القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 182
أَشَيباً ولمّا تَمضِ خَمسونَ حجّةً
أَشَيباً ولمّا تَمضِ خَمسونَ حجّةً / وَلا قارَبتني إنّ هَذا منَ الظلمِ
وَلَو أَنصفتني الأربعون لَنَهنَهَت / مِنَ الشيبِ زَوراً جاءَ من جانبِ الهمِّ
قَرعتُ لَه سنّي وَلَو أَستَطيعُهُ / قَرعتُ لَه ما لَم تَر العينُ مِن عظمي
يَقولونَ لا تَجزع منَ الشيبِ ضلّةً / وَأسهُمُهُ إِيايَ دونَهمُ تصمي
وَقالوا أَتاه الشّيب بِالحلمِ وَالحجى / فَقُلتُ بما يَبري وَيعرُق من لحمي
وَما سرّني حِلمٌ يَفيءُ إِلى الرّدى / كَفانِيَ ما قَبلَ المَشيبِ من الحلمِ
إِذا كانَ ما يُعطينِيَ الحزمُ سالِباً / حَياتي فَقُل لي كيفَ يَنفعني حَزمي
وَقَد جرّبت نَفسي الغداةَ وقارَه / فَما شدّ مِن وَهني وَلا سدّ مِن ثَلمي
وَإِنّي مُذ أَضحى عذاري قرارَهُ / أَعاد بلا سُقمٍ وَأَجفى بلا جرمِ
وسيّان بَعد الشيبِ عندَ حَبائبي / وَقَفنَ عليه أَو وَقفن على رسمِ
وَقد كنتُ ممّن يَشهدُ الحربَ مرّةً / وَيُرمى بِأَطراف الرماحِ كما يرمي
إِلى أَن علا هَذا المشيبُ مفارقي / وَلَم يَدعُني الأقوامُ إِلّا إِلى السلمِ
إِذا جِئتَ أَعلامَ العُذَيبِ فسلّمِ
إِذا جِئتَ أَعلامَ العُذَيبِ فسلّمِ / عَلى دِمَنٍ أَقوَت وَإِن لَم تكلَّمِ
فَما زالَ تَكليمُ الدّيار وَأَهلُها / عَلى شَحَطٍ مِنها تعلَّةَ مُغرمِ
وَفي النّفرِ الغادينَ مِن بَطنِ وجرةٍ / هَضيمُ الحَشا حسّانةُ المتبسّمِ
إِذا أَسفَرَت فالدّرُّ ثمّ مُنظّمٌ / وَإِن نَطَقت فَالدّرُّ غَيرُ مَنظّمِ
حَلفتُ بِمَن زارَ الملبُّونَ بَيتهُ / وَما رَحَّلوهُ نَحوه مِن مخطَّمِ
وَشُعثٍ أَطالوا في الهَجيرِ ظِماءهم / إِلى كَرعةٍ مِن ماءِ أَحواضِ زمزمِ
وَبِالخيفِ إِذ حطُّوا إِليهِ رِحالَهم / وَما هَرَقوا عندَ الجِمارِ منَ الدّمِ
وَبالوادِ وادي بَطنِ مكّةَ مُفعَمٍ / يلفُّ أُناساً من مُحِلٍّ وَمحرمِ
إِذا رَفَعوا تِلكَ العقائرَ هدَّراً / سَمِعت كَقعقاعِ الأباء المضرّمِ
لَقَد نالَ فَخرُ الملكِ مِن قُلَلِ العُلا / مَواطنَ شطّت عَن فَصيحٍ وأعجمِ
وَأَحرَزَها فَوتُ الظّنونِ منيحةً / إِذا طَلَبت أَعيَت عَلى المتجشّمِ
ولم يقرها إلا شبا السيف في الوغى / وإلا سقيطاً من قناً متحطم
فَتىً لَم يُرِغ إلّا الثناءَ ولَم يُطِع / وَقَد سُئِلَ المَعروف غيرَ التكرّمِ
وَلا باتَ في أَعقابِ أَمرٍ مغرِّبٍ / يعضُّ بَنانَ الآسفِ المتندِّمِ
وَلَم يُدنِ مِن أَبياتِهِ غير ذابلٍ / طَويلٍ وآرِيِّ الجوادِ المطهَّمِ
بِجودٍ كَما شاءَت سَحابةُ مربِعٍ / وَحلمٍ كَما اِختارَت هضابُ يَلملمِ
لَهُ الخَلواتُ اللّائي ما اِعتَرضت بها / قَذاةٌ ولا إِلمامةٌ بمحرّمِ
فَلَيس غدوٌّ عِندهنَّ لزلّةٍ / وَلَيسَ رواحٌ بينهنّ لمأثمِ
فَمَشهدهُ في صَونِهِ كَمغيبهِ / وَذاكَ الّذي يُبديهِ مثلُ المكتَّمِ
وَما العفُّ إلّا مِن تنزّه قادراً / فَربّ عَفافٍ كانَ مثلَ التحرّمِ
أَذمُّ إِليك الدّهرَ إلّا لَيالياً / طَلعت لنا فيهنّ غُرّة أدهمِ
فَمن لَم يَكُن للدّهر قَبلك لائِماً / فَما فيهِ بَعد اليومِ لومٌ للوّمِ
أَجِل في الورى طَرفاً فَإنّكَ لا ترى / مِنَ النّاس إلّا من عَمَمت بأنعُمِ
بحدٍّ كَحدّ السّيفِ غَير مثلّمٍ / وَعودٍ كَعودِ الرّمح غير مُوَصّمِ
وَإِن زُرتَهُ يَوماً فإنّ مَزارهُ / قَرا مُسرَجٍ في هَبوَةِ النّقعِ ملجَمِ
وَلا خَيرَ فيمن لا يَطيعك قَلبُه / وَيَجشمُ ردّاً عَنك ما لم تجشّمِ
فَأَكثرُ طاعاتِ الرّجالِ ذرائعٌ / إِلى نيلِ حاجاتٍ وَإِدراكِ مغنمِ
وَأَنتَ الّذي وَلّيتَني المننَ الّتي / أَنفنَ عَلى ظنّي وَفُتنَ تَوهّمي
هَنيئاً لَكَ التحويل في اللّيلة الّتي / أَذلّ إِليها السّعدُ سَبعة أنجمِ
أَتَتنا بِصَفوٍ منك في كدرِ الوَرى / وَجاءَت بِفذٍّ في العلا غير توأمِ
فَلا زلتَ تَخطو نَحوهُ كلّ حادثٍ / وَتطوي إِلَيهِ كلّ حولٍ مُجرّمِ
على الرَّبعِ رَبْعِ الرّاحلين سلامي
على الرَّبعِ رَبْعِ الرّاحلين سلامي / وإنْ هاج تسليمي عليه أُوامي
تذكّرتُ لمّا أنْ مررتُ على اللِّوى / بِأهلِ اللّوى وجدى وطول سَقامي
وما مكّنَ الحادون بِي من تَلُّومٍ / عليه ولا مَن حَطّ بعضَ لثامي
وساروا وقلبي من ورائي تلفُّتاً / وإنْ كان قصدُ النّاعجاتِ أمامي
وَما كنتُ من قبل الّذين ترحّلوا / أُقادُ إلى دار الهوى بزِمامِ
