القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 192
عجبتُ لموجودِ حوى كلَّ صورةٍ
عجبتُ لموجودِ حوى كلَّ صورةٍ / من الملأ العلويّ والجنِّ والبشرْ
ومن عالم أدنى ومن عالم علا / ومن حيوانٍ كان أو نبت أوحجر
وليست سواه لا و لا هي عينه / وفي كلِّ شي شاء من صورة ظهر
ويبدو إلى الأبصار من حيث ذاته / ويخفى على الألباب ذاك ولستتر
فتجهله الألباب من حكم فكرها / وتظهره الأوهام للسمع والبصر
هو الحيّ لكن لا حياةَ بذاتِه / تقومُ كما قامتْ بها سائر الصور
فمن هو خبرني الذي قد ذكرته / بما قد وصفناه وترمي به الفكر
فها هو مخفيّ وليس بغائب / وها هو منظورٌ ويخفى على النظر
فيا ليتَ شعري هل سمعتم بمثله / ألا فأخبروني أنّ هذا هو العبر
ولم يدر ما جئنا به غير واحد / هو الله لا تدري به سائرُ الفطر
وما مثله إلا شخيصٌ وإنني / عجبتُ له من كامل وهو مختصر
ألا إنني العبد المليكُ السميدع
ألا إنني العبد المليكُ السميدع / ولي منزلٌ من رحمةِ الله أوسعُ
ومن رحمةِ الله العظيمِ جوده / وهذا غريبٌ في العلومِ فاجمعوا
له كلَّ برهانٍ عسى تدركونه / وليس له في عالم الفكر موضع
لقد وسعَ الحقُّ المبينُ بصورة / إلى مجدها تعنو الوجوه وتخضع
أنا الأزليّ العينُ والمحدث الذي / له في قلوبِ الكونِ حظٌ وموقع
أنا فيضه السامي أنا عرشُ ذاته / أنا العالم العلويّ بل أنا أرفع
أنا العربيّ الحاتميّ أخو الندى / إلى حضرتي تغدو المطيُّ وترجع
ثقالاً وقد كانت بهم في وروده / خفافاً فتعدو للنوالِ وتوضع
لنا في زمانِ الخصبِ ملهىً وملعبٌ / وفي وقتِ جدبِ الأرض مَرعى ومَرتع
أنا عدله الساري أنا سرُّ كونه / أنا فضله الماضي الذي ليس يرجع
أنا المسجد الأقصى أنا الحرم الذي / إلى بيته تعدو النياق وتسرع
إلى مهبط الأسماءِ تقنعُ أرؤساً / ونحو استواءِ الأرض تسمو وترفع
عن العدل لا تعدل فأنت المعدل
عن العدل لا تعدل فأنت المعدل / وإنَّ قيامَ الفضلِ بالحرّ أجملُ
فلو عامل الله العبادَ بعدله / لأهلكهم والله من ذاك أفضل
يجودُ ويثري بالجميل عليهمُ / وليس له عما اقتضى الجودُ مَعدِلُ
تباركَ جلَّ اللهُ في ملكوته / كمالاً وإن الله في الملك أكمل
فإن الذي في الملك صورة عينه / وفي ملكوت الله جزؤ مفصل
وليس لهذا اللفظِ عند اصطلاحنا / مبالغة فانظر على ما أعوِّل
إذا كنتَ في قومٍ تعرف بلحنهم / وحينئذ يجملُ به ويفصل
إذا كنتَ في قومٍ تكلم بلحنهم / لتفهمهم لا تلجىء الشخصَ يسأل
لو أنَّ الذي بالعجز يُعرف قدرُه / لكنت كريم الوقتِ يسدي ويفضل
وكانت لك العليا وكنت لك المدى / وأنتَ بها العالي وما ثم أسفلُ
ومن أين جاءتْ ليت شعري ففرِّعوا / كلامي الذي قد قلت فيه وفصِّلوا
علمتُ به قلت أودعتُه في مقالتي / وجملة أمري أنني لستُ أجهل
لأني به قلت الذي جئتكم به / ومن كان قول الحق قل كيف يجهل
أنا كلماتُ الله فالقولُ قولنا / لأني مجموعٌ وغيري مفصّل
كعيسى الذي يحيى وينشىء طائراً / فيحيى بإذنِ الله والحقُّ فيصل
فمن كان مثلي فليقلْ مثلَ قولنا / وإلا فإن الصمتَ بالعبد أجمل
مطوتُ متونَ الصافنات جيادي
مطوتُ متونَ الصافنات جيادي / بقبة أجيادِ ومهبطِ وادِ
أزاحم فيه كلَّ ملكٍ متوّجٍ / وأنفق فيه طار في وتِلادِي
وأظهرُ فيه كلَّ يومٍ بصورة / إلى أنْ نزلتُ الأرضَ أرضَ إياد
فعاينتُ قُساً في عكاظٍ وعنده / بمجلسِه المهديّ وهو ينادي
أظلكمُ وقتٌ عليه مهابةٌ / بإظهار مهدي شريعةِ هاد
أرى نشأةَ الدنيا تشير إلى البلى
أرى نشأةَ الدنيا تشير إلى البلى / بما حملته من سرورٍ ومن أذى
إذا ما رأيتُ الله أنشأ خلقه / من أعماله فرّقت ما بين ذا وذا
وتعلم عند الفرقِ أنك واحد / ولا تعتبر من قال فشرا ومن هذي
وكن بكتابِ الله معتصماً ولا / تحرِّف كلامَ الله عن نصِّه إذا
أتتك بها الأرسال تترى وكن به / على كلِّ حالٍ تتقيه معوّذا
