المجموع : 408
فتى يبسط الآمالَ حسنُ لقائه
فتى يبسط الآمالَ حسنُ لقائه / ويقبضها من بعد نائله الغَمْرُ
إلى أين بالآمال بعد نواله / إلى أين وافى آخر السَّفَر السَّفْر
فكم نفحة في كفه أريحيّة / طوت أملاً قد كاد يخلقه النشر
مرَتْ ماءَ عيني فاستهل على النحر
مرَتْ ماءَ عيني فاستهل على النحر / تباريحُ شوقٍ في الحشا كلظى الجمر
إلى صاحبٍ أضحى فؤادي صاحباً / بفرقته للهم والحزن والفكر
تظل دموع العين عند ادكاره / تَحدَّر والأنفاسُ تَصْعد في الصدر
أأيوب جادت كلّ أرضٍ حللتَها / مجلجلةٌ وَطفاء واكفة القطر
ولا زلت محفوظاً بحفظك عهدَ من / تود إذا مال الخليل إلى الغدرِ
ألا ليت شعري لم أشيِّعك ظاعناً / وشيّعتني من قبل ذاك إلى القبر
ويا ليتني فارقت بعض جوارحي / وأنك ما بوعدت عني قذا شبرِ
ثنى شوقه والمرء يصحو ويسكَرُ
ثنى شوقه والمرء يصحو ويسكَرُ / رسومٌ كأخلاق الصحائف دُثَّرُ
لأيدي البلى فيها سطور مبينة / عبارتُها أنْ كلُّ بيت سيُهجَر
معاهدُ ربع كنت آلف أهله / تَغيّر بعدي والأمور تغير
وقفت بها صحبي فظلّت عِراصُهُ / بدمعي وأنفاسي تُراح وتمطر
سلام على الأيام إذ أنا سِلمها / وإذ أنت مني أيها الربع مُعمر
وإذ فيك أمثال الظباء ملاحةً / ونَفْراً عن الفحشاء بل هن أنفر
كُسين لبوس الحسن من كل غادةٍ / لها خُلُقٌ عفٌّ وخَلْق مصوّر
تَقَسَّمها نصفان نصف مؤنثٌ / ونصف كخُوط الخيزران مذكر
تَعبّد من شاءت بعين كأنها / وإن سُقيت رِياً من النوم تسهر
إذا هي عيبت عابها أن طرفها / يُريق دماء المسلمين فتُهدر
سقى اللَّه ريعان الشباب وإن غدا / يُخوّن في إخوانه ويغدّر
تذكرته والشيب قد حال دونه / فظلت بنات العين مني تَحدر
لياليَ أفنانُ الزمان رطيبةٌ / تميد على أفيائها وتَهصَّرُ
بها ثمر العيش الغرير فيانعٌ / وآخر في أكمامه مُتنظَّرُ
أضاحك آمالاً أماميَ لم تكن / عهوداً يبكِّيهن من يتذكر
أنا ابن ذوي التيجان غيرَ مدافعٍ / وهل يُدفَع الصبح الأغر المشهَّر
نمْتني ملوك الروم في رأس باذخٍ / من المجد يعلو كل مجد ويقهر
فأصبحت في عيصٍ منيع ومنزل / رفيع له فوق السّماكين مظهر
فقل للذي يسمو إليّ مناوئاً / هنالك أسهل إن مرقاك أوعر
قُصارك أن ترقى لعينيك نظرةٌ / إليّ وقد حزتَ المدى حين تفخر
وإني ودوني الشمسُ في بيت عزّها / وقابٌ تعاطاه العيون فتقصُر
فَأَغْضِ على إقذاء عينك صاغراً / فجَدُّك أدنى للسّفال وأصغر
ليأْمن سِقاطي في الخطوب ونبوتي / جنان الذي يخشى عليّ ويحذر
فما أسدٌ جهم المحيا شتيمه / قُصاقصةٌ ورد السِّبال غضنفر
مسمّىً بأسماءٍ فمنهن ضيغم / ومنهن ضرغام ومنهن قَسْور
له جُنة لا تستعار وشِكّة / هو الدهر في هذي وهذي مكفَّرُ
إهاب كَتجفاف الكَميّ حصانَهُ / وعُوج كأطراف الشَّبا حين يُفْغَرُ
وحُجْنٌ كأنصاف الأهلة لايني / بهن خضاب من دم الجوف أحمرُ
تظل له غُلب الأسود خواضعاً / ضوارب بالأذقان حين يزمجر
له ذَمَرات حين يوعد قِرنهُ / تكاد له صُم السِّلام تَفطَّر
يراه سُراة الليل والدّوُّ دونه / قريباً بأدنى مَسْمع حين يزأر
يُدير إذا جَن الظلام حِجاجه / شهابَ لظى يَعشَى له المتنوِّر
خُبعثنةٌ جأب البضيع كأنه / مكسَّر أجواز العظام مجبّر