وَلمّا تَركنا الأثلَ من جَنَباتِنا / وأطربني منهنّ نَوْحُ حَمامٍ
رماني غزالُ الواديينِ بسهمِهِ / وطاشتْ وعندي الشَّيبُ عنه سهامي
وَما رابَهُ إلّا اِبيِضاضُ مفارقي / وأنّ صباحي في مكان ظلامي
نَفضتُ الصِّبا عن أمّ رأسي وقَلَّصَتْ / عن الغانياتِ شِرَّتي وعُرامي
فما لِيَ تعريجٌ بذاتِ قلائدٍ / ولا لِيَ إلمامٌ بذاتِ خِدامِ
فَكَم بين أنّي رُقْتُهنّ بفاحمي / وبينِيَ لمّا راعهنّ ثَغامي
أقول وقد خلّفتُ سَلْعاً لناقتي / وزفرتُها موصولةٌ ببُغامِ
وَحنّتْ كما حنّ الأباءُ محرَّقاً / تلاطمُهُ النّكْباءُ أيَّ لِطامِ
فؤادِيَ مشتاقٌ ودمعِيَ جامدٌ / وأنتَ بلا شوقٍ ودمعُك هامِ
وليس بمغنٍ في سوادِ جوانحٍ / لقلبك من وَجْدٍ بياضُ لُغامِ
قِفِي بي على الزَّوراءِ في خير موقفٍ / وَعوجي بِنا منها بخير إمامِ
فما لَكِ إنْ بلَّغْتِنِيه مشافِرٌ / يعُدنَ إلى قطع المدَا بخطامِ
ولستُ أُبالي كيف أصبحتِ بعدها / أَجبَّاءَ أم كَوْماءَ ذاتَ سَنامِ
وَقد عَلِقَتْ كفَّيَّ بالنّبعِ من مُنىً / فما أنا أُمْنى بعدها بثُمامِ
فقولوا لِمَلْكِ النّاس عنِّيَ قولةً / إذا قلتُها لم أخشَ فيه مَلامي
أَلستَ الّذي لولاه لم يكُ ركنُنُا / بركنٍ ولا مدعومُهُ بدعامِ
وَلَولا الّذي نظّمتَهُ منه جاهداً / لغُودِر محلولاً بغير نظامِ
ولا كان منّا غيرُ حائمِ قفرةٍ / يلوذ على حرّ الصَّدى بحيامِ
فأين ملوكُ الأرضِ منك وأين مِنْ / تَبَلُّجِ إصباحٍ سوادُ ظلامِ
وأيُّ مليكٍ قبلك اليومَ قادرٌ / مضى لم يطُفْ فيه بَربْعِ أثامِ
وأيُّ حلالٍ قبلما أنت فاعلٌ / رأيناهُ لم يمزِجْهُ بعضُ حرامِ
وَأَنتَ الّذي أَوْلَيتنا النّعمَ الّتي / تركْن كِرامَ النّاسِ غيرَ كِرامِ
وقد جرّبوا منك الحفيظةَ حيثما / دُعيتَ إليها والعيونُ سوامِ
لدَى ساعةٍ ما إنْ بها متحكِّمٌ / سوى ذابلٍ لَدْنٍ وحدِّ حُسامِ
وأنت على جَنْبَيْ سريعٍ إلى المدَا / كأنّك منه فوق ظهرِ شَمامِ
وللخيلِ إمّا من نَجيعٍ براقعٌ / وإلّا عثارٌ في الصّعيد بِهامِ
يثرنَ خفافاً في الوغى فكأنّما / شَلَلْتَ على دَوٍّ قطيعَ نَعامِ
وَحولكَ طلّاعون كلَّ ثَنِيَّةٍ / إلى الموتِ ورّادون كلَّ حِمامِ
إذا قُذِفوا في حَوْمَةٍ فكأنّما / تَضَرَّمُ منه قَفْرُها بضرامِ
تراهمْ كراماً بالنّفوسِ لدى الوغى / ولكنّهمْ في الحربِ جِدُّ لِئامِ
جعلتُك حِصْني يوم خوفي من الأذى / وتُرساً من الأعداء يوم أُرامي
فأنتَ سِناني يوم طعنِيَ في الكُلى / وأنت حُسامي إن سلَلْتُ حسامي
ولستُ أُبالي بعد أن إِبْتَ بالّذي / تريع جروحي عنده وكِلامي
وإنّ عَنائي في هواك لَراحةٌ / وَإِنّ اِنتِقاصي في رضاك تمامي
وَعَن كُلَّ شيءٍ تَجتَويهِ طرائدي / وفي كلِّ شيءٍ ترتضيهِ حِيامي
وما ضرّني لمّا شَرِبتُك أنّني / غَرَفتُ فلم أشربْ كؤوس مُدامِ
وَلا أنّ كفّي لم أَنُطْها بِعصْمَةٍ / من النّاس أطواراً وأنت عصامي
وحوشيتُ أَنْ ألقى سواك مُمَلَّكاً / هوايَ ومعطي باليدين غرامي
فإنْ تكُ أسبابٌ لديك ضعيفةٌ / فأسبابُ قربي منك غيرُ رِمامِ
فلا حان يومٌ منك فيه قطيعتي / ولا آن وقتٌ فيه منك صِرامي
ولا اِطُّرِحَتْ إلّا برَبْعِك أرحُلي / وَلا كانَ إلّا في ذُراك مقامي
وأيُّ كلامٍ لم يكنْ بمفَاخرٍ / سبقت بها سِلْكاً فليس كلامي
وهُنِّيتَ يومَ المِهْرَجانِ فإنّه / كفيلٌ بما تهوى بكلِّ مَرامِ
يبشّرنا فيما نرى بإقامةٍ / وفي نعمٍ أُلْبِستَها بدوامِ
وَما جاءنا إلّا بِأَسعدِ طالعٍ / وَلا زارَنا إِلّا بأفضلِ عامِ
ومهما تَدُمْ فالعينُ فيه قريرةٌ / وكلُّ غصونٍ للأنامِ نوامِ
عليك أَميرَ المؤمنين سلامي
عليك أَميرَ المؤمنين سلامي / وفي يدك الطُّولى زِمامُ غرامي
وأَنتَ الّذي لمّا بلغتُ ديارَه / بلغتُ المُنى عفواً ونلتُ مَرامي
ولم يك لي إِلّا عليك توكُّلِي / وَلا كانَ إِلّا في ذُراك مقامي
وحبُّك ثاوٍ في سوادِ جوانحي / وأَنت صباحي في سوادِ ظلامي
ولمّا وردتُ العِدَّ في عزّك الّذي / به الشَّرفُ الأقصى بلَلْتُ أُوامي
ولستُ أُبالي من لِمامِ عظيمةٍ / أَمامي بها دون الأنامِ إمامي
وما لي اِلتِفاتٌ بعد أنْ كنتَ جُنَّتِي / إلى مَنْ رماني عامداً بسهامِ
وَما شقّت الأوطار إِلّا بلغتُها / بكلِّ صهيلٍ تارةً وبُغامِ
ومحتقرين للدّؤوبِ كأنّهمْ / سِراعاً إلى القِيعانِ فوق نَعامِ
إِذا اِلتَفّ مِنهمْ واحدٌ بقبيلةٍ / فَقَد لَفّ نبعٌ منهمُ بثمامِ