تكن عند أهل العلم شخصاً مقدَّساً / وعند أولي الألبابِ حَبْرا وجِهبِذا
تنازعني الأقدار فيما أرومه
تنازعني الأقدار فيما أرومه / وإنَّ نزاعي فيه أيضاً من القدر
فحكمي عليها إن تأملته بها / فمنها أمانُ الخائفين مع الحذرِ
تقابلتِ الأضداد منها كمثل ما / تقابلتِ الأسماء بالنفع والضرر
فكل الذي في الكون من متقابلٍ / من العلمِ بالله العظيمِ لمن نظر
فسلِّم وفوِّضْ واتكلِّل واعتمد فقد / يجيئك ما ترضاه يمشي على قدر
نزيه الجنابِ العال كيفَ تنزهت
نزيه الجنابِ العال كيفَ تنزهت / به مقل الأبصار بالمنظر الأزهى
وكيفَ تراه العين وهو منزه / بكرسيه العالي المنزه والأبهى
إذا سمعت أذناي شرحَ كلامِه / تحققت قطعاً بيننا من هو الأشهى
تعالى جلالُ الله عن كلِّ مدرِكٍ / ولله حالٌ ما ألذُّ وما أشهى
فأنهيتُ أمري طالباً حقَّ خالقي / إلا أنَّ عبد الله من كان قد أنهى
فإن كان حقاً ما يقالُ فإنه / يقرِّرُه حالاً وإلا فقد ينهى
ومثلي من يسهو عن الحقِّ عندما / يقرِّرُه أمراً ومثلي من ينهى
دهاني بأمرٍ كنتُ قبل جهلتُه / فما أمكن المملوك ردَّ فما أدهى
وهي جانبُ البيتِ العتيقِ لعزة / فلم أر أهوى منه بيتاً ولا أدهى
ولم يلهني عنه حميمٌ وصاحبٌ / فإن لم يكن بالقولِ بالحال قد ألهى
فلا تحجبني عنك ربيّ بصورة / فإني لها أسعى كما أنني منها
حديثي الذي عند السماع أبثه / فما هو إلا من روايتنا عنها
وما علمت نفسي مثالاً مطابقاً / كما تزعم الألباب كنتُ لها شبها
إذا طمعت نفسي بإدراك ذاتها / فتلك التي تدعى بجاهلة بلها
تخص إذا خصتْ نفوسَ شريفة / منزهة الأوصاف بالصورة الشوهى
سأصرفُ عن آياتٍ كلَّ محققٍ
سأصرفُ عن آياتٍ كلَّ محققٍ / رجالاً أبوا إلا التبجج بالهزلِ
ولم أر في الآيات مثلَ كلامه / يلازمه قلبي ملازمةَ الظل
ولم أشهدِ الأقوام لكن رأيتُهم / سكارى حيارى يطلبون على مثلي
فلما رأوني لم يروا ما تخيَّلوا / لأنّ شهودَ العينِ ستر على إلّي
ولما رأوني لم يروا ما تحققوا / لأنهمُ في النشىء ليسوا على شكلي
مزاجهمُ غير الذي قد مزجته / وإنّ مزاجي لم يكن فيه من قبلي
فإني وحيدُ العصر شهم مقيد / بشرع وتحقيق وذا غاية الفضل
سألت اجتماعاً بين عيني وشاهدي / ومن لي بهذا الجمع من لي به مّنْ لي
لقد جدت يوماً بالقرونة مثلما / تجودُ به الأمطار في الزمنِ المحلِ
أقول بعين الجمع في عين مفرد / تعجبتُ من جزء له حكمةُ الكل
كآدم لما أنْ علمتُ بذاته / وقد جاء في الأخرى على صورةِ الإل
وصورةُ ما في الكونِ من عالم علا / ومن أنزل فيه إلى غايةِ السفلِ
علمتُ بحالي إن تحققتْ نشأتي / إذا كان مرآتي بأني من الأهل
فقال لي المطلوب أنت حقيقتي / فأنتَ من إلى لستَ والله من أهلي
فقلتُ له قل لي الذي قد علمته / من أحوالِ قلبيفي جنابكمُ قل لي
فقد كان طيفورُ يقولُ هوى لكم / وأتبعه فيه أبو بكر الشبلي
خلعت عليه من صفاتي ملابساً / ليخلفني فارتاع من ذلك الفضل
ونادى بترجيعٍ وقولٍ مفصلٍ / إلهي ماذا بعد أنْ جدتَ بالوصلِ
يكلفني مالا أطيق احتماله / ولم يدر أني في الأطايبِ والثقل
وإني من أعطى الوجودَ كماله / كما أنه أعطى الكثير من القل
وجاد على قومٍ بريّا ممسكٍ / وجادَ على قومٍ برائحةِ الزبل
وكلٌّ له فيه نعيمٌ ورغبةٌ / فما في عطاءِ الله شيءٌ من البخلِ
نوقف فإن العلم ذاك الذي يجري
نوقف فإن العلم ذاك الذي يجري / وتعلم بأن الحكم منا ولا تدري
وما قلت إلا ما تحقه به / كذا قرّر الله المهيمن في صَدري
أنا في عباد الله روح مقدّس / كمثل الليالي روحها ليلة القدر
تقدّست عن وتر بشفع لأنني / غريبٌ بما عندي عن الشفع والوتر
ولما أتاني الحقُّ ليلاً مبشّراً / بأني ختام الأمر في غرَّة الشهر
وقال لمن قد كان في الوقتِ حاضراً / من الملأ الأعلى ومن عالم الأمر
ألا فانظروا فيه فإنّ علامتي / على ختمه في موضع الضرب في الظهر
