ألا من لأجفانٍ أرَقْنَ رواءِ
ألا من لأجفانٍ أرَقْنَ رواءِ / وحرّ قلوبٍ يا هذيم ظماء
صوادٍ إلى يردِ الثغور الَّتي بها / إذا كانَ دائي كانَ ثم دوائي
وصحْبٍ أحالوا الوصل هجراً وأعقبوا / تدانيهمُ في صدّهم بجفاء
نأوا فحنيني لا يزال إليْهم / ويا ويحَ دانٍ يحنُّ لنائي
أجيراننا لما جَفَوْتُم وبِنْتُم / ولم تمنحونا مرةً بلقاءِ
عرفت بعهد الود في الحب غدركم / وأنتُم عَرَفْتُم في الغرام وفائي
وجُدْتُّ بروحي ذمةً وبخلتمُ / كذلك إشفاقي وحسن بلائي
وفيكم ومنكم قبلها وعليكم / نبذت كلام العاذلين ورائي
حلالاً لكم منِّي دمٌ طلَّه الهوى / ولا صانه قومي إذَنْ بفداء
أعيدوا علينا ساعة الوصل إنَّها / لأقصى مرامي منكم ومنائي
سقام بكم لا في سواكم وجدته / فجودوا على مضناكم بشفاء
فإنْ لم تعودوني ولو بخيالكم / فلا تطعموا من بعدها ببقائي
أحِبَّتَنا لك تُنْصِفونا بحبّكم / وما هكذا لو تنصفون جزائي
ذكرناكمُ والدَّمع ماءً نريقه / فشِبْناه في ذكراكُمُ بدماء
فمن لوعة تصلى بنيرانها الحشا / ومهجة قلب آذَنَتْ بفناء
توالى عليها حرقة الوجد والأسى / فلم يُبْقِ منها الحبُّ غير ذماء
ويا سَعْدُ لا تلحُ أخاك وقد مضى / به سَهْمُ راميه أشدَّ مضاء
صريع العيون النجل ما إن رَمَيْنَه / صريع الهوى والوجد والبرحاء
قتيل الهوى العذريِّ قد فتكت به / قدودُ غصونٍ أو لحاظُ ظباء
كأنِّي به يستيقظ الحتفُ راقداً / إذا شام برقاً لاح بعد خفاء
ولم يبسَّمْ ذلك البرق منهم / لعمرك إلاَّ جالباً لبكائي
فما لك تلحوني على ما أصابني / من الداء جهلاً لا بُليتَ بدائي
دعوتك تستمري الدموع لما أرى / فَلَم تَسْتَجب يومَ الغميم دعائي
وهذا هذيم كلّما كرّ طِرفُه / إلى مربعٍ بالرقمتين خلاء
تذكر أياماً بهنَّ قصيرة / يطول عليها شقوتي وعنائي
فأرسَلَها مهراقةً وهي عبرة / ترقرق يرقيها بفضل رداء
خليليَّ إنْ لم تُسعداني على الهوى / فأينَ ودادي منكما وإخائي
ويا سعد إنِّي قد مُنيْتُ وراعني / نوىً يوم جدَّ البين من خلطائي
فما للمطايا بين جدٍّ ولوعةٍ / وبين حنينٍ مزعجٍ ورغاء
بربِّكَ حَثْحِثْها وخُذْ بزمامها / وسِرْ سيرَ لا وانٍ ولا ببطاء
إلى منزل لا يَعرفُ الضَّيمَ أهلُهُ / ولا خاب من وافاهم برجاء
يحلُّ به عبد الغنيّ فلا الغنى / إذا ما دنا الإملاق منك بناءِ
ربيع الندى لا يبرح الفضل فضله / يطيبُ مصيفي عنده وشتائي
ألا لا سقتْني غير راحته الحيا / فتورثُ صوبَ المزن فرط حياء
صفا العيش لي منها وطاب ولم يزل / يروقُ ولم يكدرْ عليَّ صفائي
ولم يرْوِ إلاَّ عنه دام علاؤه / رواية مجد باذخٍ وعلاء
مناقب تزهو بالمكارم كلُّها / وتُشْرِقُ من أنواره بوضاء
ولا كرياض الجزع وهي أنيقة / وتفضلها في بهجة وبهاء
تأرَّجُ أنفاس النسيم بطيبها / كما نسمت ريح الصبا بكباء
أخو العَرَفات الماضيات فما دجا / دجى الخطب إلاَّ جاءَ بابن ذكاء
طربنا وأطرَبْنا الأنام بمدحه / فَهَلْ ديرت الصهباء للندماء
ورُحنا نجرّ الذيل بالفخر كلَّما / ذكرناه في الأشراف والعلماء
غذاءٌ لروحي مَدْحُهُ وثناؤه / وإنَّ أحاديثَ الكرام غذائي
له الله موقي من يلوذ بعزّه / به من صروف النائبات وقائي
فمن شِدَّةٍ فيه ومن لين جانبٍ / ومن كرم في طبعه وسخاء
وما خَفِيَتْ تلك المزايا وإنَّما / تلوحُ كما لاح الصَّباح لرائي
مواهب أعطى الله ذاتك ذاتها / وحسبُك من معطٍ لها وعطاء
بها رحت أجني العزَّ من ثمراته / ويخفق بين الأنجبين لوائي
عليك إذا أثنيت بالخير كلّه / تقبَّل أبا محمود حُسْنَ ثنائي
رأيتُ القوافي فيك تزداد رونقاً / ولو أنَّها كانت نجوم سماء
ولم أرَ مثل الشعر أصدقَ لهجةً / إذا قال فيك القولَ غير مرائي
غنيٌّ عن الدنيا جميعاً وأهلها / سواك وفيه ثروتي وغنائي
فقيرٌ إلى جدواك في كل حالة / وانَّك تدري عفَّتي وإبائي