وإِنْ قُذِفوا في حَوْمةٍ فكأنّما / قذفتَ يَبيساً من غَضاً بضرَامِ
كأنّهمُ لم يعرفوا الموتَ جُرأةً / عليه ولا وارَوْا فتىً برِجامِ
فَقُلْ للّذي يَبغي مساماةِ هاشمٍ / وقد فَضَلوا في الفخر كلَّ مُسامِ
وفيهمْ شعارُ الدّين يجري ومنهمُ / كما شاهد الأقوامُ كلُّ هُمامِ
وقد ملكوا الأرضَ العريضةَ كلَّها / وقادروا عرانين الورى بخطامِ
عدلتَ بحصباء الثّرى أنجُمَ العُلا / وسوّيتَ ظُلْماً جُثَّماً بقيامِ
فأين ضياءٌ ساطعٌ من ظلامِهِ / وأين سماءٌ من حضيض رَغامِ
فللّه أيّامٌ مضين وأنتُمُ / تخوضون فيها الخيلَ لُجَّ قَتامِ
وللخيلِ إمّا بالجسومِ طريحةً / عِثارٌ وإمّا بالصّعيدِ بهامِ
وما إنْ ترى في ذلك الحين آمراً / مطاعاً سوى رمِحٍ وحدِّ حُسامِ
ولمّا أردتمْ فصلَ ما كان مُلبِساً / ضربتمْ لُهاماً في الورى بلُهامِ
وما زلتُمُ حتى أخذتمْ تراثَكم / وأنتمْ كرامٌ من أكفّ لئامِ
وَطارَ الّذي لا خيرَ فيه كأنّه / عقيبَ اِنبلاجِ الصّبح طيفُ مَنامِ
وحقُّكُمُ في النّاس ما كان خافياً / ولكنْ تغابٍ دونه وتَعامِ
وفُزتُم به من غير أنْ تتدنّسوا / بعارٍ وأنْ تُقْذَوْا عليه بذامِ
فللّه ما قاسيتُمُ من شديدةٍ / وداويتُمُ في اللَّه أيّ سَقامِ
وعرّضتُمُ أجلادكمْ في حفيظةٍ / لكلِّ كُلومٍ صَعْبةٍ وكَلامِ
وحُمِّلْتُمُ الأعباءَ وهي ثقيلةٌ / وكم من ثقيلٍ فوق ثِقْلِ سِلامِ
وإنْ كنتُمُ عُرِّيتُمُ من مقامكمْ / زماناً فكم صُدَّ الضُّحى بظلامِ
فَواديكمُ والحمدُ للّه مُفْهقٌ / من العزّ فينا والبحورُ طوامِ
وأنتمْ كما شئتُمْ وشاء وليُّكمْ / ودمعُ الّذي يُشجى بذلك هامِ
وبالقائمِ الماضي الشّبا قامتِ العُلا / وهبّتْ عيونٌ بعد طول مَنامِ
ولولاه كنّا مثلَ نَهْبٍ مقسَّمٍ / وَلَيسَ لَنا في ذي الأذيّة حامِ
هَنيئاً بِهَذا العيد يا خيرَ مفطرٍ / كما كنتَ عصرَ اليومِ خيرَ صيامِ
فإنْ تركوا مآكلاً ومشارباً / فإنّك ترّاكٌ لكلّ حَرامِ
وإنْ جانبوا بعضَ الأثامِ تورُّعاً / فَأنتَ الّذي جانبتَ كلَّ أَثامِ
وَإِنْ خَشَع الأقوامُ يوماً لربّهم / فأين خشوعٌ من خشوع شَمامِ
فلا زلتَ طلّاعاً لكلِّ ثنيَّةٍ / من العمرِ سبّاقاً لكلّ حِمامِ
وإن لم يدمْ شيءٌ فمُتّعتَ بالّذي / به أنتَ مشغوفٌ بكلّ دوامِ
وبُلّغتَ من ذُخرِ النُّبُوّةِ كلّما / تُرامِي وعنه بالنّضالِ تُحامي
فبشّرْ بوالي العهدِ قومَك عاجلاً / فَلا طَرْفَ إلّا نَحو ذلك سامِ
وَلا اِجتازَ ثَلْمٌ لم تَرِدْهُ بريبةٍ / ولا مرّ نقصٌ محتوٍ بتمامِ
وَلا اِعتلَّ شيءٌ كان فيك مُصحَّحاً / ولا اِنحلَّ منكَ الدَّهرَ سلكُ نظامِ
وإنْ أجدبتْ أجراعُ قومٍ فلا يزلْ / جنابُك ممطوراً بكلّ غَمامِ
فَلا تَحفِلَن إلّا بما أنا قائلٌ / ولا تسعمنْ في المدحِ غير كلامي
ونُصحُكمُ فرضٌ فدونك قولةً / حططتُ لها حتّى أقولَ لِثامي
لَقَد ظَفِرت أيّامُكُم بِمُحمَّدٍ / بماضٍ حديدِ الغَرْب غيرِ كَهامِ
فخدمتُهُ أغنتكُمُ وهو واحدٌ / وكم واحدٍ أغنى غَناءَ أنامِ
فضمّا عَليه باليدين فإنّه / مَلِيٌّ كَما نهوى بكلِّ مَرامِ
وَليسَ سعودُ المرء إلّا رضاكُمُ / وإنْ لم يَطُفْ منكمْ برَبْعِ مَلامِ
خدمتُكمُ والرَّأسُ منّيَ فاحمٌ / وها الرّأسُ مُبَيضُّ الذُّرا كثَغامِ
وَلَم تَظفروا منّي بِهَفوةِ عامدٍ / تطأطئُ رأسي أو تجرّ مَلامي
فمَغْنىً جفوتمْ لا وطأتُ تُرابه / ولا ضُربتْ يوماً عليه خيامي
وما لِيَ تعريجٌ بغير شعابكمْ / ووادٍ حللتمْ فيه دارُ مقامي
وعنكمْ ضرابي او طعانِيَ في العِدا / وفيكمْ جِدالي كلُّه وخصامي
فلا زلتُ موقوفَ الغرامِ عليكمُ / إلى أنْ أَزورَ تربتي بحِمامي
وعَقْرُكمُ لا كان منه ترحُّلِي / ودرُّكُمُ لا كان منه فطامي
وإنِّيَ منكمْ وُصْلَةً وولادَةً / وفي حبّكمْ لا زلت عنه مسامي
وسِيطَ بلحمي وُدُّكمْ ثمّ رُوِّيَتْ / عظامِيَ منه وهي غيرُ عظامي
وذكرُكُمُ زادي وقوتِيَ في الورى / ومثلُ شرابي طعمُهُ وطعامي
هلِ الشيبُ إلّا غُصّةٌ في الحَيازِمِ
هلِ الشيبُ إلّا غُصّةٌ في الحَيازِمِ / وداءٌ لرّباتِ الخدور النّواعمِ
يَحِدْنَ إذا أبصَرْنَه عن سبيلهِ / صُدودَ النّشاوى عن خبيث المطاعمِ
نعمّمتُهُ بعد الشّبيبةِ ساخطاً / فكان بياضُ الشّيبِ شرَّ عمائمي
وقُنّعتُ منه بِالمَخوفِ كأنّني / تقنّعتُ من طاقاتِهِ بالأراقمِ
وهيّبني منه كما هاب عائجٌ / على الغابِ هيباتِ اللّيوثِ الضّراغمِ