وأخفيته عن أعين الخلقِ رحمة / بهم للذي يعطى الجحود من الكفر
عرضت عليه الملك عرضاً محققاً / فقال لي الأمر المعظم في الستر
لأنك غيب والسعيد من اقتدى / بسيِّده في حالة العسر واليسرِ
فنحمد في السراء حمداً مخصصاً / ونحمد حمداً سارياً حالة الضرّ
ظهورك في الأخرى فثم ظهورنا / لذا جئتني في العربِ إذ جئتَ بالشكر
فإنَّ وجود الشكرِ يبغي زيادة / من الله في النعماء فانهض على أثري
لو أنك يا مسكين تعرف سرَّه / لكنت بما تدري به أوحد العصر
غريباً وحيداً حائراً ومحيراً / وكنتَ على علمٍ تُصان عن الذكر
خفيٌ على الألباب من أجل فكرها / وإن كان أعلى في الوضوحِ من البدر
أنا وارثُ لا شكّ علمَ محمدٍ / وحالته في السرّ مني وفي الجهر
ولستُ بمعصومٍ ولكن شهودنا / هو العصمة الغرَّاء في الأنجم الزهر
ولستُ بمخلوفٍ لعصمة خالفي / من الناسِ فيما شاء منه على غمر
علمت الذي قلنا ببلدة تونس / بأمر إلهي أتاني في الذكر
أتاني به عام تسعين شربنا / بمنزل تقديسٍ من الوهم والفكر
ولم أدر أني خاتم ومعينٌ / إلى أربع منها بفاس وفي بدر
أقام لي الحقُّ المبينُ يمينه / بركبته والساقُ من حضرة الأمر
وبايعته عند اليمين بمكة / وكان معي قومٌ وليسوا على ذكري
وأقسم بالحجر المعظم قدرُه / وفي ذلك الايلا يمين لذي حجر
لئن كان هذا الأمر في فرعِ هاشم / لقد جاء بالميراثِ في طيْ نشري
وأين بلال من أبي طالب لقد / تشرَّف بالتقوى المحقر في القدر
سألتك ربي أن تجود لعبدكم / بأنْ يك مستوراً إلى آخر الدهر
كمثل ابن جعدون وقد كان سيِّداً / إماماً فلم يبرح من الله في ستر
سألتك ربي عصمة الستر إنه / على سنة الحناوي سنتنا تجري
لقد عاينت عيني رجالاً تبرزوا / خضارمة عليا وما عندهم سرِّي
وأقسمتُ بالشمسِ المنيرةِ والضحى / وزمزم والأركانِ والبيتِ والحجر
لئن كان عبدُ الله يملك أمره / فما مثله عبدُ السميعِ أو البَرِّ
فإنَّ لكلِّ اسم تعيَّن ذكرُه / سوى الذات مدلولاً له حكمة الظهر
فمن يشتهي الياقوت من كسب كدِّه / يقاسي الذي يلقاه من غمة البحر
أنا صهر مختار أنا الختن الذي / أتاني به الفاروقُ عند أبي بكر
فلم أستطع عني دفاعاً ولم أكن / بما جاءني فيه مبشره أدري
بحجرته الغرّا بمسجد يثرب / بحضرةِ عبد الله ذي النائلِ الغمر
وما زلت في وقت الغروبِ بمشهد / أشاهده فيه إلى مطلع الفجر
ومصباح مشكاةٍ المشيئة في يدي / أنوّر بيت الله عن وارد الأمر
لأسرح منه والصلاة تلزّني / على ما أراه ما يزيد على العشر
لباسي الذي قد كان في اللون أخضرا / وإني من ذاك اللباسِ لفي أمر
غنيتُ بتصديقي رسالة أحمد / عن الكشف والذوق المحقق والخبر
وهذا عزيز في الوجودِ مناله / ولو لم يكن هذا لأصبحت في خُسر
ولي في كتاب الله من كل سورة / نصيبٌ وجلّ الخير من سورةِ العصرِ
تواصوا بحق الله في كلِّ حالة / كما أنهم أيضاً تواصوا على الصبر
أحبُّ بقائي ههنا لزيادة / وأفزع إيماناً إلى سورة النصر
إذا لم أكن موسى وعيسى ومثلهم / فلست أبالي أنني جامع الأمر
فإني ختم الأولياء محمد / ختامُ اختصاص في البداوةِ والحضر
شهدتُ له بالملك قبلَ وجودِنا / على ما تراه العينُ في قبضة الذرّ
شهود اختصاص أعقل الآن كونه / ولم أك في حال الشهادة في ذعر
لقد كنتُ مبسوطاً طليقاً مسرّحاً / ولم أك كالمحبوس في قبضة الأسر
ظهرتُ إلى ذاتي بذاتي فلم أجد / سواي فقال الكل أنت ولا تدري
فإن أشركت نفسي فلم يك غيرها / وإن وجدتْ كانت على مركبٍ وعر
إذا قلتُ بالتوحيد فاعلم طريقه / فما ثم توحيد سوى واحد الكثر
ولا بد أن تمتاز فالوتر حاصلٌ / ولكن في الإيجاد لا بد من نزر
لقد حارتِ الحيراتُ في كلِّ حائر / وحاصل هذا الأمر في القول بالنكر
فإن شهدتْ ألفاظنا بوجودِنا / تقول المعاني إنني منك في خسر
إذا ذكروا جسمي حننت لشامنا / وإن ذكروا روحي حننت إلى مصر
