ألا ما لأهل الشرق في بُرَحاء
ألا ما لأهل الشرق في بُرَحاء / يعيشون في ذُلّ به وشقاء
لقد حكّموا العادات حتى غدت لهم / بمنزلة الأقياد للأسراء
إذا تختبرهم في الحياة تجد لهم / حياةً تخطّت خُطة السعداء
وما ذاك إلاّ أنّهم في أمورهم / أبوا أن يسيروا سيرة العقلاء
لقد غَمِطوا حق النساء فشدّدوا / عليهنّ في حبس وطول ثواء
وقد ألزموهنّ الحجاب وأنكروا / عليهنّ إلاّ خَرْجَة بغطاء
أضاقوا عليهنّ الفضاء كأنهم / يَغارون من نور به وهواء
قد انتبذوا عنهنّ في العيش جانباً / فما هنّ في أمرٍ من الخُلَطاء
وقد زعموا أن لَسْن يصلحن في الدنى / لغير قرار في البُيوت وباء
فما هنّ إلاّ متعة من متاعهم / وأن صنّ عن بَيع لهم وشراء
أهانوا بهنّ الأمّهات فأصبحوا / بما فعَلوا من أْلأم اللؤماء
ولو أنّهم أبقَوْا لهنّ كرامة / لكانوا بما أبقوا من الكرماء
ألم ترهم أمسَوْا عبيداً لأنهم / على الذُلّ شَبُّوا في حجور أماء
وهان عليهم حين هانت نساؤهم / تحمُّل جَوْر الساسة الغرباء
فيا قوم أن شئتم بقاءً فنازعوا / سواكم من الأقوام حبل بقاء
أيَسعَد محياكم بغير نسائكم / وهل سعِدت أرض بغير سماء
وما العار أن تبدو الفتاة بمسرح / تمثّل حالَىْ عزّة وأباء
ولكنّ عاراً أن تَزَيّا رجالكم / على مسرح التمثيل ِزيّ نساء
أقول لأهل الشرق قول مؤنِّب / وأن كان قولي مسخط السفهاء
ألا أن داء الشرق من كُبَرائه / فبُعداً لهم في الشرق من كبراء
وأقبح جهل في بني الشرق أنهم / يسمُّون أهل الجهل بالعلماء
وأكبر مظلوم هو العلم عندهم / فقد يدّعيه أجهل الجهلاء
لو أقتصّ ربّ العلم للعلم منهم / لصبّ عليهم منه سَوْط بلاء
ولأسْتأصل الموت الوَحِيّ نفوسهم / ونادى عليهم مُؤذناً بفناء
ولكنّ حلم اللّه أبقى عليهم / فعاشوا ولو في ِذلّة وشقاء
لقد مزّقُوا أحكام كل ديانة / وخاطُوا لهم منها ثياب رياء
وما جعلوا الأديان إلاّ ذريعة / إلى كل شَغْب بينهم وعداء
فما علماء الجهل إلاّ مساقم / رمَت جهلاء العلم بالقُوَباء
ألا يا شباب القوم أني إلى العلا / لداعٍ فهل مَن يستجيب دعائي
أما آن للأوطان أن تنهضوا بها / لأدراك مجد وابتغاء عَلاء
فقد بحّ صوتي واستشاطت جوانحي / وقلّ أصطباري وأستطال بكائي
على أنّ لي فيكم رجاءً وأن يكن / من اليأس مسدوداً طريق رجائي
وما أنا في وادي الخيال بهائم / وأن كنت معدوداً من الشعراء