وهدّدني في كلّ يومٍ وليلةٍ / سَنا وَمْضِهِ بالقارعاتِ الحواطمِ
كفانِيَ عُذّالي على طرْبَةِ الصِّبا / وقام بلَوْمٍ عِفْتُهُ من لوائمي
وقصّر عنِّي باعُ كلِّ لَذاذَةٍ / وقصّر دوني خَطْوُ كلِّ مُخالِمِ
فواللَّهِ ما أَدري أَصُكَّتْ مفارقي / بِفِهْرِ مَشيبٍ أوْ بفهرِ مُراجِمِ
ولمّا سقانِيهِ الزّمانُ شربتُهُ / كما أُوجِرَ المَأْسورُ مُرَّ العلاقمِ
حَنَتْنِيَ منه الحانياتُ كأنّني / إذا ظَلْتُ يوماً قائماً غيرُ قائمِ
وَأَصبحتُ يُستَبْطى مُثُولِي ويُدَّعى / وَما صدقوا فيَّ اِختلالُ العزائمِ
فَلا أَنا مَدعوٌّ ليومِ تَفاكُهٍ / ولا أَنَا مرجُوٌّ ليومِ تخاصمِ
فلا تطلبا منّي لقاءَ محاربٍ / فَما أَنا إِلّا في ثيابِ مُسالِمِ
وَلا تَدفَعا بي عنكما غُشْمَ غاشمٍ / فإنِّيَ في أيدي المشيبِ الغواشمِ
فَلو كُنتُ آسو منكما الكَلْمَ ما رأتْ / عيونُكما عندي كُلومَ الكوالِمِ
وإنّي أميمٌ بالمشيبِ فخلِّيا / ولا تطلبا عندي علاجَ الأمائِمِ
مشيبٌ كخَرْقِ الصُّبحِ عالٍ بياضُهُ / بُرودَ اللّيالي الحالكاتِ العوارمِ
وتطلع في أُفقِ الشّبابِ نجومُهُ / طلوعَ الدَّرارِي في خلالِ الغمائمِ
كأنِّيَ منه كلّمَا رمتُ نهضةً / إلى اللّهوِ مقبوضُ الخُطا بالأداهمِ
تُساندنِي الأيدي وقد كنتُ برهةً / غنيّاً بنفسي عن دِعامِ الدّعائِمِ
وَأخشَع في الخطبِ الحقير ضراعةً / وقد كنت دفّاعاً صدورَ العظَائمِ
وقد كنتُ أبّاءً على كلّ جاذِبٍ / فلمّا علاني الشّيبُ لانَتْ شَكائمي
ولمّا عراني ظِلُّهُ وحملتُهُ / أنِسْتُ على عَمْدٍ بحَمْلِ المظالِمِ
فلا ينغُضَنْ رأسي إلى العزّ بعدما / تجلّلهُ منه مُذلُّ الجماجمِ
فيا صِبغَةً حُمِّلتُها غيرَ راغبٍ / ويا صبغةً بُدِّلْتُها غيرَ سائمِ
ويا زائري من غير أن أستزيرهُ / كما زِيرَ حَيْزومُ الفتى باللّهاذِمِ
أقِمْ لا تَرِمْ عنّي وإنْ لم تكنْ هوىً / فكم قد سَخِطْنا فَقْدَ غيرِ مُلائمِ
فمن مبدِلي من صبحِهِ بظلامِهِ / ومَن عائِضِي عن بِيضهِ بالسّواهمِ
ومن حاملٌ عنّي الغَداةَ غرامهُ / وقد كنتُ نهّاضاً بثِقْل المغارِمِ
فيا بيضَ بِيضَ الرّأْسِ هل لِيَ عَوْدَةٌ / إلى السُّودِ من أغياركُنّ الفواحمِ
تنازحنَ بالبِيض الطّوالعِ شُرَّداً / كما شرّد الإصباحُ أحلامَ نائِمِ
ويا فجرَ رأسي هل إلى ليلةِ المُنى / سبيلٌ وكرّاتِ المواضي القوائمِ
ليالِيَ أُفدى بالنّفوسِ وأرتدي / من البِيض إِسعافاً ببيضِ المعاصِمِ
فإنْ كان فقداني الشبيبةَ لازماً / فحُزْني عليها الدّهرَ ضربةُ لازمِ
وإنْ لم يكنْ نَوْحي بشافٍ وأدمعي / فدمعُ الحيا كافٍ ونوْحُ الحمائمِ
غُرِرْتُ بما أَظهرتموه وليس لي
غُرِرْتُ بما أَظهرتموه وليس لي / بدائكمُ تحت الأضالعِ من عِلْمِ
وما كنتُ أخشى أنّ ذنباً جنيتُمُ / يَضيقُ به ذَرْعي مَدا الدّهرِ أوْ حِلْمِي
ولا أَنّنِي أُدْهى منَ الأمنِ غافلاً / ويَكلِمُنِي من كنتُ آسو به كَلْمِي
ومن عَجَبٍ أنّ السّهامَ تصيبني / من القوم ما فَوَّقْتُ نحْوهُمُ سهمي
وَإنِّيَ أَقضي كلَّ يومٍ وليلةٍ / فَأقربُ إبْقاءً وأُرمى فلا أَرمِي
فلا تطعموا أنْ تظلموني فإنْني / بعيدٌ متى حاولتُمُ عن يد الظلْمِ
فلا تطلبوا حربي فإنّ غَبِينَةً / طِلابُ اِمرئٍ حربي وفي كفِّهِ سِلْمِي
وَإنْ كنتُ مغروراً بكمْ بعد هذه / فلا تقبلوا عذري ولا تغفروا جُرمي
وَما الذّئبُ إلّا لِلزّمان الّذي رمى / صَميمي بكمْ كُرْهاً وصيَّركُمْ قِسْمِي
ولمّا اِلتَقينا والقلوبُ مَهيجةٌ
ولمّا اِلتَقينا والقلوبُ مَهيجةٌ / وأَيمانُنا مشغولةٌ بالقوائِمِ
جعلنا القنا فيهمْ مكانَ ضلوعهمْ / وحدَّ الظُّبا منهمْ مكانَ العمائِمِ
وأَقدَمَتِ النَّصْرَ البعيدَ سيوفُنا / وقد كان لولا سلُّها غيرَ قادمِ
وعُدنا كما شئنا تَعَثّر خيلُنا / عقيبَ التّلاقي بالطُّلى والجماجِمِ
كذا تُكشفُ الغَمّاءُ بعد ظلامِها
كذا تُكشفُ الغَمّاءُ بعد ظلامِها / وتبرأ أوطانُ العُلا من سَقامِها
وتُغمدُ بِيضُ الهندِ من بعد فَجْعِها / جُسومَ الكُماة المُصْلِتين بِهامها
وتُركَزُ سمر الهندِ من بعد خَرْقِها / نُحورَ العِدا طعناً وفَضِّ ختامِها
وتُضحِي رياضُ الحَزْنِ خُضْراً أريضةً / وَقد رويتْ كما اِشتهتْ مِن غمامِها
وَيَضحكُ وَجهُ الخَطْبِ بعد عُبوسِهِ / وتخمدُ نارُ الحربِ بعد اِضطرامِها
فيا رُكْنَ دينِ اللَّه وَالعروةُ الّتي / كُفينا بُصْنعِ اللَّهِ شَرَّ اِنفِصامِها