له كَلْكل رحبُ اللَّبان وكاهل / مُظَاهَر ألباد الرِّحالة أوْبر
شديد القوى عَبْل الشوى مُؤْجَد القرا / مُلاحِك أطباق الفِقار مضبّر
إذا ما علا متنَ الطريق ببرْكه / حمى ظهره الركبانَ فالسَّفْر أزور
أخو وحدة تُغنِيه عن كل منجِدٍ / له نجدة منها ونصر مؤزر
مخوف الشذا يمشي الضّراء لصيده / ويبرز للقرن المُناوي فيُصحِر
بِأَرْبى على الأقران مني صولةً / وقد أنذرَ التجريبُ من كان يُنذَر
فأنَّى تعاوى لي الثعالب وَيْبَها / وقد رأت الآساد مني تَجْحَر
أفي كل حين لا يزال يُهيجني / سفيه له في اللؤم فرع وعنصر
عفت ذكرَه آباء سوء أدقَّةٌ / فمات خمولاً غير أن ليس يُقبَرُ
يسوم هجائي كي ينوِّه باسمه / وفي السب ذكر للَّئيم ومفخر
أخالد لم أنكر لك النُّكر والخنا / بل العرفُ من أفعال مثلك منكر
فدونك لم تسبق بظلمي ظالماً / من الناس بل أنت السُّكَيت المؤخر
هجوتُ مُهجّىً في اللئام مُحسَّداً / له شانئٌ منهم يدَ الدهر أبتر
فدأبك فانبح لستَ أول نابحٍ / ونابحةٍ بدرَ الدجى حين يبهر
أخالد لو كنتَ المكنَّى بخالدٍ / هجوتك لكن أنت أزرى وأحقر
على أنني هاجيك لا متكلِّفاً / خلا أن تياراً من البحر يزخر
ولو ملكت كفي على الشعر غربَهُ / لكان له معدىً سواك ومَقْصر
ولو كنتُ مختار المُهاجين لم يكن / بسبِّي ومالي كلُّ من أتخير
أخالد ما أغراك بي من عداوةٍ / ولا ترة لولا الشقاء المقدر
حداك إليّ الحين حتى استثرتَني / عليك وإني في عريني لَمُخدِر
فدونك ما حاولته فبلغتَهُ / وردت ولكن لا إخالك تَصْدر
فقد كنت نِسْياً لا تُحس ولا تُرى / زماناً طويلاً فاصبر الآن تُذكر
سَتروي رواة الشعر فيك قصائداً / يُغنَّى بها ما نودي اللَّه أكبر
شواردَ لا يثنى المُهيب شريدها / ولا يتناهى غربُها حين يُزجر
تهب هبوبَ الريح في كل وجهةٍ / عباديدَ منها مُنْجِدٌ ومغوِّر
سداها مخازيك التي قد علمتَها / ولحمتها منّي الكلام المحبر
قوافٍ إذا مرّت بسمعك خلتها / ملاطيس تُزجيها مجانيقُ تَخطُرُ
لها هَزَمات في الرؤوس كأنها / ركايا ابن عادٍ غورُها ليس يسبَر
وإن كنتُ لا أهجوك إلا كحالم / يرى ما يراه النائمون فيهجر
لأنك معدوم الوجود وإنما / يرينيك ظني ريثما أتدير
فإن كنت شيئاً ثابتاً فهباءةٌ / تضاءلُ في عين اليقين وتصغُر
أيا ابن التي كانت تحيض من استها / يد الدهر لم يطهر لها قط مِئزر
إذا ما ونى عنها الزناة دعتهُمُ / شقاشق من ارحامها الخضر تَهدِر
أُحاشي التي تنمي إليها وأنتحي / بها أمَّك الأخرى التي سوف تظهر
وكم من حَصان شفّها العقم فاغتدت / تَبنَّى ابن أخرى والأمور تُزوَّر
عساك أفادتك الدعاوةُ نخوةً / فغرّتك مني والجهول مغرَّر
وكم طامح ذي نخوة قد رددتُه / إلى قيمة دون الذي كان يقْدِر
أرحْتُ عليه حلمَهُ وهْو عازبٌ / وقوَّمت منه درْأهُ وهو أصعَر
أتتركك السادات من آل صامتٍ / تروح سليماً في الرجال وتَبكُر
تجر عليهم كل يوم جريرةً / فتُقضب أعراض الكرام وتُهبَر
وأنت خلي البال مما يَعُرّهُمْ / ولمْ لا ولم يُشتَم بهم لك معشر
ولو كان جِذم القوم جذمك صنتَهُ / لعمري ولكن أنت بالأمر أخبر
ليكفك من جر المخازي عليهِمُ / مكانك منهم فهْو أخزى وأعور
كفاهم بظن الناس أنك منهُمُ / وإن لم تكن منهم ففيك مُعيَّرُ
