أطلّت على سحبِ الظلامِ ذُكاءُ
أطلّت على سحبِ الظلامِ ذُكاءُ / وفُجِّرَ من صخرِ التنُوفةِ مَاءُ
وخُبّرت الأوثانُ أنَّ زمانَها / تولّى وراحَ الجهلُ والجهلاءُ
فما سجدت الا لذى العرش جبهة / ولم يرتفع الا إليه دعاء
تبسّم ثغرُ الصبحِ عن مولدِ الهُدى / فللأرضِ إشراقٌ به وزُهَاءُ
وعادت به الصحراءُ وهي جديبة / عليها من الدينِ الجديد رُوَاءُ
ونافست الأرضُ السماءَ بكوكبٍ / وضيءِ المحيّا ما حَوَتْه سماءُ
له الحق والإيمانُ باللّه هالة / وفي كلِّ أجواءِ العقولِ فَضاءُ
تألّق في الدنيا يُزيح ظلامَها / فزال عمىً من حولِه وعَماءُ
كلامٌ هو السحرُ المُبين وإن يكن / له ألف مثل الكلام وَبَاءُ
عجيبٌ من الأميِّ علم وحكمة / تضاءَل عن مرماهِمَا العُلماءُ
ومن يَصطَفِ الرحمن فالكون عبده / ودُهم الليالي أينَ سارَ إِماءُ
نبي الهدى قد حرَّق الأنفسَ الصدَى / ونحن لفيضٍ من يديك ظِمَاءُ
أفِضْها علينا نفحَةً هاشميةً / يُلَمُّ بها جُرحٌ ويبرأُ دَاءُ
فليس لنا إلاّ رِضَاكَ وسيلةٌ / وليس لنا إلإّ حِمَاكَ رَجاءُ
حننا إلى مجدِ العروبةِ يُزهى بقومه / وما طالَه في العالمين لِواءُ
زمان لواء العُربِ يُزهى بقومه / وما طالَه في العالمين لِواءُ
زمان لنا فوق الممالكِ دولة / وفي الدهر حكمٌ نافِذٌ وقَضاءُ
يُنادى جريءَ الأصغريْن بدعوةٍ / أكبَّ لها الأصنامُ والزُعماءُ
دعاهم لربٍ واحدٍ جلَّ شأنه / له الأمرُ يولي الأمرَ كيف يَشاءُ
دعاهم إلى دينٍ من النورِ والهُدىَ / سماحٌ ورفقٌ شاملٌ ووفَاءُ
دعاهم إلى نبذِ الفخارِ وأنهم / أمامَ إله العالمينَ سَواءُ
دعاهم إلى أن ينهضوا بِعُفاتهم / كِراماً فطاحَ الفقرُ والفقراءُ
دعاهم إلى أن يفتحوا القلبَ كي ترى / بصيرتُه ما يبصر البُصراءُ
دعاهم إلى القرآنِ نوراً وحكمةً / وفيه لأدواءِ الصدورِ شِفاءُ
دعاهم إلى أن يهزموا الشركَ طاغياً / تسيلُ نفوسٌ حوله ودِماءُ
دعاهم إلى أن يبتَنُوا الملكَ راسخاً / له العدلُ أس والطموحُ بناءُ
دعاهم إلى أن الفتىَ صنع نفسهِ / وليس له من قومِه شُفعاءُ
دعاهم إلى أن يملكوا الأرضَ عنوةً / مساميحَ لا كِبرٌ ولا خُيلاءُ
فلبّاه من عُليَا مَعدٍ غضافِرٌ / كماةٌ إذا اشْتدَّ الوغَى شُهداءُ
أشداء ما باهى الجهادُ بمثلهم / وهم بينهم في أمرهِم رُحماءُ
أساءوا إلى الأسيافِ حتى تحطّمت / وما مَرّةً للمستجيرِ أساءوا
وقد حملوا أرواحَهُمْ في أكفهم / وليس لهم إلاّ الخلود جَزاءُ