هَنيئاً بِها مِن نِعمةٍ فاتتِ المنى / فلم يَبْقَ للآمالِ غيرُ دوامها
وما قادَها من بعد أنْ أعيَتِ الورى / إليك سوى ربِّ الورى من خِطامها
فَلَم تكُ إلّا عَزْمةً منك في التُّقى / كفَتْك من الأيّامِ سوءَ اِعتزامها
دعوتَ لها مَن لا يخيبُ دعاؤهُ / فأرعاك منها مِنْ أجَلِّ مَسامِها
فكان ضميناً بعدها بدُنُوِّها / وَكانَ كفيلاً صَدْعها باِلتئامِها
وما زلتُ أرجوها ومنتظراً لها / كمنتظرٍ من حاملٍ لتمامِها
وبشّرنِي ظنّي بها قبل كونها / وأظهرها لِي في زمانِ اِكتِتامها
وكنتَ إذا ما حادثاتٌ تعرّضَتْ / رأيتَ جَلاها من خِلالِ قَتامها
فكفكَفْتَ منها قبل حين طلوعها / وروّأتَ فيها قبلَ وَشْكِ اِنهجامِها
فإنْ كنتَ قد قاسيتَ منها عظيمةً / فإنّ العظيمَ مُبتَلىً بعظامِها
فإنْ أجرمتْ فيك اللّيالِي فقد أَتَتْ / على عَجَلٍ منها بمحوِ اِجتِرامها
وقد وادَعَتْنا اليومَ فَاِغفر لها الّذي / مضى من تجنّيها وفَرْطِ عُرامِها
وداوتْ جروحاً من يديها رغيبةً / وعَفّتْ نُدوباً من نُدوبِ عِذامِها
ووقّرْتَها بعد الجنونِ وقد ثَوَتْ / خَبوطاً عَثوراً خُفُّها بزمامِها
فها هِيَ لا تُقذى بشيءٍ من القَذى / ولا يستطيع الدّهرُ حلَّ نظامِها
حمىً يتّقيهِ المُقدِمون وخِطَّةٌ / أبَتْ لمُغيرٍ ثُلَّةً من سَوامِها
فيا بُعْدَ مَرْمى ليلها من صباحها / ويا بُعْدَ مَرْمى نَبعها من ثُمامِها
وعلّمْتَ أملاكَ الورى إنْ تعلّموا / لدى نكْبَةٍ أنْ يخلصوا من مَذامِها
وإنْ يشتروا في ساحةِ العِزِّ رُتبةً / تجاذبُها الأيدي بحكمِ اِستِيامِها
رَمَتْك فلمّا لم تُصِبْك تناكصتْ / مُخَيَّبَةً مجروحةً بسهامِها
ولمّا رأتْ منك الصّريمةَ أَبدَلَتْ / على مَضَضٍ إقادمها باِنهزامِها
فروّيتَ ظمآنَ الثّرى من دمائها / وأشْبعتَ ذُؤْبانَ الفضا من عظامِها
وما بَرِحتْ حتّى أدَرْتَ وما دَرَتْ / كؤوسَ رَداها لا كؤوس مُدامِها
ولمّا تركتَ السَّيفَ فيهمْ وحُكمَه / جعلتَ بُكاها في مكان اِبتسامِها
عصابةُ بَغْيٍ بوعِدَتْ عن حلومها / فلم تدرِ جهلاً شيخَها من غلامها
أقامتْ على دار العُقوقِ فلم تَرِمْ / وَما رَدَّدَتْ إلّا طويلَ ملامِها
ولمّا رأَتْك مُقبلاً حار فَهْمُها / وأشْكَلَ فيها رُمْحُها من حسامِها
وَطاح الّذي غُرّتْ بهِ من وساوسٍ / وصارتْ كحُلمٍ أبصرتْ في منامها
هُمُ ثوّروها فتنةً لم تفِدهُمُ / سوى حزِّهم أَوصالَها واِنتقامها
وقد نَكَّروها جُهْدَهمْ فعرفتَها / وقد طلعتْ من قبل حَطِّ لِثامها
وهمْ أوقدوها جَهْلَةً بمآلها / فَما اِحتَرقوا إلّا بشبِّ ضِرامِها
وَهُمْ زَعزعوها وَاِرتَجَوْا لذّةَ الجنى / فلم يجتنوها اليومَ غيرَ حِمامِها
نَثَرْتَهمُ ضرباً وطعناً بقفرةٍ / كأنّهُمُ بالعين بعضُ رَغامِها
وزدتَ وقد طَرَّحْتَهمْ حِزَقاً بها / بطرْقِ المنايا في عِدادِ إكامِها
وَلَم تكُ إلّا مثلَ قَبْسَةِ قابِسٍ / ونُغْبَةِ كُدْرٍ ما اِرتَوَتْ من أُوامِها
وكان تَوَلِّيها عقيبَ مجيئها / وكان الرّضاعُ في جوارِ فطامِها
وأنت على مَعْروقةٍ عند شدّها / كذئبِ الفلا أوْ شِدَّةً كسِلامها
تُخال وقد هزّ المَراحُ كَلِيلَها / نجومُ الثُرَيّا حِلْيَةً للجامِها
كأنّك منها فوقها أوْ كراكبٍ / من الشُّمِّ أعلى هَضْبَةٍ من شَمامها
فكفّاك في تصريفها كعِنانِها / ورِجْلاك في إمساكِها كحِزامها
تدوس بك القتلى وقد ملأوا الثّرى / بِغيرِ تَوقّيها وغيرِ اِحتشامِها
فخذها كما أعطاك ربُّك دولةً / حباك بما تهوى بدار مُقامِها
مجدَّدَةً ما للخطوبِ معرَّجٌ / عَليها ولا إلمامةٌ من لِمامِها
ورام العِدا أنْ يسلبوك ثيابَها / وقد حالت الأقدارُ دون مَرامِها
وأنْ يُنزلوك عن قَراها كأَنَّهمْ / بما فعلوا عالوْك فوق سنامِها
فلا طَرَقتْها للحوادثِ طَرْقةٌ / ولا عبثتْ أيدي الرّدى باِنثلامها
ولا زِلْتَ مَحْبُوّاً بها كلَّ ليلةٍ / مُحَيّاً على طولِ المدا بسَلامِها
عَذيرِي مِنَ القومِ الّذين أراهُمُ
عَذيرِي مِنَ القومِ الّذين أراهُمُ / مَدَى الدّهرِ لا يهوَوْن منّي سوى ظُلمي
هُمُ كَلَموا جسمي ولم يكُ عندهمْ / بأنّ كُلومي ليس يا قومُ من جسمي
وَلولا اِحتِقاري همْ عدىً لرميتُهمْ / ولكنّني فيهم أَغارُ على سهمي
وقد خَبَروني كلَّ يومٍ وليلةٍ / فَما أَنكروا منّي ولا كرهوا طعمي
يظنّ رجالٌ بي ظنوناً شنيئةً