وما الفخر إلا في الجسومِ وكونها / مولدة الأرواح ناهيك من فخر
ألا إن طيب الفرع من طيب أصله / وكيف يطيب الفرع من مخبث النجر
يعز علينا أن تردّ سيوفنا / مفللةً من ضربِ هام ومن كسر
صريراً من أقلامِ سمعتُ أصمني / وما علمت نفسي بصم من الصر
حياة فؤادي من علومِ طبيعتي / كإحياء ماء قد تفجر من صخر
بلاداً مواتاً لا نبات بأرضها / فأضحت لمحياها تبسم بالزهر
تتيه به عجباً وزهواً ونحوه / حدائق أزهار معطرة النثر
نراها مع الأرواحِ تثنى غصونها / حنوّا على العشاقِ دائمة البشر
فيا حسنه علماً يقوم بذاتنا / جمعنا به بين الذراع مع الشبر
وما بين سعي الساع والباع والذي / يهرول بالتقسيم فيه وبالشبر
فيحظى بمجلاه وبالصورة التي / لها سورة فوق الطبيعة والفقر
سريت إليه صحبة الروح قاصداً / إلى بيته المعمور في ررفِ الدُّر
فكن في عداد القوم واصحب خيارهم / ولا تك في قوم أسافلة غمر
ولا تتركنهم وانظر الحق فيهم / كما تشهد الأبصار منزلة الغضر
ولا تتخذ نجماً دليلاً عليهمُ / فسكناهم المعروف بالبلد القفر
وعاشر إذا عاشرت قوماً تبرقعوا / أشدّاء مأمونين من عالم القهر
علوم عبادِ الله في كل موقف / وغير عباد الله في موقف النشر
ترى عابد الرحمن في كل حالة / تميل به الأرواح كالغصن النضر
بقاء وجودي في الوجود منعماً / بما أنعم الله عليّ من السحر
يسوق لي الأرواح من كل جانب / فما معجزاتٌ بالخيالِ ولا السحر
كما جاد لي بالحل من كل حرمة / صبيحةَ يوم الرمي من ليلةِ النحر
ويممَ لي المطلوب من كل منسكٍ / تجلى لنا فيه إلى حالة النفر
سباني وأبلاني بكل مقرطَقٍ / وما نظمَ الرحمن من لؤلؤ التعر
نزين به إكليل تاجٍ وساعد / وسلك يدليه على لبّةِ النحر
لقد أنشأ الله العلومَ لناظري / على صور شتى من البيض والسمر
ترفلن في أثوابِ حسن مهيم / ومنوّعة الألوان من حمر أو صفر
فمتكىءٌ منهم على فرش ألبها / ومتكىءٌ منهم على رفرفٍ خضر
وبيضٍ كريماتِ عقائل خرّد / يجرّون أذايلَ البها أيما جرّ
لقد جمع الله الجمالَ لأحمد / وغير رسول الله منه على الشطر
فمن كان يدري ما أقول ويرتقي / إلى عرشه العلويّ من شاطىء النهر
فذاك الذي حاز الكمال وجوده / وزاد على الأملاك علماً بما يجري
إذا جاء خير الله يصبح نادماً / بما فرط المسكين في زمن البذرِ
علوم أتت نصاً جلياً تقدَّست / عن الظنِّ والتخمين والحدس والحزر
تجيء وما ينفك عنها مجيئها / ولكنها تأتيك بالمدّ والجزر
ألا كلُّ خُلقٍ كان مني تخلقاً / بخلقٍ إلهيٍّ كريمٍ سوى النذر
فيا شؤمه خلقاً فإنَّ أداءه / كمثلِ أداء الفرض في القسر والجبر
لقد طلعتْ يوماً عليَّ غمامةٌ / تكون لما فيها من الصون كالخدر
فقلت تجلى في غمامٍ علمته / أتاني به الرحمن في محكم الذكر
فجادت على أركان كوني بأربع / معارفَ ألبانٍ وماءٍ ومن خمر
وما أخرجت نحلٌ لنا من بطونها / مصفّى لنا فيه الشفاء من الضرّ
علومٌ يقومُ الحبر منا بفضلها / فما هي من زيد يمرّ على عمر
تعالت فلا شخص يفوز بنيلها / ولا سيما إن كان في ظلمة الحشر
بها ميز الرحمن بين عبادِه / غداة غدٍ في موقفِ البعث والنشر
كما ميز الرحمن بين عبادِه / إذا دفنوا في الأرض من ضغطة القبر
فضمٌ لتعذيبٍ وضمُ تعشق / فلا بد منه فاعلموا ذاك من شعري
قد اشتركا في الضم من كان ذا وفا / لما كان في عهدٍ ومن كان ذا غدر
يجيء بأعذارٍ ليقبل عذره / وليس له يومَ القيامة من عذرِ
ويقبل منه صدقه في حديثه / ولو جاء يومُ العرضِ بالعمل النزر
لقد عمّ بالطبع العزيز قلوبنا / فلا يدخلن القلبَ شيءٌ من النكر
جهلت علوماً في حداثة سننا / وما نلتَ هذا العلمِ إلا على كبر
وما خفت من شيء أتاني بغتة / كخوفي إذا خفنا من النظر الشزر
جرينا به في حلبة الكشفِ والحجى / على الصافناتِ الغر والسبق الضمر
فلما أتينا الصور قال لنا فتى / ألا إنه الناقورُ فافزع إلى النقر
