المجموع : 71
نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا
نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا / أَمانِيَّ يَفنى العُمرُ مِن قَبلِ أَن تَفنى
مَتى تَنقَضي حاجاتُ مَن لَيسَ واصِلاً / إِلى حاجَةٍ حَتّى تَكونَ لَهُ أُخرى
لِكُلِّ امرِئٍ فيما قَضى اللَهُ خُطَّةٌ / مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى
وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ / لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى
وَكَلَّفتَني ما حُلتَ بَيني وَبَينَهُ
وَكَلَّفتَني ما حُلتَ بَيني وَبَينَهُ / وَقُلتُ سَأَبغي ما تُريدُ وَما تَهوى
فَلَو كانَ لي قَلبانِ كَلَّفتُ واحِداً / هَواكَ وَكَلَّفتُ الخَلِيَّ لِما يَهوى
نَموتُ وَنُنسى غَيرَ أَنَّ ذُنوبَنا
نَموتُ وَنُنسى غَيرَ أَنَّ ذُنوبَنا / وَإِن نَحنُ مِتنا لا تَموتُ وَلا تُنسى
أَلا رُبَّ ذي عَينَينِ لا تَنفَعانِهِ / وَهَل تَنفَعُ العَينانِ مَن قَلبُهُ أَعمى
شَجاني وَأَبلاني تَذَكُّرُ مَن أَهوى
شَجاني وَأَبلاني تَذَكُّرُ مَن أَهوى / وَأَلبَسَني ثَوباً مِنَ الضُرِّ وَالبَلوى
يَدُلُّ عَلى مافي الضَميرِ مِنَ الفَتى / تَقَلُّبُ عَينَيهِ إِلى شَخصِ مَن يَهوى
وَما كُلُّ مَن يَهوى هَوىً هُوَ صادِقٌ / أَخو الحُبِّ نِضوٌ لا يَموتُ وَلا يَحيا
خَطَبنا إِلى الدَهقانِ بَعضَ بَناتِهِ / فَزَوَّجَنا مِنهُنَّ في خِدرِهِ الكُبرى
وَمازالَ يُغلي مَهرَها وَيَزيدُهُ / إِلى أَن بَلَغنا مِنهُ غايَتَهُ القُصوى
رَحيقاً أَبوها الماءُ وَالكَرمُ أُمُّها / وَحاضِنُها حَرُّ الهَجيرِ إِذا يُحمى
لِساكِنِها دَنٌّ بِهِ القارُ مُشعَرٌ / إِذا بَرَزَت مِنهُ فَلَيسَ لَها مَثوى
يَهوديَّةُ الأَنسابِ مُسلِمَةُ القُرى / شَآمِيَّةُ المَغدى عِراقِيَّةُ المَنشا
مَجوسِيَّةٌ قَد فارَقَت أَهلَ دينِها / لِبِغضَتِها النارَ الَّتي عِندَهُم تُذكى
رَأَت عِندَنا ضَوءَ السِراجِ فَراعَها / فَما سَكَنَت حَتّى أَمَرنا بِهِ يُطفى
وَبَينا نَراها في النَدامى أَسيرَةً / إِذِ اندَفَعَت فيهُم فَصاروا لَها أَسرى
إِذا أَصبَحَت أَهدَت إِلى الشَمسِ سَجدَةً / وَتَسجُدُ أُخرى حينَ تَسجُدُ لِلمَسرى