يظنّ رجالٌ بي ظنوناً شنيئةً / وكم أخفقتْ ممّن يظنّ ظنونُ
وَيلقَونَني بالبِشْرِ مِنهُم وَدونه / حُقودٌ وغِلٌّ في الصُّدور دفينُ
فإِنّ غرتُ في تفتيشِ مَن أستعينُهُ / فَما هو إلّا مَن عليَّ يُعينُ
وإنّ اِمرأً يُمسِي ويُصبح آمناً / من النّاسِ مَعْ تجريبهمْ لَغَبِينُ
رماكَ فأَصْماك اِمرؤٌ لم تكن له
رماكَ فأَصْماك اِمرؤٌ لم تكن له / رَمِيّاً ولم يخطرْ ببالك شأنُهُ
وَلَو أَنّني حاذرتُهُ لكُفِيتُهُ / وكم آمنٍ جانٍ عليه أمانُهُ
فَإِنْ ساءَني منه الغداةَ مَغيبُهُ / لقد سرّني منه طويلاً غِيابُهُ
وإنْ كنتُ مكلوماً بعقدِ ضميرهِ / فإنّ شفاءً ما يقول لسانُهُ
وَللموتُ خيرٌ للفتى من مذلَّةٍ / تنمُّ عليه أوْ هَوانٌ يُهانُهُ
وإنْ كنتُ يوماً تائباً عن مودّة الر / رِجالِ فهذا وَقْتُهُ وأوانُهُ
أقول لزيدٍ كفْكفِ الخيلَ عَنْوَةً
أقول لزيدٍ كفْكفِ الخيلَ عَنْوَةً / وإلّا فَلا حَمْداً كسبتَ ولا مَنّا
سُقيتَ الرّدى إنْ هبتَ بادرة الرّدى / وَما أَنت منّي إنْ جَنَحْتَ إلى الأدنى
أَلَم تَرَني وَالمَوتُ مُلْقٍ جِرانَه / أقدّم نفساً ما أساءتْ به ظنّا
وإنّا لنُعطي السِّرَّ ما شاء من حِمىً / وتأْبى لنا الحَوْباءُ أن نسترَ الضِّغْنا
حريّون أن نُعطَى المَقادَةَ في الورى / وقد قصّرتْ في الرَّوْع كلُّ يَدٍ عنّا
طِوالُ القنا ما بين أجفاننا قذىً / وظِلُّ المنايا الكالحاتِ لنا مَغْنى
تخوّفنا أبناءُ قيسٍ وعيدَهمْ / وَلو أنّنا نخشى الوعيد لما سُدْنا
ولو فهموا عنّا مَقالَ سيوفنا / لعلّمَهمْ فحواه أنْ يقرعوا سِنّا
أَحقّاً بني الإِحجامِ ما طار عنكمُ / أطرتمْ وربّي في ضلوعكمُ اللَّدْنا
وقد كنتمُ أطْفَأتمُ نارَ حِقْدِكمْ / فإنْ عدتمُ في شبّ جمرتها عُدنا
لَحَا اللَّهُ مَن يحنو على الضّيم جَنبَهُ / ولو أنّ عنقَ الرُّمحِ في جنبه يُحنى
يقولون إنّ الأمنَ في هجرك الوغى / ألا قبّح اللَّهُ اِمرأً يَبتغي الأمْنا
رعَى اللَّهُ فِتياناً خِفافاً إلى العُلا / إذا عزموا أمْضَوْا ولم يرقبوا إذْنا
إذا ركبوا جُنْحاً أشابوا عِذارَه / وَإنْ يمتطوا صُبْحاً أعادوا الضُّحى وهْنا
أذالوا على الأيّامِ صَوْنَ غرامهمْ / فلن يُبصروا من غير طلعتها حُسنا
ونالتْ بأسرار القلوب ظنونُهمْ / كأنّ لهمْ في كلِّ جارحةٍ إذْنا
قطعتَ بها يا دهرُ حبلَ وَتِيني
قطعتَ بها يا دهرُ حبلَ وَتِيني / فشأنُك أنّي اليومَ طوعُ شُؤوني
ولا تَلْحَني إنْ ضَلّ عنّي تصبُّري / فقد ضلّ عنّي صاحبي وقريني
ويا مَنْ عهدناه ضَنيناً بدمعِهِ / كنِ اليومَ في ذا الرُّزءِ غيرَ ضَنينِ
وإِنْ كنتَ مرتاداً حنيناً ولوعةً / فخذ سَرَفاً من لوعتي وحنيني
فَلَم تُشْفَ إلّا بالبكاءِ حرارتي / وَلَم تقضَ إِلّا بالدّموعِ ديوني
فأيُّ نفيسٍ قلّص الموتُ شخصَه / على بَغْتَةٍ عنّا وأيُّ ثمينِ
مُعَرَّسُ أسراري إذا ما تَقَلْقَلَتْ / ومَلْقى همومي خالياً وشُجوني
وَمَن كان عَوْني يومَ أبغي معونةً / بحيث شمالي لا تُعين يميني
وعارٍ من الفحشاء زلّ به الرّدى / كما زلّ نَصْلٌ في أكفِّ قُيونِ
أمينٌ على سرِّ الأخلّاءِ حيثما / يكون أمينُ القومِ غيرَ أمينِ
فأىُّ شَجاةٍ بعده لجوانحي / وأيُّ قذاةٍ بعده لجوفني
وعاذلةٍ هبّتْ عليَّ تلومني / فقلتُ دعيني والمصابَ دعيني
لقد فاتَنِي منه الّذي كنتُ أَرْتجي / وَأخلَفتِني فيه الّذي تَعِدِيني
عِدِيني ومَنّيني سِواه فقد مَحا / طُروقُ الرّدى فيه طريقَ ظُنوني
وإنْ كنتِ تبغيني ففي جانبِ الأسى / فإنّكِ في السُّلوانِ لا تَجديني
فلا تتّقيني في البكاءِ وكلّما / سئمتُ فأعييتُ البكاءَ فقِيني
ولا تسأليني لِمْ جَزِعْتَ وإنّما / عن الحزنِ لم أبلُغْه فيه سَلِيني
قرعتَ به يا موتُ قلبي فلِمْ تَلُمْ / على فقده أنّي قرعتُ جبيني
ولا غَرْوَ أنْ أبكي لمنْ خفّ بالرّدى / إذا كنتُ أبكي يومَ خفَّ قطيني
أفي كلِّ يومٍ أيّها الدّهرُ فُرقةٌ / فراقُ حميمٍ أَوْ فراق خَدينِ
ففي أيِّ فجٍّ لا أراك تنوبني / وأيُّ عجيبٍ لا أراك تُريني
وكم أنا مغرورٌ بك العمرَ كلَّه / تخادعني عن خِبرتي ويقيني
تقلّبني فيما أُرجِّي وأَتّقي / وترعى سهولي تارةً وحُزوني
وإنّ حَرُوني يومَ ينقاد مِقْوَدي / سريعٌ إلى الغايات غيرُ حَرونِ
أَلا يا اِبن حَمْدٍ رُزءُنا فيه واحدٌ / وما كنتَ يوماً بالمُرَزَّءِ دوني
فلا تحملنَّ العِبْءَ وحدَك كلَّهُ / فإنّي على الأعباءِ خيرُ معينِ