فملت إليه في رجالٍ ذوي نهى / بمحوٍ وإثباتٍ من الصحو والسكر
أهدى كما قال الجُنيد بحامل / فقلت له أين القعود من البكر
فأنزلني منه بأكرم منزل / علوت به فوق السماكين والنّسر
وفرَّق حالي بين هذا وهذه / وأين زمانُ الرطبِ من زمن البسر
إذا كان لي كنتُ الغنيُّ بكونه / وأصبحت ذا جاه وأمسيتُ ذا وفر
دعاني إلهي للحديث مسامراً / ولي أذن صماءُ من كثرة الوقر
وحملني ما لا أطيق احتماله / وأطت ضلوعي من ملابسة الوقر
وخفت على نفسي كما خاف صالح / على قومه خوفَ المقيمين في الحجر
إذا قلت يا الله لبى لدعوتي / ولم يقضي عنه الذي كان من وزري
إذا طلع البدرُ المنير عشاء
إذا طلع البدرُ المنير عشاء / رأيت له في المحدثات ضياءَ
وليس له نور إذا الشمس أشرقت / وقد كان ذاك النورُ منه عشاءً
فما النور إلا من ذُكاء لذاك لم / يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء
فإن لها محلين في ذاتها وفي / صِقالةِ جسمٍ غدوةً ومساء
ألم تر أنّ البدرَ يكسفُ ذاتها / إذا كان محقاً غيرةً ووفاء
ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها / بها لم يزل يعطي العيون جلاء
وإدراكي المرئي بيني وبينها / وقد جعل الله عليه غطاء
وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى / إليكم به الكشفُ الأتمّ نداء
وكلُّ دليلٍ جاءكم في معاند / يخالف قولي فاجعلوه هَباء
خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد / له ذائقاً حتى نكونَ سواء
وبالبلدِ الجدب أُطعمت مذاقه / لذا لم أجد عن ذا المذاقِ غَنَاء
أتاني به أحوى ولم يأتني به / إذا سال وادٍ بالعلومِ غُثاء
فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد / به في وجودي غلظة وجفاء
واعلمني فيه بأنَّ مهيمني / معي مثله فابنوا عليه بناء
علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة / بلا عمد حتى يكون سَماء
مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا / قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء
فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ / بدت زينةٌ تعطي العيونَ رواء
معطرةَ الأعرافِ معلولةً للحمى / يمد بها كوني سنا وسناء
ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى / ويقبله منه حيا وحياء
سينصرنا هذا الذي قد سردته / إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء
إذا كان من ترجونه تحذرونه
إذا كان من ترجونه تحذرونه / فكيف لكم بالأمنِ والخوفُ حاصلُ
وكيف لكم بالخوفِ والأمن مانعٌ / فقل لي ما المعمولُ فالعبد قابل
وإنَّ اعتدال الأمر ليس بواقع / ولا نافع فاعلم فما فيه طائل
فلا بدَّ من ترجيح أمر فإنه / هو الغرض المطلوبُ فالأصل مائل
فلولا وجودُ الميلِ لم تك عيننا / ولا ينكر العالين إلا الأسافل
لقد قال لي شخصٌ أمينٌ بمكة / عن السيِّد المختار ما أنا قائل
سألت رسول الله في الأمر قال لي / ألا إنَّ قولي ما يقول الأوائل
وقلت لكم عني خذوه فإنه / هو الحقُّ لا عنهم وهنَّ الفواضل
نفوسٌ كريماتٌ أتين بكلِّ ما / أتتكم به الأرسال والحقُ فاصل
فمن شاء فليرحل ومن شاء فليقم / فإني إلى الله المهيمنِ راحل
فقلت له نامت جفونك إنها / لبشرى فقل ما شئتَ إنك فاضل
وبشرَّني أيضاً بأنَّ نصيبنا / من البيت رُكنُ قبلته الأفاضل
ولا زمني حتى أتته بمكة / منيته فاغتمّ عالٍ وشافلُ
أتاني رسول بالوراثة فاضلٌ / بإشبيلية الغرّاء في العلمِ كامل
فقال لنا علمُ الحروف دليلنا / على أنك الندبُ الإمامُ الحُلاحل
فلستَ ترى في الرُّقم حرفاً مسطراً / تعين الا وهو للكلِّ شامل
وفي كلِّ حرفٍ اختصاصٌ مبين / يراه على التعيين من هو عامل
بما في حروف الرقم واللفظ عالم / يذبُّ به عن نفسه ويناضل
عن أمرٍ إلهيّ يكون مقدَّراً / بتقدير من ترجى لديه الوسائل
يحل به في كلِّ رحب ومارق / إذا هي حلَّت بالنفوسِ النوازل