أُميتَت بِلَذّاتِ الكُؤوسِ نُفوسُهُم / فَأَنفُسُهُم أَحيا وَأَجسادُهُم مَوتى
وَساقٍ غَريرِ الطَرفِ وَالدَلِّ فاتِنٍ / رَبيبِ مُلوكٍ كانَ والِدُهُم كِسرى
حَثَثنا مُغَنّينا عَلى شُربِ كَأسِهِ / فَتُدرِكُهُ كَأسٌ وَفي كَفِّهِ أَخرى
فَأَمسَكَ ما في كَفِّهِ بِشِمالِهِ / وَأَوما إِلى الساقي لِيَسقِيَ بِاليُمنى
فَشَبَّهتُ كَأسَيهِ بِكَفِّيهِ إِذ بَدا / سَراجينِ في مِحرابِ قَسٍّ إِذا صَلّى
أَديرا عَليَّ الكَأسَ تَنكَشِفِ البَلوى / وَتَلتَذُّ عَيني طيبَ رائِحَةِ الدُنيا
عُقاراً كَأَنَّ البَرقَ في لَمَعانِها / تَجَلّى لِأَبصارٍ فَكادَت بِهِ تَعمى
إِذا ما عَلاها الماءُ خِلتُ حَبابَها / تَفاريقَ دُرٍّ في جَوانِبِها شَتّى
فَتَزدادُ عِندَ المَزجِ طيباً كَأَنَّها / إِشارَةُ مَن تَهوى إِلى كُلِّ ما تَهوى
فَديتُكَ جِسمي كانَ أَحمَلَ لِلشَكوى
فَديتُكَ جِسمي كانَ أَحمَلَ لِلشَكوى / وَكانَ عَلَيها مِنكَ يا سَيِّدي أَقوى
فَدَيتُكَ لَم أَنصِفكَ إِذ أَنتَ لابِسٌ / شِعاراً مِنَ الحُمّى وَلَم أَلبِسِ الحُمّى
فَدَيتُكَ لَو أَنَّ الَّذي بِكَ يُفتَدى / بِدُنيايَ لَم أَذخَركَ شَيئاً مِنَ الدُنيا
وَكَم مِن قَتيلٍ لا يُباءُ بِهِ دَمٌ
وَكَم مِن قَتيلٍ لا يُباءُ بِهِ دَمٌ / وَمِن غَلِقٍ رَهناً إِذا ضَمَّهُ مِنى
وَمِن مالِئٍ عَينَيهِ مِن شَيءِ غَيرِهِ / إِذا راحَ نَحوَ الجَمرَةِ البيضُ كَالدُمى
يُسَحِّبنَ أَذيالَ المُروطِ بِأَسوُقٍ / خِدالٍ وَأَعجازٍ مَآكِمُها رِوى
أَوانِسُ يَسلُبنَ الحَليمَ فُؤادَهُ / فَيا طولَ ما شَوقٍ وَيا حُسنَ مُجتَلى
مَعَ اللَيلِ قَصراً رَميُها بِأَكُفِّها / ثَلاثَ أَسابيعٍ تُعَدُّ مِنَ الحَصى
فَلَم أَرَ كَالتَجميرِ مَنظَرَ ناظِرٍ / وَلا كَلَيالي الحَجِّ أَفلَتنَ ذا هَوى
عَجِبتُ لِرَكبٍ فَرَّحَتهُم مُليحَةٌ
عَجِبتُ لِرَكبٍ فَرَّحَتهُم مُليحَةٌ / تَأَلَّقُ مِن بَينِ الذَنابينِ فَاِلمِعا
فَلَم نَأتِها حَتّى لَعَنّا مَكانَها / وَحَتّى اِشتَفى مِن نَومِهِ صاحِبُ الكَرى
فَلَمّا أَتَينا مَن عَلى النارِ أَقبَلَت / إِلَينا وُجوهُ المُصطَلينَ ذَوي اللَحى
فَلَمّا نَزَلنا وَاِختَلَطنا بِأَهلِها / بَكوا وَاِشتَكَينا أَيَّ ساعَةَ مُشتَكى