ألم تَرَني في كلِّ يومٍ وليلةِ
ألم تَرَني في كلِّ يومٍ وليلةِ / أحنُّ إلى من لا يحنُّ حنيني
وأندُبُ مرموساً بملساءَ قَفرةٍ / فيا ليتني ناديتُ غيرَ دفينِ
كأنّي وقد قُطِّعتَ عنّيَ هالكاً / تقطّع منّي أكْحَلى ووَتِيني
فَرَتْ نائباتُ الدّهرِ أغصانَ دَوْحَتِي / ولاقَ أُصولي ما أصاب غُصوني
فإنْ بقيتْ بعد القرينِ حُشاشتي / قليلاً فإنِّي لاحقٌ بقريني
سأَبلغُ حاجاتي وإنْ كنّ نُزَّحاً
سأَبلغُ حاجاتي وإنْ كنّ نُزَّحاً / بكلّ رقيقِ الشَّفْرتينِ يَمانِ
وكلِّ طويلٍ كالرِّشاءِ مَدَدْتهُ / يناجيك منه رأسُهُ بسِنانِ
وإنّي حَرونٌ عن ديارٍ مَرِيعةٍ / وكم ساق لِي عِزّاً طويلُ حِراني
وقلبي مطيعٌ لِي وإنْ كنتُ كالّذي / نلاقيه من هذا الزّمانِ عصاني
وَأَعلمُ أنّ الدّهرَ يعبث صَرْفُهُ / بمالِ فُلانٍ تارةً وفلانِ
إذا أنتُمُ لَم تَشفَعوا في قباحةٍ
إذا أنتُمُ لَم تَشفَعوا في قباحةٍ / ولم تشفعوا في خائفٍ بأمانِ
فَما أَنتُمُ إلّا سَرابٌ بقِيعَةٍ / يضلّلُ رَأْيي أوْ يغرّ عِياني
وجدْتُكمُ لَم تَصلحوا لِرَخائِنا / ولا لزمانِ البُؤْسِ والحَدَثانِ
وما أنتُمُ أهلٌ لودِّ قلوبنا / ولكنّ للبغضاءِ والشَّنَآنِ
أقمْ واحداً فرداً ودعْ عنك مرّةً / نفاقَ فلانٍ أوْ خِداعَ فلانِ
فكْم عشتُ مقروناً بقومٍ صحبتُهمْ / ولكنّني لم أنتفعْ بقِرانِ
أذمُّ زماني فيهمُ ومِن أجلِهم / وما الذّنبُ لو أنصفتُ ذنب زماني
فإنْ أنتَ أنكرتَ المعاريضَ وَاِنتَهَتْ / إليك مَغازٍ بينها ومعانِ
فَهذا وَقولي في يد الحزمِ مُوثَقٌ / فكيف إذا أطلَقْتُ فيه عِناني
ولمّا تعانقنا ولم يكُ بيننا
ولمّا تعانقنا ولم يكُ بيننا / سوى صارمٍ في جَفْنِهِ لا من الجُبْنِ
كرهتُ عناقَ السّيف من أجلِ جَفْنِهِ / فها عانِقِي منّي حُساماً بلا جَفْنِ
فَما كنتِ إلّا منه في قبضةِ الحِمى / ولا ذقتِ إلّا عنده لذَّةَ الأمْنِ
وَيَجني على مَنْ شئتِ منكِ غِرارُهُ / وأمّا عليكِ ساعةً فهو لا يَجني
أَلا يا لقومي لاِعتنانِ النّوائبِ
أَلا يا لقومي لاِعتنانِ النّوائبِ / وللغُصنِ يُرمى كلَّ يومٍ بشاذبِ
ما لي أرى في العيد كلّ معيّدٍ / ويفوت طرفي شخصَ مَن أهواهُ
ما ذاكَ إلّا أَنّه غَبَطَ الرّدى / أهلَ الزّمانِ بقُرْبِه فدهاهُ
لَبّاهُ لمّا أنْ دعاه مُشَمِّراً / وبرغمِ قلبي أنّه لَبّاهُ
ولقد رمى قلبي الرّدى لمّا اِنتَحى / من كان حشوَ ضميره فرماهُ
كيف السُّلُوُّ وكلّما أمَرَ النُّهى / بلزومِهِ قلبي أبى فعصاهُ
أمْ كيف أنساهُ وفَقْدُ نظيرهِ / يأبى لقلبي الدّهرَ أنْ يَنْساهُ
وكأنّني وَجْداً به وصبابةً / أنّي طمحتُ بناظِرَيَّ أراهُ
ولقد تمكّن في الفؤادِ مكانُهُ / لمّا بلوتُ على الزّمانِ سواهُ
ولَرُبّما أصْفى بودِّك كلِّه / نَحوَ الّذي تهواهُ مَن تَقْلاهُ
ويُحَقُّ لي آبي العزاءَ عن اِمرئٍ / ما زال إنْ عزّ القبيحُ أباهُ
يُضحِي خَميصَ البطنِ من زاد الهَوى / والحُرُّ مَن للَّهِ كان طَواهُ
وتراه مُنقبضَ الجوارحِ والخُطا / فإذا سَرى فإلى الجميل سُراهُ
يعيي الورى إسخاطُهُ مَعَ أنّه / في كلّ شيءٍ يرتضيه رضاهُ
والأمرُ يُعرِضُ عنه ما لم يرتبطْ / بك نفعُهُ فإذا عَناك عناهُ
ولِمن يَوَدُّك وُدُّهُ وصَفاءُهُ / ولمن يَريبك رَيْبُهُ وقِلاهُ
ولَكَ الّذي يرجوه لا يثني به / كفّاً وليس عليك ما يخشاهُ
ولقد رأيتُ أخاه في النَّسَبِ الّذي / لا حَمْدَ فيه وما رأيتَ أخاهُ
وَالنّاسُ كلّهُمُ لأَصلٍ واحدٍ / وتفاضُلُ الأقوامِ في عُقباهُ
لَهْفي عَلى مَن كان قولي بعدما / واراهُ خَلْفَ التُّربِ ما واراهُ
ليس البعيد أخو التَّغَرُّبِ والنَّوى / لكنَّ مَن هِلْنا عليه ثَراهُ
سيّانِ عندي بعد نازلةِ الرّدى / مَنْ مدّ أوْ قَصَرَ الزّمانُ مَداهُ
والدّارُ زائلةٌ بنا لولا المُنى / ممّنْ تَعَوَّدَ أنْ تخيبَ مُناهُ
يسعَى الفتى فيما يجرّ ذيولَه / وإلى المنايا سَعْيُهُ وخُطاهُ
ويُسَرُّ إنْ أرخَى الزّمان خِناقهُ / ووراءَه حَنِقٌ يَحُدُّ مُداهُ
يُخفي على عَمْدٍ أَوانَ طُروقِهِ / فالمرءُ لا يدري متى يلقاهُ
هيهاتَ حلَّ الموتُ كلَّ قَرارةٍ / منّا وألقى في الجميعِ عَصاهُ
وحدا إليه غُدْوَةً وعشيةً / بركابنا مَن لا يملُّ حُداهُ
والنّفسُ ترجو عَوْدَ كلِّ مُسافرٍ / إلّا اِمرءاً قضتِ المنونُ نَواهُ
هي الدّارُ موقوفٌ عليك بكاها
هي الدّارُ موقوفٌ عليك بكاها / فلا تعدُها يوماً تؤمُّ سواها
