المجموع : 5
إذا سدَّسَ الذاتَ النزيهةَ عارفٌ
إذا سدَّسَ الذاتَ النزيهةَ عارفٌ / وأدرجَ في بدرِ التمامِ ذُكاء
وألحقَ أرواحَ العُلى بنفوسِها / وأعطاك من نور السَّناء ضياء
وأحكم أشياءَ وأرسلَ حكمةً / وصيرَّ أعمالَ الكيانِ هَباء
فذاك الذي يجري إلى غير غاية / ويطلع أقمارَ الشهودِ عشاء
وتبصره يعطي صباحاً حياتَه / ويقبضها جوداً عليك مساء
يساعد تعظيم الإزار ردائي
يساعد تعظيم الإزار ردائي / بتكبيره فالقول قول إمائي
كنفسي وما لي من صفات تنزَّهَتْ / عن الكيفِ والتشبيه فهو مرائي
يرى ناظري فيها الوجودَ بأسرِه / وذلك عند الكشفِ كشفِ غطائي
فقلتُ ومن قد جاد لي بعطائه / فقال لي المطلوب ذاك عطائي
فخفتُ على نفسي لسبحة وجهه / فجاد على نفسي بأخضَرَ ماءِ
من العلم ما يحيى به ما أماته / يفكر جهلي إذ وفى لوفائي
أنا عبده ما بين عالٍ وسافلٍ / كما هو في أرض له وسماء
فيوقفني ما بين نورٍ وظلمةٍ / بما كان عندي من سنا وسناء
ويشهدني حباً لنا وعناية / بما أنا فيه من حياً وحياء
فنوري كنور الزبرقان إذا بدا / ملاء بما يعطيه نورُ ذُكاء
فأصبحت في عيشٍ هنيء وغبطةٍ / يقلبني فيه رخاءُ رخائي
فيخدمني من كان إذ كنت في الثرى / بجانب ذاتي خدمة لثرائي
ألا ليت شعري هل أرى رسمَ دارٍ من / يرى ذا هوى فيه صريعُ هواء
من أجل سلامٍ ساقه في هبوبه / من الملأ الأعلى من النجباء
إذا طلع البدرُ المنير عشاء
إذا طلع البدرُ المنير عشاء / رأيت له في المحدثات ضياءَ
وليس له نور إذا الشمس أشرقت / وقد كان ذاك النورُ منه عشاءً
فما النور إلا من ذُكاء لذاك لم / يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء
فإن لها محلين في ذاتها وفي / صِقالةِ جسمٍ غدوةً ومساء
ألم تر أنّ البدرَ يكسفُ ذاتها / إذا كان محقاً غيرةً ووفاء
ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها / بها لم يزل يعطي العيون جلاء
وإدراكي المرئي بيني وبينها / وقد جعل الله عليه غطاء
وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى / إليكم به الكشفُ الأتمّ نداء
وكلُّ دليلٍ جاءكم في معاند / يخالف قولي فاجعلوه هَباء
خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد / له ذائقاً حتى نكونَ سواء
وبالبلدِ الجدب أُطعمت مذاقه / لذا لم أجد عن ذا المذاقِ غَنَاء
أتاني به أحوى ولم يأتني به / إذا سال وادٍ بالعلومِ غُثاء
فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد / به في وجودي غلظة وجفاء
واعلمني فيه بأنَّ مهيمني / معي مثله فابنوا عليه بناء
علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة / بلا عمد حتى يكون سَماء
مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا / قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء
فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ / بدت زينةٌ تعطي العيونَ رواء
معطرةَ الأعرافِ معلولةً للحمى / يمد بها كوني سنا وسناء
ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى / ويقبله منه حيا وحياء
سينصرنا هذا الذي قد سردته / إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء
أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء
أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء / فلي في السما والأرض ما كان من خبءِ
ولكنه من حيث أسماءُ كونه / وما لي فيه إن تحققت من كفؤ
أنا خاتم الأمر الأعمِّ وجودُه / لذاك تحملتُ الذي فيه من عبءِ
فإنْ كنتَ ذا علم بقولي ومقصدي / وأحكامِ ما في الكلِّ من حكمة الجزءِ
فلا تاخذِ الأقوالَ من كلِّ قائلِ / وإنْ كان لا يدري الذي قال من هزء
فإنَّ الكلامَ الحقَّ ذلك فاعتمد / عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء
لقد مدَّني ظلا وإنْ كنتُ نورَه / فإن لم أكن في الظل إني لفي الفيء
لقد عظَّم الرحمن نشئي لمن درى / وأعظم قدرٍ الشخصِ ما كان في النشء
وما أنا من هلك فما أنا هالك / وما أنا ممن يدرأ الدرءَ بالدرءِ
ولكنني رِدءٌ لمن جاء يبتغي / معونته مني فآمن بالردء
وإني إذا ما ضمني برد عفوه / إليه بجرمي أنني منه في دفء
وأعجب من كوني دليلا بنشأتي / ولا أرتجي برءاً وأجنح للبرء
وما ذاك إلا حكم غفلتي التي / خُصصتُ بها وهي التي لم تزل تشئيى
إذا النور من فارٍ أو من طور سيناء
إذا النور من فارٍ أو من طور سيناء / أتى عاد ناراً للكليم كما شاء
فكلمه منه وكان لحاجته / رأها به فاسترسل الحال أشياء
وإن شاء ربُّ الوقتِ من حالِ من سعى / على أهلِه من خالصِ الصدق انشاء
وأما أنا من أجلِ أحمد لم أر / سوى بلة من قدر راحتنا ماء
فلم يك ذاك القول إلا ببقعة / من الواد سماها لنا طور سيناء
واسمعني منها كلاماً مقدَّسا / صريحاً فصحَّ القولُ لم يك إيماء
ولم يحكم التكليفَ فينا بحالة / وجاء به الله المهيمنُ أنباء
فالقيت كلّ اسم لكوني وكونه / إذا انصف الرائي يفصل اسماء
وكان إلى جنبي جلوساً ذوو احجى / فلم يفشه من أجلهم لي إفشاء
وما ثم أقوالٌ تُعاد بعينها / إلا كلُّ ما في الكونِ لله له بداء
إذا ماتتِ الألباب من طول فكرها / أتى الكشفُ يحيها من الحقِّ إحياء
وقد كان أخفاها من أجل عشرتي / لنكر بهم قد قام إذ قال إخفاء
خفاها فلم تظهر دعاها فلم تجب / وكان الدعا ليلا فأحدثَ إسراء
ليظهر آياتٍ ويبدي عجائبا / لناظره حتى إذا ما انتهى فاء
إلى أهله من كلِّ حسٍّ وقوّة / فقرَّب أحباباً وأهلكَ أعداء
وأرسل أملاكا بكل حقيقته / إليه على حبٍّ وألف اجزاء
وأبدى رسوما داثرات من البلى / فابرز أمواتا وأقبر أحياء
وأظهر بالكاف التي عميت بها / عقول عن إدراك التكافؤ أكفاء
وما كانت الأمثالُ إلا بنورِه / فكانت له ظلاً وفي العلم أفياء
وارسل سحباً مُعصراتٍ فامطرتْ / لترتيبٍ أنواء وحرَّم أنواء
فرَّوضكَ مطلولٌ بكلِّ خميلةٍ / إذا طله أوحى من الليل أنداء
فعطر أعرافاً لها فتعطرتْ / أزاح بها عن روضه اليانعِ الداء
وصيرّها للداء عنها مزيلة / فكانت شفاءً للمسامِ وأدواء
وأطلع فيها فيها الزهر من كلِّ جانبٍ / نجوما تعالت في الغصون وأضواء
وقد كانت الأرجاء منها علي رجي / فأوصلها خيراً وأكبر نعماء
فهذي علومُ القوم إن كنتَ طالباً / ودع عنك أغراضا تصدُّ وأهواء
فدونك والزم شرعَ أحمد وحدَه / فإنّ له في شرعة الكلّ سيساءَ