عَصَرتُ فُؤادي في إِناءٍ مِنَ الهَوى
عَصَرتُ فُؤادي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الفُقَراءِ
فَقالوا خُمورٌ ما تُبَرِّدُ غُلَّةً / فَتَمتَمتُ واهاً أَكبدَ الشُعَراءِ
أَيُنكَرُ حَتّى البُؤسُ ما فيكِ مِن غِنىً / وَأَيذُ غِذاءٍ أَنتِ لِلبُؤَساءِ
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الرُؤَساءِ
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ العَدلُ فَاِشرَبوا / لَعَلَّكُم تُصغَونَ لِلضُعَفاءِ
فَمالوا جَميعاً عَن إِنائي وَغَمغَموا / إِناؤُكَ مَحظورٌ عَلى الزُعَماءِ
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ السُجَناءِ
وَقُلتُ لَهُم هذا عَزاءُ قُلوبِكُم / فَلِلأَبرِياءِ التاعِسينَ دمائي
فَقالوا دِماءٌ ما تَحِلُّ قُيودَنا / فَهاتِ قَوانيناً لِغَيرِ قَضاءِ
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الحُكَماءِ
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ النورُ فَاِشرَبوا / فَآراؤُكُم في حاجَةٍ لِضِياءِ
فَقالوا وَقَد هَزّوا الرُؤوسَ شَماتَةً / ضِياؤُكَ هذا خِدعَةُ الجُهَلاءِ
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الأُمَراءِ
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ النُبلُ فَاِشرَبوا / وَطوفوا بِأَقداحي عَلى النُبَلاءِ
فَقالوا أَتَحقيرٌ لِطَغراءِ جَدِّنا / وَما تَنسَلُ الأَصلابُ مِن شُرَفاءِ
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / وَأَدنَيتُهُ مِن مِرشَفِ الشُعَراءِ
وَقُلتُ لَهُم هذا هُوَ الحُبُّ فَاِشرَبوا / فَأَزياؤُكُم مَرهونَةٌ لِفناءِ
إِذا الحُبُّ لَم يَضرم لَهيبَ قُلوبِكُم / بَشِعتُم وَلَو جِئتُم بِأَلفِ رِداءِ
وَما زِلتُ في الدُنيا أَطوفُ بِخِمرَتي / وَحَوليَ شَعبٌ هازِىءٌ بِوَفائي
إِلى أَن دَهاني اليَأسُ فَاِختَرتُ عُزلَةً / أُفَتِّشُ فيها عَن حُطامِ رَجائي
وَذَوَّبتُ قَلبي في إِناءٍ مِنَ الهَوى / لِأَشرَبَها مَمزوجَةً بِبُكائي
فَشاهَدتُ قَلبي في إِنائِيَ ضاحِكاً / بِهِ دعةٌ عَذراءُ في خَيلاءِ
فَأَدنَيتُه مِن مِرشَفي وَشَرِبتُهُ / وَما زالَ ماءُ الحُبِّ مِلءَ إِنائي