شهدتُ لقد ألبستَهم ثوب خزيةٍ / وأحسابُهم من تحت ذلك تزهر
ولا غرو إلا أننّي رُعت عنهُمُ / عُرام القوافي وهي نار تسعّر
وأنت تَحدّاني ليحمى عليهِمُ / وطيسي وما فيهم لذلك منكر
ولولا نُهى حلمي إذاً لأصبتُهم / بجرمك أو تُنفى مهاناً وتُدحر
ولكنني أرعى لهم حقّ مجدهم / وأصفح عنهم إن أساؤوا وأغفر
وللشتم في أدنى مخازيك مسبح / طويل تُجاريه القوافي فتُحسَر
بقودك للعُهار عِرسكَ طائعاً / كأنك مصْيور على ذاك مجبر
تبيت قرير العين جذلان ضاحكاً / إذا هي باتت بين فحلين تشخُر
وقفتَ على فيْش الزناة مبالها / وبيتاً قديماً كان بالفسق يُعمَر
يبيت قرى ضيفانه كلَّ ليلةٍ / بَغِيٌّ وخنزيرٌ وخمرٌ وميسر
بلا بذل دينارٍ ولا بذل درهمٍ / ينالُك منها والمناكح تمهر
سوى أنهم يقرون في استك بعدها / ثمائلَ ما تبقيه منهم وتُسئر
فيا سوأتا من شيب رأسك بعدها / إذا ما انتحى فيك الغلام الحزوَّر
وأنت تفدِّيه بأمك تارةً / وآونةً يُغشَى عليك فتنخِر
وقد بل خِصييه بسلحك قابضاً / حِتاراً كعزْلاء المزادة أشتَر
بحيث يراك اللَّه في ملكوته / وخدُّك من ذل المعاصي معفر
تُناك وعِرس السوء منك بمنظرٍ / تناك فلا تخزى ولا تَتخفَّرُ
فيا لك من خِدْنَيْ فسوقٍ كلاهما / يباري أخاه بالهنات ويجهر
تظل ترى الجُرذان فيك مغلغلاً / وأنت تراها وهي بالفيش تدسَر
فلا أنت منها تستسِرّ بسوءةٍ / ولا هي بالفحشاء منك تَستَّر
يكومُكما فحلاكُما وكلاكُما / يخور من الداء العُضال ويجأر
فلو متما إذ ذاك ما متّ غيرةً / ولا هي إلا أنها منك أغير
أتحسب ما تأتي من الخزي خافياً / على الناس لا تُكذَب نهارُك أنهَر
إذا طيِّئٌ عدت بُناة بِنائها / فحاتمها الباني وأنت المتبِّرُ
ولو قبلوا نصحي لهم بقبوله / لواروْك حياً فالثرى لك أسترُ
أيوحشهم فِقدانُ قردٍ وفيهُمُ / بناة المعالي والعديد المجمهَر
لعمري لقد أصبحت للسيف يانعاً / فيا ليت شعري ما الذي بك يُنظَر
لينفكّ عن دار الحياة وعنهُمُ / فتىً منهم حامي المحيّا عزوَّر
فوالله ما يُثني عليك بصالحٍ / لسانٌ ولا يُثنَى بذكراك خِنصر
ولا أنت ممن ينقص القومَ فقدُهُ / بل الفاقدوك بعد فقدك أكثر
أيظلمني يا للبرية خالدٌ / نعم إنه أعلى قروناً وأقهر
وأنَّى يناوي من يصاول قرنهُ / بقرن يُظِل الجيش والجيش مُظهر
له شُعَب لا تَعدم الأرض فيئها / ولو أورقت ما أبصر الشمس مبصر
أما والقوافي المحكمات إذا غدت / تبسّل دوني للعدى وتنمَّر
لقد كان في الشَّوكي عني لخالدٍ / وفي عرسه سُمَّانة السَّوء مزجر
وشِركتهِ الشوكي في بُضع زوجه / تفسّق في جاراتها وتعهَّر
رحيبةِ شق الفرج أكبرُ خلقها / مَبال خبيث الريح أخرق أجحر
مبال لعمري شقُ للبول كاسمه / إذا شق للإرْبين فرج مطهرُ
على أن فيه مِرفقين بأنه / كطوق الرحا منه تبول وتجعر
تفاقم مما لا يزال مفجَّجاً / فليس يلاقي مِشفراً منه مشفر
لو اطلعت عيناك فيه اطِّلاعةً / رأيت قليباً جولُها يَتهوَّر
هو البحر إن مثلته قبحَ موردٍ / ولكنه في رحب مُفْضاه أبحُر
تناذَره الناجون منه فما يُرى / له راكب إلا الجسور المغرَّر
إذا ولدت كانت كمرسلِ فسوةٍ / على رسلهِ انسلت وما كاد يشعر
