازَ الأمور صدورها / وقَوَّمها غَمزُ القِداحِ المقَلِّبُ
وأيقنتُ أنَّ اليأسَ للعِرضِ صائنٌ / وأن سوفَ أغضَي للقَذَى حينَ أرغبُ
أغادرتني بينَ الظنونِ مُمَيّزاً / شَواكل أمرٍ بينهُنّ مُجَرِّبُ
يُقرّبني مَن كنتُ أصفيكَ دونَه / بوُدّي وتَنأى بِي فلا أَتَقَرّبُ
فللّه حَظّي منكَ كيفَ أضاعَه / سُلُوُّكَ عنيّ والأمورُ تَقَلّبُ
أبعدكَ أستَسقِي بَوارقَ مُزنَةٍ / وان جادَ هطّالٌ من المُزنِ هَيدَبُ
إذا ما رأيتُ البرقَ أغضيتُ دونَه / وقلتُ إذا ما لاحَ ذا البرقُ خُلّبُ
وإن سَنَحَت لي فُرصةٌ لم أسامِها / وأعرضتُ عنها خوفَ ما أترقَّبُ
تَأدّبتُ عن حُسنِ الرجاءِ فلن أرى / أعودُ له إِنّ الزمانَ مُؤدِّبُ
عليمٌ بأعقابِ الأمورِ كأنما
عليمٌ بأعقابِ الأمورِ كأنما / تخاطِبُه من كلِ أمرٍ عواقِبُه