المجموع : 4
تَحَرَّز مِن الدُنيا فَإِنَّ فِناءَها
تَحَرَّز مِن الدُنيا فَإِنَّ فِناءَها / مَحَلُّ فَناءٍ لا مَحَلُّ بَقاءِ
فَصَفوَتُها مَمزوجَةٌ بِكُدورَةٍ / وَراحَتُها مَقرونَةٌ بِعَناءِ
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ / بأثْوابِهِ آسى على ميِّتٍ ثَوى
رُزِئنا رَسولَ اللَهِ حَقّاً فَلَن نَرى / بِذاكَ عَديلاً ما حَيينا مِنَ الرَدى
وُكُنتَ لَنا كَالحِصنِ مِن دونِ أَهلِهِ / لَهُ مَعقَلٌ حِرزٌ حَريزٌ مِن العِدى
وَكُنا بِهِ شُمُّ الأُنوفِ بِنَجْوَةٍ / عَلى مَوضِعٍ لا يُستطاعُ وَلا يُرى
وَكُنّا بِمَرآكُم نَرى النورَ وَالهُدى / صَباحَ مَساءَ راحَ فينا أَو اِغتَدى
لَقَد غَشِيَتنا ظُلمَةٌ بِعدَ فَقدِكُم / نَهاراً وَقَد زادَت عَلى ظُلمَةِ الدُجى
فَيا خَيرَ مَن ضَمَّ الجَوانِحَ وَالحَشا / وَيا خَيرَ مَيتٍ ضَمّهُ التُربُ وَالثَرى
كَأَنَّ أُمورَ الناسِ بَعدَكَ ضُمِّنَت / سَفينَةُ مَوجٍ البَحْرِ والبَحرِ قَد طَما
وَضاقَ فَضاءُ الأَرضِ عَنّا بِرَحبِهِ / لَفَقدِ رَسولِ اللَهِ إِذ قيلَ قَد مَضى
فَقَد نَزَلَت بِالمُسلِمينَ مُصيبَةٌ / كَصَدعِ الصَفا لا صَدعٍ لِلشَعبِ في الصَفا
فَلَن يَستَقِلَّ الناسُ ما حَلَّ فيهُمُ / وَلَن يُجبَرَ العَظمُ الَّذي مِنهُمُ وَهَى
وَفي كُلِّ وَقتٍ لِلصَلاةِ يَهيجُها / بِلالٌ وَيَدعو بِاِسمِهِ كُلَّما دَعا
وَيَطلُبُ أَقوامٌ مَواريثَ هالِكٍ / وَفينا مَواريثُ النُبُوَّةِ وَالهُدى
فَيا حَزَناً أَنّا رُزينا نَبِيَّنا / عَلى حينِ تَمَّ الدينُ وَاِشتَدَّتِ القُوى
كَأنّا لأُولى شُبهَةٍ سَفرُ لَيلَةٍ / أَضَلّوا الهُدى لا نَجمَ فيها وَلا ضَوى
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ لَمَّا تَدابَروا
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ لَمَّا تَدابَروا / وَثابَ إِلَيهِ المُسلِمونَ ذَوو الحِجى
ضَرَبنا غُواةَ الناسِ عَنهُ تَكَرُّماً / وَلَمّا يَرَوا قَصدَ السَبيلِ وَلا الهُدى
وَلَما أَتانا بِالهُدى كانَ كُلُّنا / عَلى طاعَةِ الرَحمَنِ وَالحَقِّ وَالتُقى
حَياتُكَ أَنفاسٌ تُعَدُّ فَكُلَّما
حَياتُكَ أَنفاسٌ تُعَدُّ فَكُلَّما / مَضى نَفَسٌ منها انتَقَصْتَ بِهِ جُزءاً
وَيُحييكَ ما يُفنيكَ في كُلِّ حالَةٍ / وَيَحدوكَ حادٍ ما يُريدُ بِكَ الهُزءا
فَتُصبِحَ في نَفسٍ وَتَمشي بِغَيرِها / وَمالَكَ مِن عَقلٍ تُحِسُّ بِهِ رُزءا