تبول فترمي بالجنين ولم تجد / مخاضاً ولم يُعتَد لها فيه مَثْبِر
بهاتيكَ يعطى خالد سؤل نفسه / وما هو إلا أفطح الرأس أعجر
إذا هي نيكت نيك أجرة نيكها / ألا ساء ما يُجزَى عليه ويؤجر
تعيش استُهُ في فضل كَعْثب عِرسه / فقُبِّح من شيخٍ يعول استَه حِرُ
ونازعه الشَّوكي بنتَ فراشه / وجرد أيراً فيه للقول مصدر
فقال هبوا أن الفراش لخالدٍ / أليس لهذا كان بالليل يُجمَر
وما أبعد الشوكيّ في ذاك إنهُ / لأولى بدعوى النسل منه وأذكر
أخالد أعييت الهجاء وفُتَّهُ / فقولي وإن أبلغتُ فيك مُقصِّر
وتاللَّه ما أدري أأسكت خاسئاً / حسيراً برغمي أم أقول فأعذر
أرى كل لؤمٍ في اللئام فإنما / عُصارتُهُ من عودك السَّوء تُعصر
لؤُمتَ فلو كنت السماء لأمسكت / حياها وأمسى جوُّها وهو أغبر
خبُثت فلو شُلِشلت في الماء لم يسغ / لصادٍ وأضحى صفوه وهو أكدر
نطُفت فلو ماسسْت كعبة مكةٍ / بثوبك حاضت حيضة لا تطهَرُ
ثقُلت فغادرت الكواهل كلها / ثقالاً فظهر الأرض من ذاك أدبر
قبُحت فجاوزت المدى قبح منظرٍ / ويا حسنَهُ من منظرٍ حين تُخبَر
جمعت خلال الشر والعُرِّ كلها / وأنت بها أولى وأحرى وأجدر
تُحالفك السوءاتُ حياً وميتاً / وتُبعث مقروناً بها حين تُحشر
عددتُ قليلاً من كثير معايبٍ / يقصِّر عنها مجمِل ومفسِّر
فدونكها شنعاء حدّاء يرتمي / بأمثالها في الأرض مبدىً ومحضر
تظل مقيماً في محلك خافضاً / وأنت بها في كل فج تُسيَّر
نشرتك من موت الخمول بقدرةٍ / لما هو أدهى لو علمت وأنكر
وللموت خير لامرئٍ من نشوره / إذا كان للتخليد في النار يُنشر
هجوتك إنذاراً لغيرك حِسبةً / وخطبك لولا ذاك مما يُحقّر
وما سَيّر الهاجون في الشعر خزيةً
وما سَيّر الهاجون في الشعر خزيةً / لعمرُك إلا كان في النثر أسْيرا
وما استطرف الأقوام لي فيه طُرفةً / لأني ما عرَّفتهم فيه منكرا
ولو شئتَ ساجلت البحور غزارةً
ولو شئتَ ساجلت البحور غزارةً / وبادهتَ قرض الشعر جِنَّة عَبقرا
أأسماءُ أيُّ الواعدين تَرَيْنَهُ
أأسماءُ أيُّ الواعدين تَرَيْنَهُ / أشدَّكُما مطلاً فإنيَ لا أدري
أأنت بنيلٍ منك يُبرد غلَّتي / أم النفسُ بالسلوانِ عنكِ وبالصبر
سألْتُ فأعطيتُمْ قليلاً فلم يكن
سألْتُ فأعطيتُمْ قليلاً فلم يكن / غناي ولا استبقى مُرِوتي على فَقْرِي
بذلتُم من المعروفِ ما فلّ عِفتي / وقيّدَ تَبْكيري وضعْضعَ من قدري
فلمْ تصنعُوا الحُسنى ولمْ تفعلوا التي / أداوي بشكواها الحرارة في صدري
فلا لذة الشكوى ولا فرحةُ الغنى / وألْمظتمُوني لمظةً ثَبَّطت صَبري
جُزيتُمْ جزاءَ المانِع الخيرَ كله / فإنكُمُ أقسى وآلم من دهري
أبا منذرٍ بالله إلا صدقتني
أبا منذرٍ بالله إلا صدقتني / علامَ ولمْ خَنَّثتني يا أخا النضرِ
أذمَّتْ لقائي حُرمةٌ لك نِكتُها / فلم أشفِها أمْ قلتَ ما قلتَ بالحزْر
فكيف وألحاظي حِدادٌ كأنها / نِصالٌ وألفاظي أشدُّ من الصخر
وكيف ولي في كل عضوٍ ومَفْصِلٍ / وجارحة قلبان شهمان من جمر
ولو عزمتْ نفسي على قطع لُجّةٍ / من البحرِ سبحاً ما نكَلْتُ عن البحرِ
ولو مسّ ثوبي ثوبَ أمك مسّةً / لأولدها خمسين مثلَكَ في شهر
فأيَّةُ آياتي وأيُّ أدلّتي / تدل على التخنيث يا ابن أبي عمرو
بعينَيْ ربوخٍ في استها أيرُ نائكٍ / نظرت ولم تنظر بناظرتَيْ صقر