تَشَكّوا وَقالوا لا تَلُمنا فَإِنَّنا / أُناسٌ حَرامِيّونَ لَيسَ لَنا فَتى
وَقالوا أَلا هَل مِن فَتىً مِثلَ غالِبٍ / وَأَيّايَ بِالمَعروفِ قائِلُهُم عَنى
وَوَسطَ رِحالِ القَومِ بازِلُ عامِها / جَرَنبَذَةُ الأَسفارِ هَمّاسَةُ السُرى
فَلَمّا تَصَفَّحتُ الرِكابَ اِتَّقَت بِها / أُريدُ بَقِيّاتِ العَرائِكِ في الذُرى
أَقولُ وَقَد قَضَيتُ بِالسَيفِ ساقَها / حِرامَ بنِ كَعبٍ لا مَذَمَّةَ في القِرى
فَباتَ لِأَصحابي وَأَربابِ مَنزِلي / وَأَضيافِهِم رِسلٌ وَدِفءٌ وَمُشتَوى
أَرَى حُمُراً تَرعَى وَتُعلَفُ ما تَهوى
أَرَى حُمُراً تَرعَى وَتُعلَفُ ما تَهوى / وَأُسداً جِياعاً تَظمَأُ الدَّهرَ لا تُروى
وَأَشرافَ قَومٍ لا يَنالونَ قوتَهُم / وَقَوماً لِئاماً تَأكُلُ المَنَّ وَالسَلوى
قَضاءٌ لِدَيّانِ الخَلائِقِ سابِقٌ / وَلَيسَ عَلى مُرِّ القَضا أَحَدٌ يَقوى
فَمَن عَرَفَ الدَهرَ الخَؤونَ وَصَرفَهُ / تَصَبَّرَ لِلبَلوى وَلَم يُظهِرِ الشَكوى
بَني عَمِّنا الأَدنَينِ مِن آلِ طالِبٍ
بَني عَمِّنا الأَدنَينِ مِن آلِ طالِبٍ / تَعالَوا إِلى الأَدنى وَعودوا إِلى الحُسنى
أَلَيسَ بَنو العَبّاسِ صِنوَ أَبيكُمُ / وَمَوضِعَ نَجواهُ وَصاحِبَهُ الأَدنى
وَأَعطاكُمُ المَأمونُ عَهدَ خِلافَةٍ / لَنا حَقُّها لَكِنَّهُ جادَ بِالدُنيا
لِيُعلِمَكُم أَنَّ الَّتي قَد حَرَصتُمُ / عَلَيها وَغودِرتُم عَلى أَثرِها صَرعى
يَسيرٌ عَلَيهِ فَقدُها غَيرُ مُكثِرٍ / كَما يَنبَغي لِلصالِحينَ ذَوي التَقوى
فَماتَ الرِضى مِن بَعدِ ما قَد عَلِمتُمُ / وَلا ذَت بِنا مِن بَعدِهِ مَرَّةً أُخرى
وَعادَت إِلَينا مِثلَ ما عادَ عاشِقٌ / إِلى وَطَنٍ فيهِ لَهُ كُلُّ ما يَهوى
دَعَونا وَدُنيانا الَّتي كَلِفَت بِنا / كَما قَد تَرَكناكُم وَدُنياكُمُ الأولى
تَغضَبُ مَن أَهوى فَما أَسمَحَ الدُنيا
تَغضَبُ مَن أَهوى فَما أَسمَحَ الدُنيا / وَلَستُ مِنَ الأَمواتِ فيها وَلا أَحيا
أَلا لَيتَ فاها مَشرَبٌ لي وَلَيتَني / أُقيمُ عَلَيهِ لا أُنَحّى وَلا أُروى
قَطَعتَ عُرى وُدّي وَخُنتَ أَمانَتي
قَطَعتَ عُرى وُدّي وَخُنتَ أَمانَتي / وَأَبدَيتَ لي عَتباً وَلَم تَقبَلِ العُتبى
فَيا رُبَّ لَيلٍ لا يُرَجّى صَباحُهُ / تَحَمَّلتُ فيهِ ما كَرِهتُ كَما تَهوى