إذا حكموا في أمَّةٍ لان حكمُهم / فما هي أنعام ولا هي شَاءُ
فهل تعلم الصحراءُ أنَّ رعاءَها / حماةٌ بآفاقِ البلاد رِعاءُ
وأنهمُ إن زاولوا الحكمَ سَاسةٌ / وإن أرسلوا أحكَامهم فُقهاءُ
وردّ إلى العُرْب الحَياة وقد مضى / عليهم زمانٌ والأمامُ وَراءُ
حجابٌ طوى الأحدَاثَ والناس دونهم / فأظهر ما تجلو العيون خَفاءُ
بنت أممٌ صرحَ الحضارةِ حولهم / وأقْنعهم إبلٌ لهم وحُداءُ
عقولٌ من الأحجارِ هامت بمثلها / وكل بكيمٍ لليكيمِ كِفاءُ
فكم كان للرومان والفرسِ صولةً / وهم في بوادي أرضهم سُجناءُ
عِرَاكٌ وأحقادٌ يشبّ أوَارها / جحيماً وكِبرٌ أجْوَفٌ وغَباءُ
عجبتُ لأمرِ القومِ يحمونَ ناقةً / وساداتهم من أجْلِها قُتلاءُ
بدا في دُجى الصحراءِ نورُ محمدٍ / وجلجلَ في الصحراءِ منهُ نِداءُ
نبيٌ به ازدانت أباطحُ مكةٍ / وعزَّ به ثَوْرٌ وتاه حِرَاءُ
لقد شربوا من منهل الدين نغبةً / مطهّرةً فالظامئون رِوَاءُ
وقد لمحوا من نورِ طه شُعاعةً / فكل ظلامٍ في الوجود ضِياءُ
نبيٌّ من الطهرِ المصفّى نجاره / سماحة نفسٍ حُرّةٍ وصَفاءُ
وصبرٌ على اللأواءِ ما لانَ عُودهُ / ولا مَسّهُ في المعضلاتِ عَناءُ
وزهدٌ له الدنيا جناح بعوضة / وكل الذي تحت الهباءِ هَباءُ
تراه لدى المحراب نُسكاً وخشيةً / وتلقاهُ في الميدانِ وهو مَضَاءُ
إذا صالَ لم يترك مَصالاً لصائلٍ / وإن قَال ألقت سمعَها البُلغَاءُ
كلامٌ من اللّه المهيمن روحه / ومن حلل الفُصحى عليه رداءُ
كلامٌ أرادته المقاويلُ فالتوى / عليها وضلَّت طرقَه الحُكَماءُ
فيا رب هيىء للرشادِ سبيلَنَا / إذا جَار خَطْبٌ أو ألمّ بَلاءُ
ونصراً وهدياً إن طغى السيلُ جارفاً / وفاضَ بما يحوي الإناء إنَاءُ
نناجيكَ هذي راية العُربِ فاحمها / فمن حولها أجنادُكَ البُسَلاءُ
رميْنا بكفٍّ أنت سدّدت رميها / فما طاشَ سهمٌ أو أخلّ رَمَاءُ
أعِرْنَا بحق المصطفَى منك قوةً / فليس لغيرِ الأقوياء بَقاءُ
وأسبِغْ علينا درعَ لطْفِك إنّها / لنا في قتامِ الحادثاتِ وِقاءُ
إليك أبا الزهراء سارت مواكبي / مواكبُ شعر ساقهن حَياءُ
وأَنَّى لمثلي أنْ يُصوّر لمحةً / كَبَا دُوِّن أدنى وصفها الشُعراءُ
ولكنها جهدُ المحبِ فهل لها / بقُدسِك من حظ القبولِ لِقاءُ
ولي نسبٌ يُنمى لبيتِكَ صانني / وصانتهُ منِّي عِزّة وإبَاءُ
عليكَ سلامُ اللّهِ مَا ذَرّ شارِقٌ / وما عطّر الدنيا عليكَ ثَنَاءُ