نسيمُ عبيرٍ في غلالة ماءِ
نسيمُ عبيرٍ في غلالة ماءِ / وتمثال نورٍ في أديم هواءِ
حكى لؤلؤاً رطباً مغشىً بجوهرٍ / مصفَّىً لفرطي رقَّةٍ وصفاءِ
لقد رحم الرحمنُ رقَّةَ جسمِه / فجلله من نورِه برداءِ
برى ملكوت الحسن في جبروته / فمن نورِ نورٍ في ضياءِ ضياءِ
تسربل سربالاً من الحُسن وارتدى / ردائي جمالٍ طُرِّزا ببهاءِ
تحيرتُ فيه لستُ أحسِن وصفَهُ / على أنني من أوصَف الشعراءِ
فلو أنه في عهد يوسف قُطِّعَت / قلوبُ رجالٍ لا أكفُّ نساءِ
يدير إداراتٍ بسيفَي لحاظه / فيقتلنا من غير سفك دماءِ
له حركات تنثر الشكل بينها / إشارات لطفٍ واتِّقاد ذكاءِ
تلألأ كالدرِّ النقيِّ بشاشةً / وشُرِّب خدّاه عقيقَ حياءِ
له غُرَّة من تحت شَعرٍ كأنَّه / تبلُّجُ صبحٍ تحت جنح مساءِ
فأحسبه من حور عينٍ وإنّما / أتى هارباً في خلسة وخفاءِ
فلم أره إلا التَفَتُّ توقُّفاً / لرضوان خوفاً أن يكون ورائي
سيُؤخَذ منّا ليس رضوان تاركاً / على الأرض حوريّاً ربيب سماءِ
تَقَطَّع في فيّ اسمُهُ إذ ذكرتُه / بتقطيع أنفاسي له الصُّعَداءِ
فيا ميمَ مولايَ ويا ظاء ظالمي / ويا فاءَ فوزي ثم راء رجائي
فديتكَ مَن هذي الصفاتُ صفاتُه / من الحُسن لِم يَلقى بقبح لقاءِ
أمِن أجل ذاك الوغد أظهرتَ حشمةً / ومَن ذاك حتى تتّقي وتُرائي
وما أُلفَة الأُلاف عاراً فتُتَّقى / وليس الهوى عيباً لدى الظرفاءِ
تُرى غُيِّرت عن عهدها تربة الهوى / فأخرج بذرُ الوصل زرعَ جفاءِ
تكدَّرت الدنيا عَلَيَّ لأنَّني / تأمَّلتُ تكديراً بماء صفاء
ولم أشتغل عن حُسن وجهك إذ بدا / تقطُّبُه إلا بحُسن عزاءِ
ولمّا رأيتُ الغدرَ زانك في الهوى / رجعتُ وصبري عَبدُ مالكِ رائي
فيا نفس صبراً إن تَعِيشي تُظَفَّري / وإن متِّ وجداً كنتِ في الشهداءِ
فإن حببي مَن يحبُّ تَنَعُّمي / وليس حبيبي مَن يحبُّ شقائي
إذا ما لقيتُ البؤسَ عند أحبَّتي / تُرى عند أعدائي يكون رجائي
ولن يُرتَجى نصرٌ ولا كشف غُلَّةٍ / إذا جاء داءٌ من مكان دواءِ
إلى الماء يسعى مَن يغصُّ بأكلةٍ / فقل أين يسعى من يغصُّ بماءِ
لك العفو عمّا قد مضى ولك الرِّضى / ولي أن تُوَفِّي لي حقوق وفاءِ
تعالَ نكاتم عتبَنا وعتابنا / لنَأمَنَ تخليطاً من الخلطاء
ولا تسقني ماءَ الوصال مُكدَّراً / بتحريضهم دَعني أمت بظَماءِ
وكلّ يجرُّ النارَ حرصاً لقرصه / وكلّ بمكرٍ خادعٌ ودهاءٍ
رضوا من معاصيهم بتشنيع تهمةٍ / فان فات شبعٌ طرمذوا بجُشاءِ
تَسَمّى بأسماء الإخاء معاشرٌ / وما عندهم من ذمَّةٍ لإخاءِ