فَيا حَسرَتي إِن رَدَّ كَفَّيَ مانِعٌ / فَقَصَّرَها عَمّا تُحِبُّ مِنَ الدُنيا
وَما بُغيَتي في مِنَّةٍ لي أَنالُها / وَأَبلُغُها إِلّا نَظَرتُ إِلى أُخرى
إذا ما دعوتَ الشيخَ شيخاً هجوتَهُ
إذا ما دعوتَ الشيخَ شيخاً هجوتَهُ / وحسبكَ مدحاً للفتى قولُ يا فتى
عَجِبتُ مِنَ السارينَ وَالريحُ قَرَّةٌ
عَجِبتُ مِنَ السارينَ وَالريحُ قَرَّةٌ / إِلى ضَوءِ نارٍ بَينَ فَردَةَ وَالرَحى
إِلى ضَوءِ نارٍ يَشتَوي القِدَّ أَهلُها / وَقَد يُكرَمُ الأَضيافُ وَالقِدُّ يُشتَوى
فَلَمّا أَتَونا فَاِشتَكَينا إِلَيهِمُ / بَكَوا وَكِلا الحَيَّينِ مِمّا بِهِ بَكى
بَكى مُعوِزٌ مِن أَن يُلامَ وَطارِقٌ / يَشُدُّ مِنَ الجوعِ الإِزارَ عَلى الحَشا
فَأَلطَفتُ عَيني هَل أَرى مِن سَمينَةٍ / وَوَطَّنتُ نَفسي لِلغَرامَةِ وَالقِرى
فَأَبصَرتُها كَوماءَ ذاتَ عَريكَةٍ / هِجاناً مِنَ اللاتي تَمَتَّعنَ بِالصُوى
فَأَومَأتُ إيماءً خَفِيّاً لِحَبتَرٍ / وَلِلَّهِ عَينا حَبتَرٍ أَيُّما فَتى
وَقُلتُ لَهُ أَلصِق بِأَيبَسِ ساقِها / فَإِن يَجبُرِ العُرقوبُ لا يَرقَإِ النَسا
فَأَعجَبَني مِن حَبتَرٍ أَنَّ حَبتَراً / مَضى غَيرَ مَنكوبٍ وَمُنصُلَهُ اِنتَضى
كَأَنّي وَقَد أَشبَعتُهُم مِن سَنامِها / جَلَوتُ غِطاءً عَن فُؤادِيَ فَاِنجَلى
فَبِتنا وَباتَت قِدرُنا ذاتَ هِزَّةٍ / لَنا قَبلَ ما فيها شِواءٌ وَمُصطَلى
وَأَصبَحَ راعينا بُرَيمَةُ عِندَنا / بِسِتّينَ أَنقَتها الأَخِلَّةُ وَالخَلا
فَقُلتُ لِرَبِّ النابِ خُذها ثَنِيَّةً / وَنابٌ عَلَينا مِثلُ نابِكَ في الحَيا
يُشَبُّ لِرَكبٍ مِنهُمُ مِن وَرائِهِم / فَكُلُّهُمُ أَمسى إِلى ضَوئها سَرى
رَأَت عِندَنا ضَوءَ السِراجِ فَراعَها
رَأَت عِندَنا ضَوءَ السِراجِ فَراعَها / فَما سَكَنَت حَتّى أَمَرنا بِهِ يُطفى
فَبَينا نَراها في النَدامى أَسيرَةً / لَهُم إِذا أَمالَتهُم فَصاروا لَها أَسرى
إِلى اللَهُ أَشكو إِنَّهُ مَوضِعُ الشَكوى
إِلى اللَهُ أَشكو إِنَّهُ مَوضِعُ الشَكوى / فَقَد صَدَّ عَنّي بِالمَوَدَّةِ مَن أَهوى
لَعَمري لَأَهلُ العِشقِ فيما يُصيبُهُم / أَحَقُّ بِأَن يُبكى عَلَيهِم مِنَ المَوتى