أراك خلافَ الحقِّ رأيٌ بمثله / كفرتَ وعلّقت الصليب على النحر
وما كان من لا يقدرُ اللَهَ قدرَهُ / ويشفعُهُ بابنٍ ليقدرني قدري
فإن كنتَ في ريب ولم تر آيةً / تبيِّنُ ما قد لبَّس الشك من أمري
فجرّبْ على إحدى بناتك فحلتي / متى شئت فالتجريب أثلج للصدر
فلو لقيتْني بِكْرهنَّ لقاءةً / لما نسيت أيري إلى آخر الدهر
بوجْه أبي إسحاق صَدعٌ كطيزهِ
بوجْه أبي إسحاق صَدعٌ كطيزهِ / له قصة غيرُ الذي هو مُظهرُ
يُخبِّرُ عنه أنه إثرَ ضربةٍ / ببعض سيوف الزَنج حين يُخبِّرُ
وما ضربتْهُ الزنج في الوجه بل رأى / أيورهُمُ فانشق في وجهه حِرُ
فناكوهُ في وجهٍ قليلٍ حياؤهُ / وفي دُبُر يلقي الرماح فيصبر
وما فرّ منهم بل نَفوه وإنهُ / ليورِد رأياً في الرجوع ويُصدر
ولم ينفه إلا النساء إذا امترى / صرَى كلِّ أير والغيارى تُغَيَّر
أغار على حظ الفروج بدُبرِه / فأضحت ومغناها من النيك مُقفِر
وما ذاك من طِيبِ به غير أنه / ربوخٌ يُفدّي نائكيه وينخُر
وأنَّ استه كانت تجود بمالها / وتعطي العطايا مَن عَلاها فتُكثِر
وإن لإبراهيم يوماً لَطفرةً / إلى الزنج ما ينفك فيها يفكر
لكي يعلم النَّظَّام أن سَميَّه / يوافقه في قوله حين يَطفِر
وأنَّى له بالصبر عن كل فيشةٍ / يحن إليها الذائق المتذكِّر
سأهدي إليه كل يوم قصيدةً / يَودُّ لها أن لم يلده المدبِّر
رأيُتك لم تحسن ثوابي ولم تُجب
رأيُتك لم تحسن ثوابي ولم تُجب / كتابي فماذا كان في الخلق والأمر
لعمري لقد علمتَني كيف أتقي / معاودةَ التجريب إن كنتُ ذا حجر
وقبَّحتَ عندي صورةَ الحِرص والغنى / وحسنت عندي صورة اليأس والفقر
أما وحذاري من أمانيَّ بعدها / لقد مكرت بي فَعلتي أيَّما مكر
دعتني إلى لمس الكواكب قاعداً / وذلك شيء لا يكون يدَ الدهر
دعِ البذل لِم خسَّستني أن تجيبَني / جوابي ولم أهبطت قدري إلى القعر
أكنتُ خسيس القدر لم حِصتَ حيصةً / عن الفضل أعدتك الخساسة في القدر
فهلّا بذلت الوعد ثم مطلتهُ / فعلَّلت تعليل المُجامل ذي المكر
ولكن رأيتَ الحسم للبذل كلِّه / صواباً لأن الرعد يؤذن بالقطر
أذلك أم هلّا منعت مُصرِّحاً / فأيأستني لكن خلقت من الصخر
جُموداً وصمتاً لا برحتَ كما أرى / وهاتيك لو أحسست فاقرةَ الظهر
وفي دعوتي عَقرٌ أليمٌ مضيضُهُ / أبا جعفرٍ لو كنت تألم من عَقرِ
أبا جعفرٍ صبراً فما زلتَ صابراً / على الذمّ لا تعدَم ذميماً من الصبر
كبرت وفي خمس وخمسين مكبر
كبرت وفي خمس وخمسين مكبر / وشبت فألحاظ المهَا منك نُفَّرُ
إذا ما رأتك البيض صَدَّتْ وربما / غدوتَ وطَرفُ البيض نحوك أصور
وما ظلمتْك الغانياتُ بصدّها / وإن كان من أحكامها ما يُجوَّر
أعِرْ طرفك المرآة وانظر فإنْ نبا / بعينيْك عنك الشيبُ فالبِيض أعذر
إذا شَنِئَت عينُ الفتى وجهَ نفسه / فعينُ سواه بالشناءة أجدر
أبا الصقر حسبُ المادحيك إذا غلوا
أبا الصقر حسبُ المادحيك إذا غلوا / أشدَّ غلوٍّ أن يقولوا أبا الصقرِ
ملأت يدي جدوى وقلبي مودة / تدفقتا في المَحتدين وفي الصدر
أنلت نوالاً لو سواك أنالَهُ / لآيسني من عودةٍ آخرَ الدهر
لأنك أعطيت الجزيل وإنما / يُرجِّي المرجِّي عودةَ النائِل النزر