إذا قلت يالله قال أنا انتا
إذا قلت يالله قال أنا انتا / فلا تدعني إلا بما منك عّينتا
وخصصْ بأسماء لنا ما تريده / بحالك أو باللفظ إنْ أنت مكنتا
فإنْ كان عن حال أجاب ملبياً / وإن كان بالألفاظ أنت إذ أنتا
ولكن بشرط الامتثال لأمرنا / وإنْ لم يكن هذا فما كنتَ إذ كنتا
أسرّ إذا أسررتَ والقولُ قولنا / وأعلنه أيضاً إذا أنت أعلنتا
ذكرتك في جميع كرام أئمة / ملائكة إذ كنتَ بالذكر أضننتا
وهان على الأكوان أمر وجودكم / لجهلهمُ بل هانوا عندي وما هنتا
فلا تدعني إلا إذا كنت قاطعاً / فإني مجيبٌ ما دعوتَ وإن خنتا
تكلفني وقتاً جزاء لما أتى / إليك من التكليف مني وإن بنتا
رأيتك تعصيني وعيني عينُكم / فيأتي منكم من يعينني عنتا
أقوم لكم فيما تقومون لي به / فدنا بما قد كنت أنت به دنتا
ألنت لكم ما اشتدّ من ركنِ قوّتي / لأنك في وقت التكاليف لي لنتا
أصون لكم عِرضي وأحفظ ذاتكم / فأنك لما سبيت بكم صنتا
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف / عليه بما تدري ولا تتخذ خدنا
فإني لكل الاعتقادات قابل / وإني منكم مثل ما انتم منا
منيتُ عليكم بالذي جئتكم به / على ألسن الأرسال حبالكم منا
بعثتُ إليكم واحداً واصطفيته / لنا ولكم منكم فبنتم وما بنا
وحلتم عن العهد الذي كان بيننا / بمشهدٍ قبض الذرّ فيه وما حلنا
أجاريك لي بالصوم إذ كان لي بكم / فيا ليت شعري هل تدين كما دنا
وزلتم بلا أمر ولا عين مبصر / عن العين بي دونَ الأنام وما زلنا
وكنا على أمر بد قد عرفتمُ / ونحن عليه ما نزال وما زلنا
ونعلم أنا إذ تجولون في بنا / بميدانِ أشهاد جحا جحة جلنا
فإن قمتَ لي فيما أمرتك طائعاً / بأمرك يا عبدي إذا قمت لي قمنا
معارفُ أثباتٌ اخال وجودها / وفي النفي عرفاني فنحن كما كنا
فما تبتغي نفسي سراحاً لذاتها / فقد ألفت من ذاتها القيد والسجنا
وهذا مَجال فكها وسراحها / ولم ندر هذا الأمر إلا إذا صمنا
ولكن بإذنِ الشرعِ لا بعقولنا / ولو قال عقلي ما أعرت له أذنا
خلاف الذي قال الحكيم بفكره / من الحكم بالتسريحِ كهلاً بما فهنا
فنحن على ما قد علمتم كذاته / إذا فارقتُ معنى يقيدها معنى
فإطلاقه إن أنتَ أنصفتَ قيدَه / فلا تنتظر فيه خطابا ولا إذنا
فلم نخلُ عن مجلى يكون له بنا / ولم يخلُ سرٌّ يرتقى نحوه منا
رقيُّ معانٍ ولا رقيَّ مسافةٍ / على صورٍ شتّى تكون بنا عنا
إذا كان هذا الأمر بيني وبينه / فقد نال أيضاً مثلَ ما نحن قد نلنا
قد انبهم الأمر الذي كان واضحاً / لعقلي بشرعي فالأمور كما قلنا
فقال لي المطلوبُ لست بغيركم / إذا فزدتم فزنا وإنْ عدتمُ عدنا
كما جاء في الشرع المطهر أنه / يمل إذا مل العبيد فما فزنا
بشيء لنا نمتاز عنه به ولم / يحز دوننا أمراً لديه ولا حزنا
لقد جزتُ فيما قلته حدَّ نشأتي / فيا ليت شعري هي يجوز كما جزنا
وهذا غريبٌ إن يقع فهو مطلبي / عليه رجالُ الله إنْ ساألوا حلنا
وما أحدٌ منا إذا جاز حدَّه / إلى ضدِّه يلتذ فيه فإن امنا
فذلك أقصى ما يكون من المدى / وقائله دون الأنام قد استغنى
ومنه يقول الحقُّ عني بالغنى / وفي عبده في نجم قرآنه أغنى
وبالكسبِ نال العبد هذا الذي أتى / إلى قوله أغنى قنى ما به أقنى
تقرَّبْ بما نادى الذبيحُ إلهه / طواعيةً منكم ولا تقربِ البدنا
وجلَّ بمفازاتِ المعارفِ تائهاً / تزاد بلا زادٍ ولا تدخلِ المدنا
فإنَّ عوامَ الناسِ قد ينكرونه / إذا جاءكم فليتخذ بعدهم جنا
فإن اتخاذ الستر فرضٌ معيَّنٌ / كذا جاءنا فيما به الله قد دنا
ولو لم يكن هذا لكانت دماؤنا / تباحُ فيا أهل الوجودِ قد أعلمنا
نصحناكمُ عن إذن ربي وما بقى / سوى أن تعوا ما قلته حين أفهمنا
أتينا بها بيضاء مثلي نقية / عن الغرض النفسي حقا وبينا
وما أبتغي في ذاك أجراً ولا أرى / عليه جزاء إن تزيدوا إذا أبنا