يُميتُ الهَوى قَوماً فَيَلقَونَ راحَةً / مِنَ الضُرِّ وَالجُهدِ المُبَرِّحِ وَالبَلوى
وَيحيا بِهِ قَومٌ أَصابوا هَواهُمُ / وَقَد صِرتُ فيهِم لا أَموتُ وَلا أَحيا
وَإِنّي لَأَشقى الخَلقِ إِن دامَ ما أَرى / وَلَم يُسعِدِ الوَصلُ المُؤَمَّلُ في الدُنيا
أَلا إِنَّ شَمسَ الأَرضِ فيما يُقالُ لي / تَمَشَّت عَلى شَمسٍ فَطوبى لَها طوبى
فَقولي لَها يا شَمسُ عَنِّيَ ما الَّذي / يَسُرُّكِ في قَتلي أَما لَكِ مِن بُقيا
تَصُدّينَ عَنّي أَن شَكَوتُ صَبابَتي / وَلَو تَفهَمُ الأُخرى تَحَمَّلَتِ الأُخرى
يَدُلُّ عَلى ما بِالمُحِبِّ مِنَ الهَوى
يَدُلُّ عَلى ما بِالمُحِبِّ مِنَ الهَوى / تَقَلَبُ عَينَيهِ إِلى شَخصِ مَن يَهوى
وَإِن أَضمَرَ الحُبَّ الَّذي في فُؤَادِهِ / فَإِنَّ الَّذي في العَينِ وَالوَجهِ لا يَخفى
حَلَفتُ بِمَسراها بِحَربَةَ بُزَّلا
حَلَفتُ بِمَسراها بِحَربَةَ بُزَّلا / سِراعاً تَعُدُّ الحَزنَ مِن مَرَحٍ سَهلا
نَواحِلَ أَمثالَ القِسِيِّ نَواجِياً / كَما فَوَّقَ الرامي إِلى غَرَضٍ نَصلا
حَوامِلَ شُعثاً في الرِحالِ سِواهُمُ / لِغَيرِ قِلاً ما فارَقوا الدارَ وَالأَهلا
أُذِلَّت لَهُم في طاعَةِ اللَهِ أَنفُسٌ / كَرائِمُ لا يَعرِفنَ بُؤساً وَلا ذُلا
يَؤُمّونَ في أَعلامِ مَكَّةَ مَوقِفاً / يَحُطّونَ مِن وَقرِ الذُنوبِ بِها ثِقَلا
يَسوقُهُمُ مِن نَحوِ طَيبَةَ تُربَةٌ / تُساقُ لَها الأَملاكُ في المَلَإِ الأَعلى
يَميناً لَقَد أَحيا بِجودِ يَمينِهِ / لَنا عَضُدُ الدينِ السَماحَةَ وَالبَذلا
وَما زالَتِ الأَيّامُ تَظلِمُ أَهلَها / فَعَلَّمَها مِن حُسنِ سيرَتِهِ العَدلا
فَأَمَّ نَداهُ الرَكبُ مِن كُلِّ وُجهَةٍ / فَيوضِحُ مِن أَنوارِهِ لَهُمُ السُبلا
وَفى لَهُمُ بِالخِصبِ قَبلَ لِقائِهِ / فَما وَطِئوا في وَطأَةٍ بَلَداً مَحلا
إِذا صافَحَت أَرضاً سَنابِكُ خَيلِهِ / تَمَنّى الأَعادي أَن يَكونَ لَهُم كُحلا
كَفاكَ العِدى نَصرٌ مِنَ اللَهِ عاجِلٌ / خَفِيٌّ وَما أَعمَلتَ رَأياً وَلا نَصلا
وَقَد كانَ حُلواً أَن يُذيقَهُمُ الرَدى / وَلَكِن مُفاجاةُ القَضاءِ لَهُم أَحلى
لِيَهنِ نِظامَ الدينِ سابِغُ نِعمَةٍ / رَآهُ أَميرُ المُؤمِنينَ لَها أَهلا