وخلِّ اِعتذاراً بالرّكاب فإنّما / بكفّ الّذي يعدو الرّكابَ خُطاها
هويتُ ثراها قاصداً مَن مشى بها / ولولا هواها ما هويتُ ثَراها
ولمّا عرفنا دارَها بمُحَجَّرٍ / وَحَلَّتْ عيونٌ بالدّموعِ حُباها
نظرتُ إليها يوم سارتْ حُدوجُها / فلم يكُ للأجفانِ غيرُ قَذاها
وقفنا عليها طاعةً لقلوبنا / رِكاباً حَداها الشّوقُ حين حَداها
فكان حنينَ المُهْجَساتِ رُعودُها / وصوبَ دموعِ النّاشجين حَياها
فيا منزلاً بانتْ وفيه ضياؤها / وليستْ به وَهْناً وفيه نَشاها
سقاكَ من الأنواءِ ما شئتَ من ندىً / ولا زلتَ ريّانَ الثّرى وسَقاها
أُحبّكَ والبيتِ الّذي طوّفَتْ به / قريشٌ ومسّتْ تُربَهُ بلحاها
ومَنْ حَطَّهُ بيتاً عتيقاً محرّماً / وجاب له الأحجارَ ثمّ بناها
وقومٍ نَضَوْا بالمَوْقِفَيْنِ ذنوبهمْ / ومَن حلَّ في وادي مِنىً وأتاها
وبالحَصَياتِ اللّاتي يُنبذن حِسْبَةً / ومَنْ قَلَّها من صخرها ورماها
لَئِنْ كنتِ من دارِ الغرامِ صحيحةً / فلي مُهْجَةٌ لم يبقَ غيرُ ذَماها
وَزارتْ وِسادي في الظّلامِ خَرِيدةٌ / أَراها الكرى عيني ولستُ أراها
تَمانَعُ صبحاً أنْ أراها بناظري / وتبذلُ جُنحاً أنْ أُقبِّلَ فاها
ولمّا سَرَتْ لم تخشَ وَهْناً ضلالةً / ولا عرف العُذّالُ كيف سُراها
فما ذا الّذي من غير وعدٍ أتى بها / وماذا على بُعدِ المزارِ هَداها
ويا ليتني لمّا نزلتُ بشِعْبها / تكون قِرَايَ أوْ أكون قِراها
وقالوا عساها بعد زَوْرةِ باطلٍ / تزور بلا ريبٍ فقلتُ عساها
ألا نكّب الأنواءُ دارَ مَهانةٍ / فما عندنا للنّفسِ غيرُ ضَناها
مقيمٌ بلا زادٍ سوى الصّبر والحِجى / على شَجَراتٍ لا أذوق جَناها
لغيري اِخضرارٌ من فروعِ غُصونِها / وليس عليه بَلْ عليَّ ذَواها
أَشيمُ بُروقاً لا أرى الغيثَ بعدها / وأرقبُ سُحباً لا يَطُلُّ نَداها
ولو كنتُ أرجوها قنعتُ فإنّني / حُرِمْتُ بها فيما حُرِمتُ مُناها
وإنّي لَمغرورٌ بقومٍ أذِلَّةٍ / يحِلّون من أرضِ الهوانِ ذُراها
وإنْ جئتهمْ تشكو مضيضَ مُلِمَّةٍ / تَقَوْا بك مغلولَ اليدين شَباها
وكلِّ مَليءٍ وبالمَلامِ مذمَّمٍ / عَرَتْه المخازي مرّةً وعَراها
يهشُّ إلى العَوْراءِ وهْيَ قَصِيَّةٌ / ويَعْمى عن العلياءِ وهو يراها
صحبْتكُمُ أجلو بكمْ عنِّيَ القَذا / فَأَعشى عيوني قربُكمْ وغَطاها
وكنتُ أُرَجِّي صُبحَكمْ بحنادِسٍ / فكنتمْ نهاراً للعيونِ دُجاها
فَلَيت الّذي ما كان للعين قرّةً / وقد أبصَرَته لا يكون عَماها
وَدارُكمُ دارٌ إِذا ما مضى بها / كريمٌ عداها مُعرِضاً وطَواها
إِذا قرّبَتْ شَيئاً لديه اِنتوى لها / وإنْ عرضتْ يوماً عليه أباها
وما هانَ إلّا خائفٌ يستجيرها / وَلا خابَ إلّا مَنْ مَنا فَرَجاها
وما المُسلَمُ المخدوعُ إلّا نَزولُها / ولا المُهْمَلُ المبذولُ غيرُ حِماها
فلا باركَ الرّحمَن فيمنْ أحبَّها / وبارك فيمن مَلَّها فقلاها
ولا بَلَغَتْها النّاجياتُ طَلَبْنَها / وعُقِّلْنَ عن إدراكها بوَجاها
فأيُّ اِنتِفاعٍ بالبلادِ عريضةً / وبات قصيراً في الرّجال جَداها
فكلُّ بلادٍ لم يُفِدْك اِقتِرابها / فَما قربُها إلّا كبُعدِ مداها
رُمِ المَطرَحَ الأعلى من الفضل كلّهِ / ولا ترضَ في أُكرومةٍ بسواها
وَخلِّ ضنيناً بالحياةِ فإنّه / فداها ببذلِ العِرْضِ حين فَداها
فَلستَ لدى حكمِ العشيرةِ شيخها / إذا لم تكنْ يوم الطّعانِ فتاها
وكيف ولم تحملْ بظهرك ثِقْلَها / تدور على قطبٍ نَصَبْتَ رحاها
وما سُدْتَها في يوم سِلْمٍ ولم تكنْ / بسيِّدها في الضَّربِ يوم وغاها
فَكُن إِنْ أَردتَ العزَّ فيها مسالماً / شِفارَ مَواضيها وزُرْقَ قناها
فَلي في معاريضِ الكلامِ تَعِلَّةٌ / ومن عِلَلِ الأدواء منه شفاها
فإن يمكن التّصريحُ صرّحتُ آنفاً / وروّيتُ أحشاءً أطَلْتُ ظماها
وإلّا فَجمجامٌ من القولِ سائرٌ / بِأيدي عِناق النّاعجاتِ كفاها
نجوتُ القَنا والبيضُ تدمى مُتونُها
نجوتُ القَنا والبيضُ تدمى مُتونُها / ولم أنجُ يوماً من مقالِ سَفِيهِ
ففخرُ الفتى بالفضلِ منه وعنده / أجلُّ له من فخرهِ بأبيهِ
فكمْ بين عِرْضٍ سالمٍ ومُمزَّقٍ / وكم بين مرءٍ خاملٍ ونبيهِ
وكم قلتُ للنّفسِ العَزوفِ لَدى الوغى / رِدِي مَكْرَعاً من قبل أنْ تَرِدِيهِ
ولا تَطلبي منّي الفِرارَ على الرّدى / فإنّك إنْ رُمتِيهِ لم تجِدِيهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025