فمن كان ذا علمٍ وكشفٍ مُحقَّقٍ / إذا كان يدعو فليتب مثلَ ما تبنا
عليه مدار الأمر في كلِّ مُرسَلٍ / فقلت لهم فابنوا على مثل ذا يبنى
لقد صدقتْ نفسي لكم في مقالها / ووالله خاضت ونحن فما خضنا
عليك بصدقِ القولِ في كل حالة / ولا تتأوّل واتخذه لكم حصنا
ولا تعجز الحق الذي هو قادر / وكن كالذي قال الإله لهم عنا
فقد بان في شخصٍ جليل مقامُه / وأثر فيه بالذي كان أعلمنا
حياء وتعظيما له وترفقا / وعاد علينا قوله قتضرّرنا
عليه صلاة الله ما ذرَّ شارقٌ / وما ناح للشربِ الحمام وما غنى
أقول بأني واحد بوجودي
أقول بأني واحد بوجودي / وإني كثير في الوجود بجودي
لنا ألسن بالجود والكرم الذي / ورثناه من آبائنا وجدودي
تميزَ ربي عن وجودي بحدّنا / وجد إلهي إن نظرتَ وجدودي
ولا حدَّ لله العظيم فإنه / نزيه وتنزيه الإله حدودي
وإني في خلق جديد بصورتي / ولستُ بخلقٍ للحديثِ جديد
تفكرت في قولٍ جديد فلم أجد / سواه وإنَّ الله غيرُ جديدِ
وأعلم أني في مزيد بجودِه / لأني شكورٌ لا بشكرِ مزيدِ
ولولا امتثالُ الأمر ما قلت هكذا / فعينُ دعائي للوفا بعهودي
عقدتُ مع الله الكريم بأنه / هو الربُّ لي في غيبتي وشهودي
وما زال هذا حالتي وعقيدتي / فميزني فيمن وفي بعهودي
لساني كلام الحقِّ فالقول قوله / أنوب به عن أمره وشهيدي
عليه كلام جاء من عنده بنا / أنا قائم في قومتي وسجودي
تنزهت أن أحظى ويحظى بنا وقد / علمتُ بأني عنه غير بعيد
تمنيتُ من ربي وجوداً مكملا / فقال وجود الكون عين وجودي
أقسم ما بين المراد حقيقته / لمن ليس يدريها وبين مريدِ
وما وقع التقسيم فيها وإنه / لمعنى يراه الناظرون سديد
كما قسّم الله الصلاةَ بحكمة / لنا ما بين ساداتٍ وبين عبيد
إليك أبيتُ اللعن قطع المناهل
إليك أبيتُ اللعن قطع المناهل / على الناقةِ الكوماءِ من أرضِ بابل
فمن كره الأشجار يكره أرضَها / وليس بغير الحقِّ كوني بقابل
وما جبتُ إلا عن أوامر صادقٍ / يقول لي ارحل عن مكان الأباطل
فأنت لنا ركنٌ شديدٌ مشيَّدٌ / إليك استناد الخلق عند النوازل
لقد قال فيك الحاسدون مقالة / ولم يخل منها قائلوها بطائل
لكم سجدت تيجانُ كلِّ مملكٍ / ومَن دونهم من سادةٍ وأقاول
لقد جئتَ للإسلام بُشرى ورحمة / وللعالم الأدنى وراثة كامل
بكم نال أهل الفضلِ كلَّ فضيلةٍ / وإن جهلوا فالحقُّ ليس بجاهلِ
تحلى بها من كان بالحقِّ مؤمنا / وما الناس إلا بين حالٍ وعاطلِ
إذا أنتَ أبصرتَ الوجودَ مثالاً
إذا أنتَ أبصرتَ الوجودَ مثالاً / تصرَّفتَ فيه يمنةً وشمالا
فأنزلته بالعلم أرضاً أريضة / وأطلعته بدراً وكان هلالا
وأعليته في الرأس تاجا مكلالا / وقد كان في رِجل الزمان ونعالا
وحزت به الأكوان شرقاً ومغربا / وما بينهن قبلةً وشمالا
وكم قد رأينا فيه نقصاً محققاً / فلما أتيناه رأيت كمالا
وكم قد سألتُ الله فيه إجابة / وكم قد أجبتُ الله فيه سؤالا
لقد طلعتْ شمسي عليه وعندها / مددت له في العالمين ظلالا
إذا وصف الشرع المبين إلها
إذا وصف الشرع المبين إلها / فذاك الإله الحقُّ ليس يضاهى
ودَع عنك أفكاراً تنازع حكمة / فآلهةُ الأفكارِ لا تتناهى
وقد بلغتْ نفسي إذا هي أنصفت / وقالت بقولِ الشرعِ فيه مناها
فيا قارىءَ القرآن شرعَك فالتزم / فما آيةٌ إلا يزيد رضاها
وما طعمةُ الأفكارِ إلا تغصص / إذا هي لم تبلغ لديه أناها
ألا الغم صباحاً أيها الوارد الذي
ألا الغم صباحاً أيها الوارد الذي / أتانا فحيانا من الحضرة الزُّلفى
فقلت له أهلاً وسهلا ومرحبا / بواردِ بشرى جاء من موردٍ أصفى
فقال سلامٌ عندنا وتحية / عليكم وتسليم من الغادة الهيفا
من اللاء لم يحجبن إلا بقيته / فقلت له القنوى فقال هي الذلفا
لقد طلعت في العين بدراً مُكملا / وفي جيدنا عقداً وفي ساعدي وقفا
فقلت لها من أنت قالت جهلتني / أنا نفسك الغرّا تجلَّتْ لكم لُطفا
فاعرضتُ عنها كي أفوز بقربها / وطأطأتُ رأسي ما رفعتُ لها طرفا
