أُبِثُّكَ مَجدَ الدَينِ حالاً سَماعُها
أُبِثُّكَ مَجدَ الدَينِ حالاً سَماعُها / يَشُقُّ عَلى الأَمجادِ وَالكُبَراءِ
رُزِئتُ بِعَينٍ طالَما سَهِرَت مَعي / لِنَظمِ مَديحٍ أَو لِرَصفِ ثَناءِ
خَدَمتُ بِها الآدابَ خَمسينَ حِجَّةً / وَأَجهَدتُها في خِدمَةِ الخُلَفاءِ
وَكَم سَيَّرَت مَدحَ المُلوكِ وَأَوجَبَت / حُقوقاً عَلى الأَجوادِ وَالكُرَماءِ
تَعَطَّلَ مِنها كُلُّ نادٍ وَمَجمَعٍ / وَأَوحَشَ مِنها مُلتَقى الأُدَباءِ
فَلَو ساعَدَتني بِالبُكاءِ شُؤونُها / بَكَيتُ عَلى أَيّامِها بِدِماءِ
رَمَتني يَدُ الأَيّامِ فيها بِعائِرٍ / فَبُدِّلتُ مِنها ظُلمَةً بِضِياءِ
وَرَنَّقَ عَيشي وَاِستَحالَت إِلى القَذى / مَشارِبُهُ عَن رِقَّةٍ وَصَفاءِ
جَفاءٌ مِنَ الأَيّامِ بَعدَ مَوَدَّةٍ / وَسَلبٌ مِنَ الأَيّامِ غِبَّ عَطاءِ
تَنَكَّرَتِ الدُنيا عَلَيَّ فَفَوَّقَت / إِلَيَّ سِهامَ الغَدرِ بَعدَ وَفاءِ
فَأَضحَت وَقَد كانَت إِلَيَّ حَبيبَةً / وَأَبغَضُ ما فيها إِلَيَّ بَقائي
وَأَعهَدُها سِلمي وَيا رُبَّ زَعزَعٍ / جَرَت مِن مَهَبّي سَحسَحٍ وَرُخاءِ
وَها أَنا كَالمَقبورِ في كِسرِ مَنزِلٍ / سَواءٌ صَباحي عِندَهُ وَمَسائي
يَرِقُّ وَيَبكي حاسِدي لِيَ رَحمَةً / وَبُعداً لَها مِن رِقَّةٍ وَبُكاءِ
فَيالَكَ رُزءاً عِزَّ عِندي مُصابُهُ / أَبيتُ عَليهِ مِن قُبولِ عَزاءِ
وَوَاهاً لِظَهرٍ مِن مَشيبٍ عَلَوتُهُ / وَخَلَّفتُ أَيّامَ الشَبابِ وَرائي
وَيا خَيرَ مَن يُدعى لِيَومِ كَريهَةٍ / وَأَكرَمَ مَن يُرجى لِيَومِ رَخاءِ
وَمَن عِندَهُ ما يَبتَغي كُلُّ آمَلٍ / وَلاجٍ طَريدٍ مِن غِنىً وَغِناءِ
وَيا مُلبِسَ الدُنيا بِأَيّامِ مُلكِهِ / رِداءَ جَمالٍ رائِعٍ وَبَهاءِ
وَمَن ساسَها حَتّى اِطمَأَنَّت وَزانَها / بِعَزمَةِ رَأيٍ ثاقِبٍ وَرُواءِ
فَضُلتَ بِآباءٍ كِرامٍ وَسودَدٍ / قَديمٍ وَنَفسٍ مُرَّةٍ وَإِباءِ
وَأَثَّلتَ مَجداً طارِفاً غَيرَ قانِعٍ / بِمِراثِ مَجدٍ سالِفٍ وَعَلاءِ
وَأَنشَرتَ عَدلاً ضَوَّعَ الأَرضَ ذِكرُهُ / تَضَوُّعَ نَشرِ الرَوضِ غَبَّ سَماءِ
إِذا قيسَتِ الأَنواءُ يَوماً إِلى نَدى / يَدَيكَ عَدَدناها مِنَ البُخَلاءِ
وَأَنتَ إِذ ما العامُ ضَنَّت سَماؤُهُ / رَبيعُ اليَتامى نَجعَةُ الفُقَراءِ
أُناديكَ مَرجُوّاً لِسَدِّ خَصاصَتي / وَمِثلُكَ مَن لَبّى نَداهُ نِدائي
وَما لِيَ لا أَدعوكَ في يَومِ شِدَّتي / وَأَنتَ مُجيبي في زَمانِ رَخائي
وَمِثلُكَ مَن أَولى الجَميلَ وَأَفضَلَت / مَواهِبُ كَفَّيهِ عَلى الفُضَلاءِ
وَأَنتَ جَديرٌ بِاِصطِناعي وَقادِرٌ / عَلى حَسمِ دائي عارِفٌ بِدَوائي
وَلا ضامَني دَهرٌ وَرَأيُكَ عُدَّتي / وَلا خابَ لي سَعيٌ وَأَنتَ رَجائي
أَتَقطَعُ فيكَ الأَرضَ غُرُّ مَدائِحي / وَيَقرَعُ أَبوابَ السَماءِ دُعائي
وَأَخشى وَرَبعي في جِوارِكَ ضَيعَةً / وَضيماً إِذاً يا ضَلَّتي وَشَقائي
فَلا عَرَفَت أَخلاقُكَ الغُرُّ جَفوَةً / وَحاشا لَها مِن قَسوَةٍ وَجَفاءِ
وَلا كَذَبَت آمالُ راجٍ أَمامَها / شَفيعانِ إِخلاصٌ وَصِدقُ وَلاءِ
وَيا اِبنَ الكِرامِ الأَوَّلينَ تَعَطُّفاً / عَليَّ فَإِنّي آخِرُ الشُعَراءِ
وَكُن لي إِلى جودِ الخَليفَةِ شافِعاً / أَنَل حاجَتي ما كُنتَ مِن شُفَعائي
وَقُل صالِحاً تُجزى بِهِ صالِحاً غَداً / فَما هَذِهِ الدُنيا بِدارِ جَزاءِ