ولكنك المرء الذي لم تزل لهُ / عوائد بالمعروف والنائل الغمر
تُنيل الذي لولاك أعيا منالُهُ / وتُعطي التي تُعطي الأمان من الفقر
فلا يحسب الحسادُ أن سحابةً / أظلَّتْ بها كفاك مقلعةُ القَطر
ولا أن يوماً منك يمنع من غدٍ / وإن كان ما أعطيت في اليوم ذا قدر
نوالُك كالسيل المسهِّل بعضُه / لبعض طريق الجري في السهل والوعر
إذا حكَّ قِطعٌ منه بالأرض برْكَهُ / تدَّيَث مجراه لآخَرَ كالبحر
جزى اللَّه عني قبحَ وجهي سعادةً
جزى اللَّه عني قبحَ وجهي سعادةً / كما قد جزاهُ والإله قديرُ
ذَعَرْتُ به قوماً فأدَّوا إتاوةً / كأني عليهم عند ذاك أمير
فَدى نفسَهُ من قُبْح وجْهِيَ سَيِّدٌ / وزيرٌ أبوه سيدٌ ووزير
فلا يَقْطَعنَّ الرزقَ عنِّيَ قاسمٌ / فليس له مني سواه خفير
عرفت له الإجراء وهو صنيعهُ / وأنكرتُ منه الهجرَ وهو نكير
وما قدْرُ ما يجري وغَيْبةُ وجْهِه / تُطيلُ عليَّ الليلَ وهْو قصير
لرؤيتُهُ عندي أجل منَ الذي / يَحُلُّ به من مُلكه ويسيرُ
فلا تجعلنَّ الهجر دَأباً فإنهُ / بإتمام ما أَسْدَى إليَّ جدير
وإلا فمالي حاجةٌ في نواله / وإني إلى ما دونَه لفَقير
وهل نِعمة حتى تكونَ مَودَّة / وهل رَوْضة حتى يكونَ غدير
وكلُّ كثيرٍ تافهٌ عند وجهِهِ / وكلّ كبيرٍ غيرَه فصغير
أنائلُهُ يغتَرُّني عن لقائه / ومجلِسه إنّي إذاً لغرير
دع الفكرَ في أمري فقدْريَ لا يفي
دع الفكرَ في أمري فقدْريَ لا يفي / بحَملك يوماً فيَّ عبءَ المفكِّرِ
ولا تتكلفْ لي التكاليفَ إنني / مَليءٌ بِعُذْر النائل المتعذر
ولستُ كممنوع يرى العذر علةً / ولا طالب يسراً بإرهاق معسِرِ
لك العذرُ مبسوطاً وحُقَّ لمن يَرى / ملام مُليمٍ أن يرى عذر مُعذِرِ
ولكن إذا ما عاد في العُود ماؤهُ / فأورِقْ لِمُستذْري ذَراكَ وأَثمِرِ
هي ابنةُ حُرٍّ زُوِّجَتْ منكَ حُرّةً / فإن مُهِرَتْ مهراً رغيباً فأَجدرِ
وإلا فحسبي أن أصون كريمتي / بِكُفءٍ كريمٍ مثلك ابنَ مُدبّرِ
كفانيَ مهراً بالكفاءة إنها / هي المهر للمتمهّر المتخيرِ
ولو مَهَرَ الأحماءُ صِهراً لكنتَهُ / ولم تَغْلُ بالدنيا على متَكَثِّرِ
وأنتَ بأن تُحْبَى على أن قَبلْتَها / أحقُّ ولكنَّا ظلمناك فاغفرِ
أيادي بني الجرّاح عندي كثيرةٌ
أيادي بني الجرّاح عندي كثيرةٌ / وأكثرُ منها أنها لا تُكَدَّرُ
همُ القوم يَنسوْن الأياديَ منهُمُ / عليك ولكنَّ المواعيد تُذكَر
وإن كنتُ قد أُهملْتُ بعد رعايةٍ / وأُغفلتُ حتى قيل أشعثُ أغبر
وقُلِّدتُ شُغْلاً ضَرُّهُ لي معَجّلٌ / سريع وأمّا نفعه فمؤخر
أروح وأغدو فيه أنصَبَ عاملٍ / وأصفَره كفّاً فكمْ أتَصَبَّر
إذا بعتُ صَوْني حُرَّ وجهي وراحتي / بجوعٍ فَمَن مِنِّي أتَبُّ وأخسر
ألا حبذا الأعمال في كل حالةٍ / إذا كان منها وجهُ نفعٍ مُيَسَّر
فأما إذا كَدَّتْ وأكْدتْ على الفتى / فما هي بالمعروف بل هي منكر
وإنّ أبا عبد الإله لسيد / وفي الحال لو يُعْنَى بحالي مُغيِّر
وإنّ له من فضله لمُحرِّكاً / على أنها الأخلاق قد تتنكر
وإنْ كان كالإبريز يصدأ غيرُهُ / ويأتي عليه ما أتى وهو أحمر
سأزجر عنه اللّوم من كل لائمٍ / حِفاظاً له ما دام لي عنه مَزجَر
وأعذُرهُ ما دام للعذر موضعٌ / وأنظِرهُ ما دامتِ النفس تنْظر