وقد شغفتُ حباً بذاتي وما درت / وقد ملئتُ تيهاً وقد حُشيَتْ ظرفا
وثارتْ جيادُ الريح جوداً وهمة / وما سبقت ريحاً تهبُّ ولا طرفا
وجاء الإله الحقُّ للفصل والقضا / على الكشفِ والأملاكُ صفاً له صفا
عن الحكم عن أعياننا وهو علمه / وما غادروا مما علمتُ به حرفا
لذلك كانت حجة الله تعتلي / على الخصم شرعاً أو مشاهدة كشفا
وهبَّ نسيمُ القربِ من جانب الحمى / فأهدى لنا من نشرِ عنبرِه عُرفا
حبستُ على من كان مني كأنه / فؤادي وأعضائي لشغلي به وقفا
ومن برحت أرساله في وجودنا / على حضرتي تترى بما أرسلت عرفا
وأرواحه تزجى سحائب علمه / إلى خلي قصداً فيعصفها عَصفا
يشف لها برق بإنسانِ ناظري / وميضُ سناه كاد يخطفه خطفا
ويعقبه صوتُ الرعودِ مسبحا / ليزجرها رحمي فيقصفها قصفا
يخرج وَدْقُ الغيثِ من خللٍ بها / فتصبحُ أرضُ الله كالروضة الأُنُفا
شممتُ لها ريحاً بأعلامِ راية / كريَّا حمياها إذا شربت صرفا
ولما تدانتْ للقطافِ غصونُها / تناولتُ منها كالنبيّ لهم قطفا
ولما تذكرتُ الرسول وفعله / على مثل هذا لم أزل أطلب الحلفا
وراثة من أحيى به الله قلبَه / ولو كنت كنتُ الوارثَ الخلف الخلفا
ألا إنني أرجو زوال غوايتي / وأرجو من الله الهدايةَ والعطفا
إذا ما بدا لي الوجه في عين حيرتي / قَرَرْتُ بها عينا وكنتُ بها الأحفى
تبينُ علاماتٌ لها عندي ذي حجى / وأعلامها بين المقاماتِ لا تخفى
تجملُ لمن قال الرسولُ بأنه
تجملُ لمن قال الرسولُ بأنه / يحبُّ الجمالَ الكل فهو جميل
فذلكم الله النزيه جمالُه / عن الغرض النفسيِّ فهو جليلُ
تعالى جمالُ الله عن كلِّ ناظرٍ / إليه فطرفُ المحدثاتِ كليلُ
فليس له من كلِّ وجه مماثلٍ / وليس له في المحدثاتِ عديل
سوى من بدا بالكافِ في قوله لنا / بترجمة الشورى فليس يزول
لقد جهدت نفسي بأنك عينه / فتسرح في أرض الهوى وتجول
يطالبني الأنت الذي عين الأنا / وما لي سوى هذا عليه دليل
تجول براهين النهى في مجالها / وأوّل شخصٍ حال فيه جليل
علمت بأنَّ الأمر بيني وبينه / وإن الذي يدري به لقليل
وإن كان لي وجه يكون هويتي / به عينه جاء المُحال يقولُ
تثبت فليس الأمر فيه كما ترى / فعما قليلٌ ينقضي ويحول
فقلت له مهلاً عليَّ فإنني / علمتُ به والعارفون نزول
عليه من الأكوانِ في كلِّ جحفل / له في مجرَّاتِ الشهود ذيول
إله تعالى أن يرى ببصيرة
إله تعالى أن يرى ببصيرة / ولا بصر والنص جاء بإبصارِ
وليس يُرى شيءٌ سواه وإنه / على كلِّ حالٍ عينُ ذاتي ومقداري
لذاك يسمى ظاهراً باطناً لنا / لأثبت أو أنفي فالأسماءُ أبصاري
فلا تجزَعَن فالأمرُ والشانُ واحد / ولا تلتفت إلى يساري وإعساري
فإني عين الأمر إنْ كنتَ موسِراً / ولستُ له عينا بعسري وإقتاري
ألا إن عيني شاهد وشهادتي / كذلك فيما صحَّ فيه من أخباري
لقد أثبتُ الأرحامَ بيني وبينه / وإنَّ أولي الأرحامِ أوْلى بأقداري
أنا سجنُه منه إذا كنت رحمة / وإنْ لم تكن رحمتي فقد بعدت داري
ألا إنني جار لمن هو صورتي / وقد جاء حقُّ الجارِ فرضٌ على الجار
فقد أثبت المثل الذي قد نفاه لي / بليس وقد حارتْ لذلك أفكاري
إذا قلت مثل قال لا فأقول لا / وإنْ قلت لا أبقى رهينا بأوزاري
فما هو لي بعض ولا أنا كله / وما ثم كلّ غير ما برأَ الباري
ولما بدا خلقي بعيني رأيتني / بأسمائه الحسنى وسبعة أسوار
وما أنا إلا جودُه ووجودُه / وإنّ الذي يبدو لعينك آثاري
تعالى بأنْ يحظى بغير وجودِه / وأين مع التحقيقِ عينٌ لأغياري
إذا قمتُ أثني والثناء كلامُه / فما أنا فيما قد حمدتُ بمكثار
إذا أبصرتْ عيني جمالَ وجودِه / أكونُ به في الحالِ صاحبَ أنوارِ
وإنْ لم أكن أبصر سواي فإنني / لعالم وقتي بي وصاحب أسرار
ولكن متى ان دام بي ما ذكرته / وذلك في التحقيقِ يثبت أضراري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025