هَدايا أَتَت مِن خَيرِ خَلقٍ وَوَصلَةٌ / أُتيحَت وَلَم تَخطُب لَها بادِئاً وَصلاً
وَما كانَتِ الشَمسُ المُنيرَةُ تَرتَضي / سِوى البَدرِ في أُفقِ السَماءِ لَها بَعلا
تَخَيَّرَهُ لَدنَ المَعاطِفِ واضِحَ ال / أَسِرَّةِ مَعسولَ الشَمائِلِ مُستَحلى
حَباها بِهِ مِن أَكرَمِ الناسِ نَبعَةً / وَأَعلاهُمُ فَرعٌ وَأَزكاهُمُ أَصلا
بَهاليلُ مِن قَومٍ يُعَدُّ وَلَيدُهُم / إِذا اِستُصرِخوا يَوماً لِحادِثِةٍ كَهلا
لَهُم مُعجِزاتٌ في النَدى فَكَأَنَّهُم / إِذا دَرَسَت أَعلامُهُ بُعِثوا رُسلا
إِذا رَكِبوا في جَحفَلٍ بَدَّدوا العِدى / وَإِن جَلَسوا في مَحفِلٍ جَمَعوا الفَضلا
فَلا وَجَدَت أَيدي الحَوادِثِ وَالعِدى / لِما عَقَدَت نَعماؤُهُ بَينَهُم حَلّا
وَلا وَطِئَت غَيرُ الخُطوبِ لَكُم حِمىً / وَلا بَدَّدَت غَيرُ اللَيالي لَكُم شَملا
وَلا زِلتَ تُعطَ فيهِ قاصِيَةَ المُنى / إِلى أَن يُريكَ اللَهُ مِن نَجلِهِ نَجلا
وَحَتّى تَرى فِهِ النَجابَةَ يافِعاً / عَلى أَنَّهُ في المَهدِ قَد نالَهُ طِفلا
كَأَنَّ بِهِ عَمّا قَليلٍ وَقَد سَما / يَمُدُّ إِلى نَيلِ العُلى ساعِداً عَبلا
وَسارٍ أَمامَ الجَيشِ لَيثَ كَتيبَةٍ / يَرُدُّ عَلى أَعقابِها الخَيلَ وَالرَجلا
يَسودُ كَما سادَ الأَنامُ / وَيُعطي كَما أَعطى وَيُبلي كَما أَبلى
وَعِش مُبلِياً ثَوبَ البَقاءِ مُجَدِّداً / مَلابِسَ عِزٍّ لا تَرِثُّ وَلا تَبلى
تُعَرِّسُ في ناديكُمُ مِن مَدائِحي / عَرائِسُ في أَثوابِ إِحسانِكُم تُجلى
غَداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤَثَّلُ ما بَنى
غَداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤَثَّلُ ما بَنى / وَتَكسِدُ أَسواقُ الصَوارِمِ وَالقَنا
مَضى المُصدِرُ الآراءِ وَالمورِدُ النُهى / فَمَن يَعدِلُ الميلاءَ أَو يَرأَبُ الثِنا
أما الذي لو شاء قاسمنا الهوى
أما الذي لو شاء قاسمنا الهوى / كفافا فما أشقى محبا ولا عنى
لقد سرنا جود الزمان بقربكم / وقد ساءنا في القرب إعراضكم عنا
قَضى اللَهُ أَنَّ الآدَمِيَّ مُعَذَّبٌ
قَضى اللَهُ أَنَّ الآدَمِيَّ مُعَذَّبٌ / إِلى أَن يَقولَ العالِمونَ بِهِ قَضى
فَهَنِّئ وُلاةَ المَيتِ يَومَ رَحيلِهِ / أَصابوا تُراثاً وَاِستَراحَ الَّذي مَضى