وأحسِبهُ يوماً ستَزهاه نفسه / فيفعل في أمري التي هي أفخر
ونفسُ أبي عبد الإله ضنينةٌ / به أن تراه حيث يُكْدى ويعذر
وما هي عن لوم له بمُفيقةٍ / إلى أن تراه حيث يُسدي ويُشكَر
أعنِي أبا عبد الإله ولا تقلْ / أعنتُ فأعياني القضاء المقدر
ففي الأمر إن عاينتَهُ متيسّرٌ / وفي الأمر إن آتيتَهُ متعذَّر
أيعطش أمثالي وواديك فائضٌ / ويُجدِب أمثالي وواديك أخضر
أبَى ذاك أن الطَّول منك سجيةٌ / وأنكُ بيت المجد بالحمد تُعمَر
وأنك لم تؤثر على الحق لذةً / بحكم هوىً فالحق عندك مؤثر
وما زلتَ تختار الأمور بحكمةٍ / فأفضلها الأمرُ الذي تتخير
أتاني عن جاريك أنْ قد قطعتَه
أتاني عن جاريك أنْ قد قطعتَه / وفي لؤمكَ المشهور ما شئتَ من عُذْرِ
فهبْ ذلك الدينار صَاحبَ طالعي / من الأنجُم السيارةِ السبعة الزُّهرِ
وأنت الذي تُجريه لي وتنيرُهُ / وفيه الذي أرجو من الرزق والعُمْرِ
ألستَ حقيقاً بالدعاء بكُدرةٍ / وأن أتلقَّى ذاك إن كان بالشكرِ
فِيمَ اجتهادي في محاولة الغِنَى
فِيمَ اجتهادي في محاولة الغِنَى / وما للغنى عند الجواد به قدرُ
يفوز بجمع المال من كان باخلاً / وماليَ إلا الحمد من ذاك والشكر
وما أنا إلا مُحرِزُ المجدِ والعلا / وذلك كَنْزي لا اللُجَيْنُ ولا التبر
وإن يقض لي اللَّهُ الرجوعَ فإنهُ / عليَّ لَهُ ألا أفارقكم نذر
ولا أبتغي عنكم شُخوصاً ورحلةً / يدَ الدهر إلا أن يُفرِّقَنا الدهر
فما العيش إلا قرب من أنتَ آلفٌ / وما الموتُ إلا نأيُه عنك والهجر
بني صامتٍ قد أصبحتْ دار خالدٍ
بني صامتٍ قد أصبحتْ دار خالدٍ / مقدسةَ البُطنان ملعونةَ الظهرِ
بها شهداء السلم لم يشهدوا الوغى / ولا سمعوا باسم الرباط ولا الثغر
ولكن كما ألقتهمُ أمهاتهمْ / قذفنَ بهمْ في كل مظلمة القعر
وما استمتعوا من صدر أمٍّ بضمةٍ / ولا سقطوا في قعر مهد ولا حجر
فعزّ علينا أن تكون رمامُهم / ودائعَ دار الفاسقين إلى الحشر
هي الدار يُؤوي ليلُها كلُّ فاسقٍ / وفاسقةٍ مقبوحة السر والجهر
لها رب سوءٍ مثلُها خُلِقت له / وفاقاً وكان الأمرُ يُقْدر للأمر
إذا جُمِعَتْ ضِيفانُهُ ونساؤهُ / فبطنٌ على بطنٍ ونحر على نحر
خليطان فوضى من رجالٍ ونسوةٍ / يبيتون يُحْيون الفسوق إلى الفجر
فمن لعنةٍ تغشَى ضجيعَيْ خطيئةٍ / ومن رحمة تغشى شهيدين في قبر
كأني أراهم بين رجس ورجسةٍ / تُحَنْدِسُ من سوءاتهم ليلةُ القدر
يبيتون لم يخشَوْا من اللَّه نِقمَةً / ولا حَفِلوا منه بكيدٍ ولا مكر
تكاد نجوم الليل وهْي زواهر / تهاوَى عليهم أو تَحار فلا تسري
فلو وافقتْهم ليلة القدر لم تزل / تَقاعس عن ميقاتهم آخرَ الدهر
أبا حسن طال المِطال ولم يكن
أبا حسن طال المِطال ولم يكن / غريمك ممطولاً وإني لَصابرُ
وقفت عليك النفس لا أنا واردٌ / على طول أيامي ولا أنا صادر
إذا كنتَ تنسى والمذكِّر غائب / وتدفع أمري والمذكِّر حاضر
فيا ليت شعري والحوادث جمة / متى تُنجز الوعد الذي أنا ناظر
عذرتك لو كان المطال وقد سقَى / جنابي ربيع من سمائك باكر
فأمَّا ولم يُبللْ جنابي بقطرةٍ / فما لك مني في مطالك عاذر
وإن كنتُ لا ألحاك إلا بهاجسٍ / تَناجَى به تحت الصدور الضمائر
متى استبطأ العافون رِفدك أم متى / تقاضاك أثمانَ المحامد شاعر
لِيهنئ رجالاً لا تزال تجودهم / سحائبُ من كلتا يديك مواطر
تظل تُجافي المنَّ عنهم تَحفِّياً / وقد غتَّهم معروفُك المتواتر
منحتهُمُ مالاً وجاهاً كلاهما / لهم منه حظ يملأ الكف وافر
وعطَّلْتَني عما غَمرتهُمُ به / ورَيْعيَ أزكى ريعِ ما أنت عامر
عُنِيتَ بهم حتى كأنك والدٌ / لهم وهمُ دوني بنوك الأصاغر
وغادرتني خلف العناية ضائعاً / وللَهِ ماذا يا ابن يحيى تُغادِر
أراني دها شِعري لديك اقتصارُهُ / عليك وإن لم تبتذله المَعاشر
وإن لم يُنَوِّه ربه باسم نفسه / فأنت له من أجل ذلك حاقر
ولم أر شيئاً أخلقتْه صيانة / سِوايَ وشعرِي مُذْ بدَتْ لي المَناظر
ولو شئتُ لم تَذهب على حُوَّليَّتي / هَناتٌ لأسماء الرجال شواهر
وقُوفٌ على بابِ وتشييعُ موكب / وإنشاد جُمَّاع وتلك مَقادر
ولو أنني أرضىَ بهن خلائقاً / لأضحى لي اسمٌ يطرِفُ الشمسَ باهر
ولكنني أعطي الصيانة حقّها / فهل ذاك للأحرار عندك ضائر
يخوفني من ذاك أنك إنما / تُخَصُّ بجَدْواك القوافي الحواسر
ويؤْمنني من ذاك أن لستَ جاهلاً / فتستر بالأسماء ما أنت ساتر
على أنني قد جاش صدري جيْشة / فقلت وقد تعصي الحليمَ الهواجر
أرى الدهر في نصر الأباطيل مُجلباً / وفي الله يوماً للحقائق ناصر
ألم تحزنِ الآداب حزناً يَشفُّها / وتجري له منها الدموع البوادر
قواف مصوناتٌ تُقَرَّب دونها / قوافٍ بأبواب الرجال سوافر
أما وأبي أبكارِ شعرٍ عقائلٍ / نُكِحن بلا مهر وهن مهائر
لئن أحظِيَتْ يوماً عليهن ضَرَّةٌ / لمَا هُنَّ من تُحظَى عليه الضرائر
وإنك لَلْمرءُ الجليُّ بصيرة / ولكن مع الأهواء تَعشَى البصائر
وقد قيل كم من رِشدة في كريهةٍ / ومن غَيّةٍ تُلقَى عليها الشراشر
وكم أمةٍ ورهاءَ قد فاز قِدحها / بما حُرِمتْه السيدات الحرائر
ومن دونِ ما قد سُمْتني في كرائمي / يقول امرُؤٌ نعم البُعولُ المقابر
وما كنَّ في بعلٍ بِجِدِّ رواغب / ولو كان كُفء الشمس لولا المفاقر
سيسألني الأقوام عما أثبْتني / به فبماذا أنت إياي آمر
أأخبرهم بالحق وهْي شَكِيَّة / أم الإفكِ فالإسلام عن ذاك زاجر
وإن امرأً باع الثناء من امرئٍ / فباء بحرمان وإثمٍ لخَاسر
أتحرمني الجدوى وأطريك كاذباً / فتحظَى وأشقَى بالذي أنا وازر
شهدت إذاً أني لنفسيَ ظالم / وأنك إن كلفتَني ذاك جائر
وهبني كتمتُ الحق أو قلتُ غيرهُ / أتخفَى على أهل العقول السرائر
أبى ذاك أن السر في الوجه ناطق / وأن ضمير القلب في العين ظاهر
وحسبك من شكواي في كل مجلسٍ / نَئيمي وأنفاسي عليك الزوافر
وصمتي ومطِّي حاجبي وإشاحتي / بوجهي إذا سمَّى ليَ اسمَك ذاكر
سئِلتَ فلم تحرم سواي وإنه / لوترٌ وإني لو أشاء لثائر
ولكنْي عفوي عفوُ حرٍّ ولم يكن / ليسبقَني لولاه بالوتر واتر
ولو ثوِّبتْ تلك المدائحُ ألحِقتْ / بها أخريات للثواب شواكر
إذا أُنشِدَتْ قال الألى يسمعونها / ألا ليتنا للمُنْشديها منابر
شكوت إِلى بدري هواه فقال لي
شكوت إِلى بدري هواه فقال لي / ألست ترى بدر السماء الذي يسري
فقلت بلى قال التمسهُ فإنه / نظيري وشِبهي في علوي وفي قدري
فإن نلتهُ فاعلم بأنك نائلي / وإن لم تنلهُ فابغ أمراً سوى أمري
فكان كلا البدرين صعباً مرامُهُ / ليَ الويل من بدر السماء ومن بدري